الكيان الصهيوني.. عنصرية مقننة

مرتضى بدر

إذا أردنا معرفة جذور العنصرية في الفكر الصهيوني، فما علينا سوى استنطاق التاريخ القريب للأحداث المؤلمة، والجرائم المفجعة التي ارتكبها بنو صهيون في فلسطين ولبنان، ونستذكر ما قاله القادة الصهاينة بالأمس القريب. على سبيل المثال كان (بيغن) يتبجّح دوماً في معاداته للعرب..

يقول في إحدى خطبه مخاطباً بني جلدته: “أنتم أيها الإسرائيليون يجب ألا تأخذكم شفقة أو رحمة حينما تقتلون عدوكم، عليكم أن تدمروا حضارة العرب التي ستشيد على أنقاضها حضارتنا اليهودية”. أما (نتنياهو) فيقول في كتابه (حرب الإرهاب)” إن الإسلام هو عدو إسرائيل، وعلى إسرائيل أن تتهيأ جيداً لمحاربة الإسلام”. في الواقع، المبدآن العنصريان اللذان استند عليهما الغاصبون الصهاينة هما: اعتقاد اليهود بأنهم (شعب الله المختار)، واعتبار أرض فلسطين (أرضًا من دون شعب لشعبٍ من دون أرض). وبناء على هذين المبدأين، هاجر مئات الألوف من اليهود الصهاينة من بلدانهم نحو فلسطين، وقتلوا وشردوا أهلها، ومازالوا مستمرين في ارتكاب الجرائم كما بدأوها أول مرة قبل 61 عامًا.

ورغم الموقف الدولي الإيجابي ضد نظام الفصل العنصري “أبارتايد” في جنوب أفريقيا وعزله دولياً.. الأمر الذي ساعد على سقوطه في أواخر القرن الماضي، إلا أن هذا النظام الدولي يقف اليوم عاجزاً وساكتاً عن إجراءات النظام العنصري في الأراضي المحتلة في محاولاته لتقنين الممارسات العنصرية ضد الفلسطينيين الذين يعانون أصلاً من نير الاحتلال، رغم أن القانون الدولي يدعو لحماية السكان الأصليين من إرهاب وقمع المحتلين.

والسؤال الذي يطرح نفسه: لماذا يماطل ويساوم المجتمع الدولي كلما تعرض “إسرائيل” للنقد والسؤال في المحافل الدولية؟ في الشهر الماضي قدّم الحزب اليميني العنصري “إسرائيل بيتنا” بزعامة وزير الخارجية “ليبرمان” مقترحًا بتعديل قانون ما يسمّي بـ”قانون الولاء” الموجّه أصلاً ضد العرب في الأراضي المحتلة والذين يحملون الجنسية “الإسرائيلية”، إلا أن المقترح واجه اعتراضات واسعة من قبل الحقوقيين والأكاديميين والنواب العرب في الكنيست. اللجنة القانونية في حكومة العدو أسقطت المقترح، إلا أن ليبرمان وعد بمعاودة طرح القانون بصيغة أخرى. وهناك قانون آخر يعرف “بقانون النكبة”.. تقوم اللجنة المذكورة بتعديله قبل رفعه للكنيست. هذا القانون العنصري يمنع فلسطينيي 48 من إحياء ذكرى اغتصاب فلسطين. النائب العربي الدكتور جمال الزحالفة قال لصحيفة “الشرق الأوسط”: “ إن إسقاط القانون في الحكومة لا يعني وقف القوانين العنصرية، فهناك عشرات القوانين المطروحة على جدول أعمال الكنيست وهي خطيرة، ففي الأسبوع الماضي أقر قانونًا يقضي بسجن كل من يعارض وجود إسرائيل كدولة يهودية”.

قائمة الممارسات العنصرية لليهود الصهاينة طويلة وقديمة، ربما بناء الجدار الفاصل بين القرى العربية والمستوطنات الصهيونية هو أبرز وجوه العنصرية لهذا الكيان العنصري الغاصب، ناهيك عن سلب الأراضي والمزارع العربية بصورة يومية بحجة توسعة الشوارع حيناً، وفتح الممرات إلى البلدات الصهيونية حيناً آخر، وأما ممارسات التمييز بصورة متعسفة، فهي من المشاهد التي يعانيها المواطنون العرب في الأراضي المحتلة بشكل يومي.

على الفلسطينيين بصفة خاصة، وعلى الضمائر الحية في العالم بصفة عامة تحريك الملف العنصري للكيان الصهيوني على المستوى الدولي، على غرار ما حدث للنظام العنصري السابق في جنوب أفريقيا. إن تدويل ملف عنصرية “إسرائيل” وتحريك القضايا القانونية في المحاكم الدولية أصبح مطلبًا إنسانيًا، وأي تباطؤ أو تساهل في هذا الأمر يعتبر جريمة في حق الإنسانية. فبعد الذي حدث ويحدث لأهلنا في فلسطين، أليس من العار أن تتحدث بعض الأقلام الليبرالية العربية عن ديمقراطية النظام في إسرائيل؟

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 4/تموز/2009 - 11/رجب/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م