نحن مع الائتلاف الوطني العراقي... ولكن؟!!

المحرر السياسي

 

شبكة النبأ: لم يبق الكثير على انطلاق التجربة الانتخابية النيابية الثانية لاختيار أعضاء مجلس النواب في دورته القادمة، ولهذا شرعت العديد من الكتل والاحزاب العراقية في تنظيم صفوفها ضمن تشكيلات جديدة تحاول ان تحصل على اكبر عدد ممكن من المقاعد في مجلس النواب القادم، ومن بين هذه الاستعدادات الحثيثة التي بدت واضحة في الحراك السياسي المتسارع هذه الايام، هو الوجه الجديد الذي أطلّ به الإئتلاف الوطني العراقي على الشعب إمتدادا للائتلاف الذي كان يحمل اسم الائتلاف العراقي الموحد.

ولعل المراقب يستطيع ان يقول ليس ثمة فارقا يُذكر بين التسميتين، فمفردة (الوطني) حلّت بدلا من (العراقي) وهما إسمان لمسمّى واحد، ولكن يبقى السؤال الجوهري القائم على ألسنة الشعب، إذا لم يكن الفارق كبيرا بين الاسم القديم والجديد للإئتلاف، فهل سيكون الفارق كبيرا في الاداء هذه المرة بين الدورتين الإنتخابيتين الاولى والثانية ؟ وهل ستتغير بعض الوجوه التي أساءت للائتلاف في الدورة الانتخابية الماضية ؟ وهل سيتم التستر على بعض المفسدين حتى لو كانوا من بين أعضاء الإئتلاف ؟!!.

إن الاجابة عن هذه الاسئلة بوضوح ومباشرة وعن أسئلة أخرى قد يطرحها آخرون لهم تأثيرهم في الكلمة الفصل لصناديق الاقتراع، هي التي ستحدد مدى الجدية التي خرج بها الائتلاف في تشكيلته الجديدة وفي الوقت نفسه سوف يتوضح حجم الفرصة المتاحة له في المشاركة بصنع القرار السياسي لأربعة أعوام قادمة.

وفي نظرة متفحصة للسنوات الاربع التي مضت ودور الائتلاف العراقي الموحد فيها، فإننا لا نستطيع أن نتغاضى عن الاخفاقات الكثيرة التي تسبب بها بعض اعضائه ولا يمكن ان نغض الطرف عن بعض الكفاءات الرديئة التي تسترت بإسم الائتلاف وأساءت له قبل ان تسيء لنفسها او للشعب، نعم تحققت جوانب ايجابية في هذا المجال وترسخت اسس التجربة الديمقراطية وتنامت العملية السياسية في العراق برغم ابشع السبل والوسائل التي ناوءت هذه التجربة العراقية الوليدة، نعم كان للاارهاب دوره في النيل من حقوق الشعب بقتله لآلاف العراقيين الابرياء من دون ذنب يذكر، ونعرف ان ثمة مخططات كبرى حاولت تدمير التجربة العراقية الجديدة وهذا ما يعيه العراقيون بوضوح، بيد أن هذا الامر لا يخفي الاخطاء الفادحة التي ارتكبها بعض اعضاء الائتلاف باسمه، ولعل تردي الخدمات وتفشي سرطان الرشا في خلايا الدوائر الحكومية والمحسوبية والاستحواذ على المناصب وما شابه شكّلت مثالب لا يمكن اغفالها من لدن الشعب.

لكن الامر ربما يُنظر إليه من زاوية أخرى مفادها، أن تجربة السنوات الاربع الماضية كانت بمثابة مرحلة التأسيس التي قد تنطوي على مثلبة هنا او اخرى هناك (مع أن التأكيد على أن تكون الأسس سليمة ينبغي أن لا يغيب عن البال) ومع ذلك لم يفت الأوان بعد، بمعنى ان الفرصة لا تزال متاحة لتصحيح المسارات الخاطئة التي وقع بها الائتلاف في السنوات الاربع الماضية، خاصة إذا تذكرنا أن الشعب العراقي كان ينتظر لحظة الفرج على مدى عقود متتابعة، ونقصد بها مسألة الخلاص من الانظمة الدكتاتورية التي كتمت انفاسه وتجاوزت على حقوقه المادية والمعنوية وأهانت إنسانيته وجردته من أبسط الحقوق، فكان الامل بالتغيير قائما مع انه يقترب من المستحيل، وحين حدث التغيير وحلّت ساعة الخلاص وجد العراقيون أنفسهم في فوضى لم تسجله مثلها الحقب الماضية من تأريخهم، ومع ذلك نقول إن الأمل لا يزال قائما أمام الائتلاف الوطني العراقي شريطة أن تُدرس تجربة السنوات الاربع الماضية بدقة وحصافة وأن تُستخلص منها الدروس التي تمنع الوقوع بأخطاء مشابهة لها، وفيما لو توافرت النوايا الصادقة مشفوعة ببرنامج سياسي واضح المعالم وقابل للتطبيق الفوري يتم عرضه على الشعب بوضوح، فإن الابواب لا تزال مشرعة امام القادة الوطنيين الذين يقصدون خدمة العراق قولا وعملا، ولغرض تصحيح المسارات الخاطئة للائتلاف ومضاعفة حجم الفرصة المتاحة له في المشاركة بصنع القرار، نقترح الخطوات التالية:

- التقدم ببرنامج عمل واضح المعالم وقابل للتطبيق الفوري مكرس لتحقيق الخدمات الاساسية التي يفتقد لها المواطن العراقي.

- إستقدام الكفاءات وتوظيفها لترصين وتنفيذ البرنامج الوطني.

- إبعاد العناصر التي تبحث عن منافعها الفردية أولا.

- إبعاد العناصر التي أساءت للائتلاف مهما كان حجم نفوذها او تأريخها او ما شابه.

- التقرّب من نبض الشارع ودراسة توجهاته واهوائه والعمل وفقا لها.

- التقرب من الشخصيات الدينية والاجتماعية والثقافية المؤثرة في عموم مدن العراق والتشاور معهم في شؤون ادارة المدن والبلاد عموما.

- عدم فرض شخصيات حكومية او قيادية من هذه المدينة على تلك وبالعكس (فأهل مكة ادرى بشعابها).

- تحويل مفردات البرنامج الخدماتي وغيره الى وقائع مجسدة على ارض يلمسها او يراها المواطن بعينه.

وبهذا يمكن أن يتواصل نمو التجربة السياسية الجديدة في العراق في المسارات الصحيحة التي تضمن لها الاستمرار والتنامي، ويمكن أن يكون للائتلاف الوطني الموحد دوره السياسي المميز فيما لو كان هدفه المواطن قبل أي شيء آخر. 

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 13/أيلول/2009 - 23/رمضان/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م