ايران بعد الانتخابات: آمال الحوار تخبو وتوجهات للانتقام من المعارضة

 

شبكة النبأ: يُعتبر المسعى الذي يقوم به زعماء ايران المتشددون لإخماد المعارضة بعد انتخابات ثارت نزاعات مريرة حول نتائجها نذير سوء لعرض الرئيس الامريكي باراك اوباما للتواصل المباشر للتغلب على 30 عاما من الكراهية المتبادلة.

وعاود الاحتمال الاكثر قتامة بالقيام بعمل عسكري الظهور مجددا حين أعلن جو بايدن نائب الرئيس الامريكي يوم الاحد أن لاسرائيل حق سيادي في تحديد ما هو في مصلحتها في التعامل مع طموحات ايران النووية سواء وافقت واشنطن ام لا.

وتقول ايران ان أنشطتها النووية مخصصة لاغراض سلمية بحتة وكان يوكيا امانو مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية القادم قد قال الاسبوع الماضي انه لم ير ما يشير الى عكس ذلك في الوثائق الرسمية للوكالة.

وأوضح اوباما أن الباب للمحادثات لا يزال مفتوحا على الرغم من قلقه بشأن ما حدث في أعقاب انتخابات الرئاسة الايرانية التي جرت في 12 حزيران التي شهدت تفريق احتجاجات حاشدة واعتقال مئات الشخصيات من الاصلاحيين وتهديدات بمحاكمتهم.

وقال لصحيفة نيويورك تايمز "لدينا بعض مصالح الامن القومي الثابتة في ألا تطور ايران أسلحة نووية وألا تصدر الارهاب... لقد عرضنا مسارا لايران لتعيد الانضمام الى المجتمع الدولي."

لكن احتمالات صدور رد فعل ايجابي من الزعيم الاعلى اية الله علي خامنئي والرئيس محمود احمدي نجاد المعادي بشدة للغرب والذي يحظى برعايته تبدو محل شك.

وتقول فريدة فارحي الباحثة الزائرة بجامعة هاواي "احتفظ المتشددون بسلطة الدولة بسوء تعاملهم مع الانتخابات لكنهم فقدوا الكثير من قوة التفاوض."

وأضافت أن زعماء ايران يواجهون خيارين حرجين. والى أن يهدأ الاضطراب الداخلي ربما تصاب عملية اتخاذ القرار بالشلل.

وقالت فارحي لرويترز "نظرا لعدم رغبتهم في التفاوض من موقف ضعف ربما لا يريدون الجلوس على نفس الطاولة مع الولايات المتحدة لبعض الوقت... أو ربما يريدون ان يفعلوا العكس بابرام اتفاق مع الولايات المتحدة واعادة اكتساب الشرعية التي فقدوها على الجبهة المحلية."

وربما تضع اعادة انتخاب احمدي نجاد الرئيس اوباما تحت ضغط لاتباع نهج اكثر صرامة تجاه طهران. ويقول منتقدون انه تم التلاعب بنتائج الانتخابات الايرانية لكن المسؤولين الايرانيين يشيدون بها بوصفها عظيمة.

زعماء متشددون يتجهون للانتقام من المعارضة

ويتجه المتشددون في ايران لمعاقبة اصلاحيين لعلاقتهم بأجرأ احتجاجات ضد الحكومة منذ الثورة الاسلامية في عام 1979 رغم ما قد يلحقه ذلك من ضرر بشرعية النظام وعلاقاته مع الغرب.

والان بعد ان قمعت قوات الامن الاضطرابات التي اجتاحت الشوارع عقب الانتخابات الرئاسية المثيرة للجدل في 12 يونيو حزيران تستعد القيادة لمحاكمة بعض من مئات النشطاء السياسيين وصناع الرأي الذين اعتقلوا منذ الانتخابات.

وترددت تلميحات كثيرة بأن الزعيم الاعلى اية الله علي خامنئي سيقوم بالرد بعدما صدمته حالة الغضب ازاء اعادة انتخاب الرئيس محمود احمدي نجاد في انتخابات وصفها منتقدون بانها مزورة.

ودعا رئيس تحرير صحيفة كيهان المتشددة لمحاكمة مرشح انتخابات الرئاسة المهزوم مير حسين موسوي والرئيس السابق المؤيد للاصلاح محمد خاتمي عن " جرائمها البشعة". بحسب رويترز.

وقال اية الله أحمد جنتي رئيس مجلس صيانة الدستور الذي اقر نتيجة الانتخابات ان الموظفين الايرانيين العاملين في السفارة البريطانية في طهران المتهمين بالتحريض على الاضطرابات اعترفوا بذنبهم وسيحاكمون ومن بينهم كبير المحللين السياسيين في السفارة.

وقالت صحيفة جوان وهي صحيفة متشددة أخرى ان 100 عضو في البرلمان وقعوا خطابا موجها للقضاء يطالب بمحاكمة زعماء "أعمال الشغب التي وقعت في أعقاب الانتخابات" مشيرين الى موسوي ومهدي كروبي المرشح الاخر المهزوم.

وذكر محللون ان تضييق الخناق على المعارضة بصورة أكبر من شأنه ان يفقد المؤسسات "الجمهورية" المصداقية التي منحت في السابق القيادة الدينية قدرا من الشرعية.

وقال تريتا باريسي رئيس المجلس الوطني الايراني الامريكي في واشنطن "حين لم تفلح محاولة سرقة الانتخابات كما خطط لها اختار احمدي نجاد سياسة الاستبعاد. اعتقد انها ستفشل ايضا."

وتابع "العنف والوحشية التي ابدتها الحكومة لن تنسى. ستأتي على حساب اي شرعية باقية للحكومة. يمكن ان يحكم خامنئي واحمدي نجاد بالقوة فقط الان. اعتمادهما على الجهاز الامني أكثر من اي وقت مضى."

ويقول مسؤولون ان الانتخابات كانت الاكثر نزاهة في 30 عاما وان الفائزين الحقيقيين 40 مليون ايراني ادلوا باصواتهم. ووصفوا المعترضين على النتيجة بمخربين يسعون "لثورة مخملية" نيابة عن القوى الغربية الحاقدة.

ويقول علي رضا نادر المحلل في مؤسسة راند انه يبدو ان ايران تتجه نحو نظام حكومي ذي طابع عسكري اكبر يتزايد فيه دور الحرس الجمهوري.

وتابع "يبدو نظام صنع القرار في ايران الذي يعتمد على توافق الاراء مهددا" مضيفا ان مؤسسات مثل البرلمان ربما تضطلع بدور اصغر.

ايران تحذر من انها ستقمع بشدة أية تظاهرات

وفي نفس السايق حذرت السلطات الايرانية من انها ستقمع بشدة اية تظاهرة لاحياء الذكرى العاشرة لاضطرابات طلابية هزت الجمهورية الاسلامية في مثل هذا اليوم من عام 1999.

وقال محافظ طهران مرتضى تمادون في بيان قوي اللهجة نشرته وكالة الانباء الايرانية الرسمية (ايرنا) انه "لم يتم طلب او اصدار اي تصريح لتجمع او مسيرة". بحسب فرانس برس.

واضاف "ولكن اذا قام بعض الاشخاص بتحركات تتناقض مع المبادرات الامنية بتاثير من شبكات معادية للثورة، فانهم سيداسون باقدام ابناء شعبنا اليقظين".

وذكر شهود عيان انه يتم توزيع منشورات في العديد من ساحات طهران تحث الناس على الانضمام الى مسيرة الخميس لاحياء الذكرى العاشرة للاحتجاجات الطلابية التي قمعتها السلطات الحكومية بعنف في عام 1999.

وتحل هذه الذكرى بعد وقت قصير من تظاهرات عنيفة اجتاحت العاصمة الشهر الماضي احتجاجا على نتائج الانتخابات الرئاسية التي جرت في 12 حزيران/يونيو واعادت الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد الى السلطة.

وتحيي مجموعات طلابية في التاسع من تموز/يوليو من كل عام ذكرى مواجهات بين السلطات والطلاب اندلعت عندما هاجم عناصر من الميليشيا المتشددة سكن الطلاب مما ادى الى مقتل طالب واصابة العشرات في العنف الذي نجم عن ذلك، طبقا لارقام رسمية.

زعماء المعارضة يطالبون بالافراج عن المحتجزين

وقال موقع مير حسين موسوي مرشح الرئاسة الايراني المهزوم على الانترنت ان زعماء معارضين حثوا السلطات على الافراج عن الذين تم احتجازهم خلال الاحتجاجات التي أعقبت الانتخابات كما انتقدوا "حالة الامن" المفروضة في ايران.

وقال الموقع "مهدي كروبي (وهو مرشح اخر مهزوم) وموسوي و(الرئيس الايراني السابق محمد) خاتمي اجتمعوا أمس الاثنين وأكدوا على أهمية انهاء حالة الامن المفروضة في البلاد وأيضا الافراج الفوري عن المحتجين المحتجزين."

وشجب موسوي وكروبي وهما مرشحان معتدلان نتائج الانتخابات الرئاسية الايرانية التي أجريت في 12 يونيو حزيران وأعيد خلالها انتخاب الرئيس الايراني المحافظ محمود أحمدي نجاد.

وأضافوا "سيؤدي استمرار الاعتقالات وحالة الامن الى مناخ سياسي أكثر راديكالية." وطالبوا بوضع "حد لموجة الاعتقالات". بحسب فرانس برس.

ويقول نشطاء لحقوق الانسان ان ألفي شخص بينهم زعماء معارضة وأكاديميون وصحفيون وطلبة ربما لا يزالون محتجزين.

وتحمل السلطات الايرانية المعارضة المسؤولية عن أي عنف. واتهم زعماء المعارضة ميليشيا الباسيج باستخدام العنف ضد المحتجين وحثوا السلطات على "كبح جماحها".

طهران تتهم BBC بتوجيه أعمال الشغب وتحيل المعتقلين للقضاء

من جهة اخرى قال قائد قوى الأمن الداخلي في إيران إن قناة "بي بي سي" BBC والسفارة البريطانية كانتا "أحد مراكز توجيه أعمال الشغب الأخيرة" في البلاد، مشيراً إلى أنه تمت إحالة "جميع مثيري الشغب" إلى القضاء، دون أن يذكر عددهم.

فقد قال قائد قوى الأمن الداخلي الإيراني، العميد إسماعيل أحمدي مقدم، إن قناة "بي بي سي" والسفارة البريطانية في طهران كانتا مركزاً لتوجيه أعمال الشغب الأخيرة" في البلاد وكانتا تحثان الناس على العصيان المدني والإضراب.

وأضاف أحمدي مقدم في المراسم الصباحية الأحد لقياده قوى الأمن في طهران إن البيانات التي كان ينشرها البعض من منتهكي القانون جاءت في إطار أهداف الأجانب، وفقاً لوكالة الأنباء الإيرانية "إرنا."

وأضاف أحمدي مقدم أن هؤلاء الأشخاص لو كان لديهم تحليل صحيح عن النظام الديمقراطي في إيران ويقبلون بقواعد الديمقراطية لكان يجب أن يتابعون احتجاجاتهم بالطرق القانونية وأوضح أن هؤلاء كانوا يعتبرون كذبا أنهم بمعزل عن المشاغبين لكن كلا التيارين شكلا خلف الكواليس مركزا مشتركا وأقاموا اتصالا مباشرا وحيا مع وسائل الإعلام الأجنبية.

وتابع أحمدي مقدم أن قوى الأمن الداخلي تمكنت بعد وقوع هذه الأحداث من تحديد وكشف هذه المراكز.

وقال إن هؤلاء كانوا مدعومين من قبل بعض الدول الأجنبية مضيفا أن بعض هؤلاء الأشخاص تم تحديدهم وكانوا تلقوا تدريبات تحت عنوان "التدريب الإعلامي" للتدرب على الثورة المخملية.

من جهتها، نقلت وكالة مهر الإيرانية للأنباء عن أحمدي مقدم قوله إنه تمت إحالة جميع المعتقلين في أحداث الشغب الأخيرة إلى القضاء.

وأكد بأن جميع الأشخاص الذين اعتقلتهم قوات الشرطة خلال التظاهرات تمت إحالتهم بعد إكمال ملفاتهم إلى السلطة القضائية لطي المراحل القانونية.

ولفت إلى أن بعض الأحزاب "التي تمادت أكثر من اللازم والتي لم يتم التصدي لها قانونياً" قامت منذ أربع سنوات مضت بإنشاء تنظيم هرمي "مشابه لتنظيم زمرة المنافقين الإرهابية لكي يحققوا الفوز في هذه الانتخابات الرئاسية" وفي حالة عدم حصول ذلك يحاولون التشكيك في صحة الانتخابات ويثيرون الشغب والاضطرابات في أوساط المجتمع.

خبراء حقوق الانسان الدوليون يطلبون زيارة إيران

وطلبَ خبراء حقوق الانسان التابعون للامم المتحدة التصريح لهم بزيارة إيران وتقييم الظروف هناك في اعقاب الاضطرابات ذات الصلة بالانتخابات.

وقال المحققون المستقلون الستة انهم يشعرون بالقلق بشأن استمرار استهداف المعارضين السياسيين للرئيس محمود أحمدي نجاد وتعرضهم للتهديد على ايدي الميليشيا.

وأفاد المقررون التابعون للامم المتحدة بأنه وردهم أن بعض الطلاب ورجال الدين وغيرهم من الايرانيين الذين عارضوا انتهاكات قوات الامن تعرضوا ايضا للاصابة والاعتقال والمنع من الحديث في الاسابيع التي مرت منذ انتخابات 12 يونيو حزيران. بحسب رويترز.

واضاف المقررون الستة في بيان مشترك "لا يزال الاساس القانوني لاعتقال الصحفيين والمدافعين عن حقوق الانسان وانصار المعارضة وعشرات المتظاهرين غير واضح."

والمقررون الستة هم الاسبانية مانويلا كارمينا كاستريو والاسترالي فيليب ألستون والجواتيمالي فرانك لا رو والنمساوي مانفريد نوفاك والاوغندية مارجريت سيكاجيا والمكسيكي سانتياجو كوركويرو.

وقالوا في بيان وزعته الامم المتحدة في جنيف "ما زالت حرية التعبير والتجمع السلمي تتعرض للتقويض ووضع المدافعين عن حقوق الانسان محفوفا بالمخاطر... ما زال ينبغي اجراء تحقيقات مستقلة في تصرفات قوات الامن."

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 14/تموز/2009 - 21/رجب/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م