العُملة الخضراء تواجه سيناريوهات مُظلمة

مستقبل الدولار تهدده الديون واليوان الصيني

اعداد: صباح جاسم

 

شبكة النبأ: أعربَ محللون ماليون عن قلقهم حيال مستقبل الدولار في الأشهر المقبلة، مبدين خشيتهم من سيناريوهات مظلمة تنتظر العملة الأمريكية خلال أشهر الصيف لأسباب محلية ودولية، وذلك رغم الانتعاش المحدود الذي أبداه الدولار في التداولات أمام العملات الصعبة الأخرى.

وعدّدَ الخبراء عجز الموازنة وارتفاع الدين العام الأمريكي وتحذيرات الصين من اللجوء إلى عملة احتياط جديدة على أنها المخاطر الرئيسية التي تهدد أسعار الدولار، إلى جانب القلق حيال احتمال اضطرار واشنطن لضخ المزيد من الأموال في السوق، إذا اتضح أن الانتعاش الحالي ليس أكثر من "قفزة قط ميت" وفق المصطلحات الاقتصادية.

ومنذ مارس/آذار الماضي، فقد الدولار 11 في المائة من قيمته أمام اليورو، وتراجع 17 في المائة أمام الجنيه الإسترليني، وذلك بعدما بدأت المحافظ الاستثمارية التي استخدمت الدولار كملاذ آمن في أصعب لحظات الأزمة المالية العالمية بمغادرته للعودة إلى البورصات وأسواق السلع، مع استقرار الاقتصاد الدولي. بحسب تقرير لـ مجلة "تايم."

كما أن بين أسباب "هجر" المحافظ الاستثمارية وصناديق التحوط للدولار حالة القلق التي تسود الأسواق جراء ارتفاع الدين العام وعجز الميزانية الأمريكية، إلى جانب ما أثاره طرح الصين حول ضرورة البحث عن عملة احتياط عالمية بديلة عن الدولار.

وفي هذا السياق، قال سايمون ديريك، رئيس قسم أبحاث النقد في فرع مصرف "نيويورك مالون" بالعاصمة البريطانية لندن إن الترجيحات: "تصب في خانة استمرار تراجع أسعار صرف الدولار وتواصل تعرضه للضغط."

ويلفت ديريك إلى أن صعود الدولار بنسبة 25 في المائة أمام اليورو في الأشهر التي سبقت مارس/آذار الماضي يعود جزئياً إلى "قلة جاذبية" العملات الأخرى، غير أنه يشدد على أن ذلك الأمر قد انتهى، وإن كان الدولار ما يزال قادراً على تحقيق مكاسب محدودة إن تواصلت البيانات الاقتصادية السلبية في الولايات المتحدة.

وتتزامن هذه الضغوطات التي يتعرض لها الدولار مع تحسن في أسواق المال ببعض الدول النامية، وعلى رأسها الصين، التي ارتفع مؤشر "شنغهاي" فيها بنسبة 63 في المائة منذ مطلع العام.

اليابان تدعم الدولار كعملة رئيسية للاحتياطيات العالمية

من جهة ثانية قال مسؤول ياباني كبير انه ينبغي للدول الكبرى دعم الدولار باعتباره العملة الرئيسية الدولية رغم أن دولا صاعدة ربما تناقش مقترحات بشأن عملة جديدة للاحتياطيات العالمية على هامش قمة مجموعة الثماني الاسبوع القادم. بحسب رويترز.

وقالت مصادر بمجموعة الدول الثماني لرويترز، ان الصين طلبت مناقشة مقترحات بشأن عملة جديدة للاحتياطيات العالمية خلال قمة المجموعة مع مجموعة الدول الخمس الصاعدة الرئيسية المقررة في ايطاليا الاسبوع المقبل. ودفعت تلك الانباء الدولار الى أدنى مستوى في ثلاثة أسابيع يوم الاربعاء.

لكن يويتشي سوزوكي المدير العام بمكتب الشؤون الاقتصادية التابع لوزارة الخارجية اليابانية قال ان اليابان تعتقد أنه سيكون من الصعب أن تحل عملة أخرى محل الدولار كعملة للاحتياطيات العالمية وان بلاده تعارض أي تحرك من شأنه أن يضعف وضع الدولار بشكل غير ضروري.

وأضاف سوزوكي وهو أحد المنسقين اليابانيين الرئيسيين للقمة في مقابلة مع رويترز "موقف اليابان هو أنه ينبغي للدول الكبرى دعم الدولار."لن يفيد أي دولة ان تتحدث بشأن أفكار بخصوص عملة رئيسية عالمية جديدة وهو ما من شأنه أن يضعف الدولار."

واعتبر أن فكرة يروج لها البنك المركزي الصيني بأن حقوق السحب الخاصة التي يصدرها صندوق النقد الدولي يمكن أن تحل في نهاية المطاف محل الدولار باعتبارها العملة الرئيسية للاحتياطيات العالمية هي فكرة غير واقعية.

واليابان مهتمة باستقرار الدولار من أجل تجارتها مع الدول الاخرى وأيضا لأن غالبية احتياطياتها الاجنبية البالغ حجمها تريليون دولار - وهي ثاني أكبر احتياطيات في العالم - مودعة في اصول مقومة بالدولار.

الصين تُطلق برنامجا للتجارة بعملتها الوطنية اليوان

وأعلنت الصين أنها أطلقت برنامجا تجريبيا يتيح لها المتاجرة مع الدول المجاورة عن طريق استخدام عملتها الوطنية "اليوان"، والمعروف أيضا بـ "رينمنبي". وقد وقَّعت ست شركات، ومقرها مدينة شنغهاي، عقودا مع نظيراتها في كل من هونج كونج وأندونيسيا، وذلك لتسوية الصفقات فيما بينها بالعملة الوطنية اليوان.

ووفقا للبرنامج الجديد، فإنه إذا ما توافرت الأموال باليوان لدى طرفي عقد تجاري ما، فلن يكون هناك ثمَّة داعٍ لدخولهما السوق العالمي للعملات من أجل الدفع وتمويل الصفقة.

ويقول مسؤولون تنفيذيون صينيون إن من شأن البرنامج الجديد أن يوفِّر الكثير من التكاليف، كما أنه قد يجهض تلك المخاطر التي تنجم عادة عن معدَّلات صرف العملات.

يُشار إلى أن معظم معاملات التجارة الخارجية للصين تُسوََّى الآن بالدولار الأمريكي، أو باليورو، إذ يظل المصدِّرون عرضة لتقلُّبات وتذبذبات معدَّل سعر صرف تلك العملات.

ويُذكر أن اليوان هو عملة غير قابلة للتحويل في الوقت الراهن، وذلك على غرار العملات الصعبة من قبيل الدولار، إذ لا يمكن تحويله بحرية ويسر، نظرا للقيود الكثيرة عليه.

يجب أن يكون للبرنامج أثر محدود على قيمة اليوان في المرحلة الأولية، وذلك نظرا للقيود الرسمية المفروضة عليه، فالشركات تحتاج إلى الوقت لكي تألف الإجراءات.

ويقول المراقبون إنه حتى عندما يجري توسيع البرنامج الجديد، فقد يؤدي إلى تعزيز العملة الوطنية الصينية وتقويتها.

ونُقل عن المحلل في مجال العملات في مصرف تجار الصين في شنزين، ليو دونجليانج، قوله: "يجب أن يكون للبرنامج أثر محدود على قيمة اليوان في المرحلة الأولية، وذلك نظرا للقيود الرسمية المفروضة عليه ، فالشركات تحتاج إلى الوقت لكي تألف الإجراءات."

وأضاف بقوله: "لكن، مع التوسع على المدى البعيد، فسوف يزيد الضغط على اليوان لكي يحسِّن من قيمته، وذلك في الوقت الذي يتعزز الوضع الدولي للعملة الوطنية الصينية.

يُشار إلى ان بكين كانت قد كشفت عن البرنامج الجديد في الخامس والعشرين من الشهر الأخير من العام المنصرم، إذ قالت إنها ستسمح بإجراء بعض معاملاتها التجارية مع جيرانها بعملتها الوطنية.

وقد جاء الإعلان عن الخطة التجريبية في إطار حزمة من الإجراءات التي تهدف لمساعدة المصدِّرين على مواجهة الأزمة المالية الحالية.

ويُتوقع أن يظل تطبيق البرنامج الجديد مقتصرا على هونج كونج وماكاو خارج البر الصيني، وذلك بالإضافة إلى إقليمي شنغهاي وجواندونج.

لكن، من المُتوقع أن يتَّسع نطاق تطبيق البرنامج لاحقا، وبالتالي قد يُستخدم اليوان لتسوية المعاملات التجارية بين أجزاء من شرقي الصين (أي جواندونج ودلتا نهر اليانج تسي) ودول مجموعة الآسيان التي تضم بروناي وبورما وكمبوديا وأندونيسيا ولاوس وماليزيا والفلبين وسنغافورة وتايلاند وفييتنام.

وكان بنك الصين المركزي قد جدد دعوته الشهر الماضي لاعتماد عملة جديدة لاحتياطي البلاد المالي، وذلك لكي تحل مكان الدولار الأمريكي.

فقد قال تقرير صادر عن مصرف الشعب الصيني إن "عملة عملاقة مستقلة" يجب أن تحل محلَّه (أي مكان الدولار).

وكان محافظ البنك المركزي، زهاو جياتشوان، قد قاد الدعوات العلنية خلال الأزمة المالية لاستبدال الدولار الأمريكي كعملة لاحتياطي البلاد الضخم من الأموال.

ودعا التقرير الصادر عن المصرف المركزي إلى إدخال المزيد من الضوابط والإجراءات الرقابية المالية في الدول التي تُصدر عملات يمكن أن تقوِّض النظام المالي العالمي وتؤثر عليه بشدة.

وقال تقرير المصرف: "لقد كثَّف النظام المالي الدولي، الذي تهيمن عليه عملة مستقلة واحدة، عملية تركيز المخاطر وساهم في توسيع نطاق الأزمة."

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 3/آب/2009 - 11/شعبان/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م