تقرير إعمار العتبة العلوية المقدسة

تبديل أرضية الصحن الشريف وجدران الأواوين وإعادة حزام القبّة المقدسة

تقرير: علي فضيلة الشمري

 

شبكة النبأ: أشرفت الكوادر الهندسية في العتبة العلوية المقدسة على مشروع تبديل أرضية الصحن الشريف وجدران الإيوانان بمرمر الثاسوس الأبيض والمشابه لما موجود في بيت الله الحرام، ليكون ‏بديلاً عن المرمر السابق بما يحمله من مواصفات عالية تلائم جو المدينة وطبيعة الموقع المستخدم فيه..

وتزامناً مع الولادة الميمونة لأمير المؤمنين (ع) أعادت الكوادر الهندسية والفنية في العتبة المقدسة حزام قبة أمير المؤمنين (ع) إلى محيطها من جديد بعد أن عانت من الرفع المجحف منذ عام 1986م من قبل النظام الدكتاتوري السابق.

فضلا عن نشاطات إعمار واسعة النطاق تشمل كل ما هو على صلة بالعتبة العلوية المقدسة نتابعها عبر تقرير (شبكة النبأ) التالي:

تبديل أرضية الصحن الشريف وجدران الإيوانات

أشرفت الكوادر الهندسية في العتبة العلوية المقدسة على مشروع تبديل أرضية الصحن الشريف وجدران الإيوانان بمرمر الثاسوس الأبيض والمشابه لما موجود في بيت الله الحرام، ليكون ‏بديلاً عن المرمر السابق بما يحمله من مواصفات عالية تلائم جو المدينة وطبيعة الموقع المستخدم فيه، ‏حيث أن خاصيته الأساسية تتمثل في كون درجة حرارته تقل عن درجة حرارة الجو المحيط بـ ‏‏14 درجة مئوية.‏..

ومولت هيئة الإعمار في محافظة النجف الأشرف والعتبة العلوية المقدسة هذا المشروع والذي بوشر فيه في منتصف شهر أيار من العام 2008م وأكمل العمل فيه في شباط من العام 2009م.

وقد بلغت تكلفة العمل قرابة ‏المليارين ونصف المليار دينار بالنسبة لأرضية الصحن الشريف، أما بالنسبة ‏لجدران الإيوانان فقد كانت الكلفة التخمينية (525000000) دينار، فيما أضيف للمشروع ‏مبلغ (110000000) دينار تقريبا سددت من خلال العتبة، لإنجاز جدران الصحن الشريف ‏بنفس قياسات المرمر السابق.‏

هذا وقد باشر مجموعة من المقاولين وباشراف الكوادر الهندسية في العتبة المقدسة لتنفيذ هذا المشروع ‏الذي تطلب مواصفات خاصة في التنفيذ وبمتطلبات دقيقة يجب تحضيرها ‏قبل الشروع بإكساء أرضية الصحن الشريف وجدرانه به وكان أهمها:-‏

أولاً: إن يتم الإكساء على أرضية من صبة كونكريتية بمفاصل تمدد ومواصفات تلائم نوع المرمر  ‏المطلوب من جهة وأهمية المكان وطول عمر المرمر من جهة أخرى.    ‏

ثانياً: يجب أن يكون موقع عمل المرمر بدرجات حرارة لا تزيد عن 35 درجة مئوية.‏

ثالثاً: يتطلب عمل هذا النوع من المرمر دقة عالية في التنفيذ والمعالجة  النهائية للحفاظ  عليه برونقه ‏الأبيض الجميل.‏

رابعاً: بما أن هذا النوع من المرمر يحتاج إلى دقة في عمله ومواصفاته، فلذا يتطلب الاعتماد على فنيين ‏بمهارات خاصة وعالية لتنفيذه.

هذا وقد تخلل العمل ‏مجموعة من المعوقات تم معالجاتها ‏ومن أبرزها:‏

أولاً: ضرورة بقاء المرقد الشريف مفتوحاً أمام الزائرين، مع توقف العمل بشكل تام إثناء المناسبات ‏الدينية المختلفة.‏

ثانيا: وجود سراديب الدفن القديمة وأماكن الدفن المفردة التي لابد من معالجتها وفق الضوابط ‏الشرعية من جهة، والهندسية من جهة أخرى، ليتم الحفاظ على حرمة المدفونين مع توفير المتطلبات ‏الهندسية اللازمة، وتم ذلك باستعمال الرمل النظيف قرب أماكن الدفن مع استعمال الحصى الخابط ‏لفضاء السرداب الوسطي، وقد تطلب ذلك الدقة في العمل من جانب وعدم استخدام الآليات إلا ‏بشكل محدود، بل الاعتماد على عمال فنيين ذوي خبرة من جانب أخر.‏

ثالثاً: العمر الكبير لبناء العتبة، حيث إن العتبة بعمر يناهز الأربعمائة عام، فلابد أن يكون  العمل من ‏الدقة بمكان ما يجعله مؤهلاً ليبقى عمراً أطول مما هو طبيعي، وهذا يشكل مطلباً أساسياً يجعل الكلفة ‏المادية للعمل والوقت في المرتبة الثانية رغم أهمية الأخير.‏

رابعاً: أجراء الدراسات التحليلية الهندسية وغيرها، فمع ظهور الكهوف والمقابر ومعالجتها أصبح لزاماً ‏إجراء دراسة تحليلية هندسية دقيقة للأحمال المتوقعة فوق الصبات الكونكرتية المسلحة المطلوبة تحت ‏المرمر تضع في حسابها الفجوات والكهوف، بتوصيات ووصف دقيق للصبة المطلوبة آخذين بنظر ‏الاعتبار كل احتمالات الأحمال التي ستتعرض لها، (مضافاً إلى كون المرمر بسمك 5سم)، مع حساب ‏كل التوقعات المستقبلية لما يستحدث لاحقاً من توزيع لمجاري المياه في محيط الصحن أو مسالك ‏الكهرباء أو الاتصالات أو أية اعتبارات أخرى من خدمات وغيرها قد يتطلبها الصحن الشريف في ‏القادم من الزمن مع الأخذ بنظر الاعتبار مشروع تظليل الصحن الشريف مستقبلاً بمظلات مشابهة لما ‏موجود في الحرم النبوي الشريف.‏

خامساً: هناك بعض المعوقات حصلت في شراء المرمر المطلوب، فمنذ بداية المشروع شرع المقاول ‏بالإجراءات اللازمة لتجهيز المرمر من منشأه الأصلي (اليونان) لضمان النوعية بمواصفاتها الأساسية ‏وذلك لصعوبة الحصول على تأشيرة دخول للدول الأوربية من جهة ومصداقية التعامل مع المجهز ‏الأجنبي من جهة أخرى, وبعد جهد غير قليل، وحسب طلب العتبة، تم تزويدها باسم الشركة المجهزة ‏ليتم التحقق منها قبل التجهيز،وهذا لم يعفي المقاول من تدقيق مواصفات الكميات المجهزة للعتبة من ‏قبل الكادر الهندسي  فيها وفق المواصفات المحددة. وقد كان تجهيز المرمر مشكلة حقيقية في المشروع ‏كونه فقرة استيرادية ومن دولة أوربية.‏

سادساً: ظهرت مشكلة أخرى أثناء العمل، تمثلت بارتفاع درجات الحرارة، حيث تمت المباشرة ‏بأعمال التطبيق بالمرمر الجديد في شهر أيار، وعلى ضوء ذلك كان لابد من تهيئة الأجواء المطلوبة ‏للعمل بدرجة حرارة لا تزيد على 35 درجة مئوية، وتم ذلك من خلال تغطية مكان العمل بشكل ‏محكم مع وضع مكيفات الهواء والمبردات لتوفير الجو المناسب للعمل بالمواد المستعملة في التطبيق.

من الجدير بالذكر ان ارضية الصحن الشريف كانت قبل هذا المشروع ولسنين طوال يكسوه مرمر من نوع رديء ورخيص سيء التنفيذ، ‏بحيث لا يصلح هذا المرمر أن يبقى كأرضية لمثل هذا المكان المقدس. وقد كسيت أرضية الصحن بهذا ‏المرمر في نهاية السبعينات أو بداية الثمانينات من القرن ‏الماضي بنوع من المرمر العراقي المسمى ‏كاريخان وكان لهذه الأرضية ‏الكثير من المشاكل كسمك المرمر القليل البالغ(3 سم) أو أقل من هذا ‏‏السمك ورداءة نوعيته، مما أدى إلى تكسر مساحات واسعة منه وانخفاضها.. هذا ‏فضلا عن التفاصيل ‏الأخرى التي كانت تحت هذا المرمر، فبعد رفعه عن الأرضية ظهرت لنا طبقة الخرسانة المتآكلة ‏والعديد من التخسفات ‏بسبب كثرة المقابر الموجودة تحتها.. لذلك كانت أرضية الصحن الشريف ‏غير مستوية وتتفاوت بين مكان ‏منخفض وآخر مرتفع وكان قسم الخدمات يعاني كثيرا في ‏تنظيف ‏الصحن خاصة أثناء الزيارات، مع عدم إمكانية استخدام الأجهزة الكهربائية في التنظيف.‏

لذا تطلب قبل البدء بالعمل وضع خطة مدروسة، ابتدأت برفع المرمر ‏القديم كخطوة أولى، وفق تقسيم مدروس لفضاء الصحن الشريف البالغ مساحته (4428)م2، فيما ‏كانت مساحة الإيوانات تبلغ (378) م2، والجدران كانت بمساحة (571.86) م2. وبعد رفع ‏المرمر والصبّات القديمة كانت هناك طبقة الحجر الأبيض المستعمل في تطبيق أرضية الصحن الشريف ‏قديما تم الاحتفاظ بقطع منها لتكون ضمن معروضات متحف العتبة لاحقا. كما تم العمل على معالجة ‏أرضية الصحن الشريف للحفاظ على المقابر ‏الموجودة من خلال وضع طبقة من الكونكريت المسلح ‏‏(فوقها لتعمل ‏كسقف للمقابر التي تحتها) حيث تم حساب هذا الطبقة بعد دراسة ‏متكاملة من قبل ‏الدكتور حيدر الدامرجي (أستاذ في كلية الهندسة جامعة ‏الكوفة) بدراسة متكاملة تضمنت حوالي 60 ‏صفحة من خلال استخدام ‏الكمبيوتر حدّد لنا التسليح وسمك الخرسانة المناسبة في هكذا حالة وبعد ‏ ‏إنجاز معالجة السراديب والقبور وإنجاز العمل، تم تأهيل وتطوير الآبار وشبكة المجاري داخل الصحن ‏الشريف, ومن ثم المباشرة بأعمال تطبيق أرضية الصحن بالمرمر وبآلية يتم من خلالها تقسيم الصحن ‏الشريف وفق المتطلبات الهندسية إلى مساحات بمفاصل تمدد بقياسات (10م×10م) وكل مساحة ‏تنجز يتم تغطيتها بغطاء من النايلون الزراعي، ثم نسيج من المادة المستعملة في الأكياس، ثم مادة الجص ‏للحفاظ على المرمر لحين إكمال مساحة الصحن الشريف بالتطبيق كاملاً ليتم رفع كل هذه الأغطية ‏مرة واحدة. وكمرحلة نهائية وبعد انجاز تطبيق الصحن الشريف بالكامل تتم معالجة المرمر بمواد ‏طلائية خاصة للمحافظة عليه أطول عمراً وبأفضل مواصفات هندسية. وأما مرمر الإيوانات والجدران ‏فقد كان بسمك 3سم، ويزين الجدران من الأعلى قاب بارتفاع 15سم وبنفس نوعية مرمر أرضية ‏الصحن.‏

إعادة حزام قبّة أمير المؤمنين (ع) إلى محيطها من جديد

تزامناً مع الولادة الميمونة لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) أعادت الكوادر الهندسية والفنية في العتبة العلوية المقدسة حزام قبة أمير المؤمنين (ع) إلى محيطها من جديد بعد أن عانت من الرفع المجحف منذ عام 1986م من قبل الأنظمة الدكتاتورية السابقة.

 وقد باشر المختصون الإيرانيون بتثبيت قطع الحزام وبإشراف دكتور اختصاص في أعمال ترميم الآثار. وقد وضعت بداية حزام القبة في جهة باب الطوسي بعد البحث في الصور القديمة. ومن الجدير بالذكر أن المشروع بوشر به بتاريخ 13/12/2008 بعدما تم إجراء التطويرات اللازمة من خلال تدعيم الحزام القديم بالذهب. ويذكر أن الحزام يبلغ طوله (51،77) متراً وبارتفاع (1،5) متر، ويتكون من قطع نحاسية بارتفاع (48،5) سم مكتوب عليها سورة الفتح بحروف نحاسية بارزة مطلية بالذهب وطليت أرضيتها بالميناء الأزرق وبعدد (376) م يحيط بها من الأعلى والأسفل شريط مكون من قطع نحاسية بعرض (24) سم، كتب عليها شعر بحق الإمام علي (ع) باللغة الفارسية والتركية وبعدد (417) قطعة، وربطت قطع الحزام مع بلاطات القبة في الأعلى بقطع نحاسية بشكل منحني مطلية بالذهب أيضاً.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء 5/آب/2009 - 13/شعبان/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م