الشيخ محمد ابراهيم الطرفي (رحمه الله) في ذكراه السابعة

العالم الذي أحبَّ الله فمنحه الله حُب الجميع...

تحقيق: عبد الأمير رويح

 

شبكة النبأ: علَم من أعلام الدين ومفخرة من مفاخر كربلاء الكثيرة, عالم جليل عرف بتقواه وزهده واعراضة عن الدنيا فستحق بذلك حب الناس من العوام بعد ان استحق ثقة العلماء والمراجع العظام فكان وكيلا شرعياً للعديد منهم.

أحبة الناس وعشقه الفقراء فكان أبا ومعلماً ورجل دين, أفنى حياته بحب الله فمنحة الله حب المخلصين من عبادة, لازالت ذكراه العطرة ومأثرة تتداول بين أبناء قضاء الهندية وباقي أبناء كربلاء ,فمن عرفة وجالسة وتكلم اليه عرف لا يمكن ان ينسى تواضعه وهيبته, انه العالم الرباني حجة الإسلام والمسلمين الشيخ محمد الطرفي احد اعلام الدين في كربلاء.

تعريف

هو العالم الشيخ محمد بن الشيخ ابراهيم بن شلواخ بن شلال بن عبدالله الطرفي, ولد سنة 1910 في منطقة أبو سفن إحدى مناطق قضاء الهندية (طويريج) التابع لمحافظة كربلاء المقدسة، من أسرة عريقة عرف عنها الكرم والأصالة وحسن السيرة والإيمان, وسط هذه الأجواء نشأ وترعرع شيخنا الجليل الطرفي.

درس وتعلم الكتابة وحفظ القران عند بعض الشيوخ والمعروفين قديماً بـ(الملالي) فتدرج في علومه واختار العلوم الدينية وستمر بها حتى أتم البحث الخارج بالفقه والأصول.

وقيل انه كان يقطع مسافات طويلة يومياً مشيا على الأقدام لأجل الوصل الى كربلاء وطلب العلم في مدارسها, متحملا بذلك تعب الطريق ومشقتة ومستغلاً طول هذه المسافة بحفظ القرآن الكريم والذي أصبح دليلة وسراجه المنير الذي النار حياته هذا بالإضافة الأحاديث الشريف وغيرها من العلوم وهذا هو ديدن العلماء.

فقد درس المقدمات في قريته عند العلامة السيد محمد المحنا (قد سره) والذي كان قريباً من منزلة الى عام 1365هـ حيث توفي هذا العلامة الجليل, ليبدأ عالمنا رحلة العلم الى كربلاء والتي كانت في عام1366هـ وكانت محطتها الأولى عند الشيخ محمد الخطيب(قد سره) والذي اكمل في حضرته الكفاية, وتدرج بعد ذلك في علومه الحوزوية حتى انهاء البحث الخارج, ولم يقتصر توجهه على طلب العلوم فقط فقد كان الشيخ الطرفي شاعرا وأديبا من الطراز الاول وكان حافظا مميزا وبحسب مارواه احد طلابه ومعاصريه انه كان يحفظ من القصيدة الألفية بحدود 900 بيت...

 من اساتذتة في هذا المجال:

1.   العلامة السيد محمد السيد عبود السيد جودة المحنا الموسوي (قد سره)

2.   العلامة الشيخ محمد الخطيب (قد سره)

3.   العلامة أغا مهدي القمي (قد سره)

4.   آية الله السيد مهدي الشيرازي (قد سره) حيث حضر على يده البحث الخارج.

5. آية الله العظمى ومرجع الطائفة السيد محسن الطبطبائي الحكيم وحضر عنده البحث الخارج فقهاً وأصولا في النجف الاشرف ثم عاد بعد ذلك الى مدينة الهندية وعمل وكيلاً للسيد الحكيم ومن بعدة وكيلا للسيد الخوئي وبعد الانتفاضة الشعبانية أصبح وكيلا عاما للسيد الخوئي(قد سره) في منطقة الفرات الأوسط.

كما وكان وكيلاً للعديد من المراجع مثل: السيد الخميني والسيد السبزواري والسيد عبدالله الشيرازي والسيد محمود الشهرودي.

مؤلفاته وآثاره المطبوعة وغير المطبوعة:

1. رياض الأدب من حكيمات وأمثال العرب, بجزأين

2.التحف الطرفية في شرح الاجرومية, نحو

3.غصن البان في معرفة تجويد القرآن

4.المسائل الدقيقة في أحكام الأضحية والعقيقة,جزأين,فقه

5.هداية الأخوان الى أدعية القران, مباحث قرآنية

6.لآلئ الكلام بوقائع الأيام, تراجم وتاريخ ويسرة

7.متاع الآخرة في القرآن والأنبياء والعترة الطاهرة

8.انساب العين في حديث الثقلين

9.حواريو أهل البيت , تاريخ وسيرة 

10.الدرة البيضاء في نسب أبناء الزهراء(ع), انساب وسيرة غير مطبوع

11.مختصر معدن البكاء في مصيبة خامس أهل العباء, سيرة غير مطبوع

12.اقتباس من الكتاب والسنة, فلسفة غير مطبوع

من آثاره.. مكتبة عامرة بعشرة آلاف كتاب

من المعالم الخالدة والمميزة والتي تعد من مفاخر قضاء طويريج، تلك المكتبة العامرة التي تركها الشيخ محمد الطرفي وقفا عاما للجميع, والتي جمعها خلال رحلة عمره الحافلة بالعطاء والعبادة, مكتبة تظم أكثر من (عشرة الاف كتاب) كما يقول الشيخ عبد الحسن المؤذن احد طلاب الشيخ وممثل مكتبه والذي التقيناه فيها أثناء زيارتنا الى مكتب الشيخ الطرفي واتي قال عنها:

تحتوي هذه المكتبة على اكثر من عشرة آلاف كتاب في مختلف المصنفات والعناوين يرتادها الكثير من طلبة العلم والباحثين والكثير من الأساتذة والدارسين فهي مرجع لعديد ممن يعدون أنفسهم لنيل الدارسات العليا وبمختلف الاختصاصات.

هذه المكتبة التي أوقفها الشيخ وجعل منها صدقة جارية جمع كتبها بعد عناء وشقاء وسهر حتى انه كان يؤثر شراء الكتاب على شراء الطعام ويتجاهل شراء ثوب جديد خوفاً من ان يفقد المال اللازم لشراء مجلد او موسوعة قد يحتاجها.

ويضيف المؤذن لـ شبكة النبأ: الشيخ الطرفي كان أباً روحياً لجميع طلبته يتعامل مع الجميع معاملة واحدة أساسها الأخلاق والعلمية, الشيخ الطرفي كان مدرسة للعطاء والعلم في كل حركاتة وكلماته حتى في سكونه كان مدرسة وعطاء, كان ينادي الجميع بكلمة عذبة ملؤها العطف والحنان كان ينادي الجميع بكلمة(بويه) هذه الكلمة التي تحمل المعاني السامية, كان يوصينا بوصايا مازلنا نحفظها ونطبقها منها(ان اتركوا مجالس البطالين) وكونو دعاة لمذهب أهل  البيت(ع) كونوا فخرا لمدرسة الأمام جعفر الصادق(ع).

وتابع المؤذن، كنّا نتعلم منه الكثير وقد طرحت هذه المدرسة ثمارها وتخرج منها العديد من الطلبة الذين وصل البعض منهم الى درجة الاجتهاد والبعض الاخر خطباء ومعلمين يشار اليهم بالبنان ومنهم:

آية الله الشيخ محمد الدعمي

الخطيب السيد حامد الميالي

الخطيب السيد ثامر الكفائي

الخطيب الشيخ احمد الدعمي

الخطيب الشيخ ياسين الكريطي

الشيخ الخطيب كريم الدعمي

وغيرهم من أساتذة الحوزة والعلماء الكثير الكثير واعتذر لهم لنسياني بعض اسمائهم, والشيخ الطرفي كان إنسان مؤثر بكل معنى الكلمة وقد ام الجماعة في طويريج لأكثر من خمسين سنة في مسجد القيصرية ومسجد القزاونة وكان خير معلم وخير إمام.

ويضيف الشيخ عبد الحسن المؤذن: لقد عانى الشيخ الطرفي الكثير من المضايقات أبان حكم البعث كان أهمها اعتقال وإعدام نجله (عباس الطرفي) والذي اعدم عام 1981م.

أما عن معاناته مع النظام البعثي البائد، فقد اعتقل الشيخ بعد الانتفاضة الشعبانية المباركة عام 1991م وسُجن في سجن الرضوانية واحتجز هناك لفترة وحقق معه واستجوب مع أنه لم يكن ينتمي الى أي جهة سياسية وكان يقول ليكن عملكم خالصا لوجه الله تعالى, مشيئة الباري عز وجل كانت أقوى من كيد الظالمين فقد أطلق سراحه بعد مدة ليعود الى أهله وناسه معلمّاً وأباً بقي جبلا شامخا في وجه العتاة والظالمين.

كتُب عديدة مُنعت من النشر..

كما أسلفنا سابقا ان لشيخنا الجليل العديد من المؤلفات والكتب في مختلف المجالات, لكن ماقصة الكتب التي مُنعت من النشر في زمن النظام البائد ولماذا؟ عن ذلك حدَّثَنا نجله الشيخ صباح محمد الطرفي والذي قال لـ شبكة النبأ: في وقت النظام البائد تم الإعداد لطبع بعض الكتب الدينية لسماحة الشيخ الراحل وقد فوجئنا بعدم استحصال الموافقات الرسمية لطبع كتب منها( حواريو أهل البيت وكتاب إنسان العين في حديث الثقلين ), وذلك لاعتراض السلطة الحاكمة على حديث لرسول الله وهو( لعن الله من تخلف عن جيش أسامه) وحديث الثقلين بحجة ان الأول فيه لعن وهذا مخالف اما الثاني فيجب ان تكون سنتي بدلا من عترتي!!!

لذا تم الاتفاق على طبع الكتب سراً ومن دون علم الأجهزة القمعية وبعد الطبع كُشف هذا الكتاب أثناء نقله الى كربلاء وخلالها بدأ التحقيق حيث اعتقلت أنا الشيخ صباح الطرفي وأعتقل منضد الكتاب الدكتور علي عبد الفتاح الذي هو الان عضو مجلس محافظة كربلاء، كما اعتقل أخوه محمد عبد الفتاح  وهو الان رئيس مجلس قضاء الهندية والذي نَقلَ الكتاب في وقتها... والجميع سجنوا في مديرية امن كربلاء لأغراض التحقيق وقد صودرت النسخ في وقتها, لكنها طُبعت لاحقاً وبيعت جميعاً في الكاظمية ببغداد بأعداد كبيرة بعد سقوط النظام البعثي البائد...

يوم الوداع...

في يوم الاثنين 1/7/2002 والموافق الحادي والعشرين من ربيع الثاني لعام1423هـ رحل الى جوار ربه الكريم عالمنا الجليل الشيخ محمد إبراهيم الطرفي, وقد جرى له تشييع مهيب وأقيمت على روحه الطاهرة عشرات مجالس العزاء في العراق وخارجه.

وكما يروي لنا الأخ حيدر عزيز والذي قال لـ شبكة النبأ: في يوم تشييع الجثمان الطاهر لسماحة الشيخ الجليل تعطلت كل مرافق الحياة في قضاء الهندية وأغلقت المحال والمتاجر وخرج الناس معزين مودعين بقلوب ملؤها الأسى والحزن, كان يوما أشبه مايكون بيوم العاشر من المحرم حيث  انقطاع الحركة وعزوف الناس عن التجارة والبيع... في يوم التشييع كانت أجهزة النظام البعثي البائد في حالة إنذار قصوى وتحسب شديد حتى انتهاء مراسم العزاء.

ومن الأشياء الأخرى التي اذكرها عن وفاء أهالي الهندية لوالدهم وأبوهم الروحي إن اغلب الشباب المؤمن بقوا في حزن مطلقين لحاهم حتى انتهاء يوم الأربعين رغم منع السلطات لمثل هكذا أمور في ذلك الوقت.

وفي الختام نقول رحم الله شيخنا الجليل وتغمده بواسع رحمته والذي مازل يسكن في قلوب أحباءه وأبنائه من أهالي كربلاء جيلاً بعد جيل.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 30/حزيران/2009 - 7/رجب/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م