يوجد في العراق العشرات من النقابات والاتحادات والجمعيات المهنية
والجمعيات الخيرية، وكلها مؤسسة إما بقانون خاص، أو بقانون الجمعيات
رقم"13" لسنة 2000، فهل النقابات والاتحادات والجمعيات مستقلة تماما عن
الحكومة أم أنها غير مستقلة؟ وإذا كانت مستقلة عن الحكومة؛ كيف تدير
وتمول نفسها؟.
وإذا كانت مرتبطة بالحكومة؛ فما هي الجهات الحكومية التي ترتبط
بها؛ وما هو نوع الارتباط،؟ وما هو الفرق بين النقابات والاتحادات
والجمعيات وبين "المنظمات غير الحكومية" المصطلح الذي شاع بعد 2003 ؟
وما هي أنسب الحلول المقترحة لمشاكلها الحالية؟.
أولا: النقابات والاتحادات والجمعيات قبل
2003
رغم القول بان النقابات والاتحادات والجمعيات المهنية هي تنظيمات
شعبية مستقلة عن الحكومة، وهي تمثل شريحة اجتماعية معينة وتدافع عن
حقوقها، مثل: نقابة العمال، ونقابة المحامين، ونقابة الفنانين، واتحاد
الصناعات، وغيرها، ولكن المتتبع لقوانين هذه النقابات والاتحادات يلاحظ
أن أكثريتها مرتبط من الناحية القانونية والمالية بنحو من الإنحاء
بوزارة من وزارات الدولة القريبة من تخصصها، كما أنها مرتبطة من
الناحية السياسية بقيادات الحزب الحاكم منذ عام 1979 حتى 2003.
أولا:- من الناحية القانونية: فمن الناحية القانونية؛ أشارات
قوانين النقابات والاتحادات إلى طبيعة هذا الارتباط، بحسب كل نقابة أو
اتحاد، فعلى سبيل المثال، أشار قانون نقابة الأطباء رقم (81) لسنة 1984
في مادة 5 " ثانيا – يبلغ الوزير المختص وصاحب الطلب بقرار المجلس بشان
الطلب ولكل منهما الاعتراض عليه لدى محكمة التمييز خلال ثلاثين يوما من
تاريخ تبلغه به وتبت محكمة التمييز في الاعتراض خلال ثلاثين يوما من
تاريخ تسجيله لديها ويعتبر قرارها باتا". كما أشارات مادة 30
"للوزير وللنقيب ولإطراف القضية الطعن في قرارات لجنة الانضباط لدى
مجلس الانضباط العام خلال خمسة عشر يوما من تاريخ الحكم الوجاهي ومن
تاريخ التبلغ به من المحكوم عليه غيابيا أو الوزير أو النقيب".
وأشار قانون المحامين في مادة 3 " 1 - تعقد النقابة اجتماعا سنويا
خلال شهر آب من كل سنة تنتخب فيه الرئيس ونائبه ولجنتي الإدارة
والانضباط وتنظر في تقرير لجنة الإدارة السنوي والموازنة العامة
للنقابة وتقرر ما ترتايه من الاقتراحات في سبيل ترقية حالة النقابة
والمحاماة وتدرجه بتقرير بوجه إلى وزير العدلية وتعقد أيضا اجتماعات
أخرى عندما يقتضي إجراء الانتخاب لإملاء المراكز التي قد تشغر في لجنتي
الإدارة والانضباط ". وفي مادة 10 "ب - على لجنة الإدارة أن تصدر
قرارها بشان الطلب المذكور في الفقرة السابقة خلال خمسة عشر يوما
اعتبارا من تاريخ وصوله إليها وتبلغ صورة من القرار المذكور إلى كل من
وزير العدلية ورئيس محكمة التمييز وصاحب الطلب. وبينت المادة 11 أنه "
ا - لوزير العدلية ان يلفت نظر محكمة التمييز إلى قرار لجنة الإدارة
بشان طلب العضوية في النقابة عندما يكون القرار المذكور مخالفا لأحكام
هذا القانون.."
كما أشار قانون اتحاد الصناعات العراقي رقم (78) لسنة 1975 في
المادة 2 "1 – يؤلف اتحاد عام لأصحاب الأعمال والمشاريع الصناعية
العراقية في القطاعين المختلط والخاص، باسم اتحاد الصناعات العراقي
يكون مركزه في بغداد، ويجوز تأسيس فروع له في المحافظات بقرار من
المجلس وموافقة الوزير". وأكدت المادة 5
1 – يضع الاتحاد ميزانية سنوية توضح إيراداته ومصروفاته خلال السنة
المالية ويتم الصرف ضمن الاعتمادات المصدقة، ويجوز إجراء التعديلات أو
المناقلة بين أبواب وفصول الميزانية بقرار من مجلس الإدارة ومصادقة
الوزير".
أما المادة 9 فقد أشارت على أنه" 3 – يبلغ المجلس قراراته للوزير
عن طريق الوكيل، ويعتبر القرار نهائيا ونافذا إذا لم يعترض عليه الوزير
خلال عشرة أيام من تاريخ إيداعه لدى الوكيل، وبخلاف ذلك يعاد القرار
مرفقا باعتراضات الوزير إلى المجلس، وعلى هذا الأخير أن يعيد النظر فيه
في ضوء اعتراضات الوزير. فإذا اقرها، يعدل القرار وفقا لها، ويصبح
نهائيا ونافذا. ولا يجوز للمجلس أن يصر على قراره السابق، أو يخالف كل
أو بعض اعتراضات الوزير إلا بأغلبية ثلثي عدد اعضائه0 وفي هذه الحالة
اذا لم يصادق الوزير على قرار المجلس، يرفع الأمر إلى رئيس الجمهورية،
فيبت فيه بقرار نهائي".
وفيما يتعلق بالجمعيات الخيرية المسجلة لدى وزارة الداخلية، وهي غير
الجمعيات المهنية، فقد أشار قانون الجمعيات لسنة 2000 في المادة 30 وهو
القانون الساري المفعول حتى الآن، أنه "أولا- للوزير حق الإشراف العام
والرقابة على الجمعيات ضمن أحكام القانون".
ثانيا:- من الناحية المالية: ومن الناحية المالية تقوم الحكومات
العراقية المتعاقبة بدعم وتمويل النقابات والاتحادات والجمعيات المهنية
على شكل رواتب للإداريين والموظفين، ومنح وعقارات، وإعفاءات وامتيازات،
وغيرها من أنواع الدعم المالي، وتعتمد النقابات والاتحادات ذات النفع
العام، مثل الاتحاد العام لشباب العراق، والاتحاد العام لنساء العراق،
والاتحاد الوطني لطلبة العراق، ونقابة المعلمين، واتحاد الصناعات،
ومؤسسة الطيران على المساعدات والمنح التي تقدمها الحكومة العراقية
سنويا.
وكذلك الأمر بالنسبة للجمعيات الخيرية، فقد أشار قانون الجمعيات
لسنة 2000 في المادة 30" ثانيا- تخضع حسابات الجمعية ذات النفع العام
وموجوداتها إلى رقابة وتدقيق ديوان الرقابة المالية. ثالثا- تدقق
حسابات الجمعية التي يكون رأس مالها"100000" مئة ألف دينار، فأكثر من
محاسب قانون مجاز. رابع- للوزير أن يطلب من الجمعية تقديم المستندات
الأصولية بشان معاملاتها المالية في أي وقت يشاء".
ثالثا:- من الناحية السياسية: ومن الناحية السياسية، فقد عمدت
السلطات الحكومية المتعاقبة في العراق إلى تأسيس مجموعة من المنظمات
والجمعيات والنقابات والاتحادات تعمل تحت إشرافها المباشر، ورغم أن لها
قوانينها الداخلية التي تنص على استقلاليتها وحريتها، إلا أن هذه
الأنظمة الداخلية كانت معطلة بشكل كامل تقريبا...
وبالتالي، فان الدولة كانت تشرف، وتختار، وتعين قيادات ونقباء هذه
الجمعيات والاتحادات والنقابات، وتتحكم في مواقفها وقراراتها، وظل نشاط
النقابات والاتحادات رمزيا مقتصرا على دعم توجهات السلطة الحاكمة، وحشد
أعضائها في الندوات والمؤتمرات والمظاهرات المؤيدة لتوجهاتها. "أي أن
هذه النقابات والاتحادات لم تستطع أن تعبر عن مصالح الشرائح الاجتماعية
التي تمثلها، أو تدافع عن حقوقهم، بل كانت وسيلة من وسائل تبرير أخطاء
القيادة الحكيمة، ولا أدل على ذلك من موقف الاتحاد العام لنقابات
العمال في العراق من قرار مجلس قيادة الثورة في حيينها تحويل العمال
إلى موظفين أوائل الثمانينات..."
وبعبارة أدق كانت إدارات النقابات والاتحادات والجمعيات المهنية
تدار بشكل مباشر من قبل قيادات متنفذة ومعروفة في حزب البعث المنحل،
وفق قانون مكتب شؤون المنظمات الشعبية الصادر عن مجلس قيادة الثورة رقم
(169) لسنة 1979، ثم قانون مكتب شؤون المنظمات الشعبية رقم (7) لسنة
1988 الذي الغي القانون الأول.
فقد إشارات المادة 3 بأنه:
تتحدد وظائف المكتب فيما يأتي: أولا- ¬ الاستفادة من طاقات وكفاءات
وخبرات واختصاصات العاملين في دوائر الدولة أو خارجها ممن لهم ممارسات
نضالية في صفوف حزب البعث العربي الاشتراكي أو ممن ساهموا في النضال
العربي في تحقيق أهداف الأمة العربية في الوحدة والحرية الاشتراكية في
مجال المنظمات الشعبية والمهنية واللجان الدائمة والمؤقتة القطرية أو
الدولية داخل القطر أو خارجه. ثانيا- ¬ تامين الخدمات الإدارية
والمالية والإحصائية عن طريق تفريغ عدد من منتسبي المكتب من المستشارين
والمدراء العامين والموظفين لأداء تلك الواجبات أو أية واجبات أخرى
يكلفون بها من قبل رئيس ديوان الرئاسة.
ثانيا: النقابات والاتحادات والجمعيات بعد
2003
جاء في قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية في المادة
الثالثة عشرة في الفقرة جيم "أن الحق بحرية الاجتماع السلمي وبحرية
الانتماء في جمعيات هو حق مضمون. كما أن الحق بحرية تشكيل النقابات
والأحزاب والانضمام وفقا للقانون، هو حق مضمون". كما جاء في نص المادة
22 الدستور الدائم/ ثالثاً:ـ تكفل الدولة حق تأسيس النقابات والاتحادات
المهنية، أو الانضمام إليها، وينظم ذلك بقانون".
إلا أن طبيعة العلاقة الجديدة بين الحكومات العراقية الوطنية
والنقابات والاتحادات والجمعيات المهنية بدأت من الناحية الفعلية بصدور
قرار مجلس الحكم رقم"3" لسنة 2004، والذي نص على حل "مجالس إدارة
الاتحادات والنقابات والمنظمات المهنية والجمعيات عدا الخيرية منه" و"
تشكل مجالس إدارة مؤقتة.. تتولى التهيئة لانتخابات عامة لمجالس دائمة
وفق القانون والأنظمة الداخلية". وأن " تتولى لجنة شؤون المجتمع المدني
في مجلس الحكم الإشراف على تشكيل المجالس المؤقتة والإعداد لانتخابات
جديدة بناء على قانون انتخابات يسنه مجلس الحكم".
لقد كان سوء الإدارة، وهدر الأموال العامة، والتلاعب بالحسابات
المصرفية، والاستثمارات غير القانونية لعقارات النقابات والاتحادات
والجمعيات المهنية، وتغلل القيادات البعثية المناهضة للعملية السياسية
في البلاد، ناهيك عن تحويل جزء من أموال هذه الكيانات إلى خارج العراق
بقصد تشغيلها لحساب جهات من شانها أن تقوض هياكل النظام السياسي الجديد،
وراء سلسلة من القوانين والقرارات والإجراءات التنفيذية، التي ابتدأت
بقرار مجلس الحكم المرقم(3) لسنة 2004 ، ثم الأمر (626) لسنة 2004
القاضي بتشكيل لجنة خاصة لمتابعة تنفيذ بنود القرار رقم(3) ثم الاعمام
المرقم (3908) 2004 الصادر عن الأمانة العامة لمجلس الوزراء الذي حصر
صلاحية النظر في قانونية انتخابات النقابات والاتحادات والجمعيات
والمنظمات المهنية، وتقرير ما هو شرعي أو غير شرعي منها بلجنة تنفيذ
القرار رقم(3) ثم الأمر الديواني المرقم(8750) لسنة 2005 الذي بموجبه
تشكلت اللجنة الوزارية السداسية لمتابعة تنفيذ القرار رقم(3) بدلا من
اللجنة الأولى التي ترأسها الأستاذ نصير الجادرجي.
وكان من البديهي أن تخطر لجنة تنفيذ القرار رقم(3) جميع الكيانات
المهنية المشمولة بنص القرار، ليتسنى لها ترتيب شؤونها الداخلية من حل
مجالس إداراتها، وتشكيل مجالس مؤقتة إلى حين انتخاب مجالس دائمة لها
تتمتع بالصلاحيات الدستورية والقانونية بما في ذلك الحق في إدارة
أموالها إدارة صحيحة وشفافة.
وبالتالي، دعت اللجنة عن طريق إعلان تم نشره في الصحف المحلية
بتاريخ 14/8/2005 جميع النقابات والاتحادات والجمعيات المهنية، لمراجعة
مبنى اللجنة، والتواصل معها للبدء بالخطوات القانونية اللازمة لتنفيذ
نص القرار. ولكن بعض إدارات هذه الكيانات أعربت عن رغبتها، وأبدت
استعداها للتعاون والتنسيق الايجابي مع اللجنة، بينما لجأت إدارات أخرى
إلى رفض القرار رقم (3) ورفض التعامل مع اللجنة الوزارية تحت ادعاءات
استقلال هذه الكيانات عن مؤسسات الدولة، وعدم جواز التدخل في شؤونها
باعتبارها مؤسسات مجتمع مدني و....
الأمر الذي اضطر اللجنة الوزارية العليا - في نهاية المطاف- إلى
وضع اليد على أموال وممتلكات الكيانات المشمولة بنص القرار رقم(3)
وتجميد أرصدتها، ووضع إشارة عدم التصرف على العقارات والعمل على
إطلاقها جزئيا لتمشية أمورها الضرورية من مستحقات ورواتب موظفين،
ومصروفات...
وهنا سؤال يطرح نفسه بقوة، هل تمكنت القرارات والإجراءات الطويلة
التي اتخذت بحق النقابات والاتحادات والجمعيات المهنية من تحقيق
النتائج المرجوة منها، رُغم التأكيد على أهميتها للصالح العام؟ وإذا
كان جواب السؤال بالنفي، فما هي الأسباب التي تحول دون تحقيقها؟ وهل
هناك مدة تحددها لجنة تنفيذ قرار رقم (3) لتعلن انتهاء أعمالها؟.
الحقيقة ما زالت هناك اتهامات متبادلة، فترى لجنة تنفيذ القرار رقم
"3" أن الهيئات الإدارية لنقابات والاتحادات المشمولة لا تبدي أي
استعداد للتعاون لتنفيذ القرار بأسرع وقت ممكن، لتعلق ذلك بمصالحها
الوظيفية والمالية، فرغم صرامة الإجراءات إلا أن فعاليتها تظل على ارض
الواقع رهن تفعيل الأجهزة التنفيذية من بنوك، ودوائر بلديات، ومرور،
وأجهزة معلومات وشرطة.. ومازالت المليارات تذهب إلى حيث لا يعلم أحد،
دون وجود رادع قوي. بينما يرى رؤساء النقابات والاتحادات المهنية، أن
لجنة تنفيذ القرار لجنة غير شرعية وغير فعالة، ولا تمتلك قدرة التواصل
مع النقابات والاتحادات، وليس لديها آليات واضحة تمكنها من إنجاز
مهامها كما يجب..
هذا التوجه التحقت به بعض وزارات الدولة في الآونة الأخيرة؛ كوزارة
الثقافة التي وجهت، بتاريخ 2/7/ 2009 كتابا إلى الأمانة العامة لمجلس
الوزراء، بخصوص نقابة الفنانين والذي وزع إثناء مظاهرة قام بها بعض
الفنانين في 6/7/2009 " 1- أن اللجنة استندت في إجراءاتها إلى قرار
مجلس الحكم الرقم 3 لسنة 2004، ومن خلال تدقيقنا وجدنا أن القرار
المشار إليه لم ينشر في جريدة الوقائع العراقية، وحيث أن القرارات
تعتبر سارية المفعول من تاريخ نشرها في الجريدة الرسمية. وبالتالي، فان
القرارات التي لا تنشر لا تكتسب الصفة القانونية ولا تكون نفاذة تجاه
الآخرين، وعليه فان الإجراءات المتخذة من قبل اللجنة المستندة إلى
قرارا المشار إليه غير قانونية لعدم استنادها إلى قانون صحيح ونافذ "
واقترحت الوزارة الثقافة في كتابها المذكور"1- إلغاء جميع الإجراءات
التي اتخذت من قبل اللجنة الوزارية المشار إليها لعدم وجود السند
القانوني لإجراءاتها ولكونها جاءت بصورة مخالفة للأحكام الواردة في
قانون نقابة الفنانين رقم 129 لسنة 1969 وتعديلاته.."
ورغم أن التبريرات التي ساقتها وزارة الثقافة حول قرار مجلس الحكم
رقم 3 لسنة 2004 هي نفسها التي ساقتها بعض النقابات والاتحادات في
الدعاوى التي رفعتها أمام المحكمة الإدارية، إلا أن القضاء قرر رد هذه
الدعاوى، كما حصل بالنسبة لنقابة الأطباء واتحاد الصناعات.
ولكن الحقيقة التي لا يجب إغفالها هو أن هناك العديد من المشكلات
التي تحتاج إلى وقفة وحلول جذرية وواقعية، لعل من أهمها:
- أهمية سن قانون موحد للنقابات والاتحادات والجمعيات المهنية آخذا
بنظر الاعتبار الدعوة إلى حذف كل ما يمت بصلة الولاء للقائد والحزب
البعث المنحل.
- تعتمد اللجنة الوزارية على المبادرات التي تقوم بها إدارات
النقابات والاتحادات والجمعيات المهنية السابقة للتدخل وتشكيل لجان
تحضيرية لها، دون أن تبادر اللجنة الوزارية من تلقاء نفسها لتشكيل
اللجان التحضيرية. لذا ظلت العديد من النقابات والاتحادات والجمعيات
المهنية تعمل كما هي بعيدا عن اللجنة الوزارية.
- لم تتدخل اللجنة الوزارية في شؤون بعض الاتحادات والنقابات رغم
أهميتها مثل الاتحادات الرياضية، وتركت المجال مفتوحا لتدخل جهات
حكومية أخرى، مثل وزارة الشباب ومكتب رئاسة الوزراء، وهو ما دعا بعض
الجهات الحكومية لتتبنى شؤون بعض النقابات والاتحادات كما طالبت وزارة
الثقافة في التدخل في شؤون نقابة الفنانين.
-التأجيل والتمديد المكرر للجان التحضيرية إما بسبب تلكؤ هذه اللجان
أو لعدم كفاية الوقت.
- اضطرار اللجنة الوزارية العليا إلى استبدال لجان التحضيرية بأخرى
لأسباب فنية أو إدارية أو قانونية.
- بطئ الإجراءات المتخذة، سواء من قبل اللجنة الوزارية أو اللجان
الفرعية، أو من قبل اللجان التحضيرية نفسها.
-تمسك بعض اللجان التحضيرية المنحلة بإدارة النقابات والاتحادات،
ونقل الصراع على المصالح إلى دائرة القضاء من أجل كسب المزيد من الوقت.
- عدم تمكن بعض النقابات والاتحادات من إجراء الانتخابات في وقتها
المحدد بسبب عدم وجود مالية كافية لها حيث تجرى الانتخابات في العادة
على حساب النقابة أو الاتحاد نفسه.
- يوجد في العراق حوالي 28 نقابة مركزية، وحوالي 30 اتحاد مركزي،
والعشرات من المؤسسات واللجان والأندية، ناهيك عن فروعها في المحافظات،
وفي حدود علمنا لم يسو إلا عدد قليل من هذه النقابات والاتحادات
والجمعيات المهنية.
-تأسيس حوالي 29 نقابة واتحاد، لدى مكتب مساعدة المنظمات غير
الحكومية "دائرة المنظمات غير الحكومية" إما بنفس الأسماء أو بأسماء
مشابه لها واعتبارها منظمات غير حكومية. وقد نبهت وزارة الدولة لشؤون
المجتمع المدني في كتابها ذي العدد 140 والمؤرخ في 5/3/2006 والمتضمن
عدم إمكانية تسجيل الاتحادات في دائرة المنظمات غير الحكومية.
- ضبابية الرؤية في تحديد صلاحيات اللجان التحضيرية والتي حددت
مؤخرا في التعليمات التي تقدمت بها اللجنة المشكلة برئاسة الدكتور رافع
العيساوي نائب رئيس الوزراء، والتي صادق عليها مجلس الوزراء.
هناك مشاكل حقيقية يعاني منها المجتمع المدني في العراق، سواء على
مستوى النقابات والاتحادات والجمعيات المهنية، أو على مستوى الجمعيات
الخيرية المحكومة بقانون الجمعيات رقم 2000 ، والمسجلة لدى وزارة
الداخلية، أو على مستوى المنظمات غير الحكومية المنصوص عليها في الأمر
45 الصادر عن سلطة الائتلاف المؤقتة، أو على مستوى الجمعيات ذات
العلاقة مع الأجانب، وهي تلك الجمعيات المؤسسة وفق قانون تأسيس
الجمعيات ذات العلاقة بالأجانب رقم (34) لسنة 1962.
وإذا حظيت المنظمات غير الحكومية بمرجعية حكومية غير مرضي عنها -في
أحيان كثيرة- والمتمثلة بمكتب مساعدة المنظمات غير الحكومية "دائرة
المنظمات غير الحكومية حاليا" فان النقابات والاتحادات والجمعيات، سواء
المهنية أو الخيرية منها، ظلت عائمة، وغير مدعومة، ولا تحظى بمرجعية
حكومية قوية ، وهو الأمر الذي جعل بعضها يتوجه إلى الأحزاب والقوى
السياسية القوية لضمان الدعم السياسي والمالي لها.
الأمور تبدو معقدة إلى حد ما، والمشكلات والمعوقات تزداد يوما بعد
آخر، والحل الأمثل لمشكلات المجتمع المدني، يبدأ من الحكومة العراقية
نفسها، فإذا أريد للعراق أن يكون مجتمعا مدنيا ديمقراطيا وينعم
بالحرية، فان الخطوة الأولى تبدأ بوجود مؤسسة حكومية قوية، وزارة كانت
أو مفوضية أو أية تسمية تدعم المجتمع المدني ومؤسساته، بما فيها
النقابات والاتحادات والجمعيات، وتكون مرجعية لكل الاختلافات
والتقاطعات.. وإلا فان غض النظر عن نمو المجتمع المدني في العراق أو
تجاهله، أو فرض المزيد من القيود على مؤسساته، ليس إلا تعقيدا
للمشكلات... |