المناهج الدراسية التكفيرية في الكويت تهدِّد وحدة الصف الوطني‎

الاتجاه التكفيري لايمثّل اغلبية اهل السنّة

 

شبكة النبأ: علّقَ عدد من النواب والأكاديميين على مواقف النائب محمد هايف من قضية زيارة القبور، وتعدّيه على المذاهب والعقائد لشريحة كبيرة من المسلمين.

فقد وصفَ النائب صالح عاشور الطرح الخاص بتحريم زيارة القبور وتكفير القائمين بذلك، وبأنهم مشركون، حسبما ورد في مناهج الصفّين الدراسيين (التاسع والعاشر)، بأنه موضوع حساس وخطير، ويتعلق بعقائد شريحة كبيرة في المجتمع، مضيفا، برأيي هو موضوع بسيط لكنه يشق وحدة الصف الوطني وعلينا الابتعاد عنه حفاظا على تماسك المجتمع واحتراما لجميع المذاهب، موضحا انه لطالما نادى بالغاء هذه الفقرات من منهج التربية الاسلامية.

وطالب عاشور في تصريح لصحيفة «الدار» بضرورة الاسراع بالتغيير حتى يتم تدارك خطورة مثل هذا الطرح اولا، وثانيا لأن الامر المطلوب تغييره وهو زيارة القبور واعتبارها من الشرك الاكبر وليس من اصول الدين ولا يتعلق بالعقيدة. بحسب موقع اباء.

من جهته اعرب النائب علي الراشد عن اسفه لهذا الطرح، مطالبا بضرورة التركيز على ما يجمع ولا يفرق، مؤكدا ان نقاط الالتقاء بين الطرفين اكثر من نقاط الاختلاف، ومؤكدا ان الدين لله.. والكويت للجميع.

أما النائبة د. معصومة المبارك فطالبت بالابتعاد عن المذهبية والعرقية، مشيرة الى ان الدستور كفل حرية الاديان، مؤكدة ضرورة الحرص على الوحدة الوطنية والتركيز على مايجمع يبن اطياف المجتمع في البلد الواحد، محذرة من اضاعة الوقت وتأجيج الفتنة الطائفية.

وعلى صعيد المفكرين والنشطاء السياسيين رأى استاذ العلوم السياسية بجامعة الكويت د. فارس الوقيان ان ما حدث بين هايف والنائب عدنان المطوع في الجلسة الاخيرة هو حصيلة تجاهل كل ما ننادي به من افكار وقيم.. مضيفا: حينما يصل النقاش الى هذا المستوى الفئوي، فإنني استطيع القول ان التعصب اصبح توجها رسميا وشعبيا في الكويت.

هايف: زيارة القبور شِرك.. والمطوع لهايف: اسكت ولا تتعد على مذاهبنا وأبنائنا

وكان النائب الكويتي المتطرف محمد هايف قد أعاد الى الواجهة مجددا اتهاماته لوزارة الاوقاف وما زعمه عن وجود افكار فاسدة فيها، مطالبا بإقالة كل من لديه مثل هذه الافكار.

وطالب هايف ايضا وزارة الاوقاف بأن تلزِم موظفيها بتبني ما تتبناه الوزارة فقط، مستغربا ومستنكرا ان يقال ان الطواف حول القبور هو لأجل طلب وتلبية حاجات، مضيفا: هذه امور عقائدية.. ومن يظهر ويخرج ويوجه بمثل هذه الافكار انما هو خارج عن اهل السنة والجماعة، وأضاف هايف انا لم اتحدث عن عقائد الاخرين ولكن الشريف تعدى على العقائد ولابد ان يوقف عند حده.. فقضية التوحيد والعقيدة مفهوم لا بد أن يتجسد في الامة.. ولا يمكن ان نسكت.. مشددا على انه يتكلم من منطلق العقيدة.. ولا يسمح لاحد ان يحجر عليه..

فما كان من المطوع إلا ان رد عليه بقوله: ان حرية العقيدة مكفولة دستوريا.. وليذهب هايف ليتعلم عقيدته بطريقته، فرد هايف بقوله: انا ادرى اكثر من عشرة من اشكاله وزيارة القبور شرك ولن نسكت عليه ولا على أمين الاوقاف.

فقال له المطوع: اسكت.. لا تتكلم بهذه اللهجة.

من جهته قال امين عام ثوابت الشيعة فرج الخضري: ان زيارة القبور ليست شركا بل قربة وعبادة، معربا عن تأييده للنائب عدنان المطوع في رده على هايف وحتى يعرف الناس والحكومة من الذي يشعل نار الطائفية في الكويت.

ولم يكن هذا هو الموقف الوحيد لهايف الذي تطرق اثناء استكمال مناقشة الخطاب الاميري الى لجنة الازالات قائلا: اللجنة تتعسف في ازالة الاشجار.. رغم انه بالامس كان يوضع ميزانية لتشجيع المواطنين على زراعة الحدائق والتشجير متهما في حديثه لجنة الازالات بالعبث عندما يصل بها الامر الى ازالة الاشجار!

من جهته اكد النائب عدنان المطوع  انه اراد من خلال رده على النائب محمد هايف ان يضع حدا لتصرفاته وطرحه الذي يجد فيه تماديا على الديمقراطية وعلى الدستور وحقوق الفئات المختلفة بالمجتمع وعلى حريات الاخرين، موضحا ان الوقت الحالي يتطلب تركيزا على وحدة الصف وعدم شق الوحدة الوطنية، كاشفا عن انه يستشعر في كلمات النائب محمد هايف استفزازا ومعاني غير محتملة. وشدد المطوع على ان دفاعه عن الشريف ـ وهو ليس من طائفته ـ جاء على خلفية استهزاء هايف به وبكلماته عندما قال عن الشريف: «هو وامثاله يجب ان يطردوا» وهذا امر غير مقبول. يذكر ان الرئيس جاسم الخرافي هدد اكثر من مرة برفع الجلسة اذا لم يتوقف السجال الساخن.

الدويسان: الرأي الذي اعتمدته التربية في مناهجها لا يمثّل اهل السنة والجماعة

من جهته اكد النائب فيصل الدويسان ضرورة الا يقوم اتجاه معين بفرض وجهة نظره على الاخرين في قضية زيارة القبور، وأوضح ان هناك في داخل المذهب الواحد وداخل فرق اهل السنة آراء متعددة بهذا الشأن، واضاف الدويسان ان الرأي الذي تبنته وزارة التربية واعتمدته في مناهجها لا يمثل اهل السنة والجماعة، بل يمثل اتجاها لاحدى فرق السنة الحديثة نسبيا، بدليل ان مفتي الشافعية في مكة المكرمة الشيخ احمد زيني دحلان وهو مؤرخ اعتبرته المملكة من المؤرخين السعوديين ضمن «معجم المؤرخين» واجاب عن هذه المسألة المختصة بزيارة القبور بمزيد من التوضيح والشرح في كتابه «امراء البيت الحرام» الذي أوضح فيه اهمية زيارة القبور بمعنى اخص زيارة قبور الصالحين المشهود لهم بالصلاح كالانبياء والاولياء وجواز التبرك بهذه القبور، كما ان المسلمين بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم بنوا قبة على قبر الصحابي ابو بصيرة، وايضا بنى المسلمون قبة على منبر الرسول صلى الله عليه وآله، اضافة الى ذلك قام المسلمون على اختلاف مذاهبهم بزيارة القبور والتبرك بها دون وجود شبهة الشرك، لانهم يعلمون ان الله واحد وهو الرزاق والمفرج، وان الناس يرجون شفاعة هؤلاء الاولياء ويتخذونهم وسيلة، وبالتالي من الاهمية بمكان الا يقوم اتجاه معين بتبني وجهة نظر ويفرضها على كل مسلمي العالم، بمعنى ان اهل السنة في مصر مازالوا يتبركون بمقام الامام الحسين والسيدة زينب سلام الله عليهما، ايضا في سورية وفي المغرب وشمال افريقيا يتبركون بالسادة والاولياء. بحسب موقع اباء.

وقال الدويسان، كيف يجوز لوزارة التربية ان تتبنى اتجاه فرقة حديثة وجدت منذ 200 عام فقط في الجزيرة العربية وتفرض وجهة نظرها؟ وقد سبق لهذه الفرقة ان حاولت فرض وجهة نظرها على الكويتيين عام 1920 حينما حدثت معركة الجهراء وقام اهلنا بالدفاع عن وجهة نظرهم، واذا كانت وزارة التربية تتبنى هذا الاتجاه فهي تطعن في تاريخ الكويت، متسائلا: هل قتل اجدادنا في معركة الجهراء وهم في الغار لدفاعهم عن عقيدة اهل الكويت السمحة؟ وهل قتلى المهاجمين شهداء؟ وطالب النائب الدويسان ان نقف وقفة صريحة اذا ما تم تبني هذا المنهج التكفيري لانه حينها نطعن في شهادة اهل الكويت، وعلى الوزارة الا تقع في هذا التناقض التاريخي فتمجد معركة الجهراء من جهة ثم تقوم بتفريغ المعركة من محتواها عبر تبنيها وجهة نظر متشددة ضد زيارة القبور باعتبارها مذهب اهل السنة والجماعة وهذا غير صحيح.

وتابع: ان هذا الاتجاه التكفيري لا يمثل اكثر اهل السنة، وان ادعى ذلك البعض من الذين هيمنوا على منبر اهل السنة والجماعة، وطالب المتشككين بان يطالعوا كتاب أهل السنة مثل كتاب دحلان وهو مفتي الشافعية في مكة، ويملك اول مطبعة، وهو مؤرخ تاريخي.

وذكر النائب الدويسان ان اصحاب هذا الاتجاه المتشدد كانوا في يوم من الايام ممنوعين من الحج باعتبارهم غير مسلمين في ايام الدولة العثمانية لان عقيدتهم تخالف معظم عقيدة اهل السنة والجماعة، وختم مطالبا من لديه مثل هذه الاتجاهات أو له رأي خاص يتبناه الا يفرضه على بقية المسلمين موهما اياهم بانه على بينة وما سواه خطأ.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 27/تموز/2009 - 4/شعبان/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م