يتمتع حميدان القصاب بقدرة عجيبة على افتعال المشاجرات مع زملاء
العمل في جوبة الاغنام القديمة ومن المعتاد ان تؤدي مشاكله تلك الى
معارك طاحنة تتمخض عن طعن اكبر ابنائه بسكين او ساطور يقوم على اثرها
حميدان بتسجيل دعوة قضائية في مركز الشرطة لاستحصال حق جبار بصورة
قانونية الا انه غالبا ما تنتهي تلك الدعاوى القضائية الى تسويات وحلول
عشائرية يدفع فيها من اعتدى على ال حميدان مبلغا من المال يتقاسمه بفرح
غامر كل من حميدان وولده الاكبر جبار.
وقد اعتاد حميدان القصاب ان يطالب في ما تعرف بجلسة الحق مبلغا
مبالغا فيه من المال كتعويض لدماء جبار المهدورة في ساحة الجوبة تحسبا
لتكتيكات المفاوضات الشاقة التي تتبعها بعض العشائر المعتدية على
المجني عليه بغية تخفيض قيمة الفصل المطلوب كحق للضحية الى اقل حد ممكن
, ومن ابرز تلك التكتيكات المتبعة في مثل هذه الامور ما تُعرف بالتماس
السادة ومنها التماس طبرة علي نسبة الى سيف الامام علي عليه السلام
وتعني طبرة علي هذه بحسب الخبراء في حيل والاعيب المشيات تعني قسمة
مبلغ الفصل المقترح الى نصفين متساويين بقصد اهمال احدهما والتفاهم حول
الاخر.
وعندما توفي حميدان تنحى جبار جانبا عن الدخول في مشاجرات عنيفة مع
باعة الاغنام والقصابين وورث عن ابيه عادة تسجيل الدعاوى القانونية ضد
من يقوم بين الحين والاخر بالعراك مع ولده الاكبر حميدان بسبب الاختلاف
حول من يذبح ويسلخ هذه النعجة او تلك الصخلة , الا ان حميدان الصغير
كان يشبه والده في كل شيء ماعدا قوته البدنية الهائلة التي ورثها عن
اخواله , هذه القوة التي انقلبت شرا مستطيرا على والد واعمام حميدان ,
فبدلا من اخذ نقود الاخرين كان جبار مجبرا في غالب الاحيان على دفع
قيمة الفصل العشائري المقرر جزاء لما احدثته لكمات حميدان من كسور
ورضوض في فكوك وانوف ابناء العشائر الاخرى واصبح من المالوف ان تسمع
جبار يردد بعد كل معركة ضارية يخوضها ولده حميدان ضد زملائه في الجوبة
:انهجم بيتي وعلي بن ابي طالب , وفي تغيير غير مسبوق عمد حميدان الى
استخدام السكين عوضا عن كفيه ورجليه في معركة جمعته مع قصاب لايقل عنه
من ناحية فتل العضلات وتوجيه اللكمات وانتهت المشاجرة بجرح مميت تسببت
به سكينة حميدان في احشاء خصمه العنيد , الغريب ان عائلة المجني عليه
لم تكن تشبه عائلة الجاني من حيث الولع بتحويل الدعاوى القانونية الى
عشائرية , بل تمسكت بحقها القانوني بحجة ان اي مبلغ من المال لايمكن ان
اموال الدنيا جميعها لا تساوي قطرة دم تسيل من احد ابنائها.
الاغرب من ذلك ان بيت جبار وابنه حميدان لم ينهجم هذه المرة بل
ازداد تماسكا وقوة فبالاضافة الى عدم دفع اي مبلغ من المال لعائلة
الضحية عاد السجين حميدان جبار حميدان بهمة اكبر من ذي قبل الى مزاولة
مهنته في ذبح وسلخ الصخول وممارسة هواياته في كسر انوف وفكوك الناس
وتزويد الجهات الامنية بمعلومات سرية عن الارهابيين والمجرمين
والمتجاوزين على حقوق الناس... |