تنظيم القاعدة في العراق والطبيعة الاستثنائية لأمريكا

وكالة المخابرات المركزية واسهامها في إعداد العناصر الجهادية

مركز النبأ الوثائقي*

 

شبكة النبأ: على خلفية علاقات المساندة والتآزر بين مراكز الدراسات الأمريكية والإعلام الأمريكي ومن ورائه الإعلام العربي، تتكشف حقيقة القاعدة التي يتم استخدامها عن قصد وبتخطيط إعلامي دقيق، من أجل صناعة العقول وذلك عن طريق البدء بـ"قصف العقول" بأخبار ومعلومات الخوف من القاعدة، ثم المباشرة بعد ذلك في قصف الشعوب.

ويظهر من خلال القدرة على صناعة الخوف والتحكم بحركة الاحداث في العراق نموذجا، حيث تعكس التطورات الامنية الاخيرة في العراق القدرة على التحكم بوهم القاعدة وحركة الحرب الامريكية، فقد قدم قادة امنيون كالجنرال ديفيد بيتريوس، قائد القوات الأمريكية في العراق من قبل تقييما ايجابيا حذرا بصدد التقدم في العراق، مشيرا إلى انخفاض العنف إلا انه حذر من أن تنظيم القاعدة في العراق يظل التهديد الأكبر.

من جهة أخرى كشفت أنباء بأن وكالة المخابرات المركزية الأمريكية بالتعاون مع القوات الأمريكية بتنفيذ واحدة من العمليات السرية المثيرة للاهتمام في المسرح العراقي وتقول معلومات أمنية  أن وكالة المخابرات المركزية الأمريكية نجحت في إحضار العشرات من العناصر الجهادية الأفغانية واستخدامهم في العمليات السرية التي شملت التفجيرات والاغتيالات وما شابه ذلك.

* معلومات سرية

تم الكشف في أمريكا عن تقرير يقول أن الشرطة العراقية قامت في عام 2007 وبطريق الصدفة بإيقاف شاحنة مزودة بمقطورة طولها 40 قدماً في منطقة جسر الكرادة ببغداد وعند قيام الشرطة العراقية بتفتيشها وجدوا بداخلها 30-40 من الأفغان التابعين لحركة طالبان.

أجرت عناصر الشرطة العراقية تحقيقاتها الأولية مع العناصر الأفغانية في جسر الكرادة وقد أكد الأفغان لعناصر الشرطة العراقية الآتي:

- تم إحضارهم من أفغانستان إلى العراق بواسطة القوات الأمريكية.

- تم تجنيدهم في أفغانستان بواسطة القوات الأمريكية.

- تقوم القوات الأمريكية في العراق بدفع رواتبهم وأجورهم.

- تم تكليفهم تنفيذ عمليات اغتيالات وتفجيرات ضد العديد من الأطراف العراقية.

- العمليات التي يقومون بتنفيذها يتم الإعلان عنها تحت غطاء عمليات تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين.

- العمليات التي يقومون بها كانت تتم كمقابل لعمليات جيش المهدي الشيعي خلال تلك الفترة.

كما أشارت التسريبات إلى أن القوات الأمريكية سارعت على الفور بالوصول إلى جسر الكرادة وأرغمت قوات الشرطة العراقية على القيام بالإفراج عن المقطورة وعناصرها الأفغان، ولم تكتف القوات الأمريكية بذلك وإنما جاء أحد كبار الضباط الأمريكيين وطلب من الشرطة العراقية إنهاء الموضوع بشكل فوري وعدم التطرق لذكره لا من قريب ولا من بعيد.

الجدير بالاهتمام تمثل في أن استخدام العناصر الأفغانية (السنية) الطالبانية لم يكن حصراً في العمليات الموجهة ضد الشيعة وإنما كذلك ضد القوات الأمريكية، وقد أشارت التسريبات إلى أن هذه العناصر الطالبانية المظهر كانت تشن العمليات ضد القوات الأمريكية بما يترتب عليه سقوط القتلى والجرحى في صفوف الأمريكيين وبعدها كان يتم عزو العمليات لتنظيم القاعدة في بلاد الرافدين.

إضافة لذلك أشارت التسريبات إلى أن المخابرات الأمريكية لجأت إلى التخلص من العديد من هذه العناصر بعد أن استنفدت أغراضها.

* تداعيات العملية السرية

يقول بعض الخبراء والمحللين الأمريكيين بأن المعلومات التي تشير إلى تورط ديك تشيني ومكتبه ووكالة المخابرات المركزية الأمريكية وقيادة القوات الخاصة الأمريكية لم تعد مجرد معلومات تتعلق بعمليات محدودة في منطقة معينة وإنما اتخذت طابعاً دولياً واسع النطاق.

أضافت المصادر الأمريكية أن إدارة أوباما لجأت إلى تجديد حصانة تشيني إلى ستة أشهر إضافية أخرى وحالياً هناك مخاوف أمريكية من احتمالات قيام القضاء في إحدى الدول الغربية الحليفة لأمريكا بإصدار مذكرة توقيف بحقه وتقول المعلومات أن تشيني ومكتبه من المحتمل أن يكونوا متورطين في اغتيال بنازير بوتو وليدفينينكو (ضابط المخابرات السوفيتي الذي اغتيل عن طريق إشعاع البولونيوم في لندن) والصحفيّة الروسية المعارضة لبوتين إضافة إلى العديد من الاغتيالات الأخرى التي تمت في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا!

الطبيعة الاستثنائية لأمريكا في العراق

يعتبر معهد المسعى الأمريكي المطبخ الرئيسي للسياسة الأمريكية في العراق، وعلى وجه الخصوص شبكة الخبراء التي يتزعمها فريدريك كاغان والتي تمثل فريق العمل الرئيسي لإ إنتاج وتوليد مبررات استدامة عملية احتلال العراق.

تقدم فرضية فريق معهد المسعى الأمريكي ومعهد دراسات حرب العراق التابع لمجلة ويكلي ستاندرد على أساس اعتبارات أن إستراتيجية زيادة القوات الأمريكية في العراق يمضي تنفيذها على قدم وساق وحققت النجاح وما هو مطلوب من الأمريكيين هو المزيد من الصبر وإتاحة الفرصة لإدارة بوش لكي تحقق النصر النهائي في العراق.

وتأسيساً على هذه الفرضية تتبنى جماعة المحافظين الجدد توصيفاً تاريخياً لتطورات وقائع الأحداث في المسرح العراقي على النحو الآتي:

- التطور الأول إفساح المجال أمام القيادة العسكرية الجديدة بقدوم الجنرال بتراوس.

- التطور الثاني إنفاذ قوة القانون عن طريق البدء في خطة تأمين بغداد.

- التطور الثالث: بروز صحوة الأنبار وإخراج تنظيم القاعدة من منطقة شمال غرب العراق.

- التطور الرابع انتهاء معركة ديالا.

- التطور الخامس الزيادة الحقيقية لعدد قوات الاحتلال الأمريكي وتحضيرات عملية «الرعد الخاطف.

- التطور السادس حرب الوكالة الإيرانية ضد الولايات المتحدة الأمريكية في العراق.

- التطور السابع عملية تأمين ديالا.

القراءة الفاحصة في التحليلات والمقالات التي نشرتها عناصر جماعة المحافظين الجدد في الصحافة ومراكز الدراسات الأمريكية تشير إلى أن هذه الكتابات من الممكن تصنيفها ضمن هذه التطورات "المفترضة" السبعة، وذلك لأن المضمون والمحتوى الذي تم طرحه ينسجم مع تسلسل الهيكلية التاريخية لأوضاع المسرح الحربي العراقي كما ينظر إليه الأمريكيون.

ثنائية الافتراض

صنعت جماعة المحافظين الجدد افتراض وجود أسلحة الدمار الشامل التي أدخلت الجماعة وزعماءها في مأزق حقيقي أمام الرأي العام الأمريكي والعالمي. وتفادياً لذلك، تقوم جماعة المحافظين الجدد هذه المرة باستخدام فرضية جديدة تتميز بقابليتها للتوظيف والاستغلال المستمر لأنها كلما تآكلت وبلي جسدها فمن الممكن بكل سهولة ترميمها وتبديل جلدها واستنساخها ليعاد إنتاجها مرة أخرى.

تركز المزاعم على فرضية أن العراق أصبح مركزاً لتنظيم «القاعدة» وبالتالي فإن أمام الإدارة الأمريكية إما البقاء والاستمرار حتى يتم القضاء على تنظيم «القاعدة» أو الانهزام والانسحاب وترك العراق بموارده ونفطه تحت سيطرة تنظيم «القاعدة».

على خلفية علاقات التآزر والمساندة، بين مراكز الدراسات الأمريكية الداعمة للاحتلال الأمريكي للعراق فإن مزاعم معهد المسعى الأمريكي ومعهد دراسات الحرب جاءت هذه المرة محمولة على صفحات تقرير مؤسسة جيمس تاون بـ"رصد الإرهاب" وذلك ضمن التحليل الأخير الذي أصدرته المؤسسة.

تقرير مؤسسة جيمس تاون

حمل التقرير عنوان القاعدة تكيّف أساليبها في العراق كجزء من إستراتيجيتها العالمية، ويشير على النقاط الآتية:

- انخفضت بشكل ملحوظ خلال الأشهر القليلة الماضية عمليات التمرد والإرهاب في العراق.

- الاستقرار الذي شهده العراق مؤخراً قد حدث بسبب الهزائم الكبيرة التي تعرض لها تنظيم القاعدة.

- يقوم تنظيم القاعدة حالياً بعملية تكييف نفسه بما ينسجم مع الواقع الميداني الجديد الذي تعيشه الساحة العراقية.

- تطبيق تنظيم القاعدة لقواعد اشتباك ميدانية جديدة تركز على تفادي الدخول في مواجهات مباشرة مع قوات التحالف.

* ماذا يقول الإعلام

من حين إلى آخر، وعلى شكل موجات منتظمة حيناً ومتقطعة حيناً آخر، تتدافع أجهزة الإعلام الأمريكية والعالمية ومن ورائها العربية في الترويج لتصريحات زعماء القاعدة حول العراق، وعن طريق التركيز المنهجي المدروس الذي يشدد على إبراز أن ما تتعرض له قوات الاحتلال الأمريكي في العراق هو حصراً من صنع تنظيم القاعدة، وعلى الجانب الآخر تحاول القوات الأمريكية بمساعدة قوات التحالف مساعدة العراقيين في القضاء عليه والسيطرة على استقلال وسيادة العراق من الوقوع في يد تنظيم القاعدة.

وعلى الصعيد السياسي تحميل تنظيم القاعدة المسؤولية عن عرقلة حركة "الصحوة" التي تتكون من العناصر القبلية والعشائرية التي استطاعت سلطات القوات الأمنية تحقيق هذا المشروع خلال الأشهر الماضية.

النسخة الدولية لإستراتيجية القاعدة

بعد أن استنفذت الصيغة الإقليمية لتنظيم القاعدة وبدأت في التآكل فقد قرر خبراء الحرب النفسية الأمريكية الشروع في مخطط جديد يقوم هذه المرة على أسلوب الهروب إلى الأمام. بكلمات أخرى، فقد نشر تقرير مؤسسة جيمس تاون ما أطلق عليه تسمية إستراتيجية تنظيم القاعدة العالمية، وتتضمن هذه الإستراتيجية النقاط "المفترضة" التالية:

- إن معركة القاعدة في العراق هي فقط جزء من معركتها الكبرى.

- يجب اللجوء إلى استخدام العديد من الجبهات في القتال والصراع.

تطبيق خطة جهادية من سبعة مراحل:

- المرحلة الأولى (2000 – 2001م):انتهت بغزو العراق وتأكد فيها فشل القدرات الإسلامية الماضية وبالتالي يجب الاعتماد على شن الحرب المتعددة الجبهات في المناطق البعيدة والمتطرفة.

- المرحلة الثانية (2003م – 2006م): وتمثل الصحوة الإسلامية لمواجهة الخطر الصهيوني.

- المرحلة الثالثة (2007م – 2010م): وهي المرحلة الحالية وتتضمن القيام بتعبئة وحشد الموارد والقدرات الجهادية.

- المرحلة الرابعة (2010م – 2013م): وتتضمن الدخول في مواجهات ضد الحكومات الموجودة حالياً في المناطق الإسلامية، بحيث يتم ليس القضاء عليها وحسب بل وإنهاك قدرات الولايات المتحدة وحلفائها.

- المرحلة الخامسة (2013م – 2016م): إعلان قيام الدولة الإسلامية التي سوف تسيطر على المناطق الإسلامية.

- المرحلة السادسة (2016م): شن الحرب الشاملة بين قوى الخير وقوى الشر.

- المرحلة السابعة: ولم يتحدد تاريخها بعد ولكنها تتضمن إحراز النصر المزدوج، والذي يتمثل في القضاء على قوى الشر وتعزيز قوة قوى الخير.

فالجزء الأخير من إستراتيجية تنظيم القاعدة العالمية أشار إلى صراع قوى الخير مع قوى الشر وانتصار قوى الخير في النهاية، ولكن بطريقة تمثل "مقلوب" نموذج صراع قوى الخير والشر الذي تتحدث عنه أطروحات جماعة المحافظين الجدد وروجت له إدارة بوش.

وهكذا، وعلى خلفية علاقات المساندة والتآزر بين مراكز الدراسات الأمريكية والإعلام الأمريكي ومن ورائه الإعلام العربي، تتكشف حقيقة القاعدة التي يتم استخدامها عن قصد وبتخطيط إعلامي دقيق، من أجل صناعة العقول وذلك عن طريق البدء بـ"قصف العقول" بأخبار ومعلومات الخوف من القاعدة، ثم المباشرة بعد ذلك في قصف الشعوب.

ـــــــــــــــــــ

المصادر:

وكالات + شبكة النبأ + موقع الجمل

...................................................................

  • مركز يقدم الخدمات الوثائقية والمعلوماتي للاشتراك والاتصال

www.annabaa.org

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 30/تموز/2009 - 7/شعبان/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م