الامام المنقذ

رفعت الواسطي

الحديث عن الامام الحجة عجل الله ظهوره الشريف من أمتع الاحاديث وأكثرها قربا الى النفس المطمئنة والراضية ، فحين نقرأ الآية القرآنية المباركة { يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي الى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي} كيف للنفس البشرية ان تكون راضية ومرضية والى أي شيء تطمئن بعد رحلة من السنين احاطت بها الذنوب والخطايا؟ هل فكرنا او سألنا أنفسنا مثل هذا التسائل؟

 الخطاب في بداية الاية للنفس المطمئنة وهناك مؤشرات لهذه النفس من هي ، لايخفى ان من مصاديق النفس المطمئنة المؤمنة بالله وبرسوله الخاتم وانبيائه ورسله وأوصيائه وخاتمهم الحجة المنتظر عجل الله ظهوره الشريف ثم مايلزم ذلك الايمان هو التصديق والعمل به فلا يكفي ان اقول انا مسلم او مؤمن بماجاء به النبي دون ان اعمل بذلك الذي جاء به النبي وهي السيرة النبوية المطهرة، مثلا حب علي ايمان وبغضه نفاق، حسين مني وانا من حسين أحب الله من أحب حسينا، اني تارك فيكم الثقلين ما ان تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي ابدا كتاب الله وعترتي اهل بيتي، العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة.

ماترك النبي الاكرم صلى الله عليه وآله وسلم من صغيرة وكبيرة الا وضع لها مصداقا وتوضيحا للمسلمين كي لاتكون عليه حجة انه لم يبلغ حتى انه وفي حجة الوداع بعد كل مقطع من خطبته المباركة كان يسأل المسلمين الا هل بلغت قالوا بلا يارسول الله كان يعقب اللهم اشهد اني بلغت وكان من جملة مابلغ هي الولاية لاهل بيته الاطهار بعد ولاية امير المؤمنين عليه السلام.

فلا يعقل مثلا ان نقول ان مصداق الاية مثلا ذلك الذي جعل من شتم الامام امير المؤمنين عليه السلام سنة بعد كل خطبة صلاة الجمعة والله سبحانه وتعالى يقول في كتابه العزيز (يا أيها الذين آمنوا اذانودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا الى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم ان كنتم تعلمون) فهل ذكر الله في شتم علي الذي قال فيه النبي الاكرم علي مع القرآن والقرآن مع علي؟ هذا خلاف المنطق والعدل الالهي والانبياء جاؤوا لكي يقيموا العدل بين الناس.

فالنفس المطمئنة تلك التي آمنت وصدقت وعملت بما جاء به الاسلام وجزء مهم بل لايتحقق هذا الاسلام في اتمام رسالة النبي المصطفى الا به وبظهوره واقامة التوحيد واعلاء كلمة لااله الا الله في كل ارجاء المعمورة من الارض واقامة العدل بين الناس وخلاف هذا الامر لايتحقق معنى الدين الالهي ولاتتحقق الاية{ هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون} الى الان هناك ارتداد وحرب ضروس ضد الاسلام وتكالب مستمر ومستعر ومدروس دراسة شيطانية بالقضاء على الاسلام فكيف سيتحقق الوعد الالهي؟ وتقام على الارض الرسالات السماوية التي جعلت خاتميتها في الاسلام؟ لذلك اقول ان امتع الحديث هو في نظرية الامام المهدي عجل الله ظهوره الشريف.

 ان القرآن الكريم يخبرنا في سورة يوسف{ نحن نقص عليك احسن القصص بما اوحينا اليك هذا القرآن}.

وهذا لاينتقص من قصص سائر الانبياء مثلا لاينتقص من النبي ابراهيم وهو جد يوسف الصديق عليه السلام او نوح وعيسى وموسى والحبيب صلواة الله وسلامه عليهم اجمعين لكن لو تأملنا في سورة يوسف لوجدنا العقائد التي يدعوا لها الانبياء والكتب السماوية وخصوصا الاسلام قد تضمنتها هذه السورة المباركة مثلا مسالة العصمة {كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء انه من عبادنا المخلصين} وفي سورة اخرى يقول ابليس { فبعزتك لاغوينهم اجمعين الا عبادك منهم المخلصين} اي عباد من الله من البشر مخلصين في عبادتهم لله عز وجل لا سلطان او طاقة لابليس على غوايتهم وزليخة نفسها أقرت { ولقد راودته عن نفسه فاستعصم } اي عصم نفسه فهو معصوم فكيف نقول ان النبي يخطأ؟ وهل لنبي يقيم التوحيد والعدل الالهي على الارض يمكن ان يخطأ؟

كذلك موضوع الولاية في سورة يوسف حين سجد يعقوب النبي وابنائه وزوجته في حضرة يوسف الصديق حينما رأوه وقد اكرمه الله سبحانه وتعالى بالنبوة والرفعة في مصر ويوسف في طفولته قال لابيه يا أبت اني رايت احد عشر كوكبا والشمس والقمر رايتهم لي ساجدين فالاب النبي يسجد مع ابنائه اليست هذه ولاية يوسف الصديق وهو امام زمانه وليس الاب النبي؟ موضوع اخر طرحته سورة يوسف وهي الشفاعة{ قالو ياأبانا استغفر لنا ذنوبنا} قدموا أباهم ليكون شفيعا لهم عند الله فلو قالوا عظيما منكرا لانكره يعقوب النبي عليه السلام لكنه قال{ سأستغفر لكم ربي } ترى هل عقيدتنا بهذا المستوى من الطرح والفهم القرآني؟ لذلك ولاسباب اخرى تكون سورة يوسف من احسن القصص وقصة الامام الموعود كذلك لانها لو مثلا تجسدت في مسلسل تلفزيوني او فلم سينمائي سنجد كم هائل من الطروحات والابحاث العقائدية فيها فمثلا تبين لنا القدرة الالهية على غيبة الامام منذ عام 329 هجرية تقريبا ونحن اليوم في عام 1430 والقدرة الالهية على تجسيد الوقائع لتكون السنن الطبيعية والامكانات البشرية في تصرف الامام وهذا لاعجب به فنبي الله سليمان جعلت الريح تعمل بامره تنقله من مكان الى مكان والهدهد وخدمته للنبي عليه السلام كما قص لنا القرآن{ و جئتك من سبأ بنبأ عظيم } كذلك عفريت من الجن وكيف جاء بعرش بلقيس بعد ان قال لسليمان{ قبل ان يرتد اليك طرفك} ولديه علم من الكتاب وسليمان لم يبعث الى البشرية جمعاء لكنه اعطيت له تلك الامكانات باذن الله فكيف بمن سيحقق رسالات الانبياء ويقيم التوحيد والعدل الالهي على الارض ماهي الامكانيات المتاحة له؟

هناك مسألة ثانية في مجال الحديث عن الامام الحجة عجل الله ظهوره الشريف وهي حجة القرآن على العباد فالله تبارك وتعالى يقول فيه تبيان كل شيء وفي آية اخرى فيه هدى للمتقين، مانزلت في القرآن من آية في قصة نبي من الانبياء خصوصا اولي العزم الا وكان للامام الحجة مصداقا مستقبليا شاهدا حيا عليه سواء في حمله وولادته ثم غيبته وظهوره. فأين العقل المدبر في الامر؟

فهو عليه السلام يشترك في قصة موسى واخفاء الحمل عن عيون السلطة الحاكمة ويشترك مع عيسى عليه السلام في الغيبة والظهور ويشترك مع ابراهيم الخليل في محاربة الطغيان النمرودي بعد ان بطل مكرهم وتلك النار التي كانت بردا وسلاما على ابراهيم والطغاة سيحاولون النيل من الامام فتكون الصحراء السلاح الذي يدمر به الجيش الذي يتعقب الامام عند ظهوره في الجزيرة العربية وابراهيم هو والد الذبيح الذي لم يذبح{ ففديناه بذبح عظيم} والامام هو ابن ذلك الذبيح الذي مات عطشانا بكربلاء.

 كذلك يشترك الامام عجل الله ظهوره الشريف مع نوح عليه السلام بانه السفينة التي تنقذ البشرية من التهلكة بعد احداث جسام تمر بها الارض. كيف لا وهو حجة الله على الخلائق اجمعين فسلام من الله عليك سيدي الامام الغائب.

 أللهم بحقه وبحق آبائه وبحق جده المصطفى هون علينا الامر واجعله في قلوبنا نبعا صافيا وهيء له من عبادك الصالحين جنودا اوفياء له وهيء لنا من امرنا رشدا نتبع احسن القول في مرضاتك ولم نعلم افضل مرضاة لك الا به اماما هاديا كجده المصطفى.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء 12/آب/2009 - 20/شعبان/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م