إعادة الألفة بين الإنسان وعلم الفلك عبر دراسة التاريخ

 

شبكة النبأ: مائة عام على افتتاح متحف العلوم في لندن، وأربعمائة عام على أول رسوم للقمر اعتمادا على المنظار الفلكي أو التلسكوب علي يد الفلكي الإنكليزي توماس هاريوت (1621 –1560)، وأربعون عاما على نزول أول إنسان على سطح القمر، واعتبارُ عام ألفين وتسعة عام الفلك الدولي، كل هذه المناسبات مجتمعة حدت بقسم الفضاء والفيزياء في متحف العلوم في لندن إلى افتتاح معرض خاص عن علم الفلك بعنوان الكون والثقافة.

المعرض الذي يستمر حتى عام ألفين وعشرة يسعى إلى إظهار كيفية رؤيتنا للكون واستكشاف دور علم الفلك في حياة الإنسان على مر القرون.

الكون والثقافة

الغاية كما تقول أليسون بويل مديرة قسم الفضاء والفيزياء في متحف العلوم ومنظمة معرض الكون والثقافة تتمثل أيضا في أن يرى عامة الناس أن علم الفلك لا يعني بالضرورة أشياء هناك بعيدة في السماء فحسب بل أيضا أشياء هنا قريبة بيننا على الأرض.

دكتور ريم تركماني مستشارة تنظيم المعرض والمختصة في علم الكواكب والمجموعة الشمسية في جامعة إمبريال كوليدج في لندن تقول إن علم الفلك وحياة الناس كانا متفاعلين ويؤثر الواحد منهما في الآخر عند عدد من الشعوب، وتضرب بالعرب في الجاهلية وبعد الإسلام مثالا فتقول إنه لأسباب مختلفة زراعية وتجارية وسياسية ودينية اهتموا بعلم الفلك، لمعرفة مواعيد الزراعة ورعي الماشية وجني المحاصيل و مواقيت الصلاة واتجاه القبلة والصوم والإفطار، وغيرها. بحسب BBC .

كان للعرب دور كبير في تطوير الأدوات الفلكية الموجودة قبلهم حتى أنهم اختروعوا أشياء أخرى.

العرب وعلم الفلك

الدكتورة ريم تركماني تقول إن العرب طوروا نظريات وأدوات الإغريق والهنود البدائية بشكل محترف ومتقدم جدا وشككوا في نظريات أرسطو حول مركزية الأرض بدلا من الشمس بالنسبة للكون بأسلوب علمي، وهو ما كان أرضية لعلماء الغرب مثل كوبيرنيكوس الذي صاغ نظريته التي نقضت النظريات القديمة..كل ذلك جاء اعتمادا على دراسات وأبحاث العلماء العرب والمسلمين حتى أنه لم يغير كثيرا من التصاميم والرسومات الفلكية التي اعتمد عليها وأخذها منهم كما هي.

وتضيف د تركماني أنه لولا أبحاث ابن الهيثم في الفيزياء والبصريات لما تمكن يوهان كبلر الألماني في القرن السادس عشر من الوقوف على أرضية صلبة لبحث القوانين التي تمكن غاليليو غاليلي استنادا إليها من رؤية نجوم مجهولة من خلال منظار كان ظل العالم العربي ابن الهيثم يطل من ورائه، ولولا دراسات علماء مثل الطوسي و البيروني و البتاني و الصوفي و ابن أفلح و ابن يونس و الكندي وغيرهم،لما وصل علم الفلك إلى ما عليه الآن.

حتى أننا لا نزال نرى تأثير الحضارة العربية والإسلامية واضحا في أسماء نجوم لا يزال بعضها مستخدمافي علم الفلك الحديث كالدب الأكبر والأصغر، الدبران، الميزان، الثريا أو الجمل الكبير، النجم قيس، الشعرى اليمانية الملقب الشراع العابر، الغول، الكور، الطير وفم الحوت وغيرها.

المعرض ضم الكثير من الأدوات الفلكية التي نعرفها،وغيرها مما لا يألف معظمنا اسمه –هذا إن سمع به أصلا- مثل الأزياج، التي تقيس حركة الكواكب ضمن استخدامات أخرى، والزيارجة والمحلقات ( ذات الحلقات) الخاصة بقياس سمت النجوم وخطوط الاستواء والعرض والطول ودائرتي الانقلابين الشتوي والصيفي، والإسطرلاب، والربع الحائطي والسمتي والمتنقل الإسلامي الخاص بقياس الوقت، وغيرها.

وعلى لوح معدني نحاسي دائري نلمح في إحدى أركان المعرض آيات من القرآن الكريم وكلمات بالعربية لا يعرف بالضبط تاريخ صنعها يعتقد أن الغاية منها كانت تحديد الأبراج والتنبؤ.

مناظير قديمة

كما ضم المعرض كتبا ومخطوطات فلكية أوروبية تعود إلى عصر النهضة، ونسخا مصورة وأخرى أصلية لرسومات هاريوت للقمر قبل أربعمائة عام وهي الأولى من نوعها في التاريخ، فضلا عن خريطة هاريوت الأًصلية للقمر التي وضعها عام 1610.

وبالطبع يعرض المعرض مناظير فلكية قديمة طورها غاليليو و نيوتن، وأخرى حديثة مرتكزة على تقنيات الفضاء مثل منظار جيت إكس الذي لم يقدر له أن يحلق خارج الأرض.

بعض المعروضات يعرض لأول مرة كما تقول منظمة المعرض أليسون بويل، مثل منظار جوسلين بيل الراديوي الذي استعملته عندما اكتشفت النجوم النيوترونية عالية المغنطة فيالستينيات من القرن العشرين.

كما يعرض أيضا منظار فيل شيفيردسون الذي صنعه في السبعينيات من القرن الماضي من قطع السيارات ومشاجب الملابس وعلب الفاصولياء!.

وفي إحدى نواحي المعرض نلمح مروحة نسائية مسماة المذنب العظيم والتي استوحيت من علم الفلك كدليل على تأثيره في الموضة والثقافة الشعبية.

كما يضم المعرض كتبا تظهر تأثير علم الفلك في أدب الخيال العلمي والتأثير المعاكس لأدباء هذا النوع الأدبي في تشجيع علم الفلك.

بالطبع لم يكن العرب والمسلمون وحدهم من أسهم في تطوير علم الفلك ونظريات الكون وتفاعل معه في شتى صنوف ومناحي الحياة اليومية، قبلهم كان البابليون والإغريق والصينيون والهنود والفراعنة والرومان، وبعدهم جاء فلكيو أوروبا عصر النهضة ليتسلموا لواء هذا العلم ممن سبقوهم وشقوا لهم الدرب نحو السماء المرصعة بالنجوم اللوامع في قبة الأعالي المتلألئة، فكان لمعم حضارات الأرض باعها في رفد هذا العلم وتطويره حتى تمكن الإنسان أخيرا من أن ينفذ عبر أقطار السماء بسلطان علمه الحديث وعلم الاقدمين قبله عبر أقطار السماء ويبدأ في رحلة استكشاف لا تنتهي لطلاسم هذا الكون العظيم.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 30/تموز/2009 - 7/شعبان/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م