ايران وتداعيات مابعد الانتخابات: الكَشف عن أزمة ثقة تحذيراً من القادِم

 

شبكة النبأ: فيما طالبَ الرئيس الايراني السابق على اكبر هاشمي رفسنجاني في خطبة الجمعة بجامعة طهران السلطات الايرانية بإطلاق سراح المحتجزين الذين اعتقلوا خلال تظاهرات الاحتجاج على نتائج الانتخابات الايرانية محذِّرا من ان التعامل مع وسائل الاعلام بالطريقة التي كانت مُضِر بمصالح ايران، كشفَ من جهة ثانية عن ان بلاده لاتزال في (أزمة) مابعد الانتخابات المُتنازع على نتيجتها، وذلك في تحدِّ واضح للزعيم الاعلى الايراني، بينما استغلَّ عشرات الآلاف من المحتجّين صلاة الجمعة لإظهار أكبر قدر من المعارضة منذ أسابيع.

واندلعت الصدامات في وقت لاحق في وسط طهران بين الشرطة وأنصار قائد المعارضة مير حسين موسوي الذي لايزال يشكك في نتيجة الانتخابات التي أظهرت فوز الرئيس المحافظ محمود أحمدي نجاد بفارق كبير عن أقرب منافسيه.

رفسنجاني يدعو الى اطلاق سراح المتظاهرين المسجونين

وطالب رفسنجاني في خطبة الجمعة السلطات الايرانية باطلاق سراح المحتجزين الذين اعتقلوا خلال تظاهرات الاحتجاج على نتائج الانتخابات الايرانية.

وفي الخطبة الاولى التي يلقيها منذ 8 اسابيع قال رفسنجاني ان "عددا كبيرا من الايرانيين لا يزالون يشككون بنتيجة الانتخابات" التي فاز فيها الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد بولاية ثانية على منافسه الاصلاحي مير حسين موسوي.

وقامت الشرطة الايرانية بتفريق تظاهرات مؤيدة لموسوي وافادت الانباء بأن الشرطة استخدمت العصي والقنابل المسيلة للدموع في تفريق الحشود داخل حرم جامعة طهران.

وحضر آلاف المناصرين لموسوي صلاة الجمعة في جامعة طهران، بعدما اعلن زعيمهم يوم الخميس انه سيجعل من الصلاة هذا الاسبوع موعدا لاطلالته العلنية الاولى منذ التظاهرات والمواجهات الاخيرة التي هزت البلاد اثر اعلان نتائج الانتخابات الرئاسية وفوز الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد بولاية ثانية.

وقال شهود عيان ان الشرطة اغلقت بعض الطرقات فيما احتشد عدد كبير من مناصري موسوي في الجناح الشرقي للجامعة هاتفين بشعارات ابرزها "يا حسين مير حسين"، و "اطلقوا سراح السجناء السياسيين"، وشعارات اخرى مؤيدة لرفسنجاني وموسوي. بحسب بي بي سي.

وحذرت السلطات الايرانية على لسان وزير الاستخبارات الايراني "ان تتحول صلاة الجمعة الى حجة لتحركات غير مفيدة وغير مرغوب فيها".

من جهته، كان موسوي قد اعلن في بيان عبر موقعه الالكتروني انه سيشارك في صلاة الجمعة قائلا انه "سينضم الى المصلين لانه يشعر بمسؤولية التجاوب مع رغبة رفاق الدرب في حماية الحقوق والدفاع عن حياة حرة ونبيلة".

وشارك كذلك في صلاة الجمعة في جامعة طهران مهدي كروبي وهو مرشح خاسر آخر في الانتخابات الرئاسية انضم الى موسوي في معارضة اعادة انتخاب احمدي نجاد.

الشرطة الايرانية تواجه المحتجّين بالغاز المسيل للدموع

ولاحقاً اطلقت الشرطة الايرانية الغاز المسيل للدموع على مئات المتظاهرين الذين تحدوا التحذير الحكومي من ان اي محاولة جديدة للتظاهر سيتم "سحقها". وكان المشاركون في المسيرة في طريقهم الى جامعة طهران لاحياء الذكرى العاشرة لاضطرابات الطلبة.

وكانت كل التجمعات حظرت في مواجهة مع الاحتجاجات الحاشدة التي اعقبت انتخابات 12 يونيو المتنازع عليها.

ويقول مراسل بي بي سي جون لاين ان المعارضة تحاول ان تعيد الروح الى الحملة ضد نتائج الانتخابات. ويقول انه كان هناك عدد من المظاهرات الاصغر في المدن الكبرى في الاقاليم.

وخرجت تلك المظاهرات احياء للذكرى السنوية للاحتجاجات عام 1999 بين العناصر المؤيدة للاصلاح وميليشيا الباسيج الموالية للنظام. ومنذ ذلك الحين تحيي مجموعات صغيرة يتزعمها الطلبة تلك الذكرى كل عام. وهتف ما بين 200 و300 متظاهر في طهران "الموت للديكتاتور".

وقال شاهد عيان لوكالة الانباء الفرنسية، ان المحتجين اشعلوا النيران في سلال القمامة على جانب الشارع وان نوافذ بنك حكومي هشمت. والقي القبض على البعض ويقال ان الشرطة سجلات ارقام سيارات اطلق سائقوها ابواقها احتجاجا.

وقال شاهد عيان اخر لوكالة رويترز للانباء، ان المشاركين في المسيرة هتفوا ايضا للمرشح الخاسر في الانتخابات الرئاسية مير حسين موسوي الذي يقول ان انتخابات الشهر الماضي مزورة. الا ان اعداد المشاركين تبدو مجرد نسبة بسيطة من مئات الالاف الذين خرجوا الى الشارع الشهر الماضي.

ولم تخرج مظاهرة كبيرة في غضون اسبوعين وكان محافظ طهران مرتضى تامادون حذر من ان اي مظاهرات اخرى لن يسمح بها.

وفي تطور آخر تفيد أنباء بأن عضوا آخر في مجموعة شيرين عبادي الحقوقية قبض عليه في طهران، ويقال ان المحامي محمد علي دادخه ترافع عن بعض من مئات المعتقلين منذ الانتخابات. وكان عبد الفتاح سلطاني، وهو محام ايضا وعضو في مركز المدافعين عن حقوق الانسان التابع لعبادي، اعتقل الشهر الماضي.

رفسنجاني: ايران في أزمة

وقال رفسنجاني ان بلاده في أزمة بعد الانتخابات المتنازع على نتيجتها وذلك في تحد واضح للزعيم الاعلى الايراني بينما استغل عشرات الآلاف من المحتجين صلاة الجمعة لاظهار أكبر قدر من المعارضة منذ أسابيع.

واندلعت الصدامات في وقت لاحق في وسط طهران بين الشرطة وأنصار قائد المعارضة مير حسين موسوي الذي لايزال يشكك في نتيجة الانتخابات التي أظهرت فوز الرئيس المحافظ محمود أحمدي نجاد بفارق كبير عن أقرب منافسيه.

وقال شاهد عيان "أطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع وضربت مؤيدي موسوي في الشارع" مضيفا أن المحتجين يحملون مئات من الرايات الخضراء - شعار حملة موسوي الانتخابية - ويرددون "أحمدي نجاد استقل .. استقل."

وعرض التلفزيون الرسمي لقطات للشرطة وهي تطلق الغاز المسيل للدموع لتفريق متظاهرين كانوا يهتفون "الموت للدكتاتور" و"موسوي نحن نؤيدك". وهتف بعض المتظاهرين "الموت لروسيا" احتجاجا على اعلان موسكو اعترافها بفوز أحمدي نجاد بالانتخابات. بحسب رويترز.

ثم سمعت مجددا صيحات التكبير "الله أكبر" تتردد من فوق أسطح البنايات مع حلول الليل في طهران وقد استمرت لفترة أطول من أمسيات سابقة في العاصمة.

وقال رفسنجاني وهو رجل دين نافذ ومعتدل دعم موسوي خلال حملته الانتخابية ان العديد من الايرانيين تساورهم شكوك بشأن النتيجة الرسمية لانتخابات 12 يونيو حزيران.

وقال رفسنجاني الذي كان يؤم صلاة الجمعة للمرة الاولى منذ الانتخابات "نحن كلنا اعضاء اسرة واحدة. امل مع هذه الصلاة ان نتمكن من تخطي مرحلة المتاعب هذه التي يمكن ان توصف بالازمة."

وتبث الاذاعة الحكومية صلاة الجمعة في جامعة طهران على الهواء مباشرة حيث يلقي رجل دين كبير خطبة دينية سياسية فيما يعد أحد تقاليد ايران ما بعد الثورة.

رضائي يسحب اعتراضه على نتائج الانتخابات

من جهة ثانية سحبَ محسن رضائي، المرشح المحافظ في الانتخابات الرئاسية الايرانية الاخيرة سحب شكواه ضد نتائج الانتخابات لتضمنها "تجاوزات" نتيجة لعدم كفاية المهلة التي حددتها السلطات للنظر فيها.

وقال رضائي القائد السابق للحرس الثوري والذي حل في المركز الثالث في الانتخابات وفقا للنتائج الرسمية ان الاوضاع السياسية والامنية الحساسة في البلاد هي السبب في قراره.

ونقلت الوكالة عن رضائي قوله في رسالة الى مجلس صيانة الدستور "أرى أن من مسؤوليتي أن أشجع نفسي والاخرين على السيطرة على الوضع الحالي... ولهذا أعلن أنني أسحب الشكاوى التي قدمتها."وكان رضائي قد قال من قبل انه فاز بعدد أصوات أكبر مما أظهرته النتائج الرسمية.

اوباما ينتقد الاجراءات الحكومية ضد المتظاهرين

وكان الرئيس الأمريكي باراك أوباما قد ادان بشدة "الإجراءات غير العادلة" التي اتخذتها السلطات الإيرانية لقمع المحتجين على نتائج الانتخابات الرئاسية التي شهدتها البلاد في الثاني عشر من الشهر الجاري.

ففي مؤتمر صحفي عقده قال الرئيس الأمريكي: "إن الولايات المتحدة، ومعها المجتمع الدولي، شعرت بالهلع والغضب بسبب التهديدات وأعمال الضرب والسجن التي شهدتها إيران خلال الأيام القليلة الماضية."

وأشار أوباما "أنا أدين بشدة هذه الأعمال والإجراءات غير العادلة، وأضم صوتي إلى صوت الشعب الأمريكي الذي يشعر بالحزن على فقدان أي شخص بريء لحياته."وأضاف "لكن يجب أن نشهد أيضا بشجاعة الإيرانيين وكرامة الشعب الإيراني وبالانفتاح المميز ضمن المجتمع الإيراني."

وأشار الرئيس الأمريكي إلى مقتل المتظاهرة الإيرانية الشابة ندا آغا سلطان التي انتشرت لقطة فيديو عبر شبكة الإنترنت توثق للحظة مفارقتها الحياة.

وقال أوباما في هذا الصدد: "لقد شاهدنا امرأة شجاعة تقف في وجه الوحشية والتهديد، ورأينا الصورة المحزنة لامرأة تنزف حتى الموت على الطريق".

لكن الرئيس الأمريكي استدرك قائلا: "إن الولايات المتحدة تحترم سيادة الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ولا تتدخل في أي حال من الأحوال بشؤون إيران. لكننا نأسف للعنف الذي يُمارس ضد المدنيين الأبرياء في أي مكان يقع فيه ذلك."

وقال: "إنه لمن الزيف الواضح أن تقول طهران إن الغرب يثير ويفتعل القلاقل والفوضى في إيران."وحذر الرئيس الأمريكي القيادة الإيرانية من أن "الأفكار القمعية لن تجدي نفعا"، نافياً أن يكون قد تباطأ في التجاوب مع الأزمة.

ايران تعيِّن رئيسا جديدا للهيئة النووية

من جهة اخرى أعلنت وسائل الاعلام الايرانية تعيين علي أكبر صالحي مبعوثها السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للامم المتحدة في منصب رئيس هيئة الطاقة الذرية الايرانية بعد استقالة رئيسها الذي تولى المنصب لمدة 12 عاما.

وتنفِّذ الهيئة برنامجا نوويا أفسد العلاقات الايرانية مع الغرب الذي يخشى أن تكون ايران تسعى من خلاله الى صنع قنابل نووية فيما تقول طهران انها تدير برنامجا نوويا سلميا بهدف انتاج الطاقة.

ويحل صالحي ممثل ايران السابق في الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي تتخذ من فيينا مقرا لها محل غلام رضا أقازاده كرئيس لهيئة الطاقة الذرية بناء على قرار اتخذته الحكومة الايرانية في اجتماع عقد في وقت متأخر من يوم يوم الخميس.

وقال أحد أقارب صالحي الذي كان مبعوث ايران الى الوكالة الدولية للطاقة الذرية في عهد الرئيس الاصلاحي السابق محمد خاتمي لرويترز ان الوظيفة عرضت على صالحي لكن لم يتبين بعد ما اذا كان قبلها.

وقالت وكالة الطلبة الايرانية للانباء "في اجتماع للوزارة مساء الخميس...عين علي أكبر صالحي رئيسا جديدا لهيئة الطاقة الذرية."

وقال محلل ان السياسي صاحب الخلق المعتدل يؤيد حل الخلاف النووي لايران مع الغرب من خلال المحادثات.

واستبعد أحمدي نجاد أكثر من مرة الاستجابة لضغوط الغرب من اجل وقف الانشطة النووية التي يمكن أن تكون لها استخدامات مدنية وعسكرية على السواء.

وقال المحلل الذي طلب عدم ذكر اسمه "تعيين صالحي اشارة ايجابية للغرب. فصالحي منطقي ومتحدث هادئ تثق فيه الوكالة الدولية للطاقة الذرية."ولاية الله علي خامنئي الزعيم الاعلى الايراني القول الفصل في كل شؤون الدولة ومن بينها النزاع النووي الايراني مع الغرب.

طَرد متبادَل للدبلوماسيين

وفي جانب آخر من تطورات الأزمة الإيرانية، طردت بريطانيا دبلوماسيين إيرانيين في رد على قرار طهران بطرد دبلوماسيين بريطانيين.

وتعليقا على الخطوة الجديدة، قال رئيس الوزراء البريطاني، جوردون براون: "في رد على التصرف الإيراني، أبلغنا السفير الإيراني بأننا سنطرد دبلوماسيين من سفارتهم في لندن. إنني آسف لقيام إيران بوضعنا في هذا الموقف".

أمَّا شيرين عبادي، الناشطة الإيرانية في مجال حقوق الإنسان والحائزة على جائزة نوبل للسلام، فقالت إنه يتعين على الاتحاد الأوروبي مطالبة الحكومة الإيرانية باحترام حق الإيرانيين بالتظاهر السلمي. وأضافت بقولها إنه يتعين على الاتحاد الأوروبي التلويح لإيران بخفض مستوى علاقاته مع طهران في حالة تقاعسها عن ذلك، داعية إلى إعادة إجراء الانتخابات تحت إشراف منظمات دولية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاحد 19/تموز/2009 - 26/رجب/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م