الانترنيت يتحول الى سلاح ذو حدين يهدد الأمن العالمي

الخشية من استغلال تكنولوجيا الخرائط الجوية و صور الإنترنت عسكريا

 

شبكة النبأ: مع التطور الهائل في تكنولوجيا الاتصالات، وقدرتها في إيصال الصور والخرائط بشكل سريع وسهل ودقيق، ظهرت مخاوف ونداءات من أن هذه الخرائط يمكن أن تشكل خطراً على الأمن القومي للدول.

فالبرامج المتخصصة في تقديم هذه الخدمات مثل غوغل إيرث مثلاً، يمكن أن تعطي المستخدم صوراً دقيقة وحية عن مختلف المناطق حول العالم.

فالخدمة التي تستطيع من خلالها مشاهدة الأدغال وغابات الاستواء، أو التلصص على مسبح الجيران، هي ذاتها التي يمكن أن تطلعك على بعض المواقع الحساسة كالمفاعلات النووية مثلاً.

ويقول موظف الوكالة الدولية للطاقة الذرية سكوت بورتزلاين:"إنه أمر مفزع بالنسبة لي أن أفكر أن أي إرهابي يستطيع مراقبة الموقع الذي يود استهدافه دون أن يضطر لزيارته."

إذ يستطيع بورتزلاين من التجوال عبر الإنترنت، والاطلاع على 66 موقعاً نووياً أمريكياً، دون ان ينهض عن كرسيه، وما أخافه أكثر أن تقنية عين الطائر مثلاً تستطيع إعطاء الشخص صوراً دقيقة جداً.

ويتابع :"ما نراه الآن هو حارس كوخ، وهنا جهاز الاتصال للمحطة النووية، وهذا مبنى يزود غرفة المراقبة بالهواء، وهنا يمكنك القيام بشيء لتعطيل الناس في غرفة التحكم، هذه المعلومات لا يجب أن تكون متوافرة بهذا الشكل، أنا أنظر إلى هذا وأنا مذهول."

مخاوف بورتزلاين دفعته لكتابة رسالة لوزير الأمن الداخلي جانيت نابوليتانو يطلب فيها للبحث تعاون الوزارة مع اللجنة التنظيمية النووية بالبحث عن متطوعين لطمس صور المواقع النووية التي يمكن التقاطها عبر مواقع الانترنت المتخصصة. بحسب(CNN).

جويل أندرسون، عضو الجمعية العامة في كاليفورنيا، يملك نظرة ربما أكثر قلقاً، فقد قدم مشروع قرار للسلطة التشريعية في الولاية، لمنع الشركات المتخصصة، من عرض أي صورة واضحة للمدارس، والكنائس والمواقع الحكومية والمواقع الطبية.

ويقول أندرسون:"لا أريد أن احدد استخدام التكنولوجيا، لكن يجب أن يكون هناك بعض المنطق."

خبير الإرهاب والمؤلف برايان جنكينز يوافق سابقيه القلق، ويقول عن الصور المتوافرة تثير الدهشية، ويقول:"لو كنت إرهابياً، وأردت التخطيط لهجوم لذهبت لهذه الموقع وشاهدت الصور، فهي ستستهل علي المهمة، وستقدم لي خيارات عدة للأداة اللازمة لتنفيذ الهجوم، إن كنت بحاجة لطائرة، أو سيارة أو حتى عن بعد، سأقوم بذلك لو كنت إرهابياً، ولن تعلم دوائر الامن عني إلا بعد تنفيذي للعملية."

لكن العاملين في المواقع النووية لا يتفقون مع هذه المخاوف، إذ يقول رالف دي سانتيس أحد الناطقين باسم إدارة موقع نووي :"أنظمتنا الأمنية مصمصة لرد أي هجوم يمكن أن يحدث في ظل معلومات أكثر خصوصية، فحتى لو كان حجم المعلومات على الإنترنت أكبر مما هي عليه الآن، نحن قادرون على صد أي هجوم، كما إن رجال الأمن في الخارج يتغيرون باستمرار، فما تراه اليوم لن تراه غداً."

الهجمات على الانترنت

من جهته اعلن الرئيس الاميركي باراك اوباما تعزيز اجراءات الدفاع ضد الهجمات التي تستهدف شبكات الاتصالات والمعلومات الاميركية ازاء تزايد هذا الخطر وتشعبه سواء من قبل قراصنة افراد او حكومات اجنبية.

واعلن اوباما عن "مقاربة جديدة متكاملة" لحماية الشبكات الحكومية والخاصة على حد سواء. وقد استحدث بهذا الهدف منصب مسؤول اعلى مكلف الاشراف على الدفاع ضد الهجمات على الانترنت. بحسب فرانس برس.

وتعكس هذه القرارات مخاوف الادارة المتزايدة حيال انتشار الجرائم بواسطة الوسائل التكنولوجية الجديدة والنشاطات المنسوبة الى جواسيس صينيين او روس عبر الانترنت يهددون باصابة المراكز الحساسة في الولايات المتحدة.

وقال اوباما في تصريحات ادلى بها في البيت الابيض "من الواضح ان هذا الخطر على الانترنت بات من اكبر المشكلات التي تواجهها بلادنا سواء على صعيد الاقتصاد او على صعيد الامن القومي".

واضاف "من الواضح ايضا اننا غير مهيئين كما يجدر ان نكون، سواء كحكومة او كبلد" لمواجهة هذه المخاطر الجديدة.

وتحدث اوباما عن مختلف انواع المخاطر التي تهدد الانظمة الاستراتيجية كأنظمة الأسواق المالية والملاحة الجوية، وذكر بانه كان هو نفسه عرضة لهجوم مماثل عام 2008 حين نجح قراصنة في التسلل الى الانظمة المعلوماتية لحملته الانتخابية والوصول الى وثائق سرية.

وقال اوباما المعروف باعتماده على التقنيات الجديدة سواء في حملته الانتخابية او في البيت الابيض "كان هذا تذكيرا معبرا بانه في عهد الاتصال هذا، احدى اهم نقاط قوتنا وهي قدرتنا على التواصل مع اعداد غفيرة من المناصرين بواسطة الانترنت، قد تكون ايضا من اكبر نقاط ضعفنا".

واشار اوباما الى استخدام تنظيم القاعدة شبكة الانترنت، مشددا على ان في مقدور هذا التنظيم صنع "سلاح بلبلة شامل" بهذه الوسيلة.

وذكر بان دخول الدبابات الروسية الى جورجيا في اب/اغسطس 2008 سبقه هجوم على الانترنت شل مواقع الحكومة الجورجية، ما يعطي "لمحة عن وجه الحرب مستقبلا".

وازاء مثل هذا الاحتمال، افاد مسؤول في وزارة الدفاع ان الادارة الاميركية تعتزم تشكيل قيادة عسكرية جديدة للتصدي للهجمات على الانترنت.

ولم يأت اوباما على ذكر هذه القيادة الجديدة في تصريحاته في البيت الابيض، لكنه شدد على ان "شبكاتنا العسكرية تتعرض باستمرار لهجمات".

وكشف ان كلفة عمليات الدخول الى البيانات الشخصية للمواطنين الاميركيين وصلت الى ثمانية مليارات دولار في السنتين الماضيتين، وان عمليات سرقة الملكية الفكرية ارتفعت كلفتها الى الف مليار دولار العام الماضي في العالم.

لكنه اعتبر ان الحكومة الاميركية لم تستثمر بما يكفي في الدفاع عن انظمتها الرقمية ولم يتم تكليف اي مسؤول او وكالة تحديدا حتى الان تولي هذه المعركة.

كما لم يكن هناك اي اتصال بين الادارة والقطاع الخاص بهذا الصدد.

ولم يحدد اوباما من يعتزم تعيينه "منسقا للامن على الانترنت"، لكنه اوضح ان هذا المسؤول سيكون عضوا في مجلس الامن القومي والمجلس الاقتصادي الوطني معا، ما يعني ان "الدفاع عن هذه البنية التحتية سيكون من اولويات الامن القومي".

الإنترنت التفاعلي

تبدأ وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي ايه) رويدا رويدا باعتماد الإنترنت التفاعلي، لكن هذا التطور يلقى معارضة في منظمة تتوخى التكتم والسرية. ويقول المحلل في السي آي ايه شون دينيهي «لا نزال في بدايات العملية».

 ويقدم نفسه على أنه «مبشر» بنظام «انتليبيديا» وهي الموسوعة التفاعلية لأسرة الاستخبارات الأميركية التي تعمل على غرار موسوعة ويكيبيديا على الإنترنت.

وأوضح خلال مؤتمر نظمته شركة «غوغل» العملاقة في واشنطن في اليومين الأخيرين «ثمة الكثير من الصعوبات التي لا يمكن تجنبها إذا ما أردنا إدخال مصدر معلومات مفتوح على كل عائلة الاستخبارات». بحسب الشرق الأوسط.

وتعمل «انتليبيديا» في إطار شبكات داخلية (إنترانت) آمنة للإدارة الأميركية وتستخدمها 16 وكالة استخبارات أميركية. وأطلقت نسختها التجريبية في عام 2005.

ودشنت هذه الوسيلة التي لا يمكن للجمهور الوصول إليها، رسميا في أبريل نيسان 2006. ويستشهد دينيهي بكلام للمهاتما غاندي داعية اللاعنف الهندي «في البداية يتم تجاهلنا ثم الاستخفاف بنا ثم محاربتنا وفي النهاية نربح».

ويضيف «لقد تم تجاهلنا والاستخفاف بنا ومحاربتنا ولم نكسب بعد». ويقول المحلل إنه منذ إطلاق المشروع «نحن في معركة فعلية. البعض دعمنا لكن ثمة الكثير لا يزالون ينتظرون لرؤية ما سيحصل».

ويضيف «بعض الزملاء برتب عالية نسبيا» يستخدمون الشبكة بشكل كثيف ويعتبرون أن «انتليبيديا» تشكل «وسيلة قد تؤدي إلى تغيير الأمور».

ويقول إن المدونات والمواقع التفاعلية «صعبة في ثقافتنا إذ تربينا على مبدأ «الحاجة إلى المعرفة» وبات علينا أن نقيم الآن توازنا بين هذا المبدأ ومبدأ آخر هو «الحاجة إلى المشاطرة»». ويوضح «محاولة تطبيق ذلك في عائلة الاستخبارات هو كمن يقول للناس إن أهاليهم قاموا بتربيتهم بطريقة سيئة. هذا تحول ثقافي هائل».

ويتذكر البدايات قائلا «في البداية كان بعض الأشخاص يتصفحون انتليبيديا ويدونون الصفحات التي تتضمن أخطاء وينقلونها إلى المسؤولين عنهم». وثمة مشكلة أخرى واجهها المشروع وهو الرغبة في حصر نطاق نشر المعلومات.

ويوضح المحلل «السؤال الأول لكل شخص كان «كيف يمكنني أن أقفل الصفحة؟» أو «كيف يمكنني إقفال صفحة لكي يتمكن فقط خمسة من زملائي من الاطلاع عليها؟» مضيفا «كان جوابنا على الدوام أن يفتشوا عن وسيلة أخرى مثل توجيه رسائل إلكترونية».

ويضيف «هذا النظام مختلف لأن وضع الإقفال سيقضي عليه خصوصا وأن هذه الأوساط تخشى المخاطر وتتجنبها في الأساس». وأوضح دينيهي أن «انتليبيديا» تشهد أربعة آلاف تعديل وإضافة يوميا.

ويوضح كالفن اندروس مسؤول التحديثات في سي آي ايه حيث يعمل منذ 26 عاما أن النظام أداة مهمة جدا في عصر الاتصالات المباشرة السريعة.

ويفيد بأن «المواقع التفاعلية هي مجموعة من الناس يكتبون معلومات بطريقة جماعية، يمكن تعديلها وتكييفها بسرعة مع المعلومات الجديدة» مضيفا «لا تأخذ معلومات الأمس لتنشرها غدا». ويقول «في العراق مثلا تلقينا معلومات بأن عددا من المقاتلين الأعداء موجود في مطعم وبعد ربع الساعة قمنا بقصف المكان».

ويختم قائلا «نحن في عالم تزداد فيه الحاجة إلى اتخاذ قرارات في جزء من الثانية بشكل كبير».

الفضاء الالكتروني

استحدثت وزارة الدفاع الاميركية قيادة عسكرية مهمتها شن حرب رقمية وتعزيز الدفاعات ضد التهديدات المتزايدة التي تتعرض لها شبكاتها للانترنت، كما اعلن المتحدث باسم البنتاغون بريان ويتمان.

وقال المتحدث ان وزير الدفاع روبرت غيتس استحدث القيادة رسميا للمرة الاولى في تاريخ البلاد، لتعمل تحت لواء القيادة الاستراتيجية الاميركية. بحسب فرانس برس.

وستباشر القيادة عملياتها في تشرين الاول/اكتوبر وستكون عاملة بشكل تام بحلول تشرين الاول/اكتوبر 2010، طبقا للمتحدث.

وتعكس هذه الخطوة تغيرا في الاستراتيجية بعد ان اصبحت الهيمنة على الانترنت جزءا من عقيدة الحرب الاميركية وتاتي وسط تزايد المخاوف من التهديد المحتمل الذي يمثله التجسس الرقمي القادم من الصين وروسيا وغيرها من المناطق.

ويقول مسؤولون اميركيون ان الصين بنت برنامجا متطورا لحرب الانترنت وانه يمكن رصد موجة من الدخول غير المشروع على الانترنت الى مصادر في الصين.

ويتوقع ان يقود الجنرال كيث الكسندر مدير وكالة الامن القومي السرية للغاية، هذه العمليات الجديدة.

ووصف الكسندر فضاء الانترنت بانه الجبهة العسكرية الجديدة التي يمكن ان ترسم مستقبل الامن القومي وقارنها بالقوة البحرية والبرية.

الا ان بعض المحللين اثاروا مخاوف من ان تبني نهجا اكثر صرامة لامن الانترنت يمكن ان يمثل تهديدا محتملا للخصوصية والحريات المدنية كما يمكن ان يتسبب في مشاكل دبلوماسية.

وقالت وزارة الدفاع ان القيادة الجديدة ستشرف على مختلف الجهود المتعلقة بالانترنت في كافة اجهزة القوات المسلحة ولن تصل الى مستوى "عسكرة فضاء الانترنت".

وقال المسؤول انه من المرجح ان يكون مقر القيادة في فورت ميدي في ميريلاند وان البنتاغون لن يقوم باية جهود امنية بالنسبة للشبكات المدنية من منظمات حكومية اخرى.

ويعتمد الجيش الاميركي على 15 الف شبكة ونحو سبعة ملايين جهاز كمبيوتر حيث تحاول اكثر من 100 وكالة استخبارات اجنبية دخول الشبكات الاميركية بشكل غير مشروع، طبقا لنائب وزير الدفاع وليام لين.

وقال لين في كلمة ان "شبكاتنا الدفاعية تتعرض لهجمات مستمرة .. اذ يتم محاولة دخولها عدة مرات في اليوم. ويتم مسحها ملايين المرات يوميا. كما ان تكرار وتعقيد هذه الهجمات يزداد بشكل كبير جدا".

ويتراوح هذا التهديد من القراصنة المراهقين الى العصابات الاجرامية التي تعمل كمرتزقة انترنت لحكومات اجنبية، حسب لين.

وتحدث لين عن هجمات الانترنت التي ادت الى اغلاق مواقع انترنت حكومية وتجارية في جورجيا خلال التوغل العسكري الروسي لذلك البلد العام الماضي.

وذكر مسؤولو الدفاع ان قيادة فضاء الانترنت ستركز على الجهود الامنية اضافة الى القدرات الدفاعية لضمان "حرية التصرف في فضاء الانترنت" للولايات المتحدة.

ولا تزال التفاصيل الدقيقة لقوة الجيش الاميركية الخاصة بالجيش الاميركي سرية الا انها تشتمل على قدرات تكنولوجية لاختراق الشبكات وتعطيلها بما في ذلك نظام سوتر السري، حسب محللين.

وقد اضيفت هذه التكنولوجيا الى الطائرات بدون طيار وتسمح للمستخدمين بالسيطرة على مجسات الاعداء والتلاعب بها.

وقد اثارت انتهاكات لشبكة الكهرباء الاميركية والشبكات التي يستخدمها المتعاقدون لبناء طائرات اف-35 اكدت على المخاوف بشان امن فضاء الانترنت.

والعام الماضي اصيبت الاف اجهزة الكمبيوتر التابعة لوزارة الدفاع بفيروس سببه برنامج كمبيوتر مما دفع الجيش الى منع الموظفين العسكريين والمدنيين من استخدام اجهزة ذاكرة خارجية.

وفي ميزانية الدفاع المقترحة للعام المالي 2010، اقترحت الادارة زيادة اموال التدريب لمضاعفة عدد خبراء فضاء الانترنت من 80 الى 250 سنويا.

ووضع الرئيس الاميركي باراك اوباما اولوية لامن الانترنت واعلن خططا لتعيين منسق للدفاع الوطني عن فضاء الانترنت.

وجاء في مراجعة جرت مؤخرا لسياسة البيت الابيض ان "مخاطر امن فضاء الانترنت تمثل بعضا من اخطر التحديات الاقتصادية والوطنية في القرن الحادي والعشرين".

ووعد اوباما بحماية حقوق الخصوصية حتى في الوقت الذي تسعى فيه الحكومة الى بدء جهود لحماية الشبكات المدنية والعسكرية الحساسة.

المعلومات الحكومية تصبح متاحة رقميا على الإنترنت

يتوقع أبناء اليوم البارعون في تصفح شبكة الانترنت أن كل شيء متاح أمامهم على الشبكة ولكن في واقع، الأمر لا تزال الحكومات تترك الكثير من المساحات السايبرية فارغة دون الاستفادة منها.

وقد كشفت دراسة أجريت في آذار/مارس الماضي في إطار الاحتفال بـ"أسبوع الشمس المشرقة" الوطني أنه في حين أن أعدادا متزايدة من حكومات الولايات تقوم بنشر الوثائق التابعة لها على شبكة الإنترنت، إلا أن بعضا من أهم الوثائق الأساسية والسجلات غير متوفرة – مثل شهادات الوفاة والأسعار الزائدة في محطات البنزين وتقارير فحص السلامة لحافلات المدارس. وأسبوع "الشمس المشرقة" هو عبارة عن فعالية سنوية تركز اهتمامها على جعل الحكومة منفتحة أمام الجمهور وحرية المعلومات. بحسب موقع أميركا دوت غوف.

وحددت دراسة منفصلة أجراها موقع افتحوا الحكومة (Openthegovernment.org) أهم 10 وثائق من وثائق الحكومة الفدرالية المطلوبة أكثر من غيرها، ومنها السجلات الخاصة باستخدام اعتمادات الحوافز الاقتصادية، وقرارات المحاكم التي تخص الوكالات الفيدرالية والعقود الفدرالية الحالية والعقود من الباطن.

وينظر المدافعون عن حرية الحصول على المعلومات إلى الوصول إلكترونياً إلى السجلات باعتبار ذلك ساحة المعركة المقبلة في التحرك من أجل جعل الحكومة أكثر شفافية وديمقراطية.

وقال المدير التنفيذي للائتلاف القومي لحرية المعلومات تشارلز ديفيز عند إعلانه نتائج الدراسة التي أجريت في إطار أسبوع "الشمس المشرقة" الوطني إن "التكنولوجيات الرقمية يمكن أن تكون محفزا كبيرا لإشاعة الديمقراطية، ولكن حال الوصول إلى المعلومات في الوقت الراهن يتفاوت تفاوتا كبيرا." وأضاف أن "مستقبل حرية المعلومات هو في الحصول عليها على شبكة الإنترنت، ولا يزال أمام الولايات مشوار طويل يتعين عليها قطعه للوفاء بوعد الحكم الذاتي الإلكتروني."

وكان الرئيس أوباما قد قد أصدر مرسوما بشأن الشفافية والانفتاح في الحكومة غداة تسلمه مهام منصبه. ووعد الرئيس في ذلك المرسوم بأن زيادة الشفافية الحكومية والانفتاح ستكون أحد الموضوعات التي ستعالجها حكومته.

وفي 21 أيار/مايو الماضي، شرع الرئيس في تنفيذ الجزء الأول من سلسلة من المبادرات التي تهدف إلى تمكين المواطنين من الوصول إلى المؤسسات الحكومية عبر شبكة الإنترنت. ومن هذه المبادرات إطلاق "موقع البيانات (Data.gov) الذي سيتيح للوكالة الفدرالية نشر البيانات التي يحتاج إليها مطورو البرمجيات لتطوير برمجيات الهاتف الخلوي.

وكانت مشاركة الجمهور في تقديم التعليقات والمقترحات على الأنظمة الأساسية واللوائح التنظيمية المقترحة للبرامج الفدرالية وإرسال الرسائل إلى المسؤولين الفدراليين بشأنها تاريخيا محدودة. ويقول المؤيدون للفكرة إن توفير فرص الحصول على مزيد من المعلومات عبر شبكة الإنترنت يمكن أن يساعد المواطنين على زيادة مشاركتهم في الحكومة الفدرالية وحكومات الولايات والسلطات المحلية.

وأكدت منسقة أسبوع "الشمس المشرقة" دبرا جيرش هرنانديز أنه ستترتب على ذلك منافع هائلة من جميع النواحي. إذ إن ذلك يفيد المواطنين فائدة ضخمة. فبلدنا دولة ديمقراطية تقوم على المشاركة الجماهيرية. فحين ترغب في معرفة ما إذا كان مبنى مدرسة أولادك توجد به مادة الاسبستوس الضارة أو معرفة موعد الاجتماع القادم للمجلس التعليمي؛ فإن توفر مثل هذه المعلومات إلكترونيا على الشبكة يعد أمرا مسلما به في عصرنا التكنولوجي."

وقالت دبرا هرنانديز إن نشر السجلات والوثائق الحكومية على شبكة الإنترنت لا يعد أمرا ملائما ومسهلا للمواطنين فحسب، بل إنه أيضا سيختصر الوقت ويقلل النفقات الحكومية المرتبطة بقيام موظفي الحكومة بمعاملة طلبات الحصول على المعلومات بموجب قانون حرية المعلومات، ونسخ المعلومات وإرسالها إلى الجهات التي طلبتها.

غير أنها أردفت أنه لا تزال هناك بعض التحديات. أولا، أن العديد من الأجهزة الحكومية قد جمّعت سنوات من السجلات قبل أن تصبح الكومبيوترات والإنترنت متاحة، ولعل مهمة نقل هذه السجلات القديمة من خزائن حفظ الملفات إلى الشبكة العنكبوتية  يعد عملية بالغة الصعوبة وتستغرق وقتا طويلا. وأوضحت أن من الأهمية بمكان أن يتم ترتيب هذه المعلومات بمجرد توفرها على الشبكة ترتيبا جيدا ومنظما.

وتابعت دبرا هرنانديز حديثها قائلة: "إنهم يريدون القيام بذلك وهم يدركون مدى أهمية القيام بذلك. ولكن المسألة ليست مجرد توفر المعلومات على الإنترنت، ولكن توفرها بطريقة سهلة الاستخدام ترضي الجمهور."

وأشارت إلى أن هناك قضية الخصوصية بالنسبة لبعض السجلات مثل وثائق المحاكم، وأوراق الطلاق والسجلات المالية، ولكن في جميع الحالات تقريبا، ثمة طريقة ما لوضع بعض المعلومات على الانترنت مع ضمان حفظ سرية المعلومات الخاصة – مثل أرقام الضمان الاجتماعي – وحمايتها من الوقوع في أيد غير أمينة.

ويكمن التحدي الأكبر بالنسبة لكل من مبادرات الرئيس أوباما وجهود الشفافية التي تبذلها الولايات والحكومات المحلية في تغيير المواقف وتعزيز ثقافة الانفتاح. ويشير بعض المؤيدين إلى أن مبادرة الرئيس ذاتها بشأن الشفافية والانفتاح في الحكومة لم تلح في طلب المساهمة والاقتراحات من طرف الجمهور. غير أنه يتم اتخاذ خطوات-وإن تكن متواضعة- في أنحاء البلاد.

وفي أعقاب استقالة مسؤول حكومي في ولاية كاليفورنيا على خلفية دخل كان يجنيه من المحاضرات والخطابات العامة، أصدر حاكم الولاية أرنولد شوارزنغر أمرا يقضي بزيادة الشفافية ومحاسبة المسؤولين وذلك من خلال نشر استماراتهم المالية على موقع الحاكم الإلكتروني.

وفي ولاية ساوث داكوتا، أنجزت الهيئة التشريعية الخاصة بالولاية مؤخرا إصلاحا شاملا لقوانين السجلات العامة تضمن متطلبات نشر المعلومات على شبكة الإنترنت وجعلها متوافقة مع محركات البحث على الشبكة.

ويأمل دعاة الحكومة المنفتحة أن يفضي تعهد أوباما بجع? الحكومة الفدرالية أكثر شفافية  إلى تحسين ممارسات حكومات الولايات والحكومات المحلية.

واختتمت دبرا هرنانديز حديثها قائلة: "بالتأكيد، أنه عندما يتعلق الأمر بالجهد والمضي قدما فالفضل الأكبر يعود إلى الرئيس الأميركي الذي يدفع الأمور إلى حد كبير؛ فالتحرك كما نعلم يبدأ من القمة."

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 10/آب/2009 - 18/شعبان/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م