تداعيات الأزمة المالية تعيد مستوى الاقتصاد الأمريكي الى منتصف السبعينات

قلق متزايد جراء ارتفاع معدلات السرقات وأعداد المشردين

 

شبكة النبأ: كانت ولا تزال الولايات المتحدة الأمريكية من أكثر دول العالم تأثرا بعصف أزمة المال العالمية.

حيث تشير العديد من التقارير إن المجتمع الأمريكي بات يعاني تدريجيا من أزمة المال خصوصا بعد فقدان مئات الألوف من الوظائف وارتفاع نسب البطالة والركود.

فإعلانات الإفلاس وسياسة التقشف المعلنة فضلا عن ارتفاع نسبة السرقة جميعها دلائل توضح حجم ما تمر به دولة الاقتصاد الأكبر في العالم.

التقشف هو الاتجاه السائد

عندما أصدر جيف ييجر كتاب "البخيل المطلق" قبل 18 شهرا شعر كأنه يتحدث الى نفسه عندما كان ينصح الناس بالتخلي عن هواتفهم المحمولة والبدء في الادخار وتسديد رهونهم العقارية.

والان أصبحت شبكة الانترنت تعج بنصائح للتقشف في العيش في الوقت الذي أثر فيه الكساد على نمط حياة الامريكيين القائم على الاسراف الشديد في التسوق.

وربما تكون زيادة الاسراف أخبارا سيئة للاقتصاد الامريكي الذي مثل فيه انفاق المستهلكين عام 2006 نحو 70 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي. بحسب رويترز.

وقال ييجر "الاسعار الرخيصة هي الاتجاه الجديد السائد" وهو له مدونة اسمها "البخيل المطلق" التي تقدم نصائح حول الاستمتاع بالحياة أكثر من خلال الترشيد في الانفاق.

وعند البحث في الانترنت عن الموضوع ذاته ستظهر النتائج عدة مدونات تتحدث عن نفس المسألة.

وقال ييجر "عندما صدر الكتاب كان ينظر له ولي أيضا على أننا أشياء غريبة جديدة مثيرة للاهتمام ولكن أصبح ينظر له بجدية أكبر."

وعندما كان ينصح الناس بالتركيز على تسديد رهونهم العقارية في أسرع وقت ممكن والبقاء في أول منزل يشترونه الى الأبد.

قال ييجر ان دار النشر التي طبعت له الكتاب طلبت منه التخفيف من هذه الافكار "المتشددة".

وأظهرت بيانات رسمية أن المدخرات الأمريكية قفزت الى معدل سنوي قياسي يبلغ 768.8 مليار دولار وهو أعلى مستوى منذ أن بدأ تسجيل حجم المدخرات عام 1959 كما ارتفع معدل الادخار الى أعلى مستوى منذ 15 عاما وبلغ 6.9 في المئة من الدخل.

وقال ييجر ان ارتباط تحسن الاقتصاد بنفقات المستهلكين أكثر من ارتباطه بالتصنيع والانتاج أمر مثبط للعزائم.

ومضى يقول "بعض الدروس لابد أن نستفيدها من هذا الوضع مثل أننا لا يمكننا العيش بأموال مقترضة وأننا لا يمكننا العيش بشكل يفوق امكانياتنا وجزء من الحل المطروح للخروج من هذه الفوضى يتعلق بهذا الأمر."

وارتفع دين بطاقات الائتمان 25 في المئة خلال السنوات العشر الماضية نظرا لان المستهلكين كانت تتكالب عليهم عروض بالحصول على الاموال بطرق سهلة مما أدى الى رفع معدلات الانفاق بشكل يفوق كثيرا معدلات نمو الأجور.

وخلال السنوات العشر الماضية بلغ دين الاسر الامريكية ثمانية تريليونات دولار بزيادة 137 في المئة ليصل اجمالي دين المستهلكين نحو 14 تريليونا بحلول أواخر 2008 بما في ذلك الرهون العقارية وبطاقات الائتمان وقروض السيارات.

الأطفال في وضع هش

يضع الانكماش الاقتصادي في الولايات المتحدة الاطفال في وضع هش ويعرضهم اكثر للفقر وكذلك للبدانة او يدفعهم الى ارتكاب الجنح عندما يخسر اهلهم عائداتهم وعملهم على ما جاء في تقرير.

وقال روبي تاكانيشي مدير "فاونديشن فور تشايلد ديفيلبمنت" الذي وضع مؤشر حول رفاه وراحة الطفل في 2009 "في ما يتعلق بالمستوى الاقتصادي وحده عدنا الى الوراء الى مستوى منتصف السبعينات".

وهذا المؤشر الذي يستند الى معطيات حكومية حول صحة الاطفال الاميركيين وتربيتهم وتغذيتهم يظهر ان رفاه الاطفال وراحتهم بدأ يتراجع العام الماضي عندما غرقت البلاد في الانكماش.

وقال كينيث لاند احد الباحثين الذي شاركوا في وضع التقرير "تأثير الانكماش الحالي ينعكس على عمل الاهل وعائدات العائلة ويضطر الناس الى تغيير مقر اقامتهم او يخسرون منزلهم او شقتهم او يعمدون الى اجراءات تقشف قاسية. لذا فان رفاه الابناء سيتأثر كثيرا". بحسب فرانس برس.

وأوضح إن "عدد ونسب الاطفال الذين يعيشون تحت خط الفقر سيزداد، ونسبة الأطفال الذين يعيشون في عائلة يحظى احد الوالدين فيها على الاقل بعمل بوقت كامل سيتراجع مع ازدياد عمليات الصرف".

واكد التقرير ان متوسط عائدات العائلة سيتراجع مع ارتفاع البطالة وانعكاس ذلك على الاطفال سيظهر على المدى القصير والطويل.

كوبونات الغذاء

اظهر إحصاء حديث ان واحدا من كل تسعة امريكيين يستخدم كوبونات الغذاء الاتحادية للمساعدة في شراء مواد البقالة وذلك في الوقت الذي أجبر الركود الاقتصادي العميق في امريكا 591 ألفا اخرين على الدخول في البرنامج الاتحادي لمكافحة الجوع. بحسب رويترز.

وقالت وزارة الزراعة ان عدد المسجلين في البرنامج قفز بنسبة اثنين في المئة الي 33.2 مليون في مارس اذار وهو الشهر الرابع على التوالي الذي يشهد تسجيل رقم قياسي.

وبلغ متوسط المساعدة الشهرية للفرد 113.87 دولار.وقال جيم ويل رئيس مركز بحوث الغذاء "الامر صعب بالنسبة للعائلات التي تعاني وسيكون كذلك لعدة اشهر قادمة."

وأضاف قائلا "من المحتمل جدا ان تستمر الاعداد في التزايد في الاشهر القادمة."

ويقول مركز بحوث الغذاء ان شخصا من بين كل ثمانية اشخاص في 20 ولاية امريكية يعيش على برنامج كوبونات الغذاء.

ارتفاع نسبة المشردين

في دلالة على قسوة الضربات التي توجهها الأزمة المالية العالمية للمجتمع الدولي بأسره، أظهر إحصاء أجراه مجلس حكومات واشنطن الحضري، أن عدد المشردين في العاصمة واشنطن، قد ازداد بنسبة 15 في المائة منذ نهاية العام الماضي.

ورغم عدم توافر إحصائيات حديثة حول هذه المسألة، رأت مؤلفة كتاب "منع وإنهاء التشرد: الخطوات القادمة،" ماري كننغهام، أن مسألة التشرد كانت آخذة في الازدياد قبل وقوع الأزمة الحالية، حيث يعرض الاقتصاد الأمريكي الناس لشتى أنواع المخاطر.

وتوضيحا لهذه المخاطر، بينت كننغهام أن فقدان الأفراد لعملهم أو حتى مجرد تلف سياراتهم قد يهز توازن ميزانيتهم التي بالكاد تكفيهم.

وتضيف أنه، وفور وقوع المحظور، وتعرض إحدى الأسر لأزمة مالية، فقد يجدوا أنفسهم مضطرين إلى ترك منازلهم والعيش في الملاجئ.

ومن جهة أخرى، وتأكيدا على ازدياد عدد المشردين في الولايات المتحدة الأمريكية، أشارت دينيز روس، المشرفة على مكتب تعليم المشردين بمقاطعة برنس جورج، في ولاية ميريلاند، أن عدد التلاميذ المشردين في المقاطعة يزداد بشكل يومي. بحسب (CNN ).

ورأت روس أن "المدرسة تتيح لهؤلاء الأطفال ملجأ آمناً، بعيدا عن معضلات وجودهم بلا منازل، إذ أن بعضهم "يشعر بالحزن، وبعضهم الآخر بالخجل مما جرى،" بحسب المشرفة.

شيوع حوادث سرقة الماشية

استيقظ كريسي وبيني بينكارد في يوم من أيام شهر مارس اذار ليفاجأ بسرقة ثورين من مزرعتهما الصغيرة بولاية ألاباما الامريكية.

ويقدر حجم استثمارات تربية الماشية في الولايات المتحدة ببضعة مليارات من الدولارات ولا تنتشر حوادث سرقة الماشية بشكل كبير إلا أنها أصبحت تمثل مشكلة متنامية بسبب الركود الاقتصادي وادراك اللصوص أن سرقة الابقار طريقة سهلة نسبيا لجني الاموال.

يقول محققون عملوا في تعقب سرقات من هذا النوع ان الماشية المسروقة تنقل في أغلب الاحيان الى عربات مقطورة من مزارعها لتباع في مزاد. بحسب رويترز.

وليس التعرف على الماشية المسروقة بالأمر السهل لان الكثير منها لا يحمل أي علامات ويجب على المحققين واصحاب قطعان الماشية التحرك بسرعة لاسترجاع الحيوانات قبل بيعها وهي مهمة تزيد صعوبتها اذا تم نقل الماشية المسروقة بين الولايات.

وقالت كاميرون فينتون المتحدثة باسم اتحاد مربي الماشية في ولاية تكساس ومنطقة جنوب غرب الولايات المتحدة ان تكساس مركز تربية الماشية في البلاد أعلنت تضاعف عدد حوادث سرقة الماشية الى ثلاثة أمثالها في عامي 2007 و2008 وأنها شملت سرقة ما يصل الى 6404 رؤوس للماشية.

وأضافت أن هذه الاعداد أصبحت مثار قلق بالغ لدرجة جعلت المربين التابعين للاتحاد يساعدون الجهات الحكومية التنفيذية في العمل على حلها.ويوجد في تكساس 13.8 مليون رأس للماشية تساهم بمبلغ 15 مليار دولار في اقتصاد الولاية.

وأقر برلمان الولاية مشروع قانون في مايو أيار لرفع الحد الاقصى لعقوبة سرقة الماشية الى السجن لمدة عشرة أعوام بعدما كانت عامين بالمقارنة مع ولايات أخرى.

وقالت فينتون ان مربي الماشية في الوقت الحالي يختلفون تماما عن الصورة النمطية لمربي الماشية في الغرب الامريكي.

وأضافت "عندما يفكر الناس في سرقة الماشية لا يرد على ذهنهم سوى (الممثل الشهير) جون واين.

لكن الامر ليس كذلك فلصوص الماشية على درجة من المهارة والمعرفة بالتكنولوجيا. انهم يعرفون القانون الجنائي ويملكون شاحنة وعربة مقطورة.

وينقلون الماشية الى السوق ويبيعونها بسعرها في السوق في ذلك اليوم."ويدير كريسي وبيني بينكارد مزرعة لتربية نحو 200 بقرة وتسعة ثيران ويصل سعر الرأس الواحدة منها الى 3500 دولار.

الاطفال مهددون ببدانة الانكماش الاقتصادي

اظهر تقرير ان الاطفال الاميركيين مهددون بما سمي "بدانة الانكماش" لان بعض الاهل الذين يعانون من الازمة الاقتصادية قد يلجأون اكثر فاكثر الى اطباق رخيصة من نوع الوجبات السريعة.

وقال كينيث لاند المسؤول عن مؤشر "تشايلد ويل بيينغ اينديكس" حول صحة اطفال الاميركيين "نحن قلقون جدا من +بدانة الانكماش+ الاقتصادي هذه لانها قد تتجاوز الميل العام في ارتفاع عدد الاطفال والمراهقين الذين يعانون من البدانة".

واوضح لاند استاذ علم الاجتماع في جامعة ديوك "قد يلجأ الاهل الى استبدال الاغذية الصحية بوجبات سريعة غنية بالدهون والسكر وقد يؤدي ذلك الى ارتفاع نسبة الاطفال الذي يعانون من الوزن الزائد". بحسب فرانس برس.

واظهرت دراسة نشرتها قبل عام مجلة "جورنال اوف ذي اميركان ميديكال اسوسييشن" ان 32% من الاطفال الاميركيين يعانون من الوزن الزائد و16% من البدانة.

وزادت نسبة البدانة ثلاث مرات بين 1980 و1999 الامر الذي يجعل الاطفال اكثر عرضة لاحتمال الاصابة بامراض القلب وبارتفاع نسبة الكوليستيرول والسكري.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 18/تموز/2009 - 25/رجب/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م