تربية الاطفال بين الرعاية المطلوبة والاهمال

علي حسين عبيد

 

شبكة النبأ: عندما تسعى امة او شعب من الشعوب الى مواصلة التكاثر لزيادة السكان عبر التوالد المتواصل، فإن ذلك ينم عن حاجة لسد النقص في العنصر البشري، غير ان المشكلة لا تنحصر في النقص السكاني لهذا الشعب او تلك الامة، بل في نوعية المنتج البشري، بمعنى آخر ما هي نوعية الانسان الجديد الذي تسعى لانتاجه الامة او الشعب، فإذا كان القصد لزيادة الكم فهذا شأن آخر أما اذا كان المقصود تحسين النوعية البشرية فهذا شأن آخر أيضا، وهنا سيبرز التساؤل التالي، ما فائدة التكاثر البشري اذا كان يشكل خللا ما في الوجود؟ بكلمة أخرى: لماذا يصرّ الناس على التزاوج والانجاب في حال كان المنتج البشري سلبيا او ذا نزعة شريرة لا تخدم الانسان وطموحاته المتعددة؟.

إذن سنصل الى اجابة مؤكدة تقول بأن التكاثر يجب ان يكون مشروطا بالمنتج الايجابي، أي اننا عندما نزيد الكم البشري فوق الارض علينا ان نحسب مقدار الفائدة التي سترافق الوليد الجديد، إذ لايُعقل ان الانسان يبحث عن زيادة فصيلته فوق الارض من دون فائدة، ويبدأ مثل هذه التفكير في العائلة المؤسسة حديثا ويظل قائما في العوائل المخضرمة، حيث يرغب الزوجان بالحصول على طفل ذي مواصفات جيدة ومتطورة في العادة، فكلنا نريد طفلا (من كلا الجنسين) ذكيا حيويا موهوبا لكي يرفع من شأنه وعائلته في الحياة، وهذا التصور ستجده لدى عوائل الشعوب والامم جميعا، وبهذا سنصل الى استنتاج واضح بأن العالم البشري كله يطمح الى الأفضل، وهو توجّه مغروس في الذات الانسانية منذ أن وطأ الانسان المعمورة.

ولكن ما هي مقومات تحقيق هذا الطموح، بمعنى هل سيأتي الطفل متكاملا وحاملا للمواصفات التي تؤهله لتلبية رغبات عائلته في تحقيق الطفرة الوراثية او السلوكية المرتقبة؟.

ان العلماء من ذوي الشأن رأوا ان طفلا من النوع الذي تحدثنا عنه في صدر هذا المقال لا يمكن أن يتحقق على ارض الواقع من دون عناصر او مقومات أساسية تتوزع على جانبين:

الأول: المقوم التربوي المكتسَب.

الثاني: المقوم الوراثي. 

بمعنى أكثر وضوحا، ان نشأة الطفل في محيط ما هي التي ستسهم بشكل فاعل في تحديد شخصيته ومستقبله، يُضاف إليها العامل الوراثي الذي يسهم بحدود ما في تشكيل الشخصية الانسانية، ولكن يميل غالبية المختصين الى ان المقوم المكتسب له قصب السبق في تحديد سمات الشخصية واعطائها مواصفاتها المحددة وفقا للمحيط الذي نشأت فيه.

من هنا تشخص امام ابصارنا وافكارنا معا أهمية تربية الغرس الجديد، وهم أطفالنا، وامتدادنا الى ما شاء الله، وهنا يرى الدكتور رسبوك من الولايات المتحدة في مؤلَفه (تربية الابناء في الزمن الصعب/ ترجمة منير عامر) يرى ان الوليد الجديد هو ناتج لحظات حب وتوافق بين الزوجين مهما كانت طبيعة العلاقة القائمة بينهما في السلب  او الايجاب، لأن الطفل (كما يرى رسبوك ونحن نتفق معه) لم يأت نتيجة حالة اغتصاب بل جاء في لحظات توادّ وتحاب وتوافق بين الزوجين، ولذلك يرى الدكتور رسبوك في الحب بأنه (القدرة على الرعاية) وبهذا فإن الرعاية هي جوهر الحب، حيث يتطلب الوليد الجديد رعاية من طراز خاص من لدن الأبوين، على ان يتواصل الخط البياني لهذا السلوك الأبوي صعودا حتى يشتد عود الانسان ويصبح قادرا على الوقوف بقوة في وجه أمواج الحياة التي لاتتوقف حتى نهاية العمر.

ولذلك تبقى الرعاية هي المرتكز الأساس في جميع العلاقات الانسانية على تنوعها وتعدد سماتها وخصائصها، وهنا نطرح رؤيتنا في هذا الجانب بالنقاط التالية:  

1-  رعاية الزوجين لبعضهما بصورة حقيقية هي الحجر الاساس في بناء الأسرة الناجحة التي تقود الى بناء مجتمع ناجح.

2-  رعاية الأبوين لطفلهما تدعيم لنجاح الاسرة ومقوم مهم لتطوير المجتمع  ونجاحه .

3-  الموازنة بين الاستجابة والرفض فيما يتعلق بطلبات الطفل او عناصر العائلة.

4-  التركيز على عوامل النجاح في شخصية الطفل، وتنمية ميوله الايجابية ومواهبه ومراقبة تطورها من لدن الأبوين.

5-  إعطاء عنصر الاستقلالية والثقة بالنفس اهمية قصوى .

6- تشجيع الطفل على مواجهة المواقف الصعبة بالتعامل السليم معها وتطوير قابلية الصبر لديه، على ان يتم ذلك بالتجربة العملية وليس بالقول وحده.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 8/آب/2009 - 16/شعبان/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م