الأطفال نواة المجتمع وعماد المستقبل

دار الطفل في كربلاء وآمال بناء الجيل الصاعد

تقرير: ميثم العتابي

 

شبكة النبأ: زيَّنت جدران الممر المؤدي الى دار الطفل في كربلاء لوحات خضراء، منسابة من دهشة الطفولة وذاكرة الحنين، الباحثة عن المعرفة المؤدية الى الاكتشاف الدؤوب لديهم، عبّرت عن مكنونات الطفل العراقي الذي نهض من حلمه على شمس الحقيقة اليوم، راسمين آمالهم وأحلامهم بألوان زينتها أناملهم البريئة، وأفكارهم الغضة، تحت اشراف مهني وعلمي، يساعدهم على تخطي الصعوبات، ليتخذوا مواقعهم في غدهم القريب.

وفي هذا الصدد يقول الاستاذ جاسم عاصي مسؤول دار الطفل في كربلاء، التابعة الى دار ثقافة الاطفال المركز العام، التابع بدوره إلى وزارة الثقافة العراقية:

واضاف عاصي معرّفاً عن مهمته الجديدة: تم تعييني بعد انبثاق هذا المركز في 1/7/2008، وهي دار استحدثت بعد زوال النظام، وفتحت فروع لها في النجف والديوانية والناصرية وكربلاء، لإحتضان المواهب والطاقات كافة للأطفال، ولأعمار لغاية الاول متوسط تقريبا، وتشمل مدارس رياض الاطفال والابتدائية، ومن مهماتنا اقامة المعارض والندوات والعروض السينمائية وجميع الفعاليات التي تهتم بنشاط الاطفال، وان كنّا نهتم بالطفل ككل، ولكن القنوات التي نتصل بها هي المدارس ورياض الاطفال، اي يكون التنسيق من خلال المؤسسات التربوية.

وعن علاقته بالجانب التربوي بيّنَ عاصي قائلا، انا في الأساس تربوي ولدي خدمة اكثر من اربعين سنة، وقد جئت الى العمل التربوي برغبة وهي باقية حتى الان رغم تقاعدي، ولكن لأن القوانين لدينا لاعلاقة لها بالابداع فهي لاتسمح لأحد ان يكون رمز من رموز التربية، وانا مستمر ومن خلال هذا الدار إذ اعتبرها القناة التي تلبي ما لم استطع فعله في التربية خلال سنوات التعليم، فالان حين أكرم الاطفال في المدارس اشعر بالمتعة وهي لاتختلف عن متعة كتابة القصة او متابعة نص ما او كتابة رواية، إذ اعتبر العمل الابداعي هو مكون من هذا وذاك، فمثلا احتضان الطفل علي عادل، هذا الطفل في الصف الثالث ابتدائي، وقد نشرت قصصه في بعض الصحف والمجلات، وخصوصا في النشرة الثقافية الصادرة عن البيت الثقافي، فحين اكتشف اديب يكتب بحرفية ممتازة وبرؤى جديدة، طفولية هذا يعد نصر كبير، وايضا دليل على عملنا وحيوتنا انه لدينا أكثر من 600 لوحة خاصة بعمل الاطفال.

وتابع عاصي، ساهمت لوحات اطفالنا في معرض افتتاحنا هنا في كربلاء، وقد اخترنا قسما من هذه اللوحات للمشاركة بالمعرض العالمي الذي سيقام في بغداد، وقد اخترنا خمسين لوحة لهذه المشاركة، وهي لوحات مهمة وجميلة جدا، وقد شهدت احتفالية الافتتاح حضور جماهيري واسع وتمثيل رسمي جيد، كما حضر الاطفال وبأعداد مفرحة وتسعد القلب، وهذا معناه تقدمنا ونجاحنا، وفقط كان خمسون طفلا ممن يقدمون الفعاليات، ناهيك عن الاطفال الذين حضروا مع آبائهم وذويهم.

وعن خطة العمل تكلم عاصي موضحاً: نحن من خطة العمل، ويسبق الخطة هو احتضان المواهب في كل المجالات الرسم والكتابة وتجويد القرآن الكريم، وتتظمن إقامة المعارض، الاهتمام بالكتاب من الاطفال، وتقديم عروض سينمائية وعروض مسرحية، وحسب منهج محدد لذلك. كما ان العرض السينمائي يخضع للجنة مشرفة على الافلام التي نعرضها. وهذه اللجنة هي متكونة من بعض التربويين من ذوي الاختصاص في المجال السينمائي، أخذت على عاتقها تقديم كل ماهو جيد للطفل الكربلائي. مع حرصنا على حضور اولياء الامور في هذه العروض، حتى يكون الاولياء على علم ودراية تامة بثقافة ابنائهم، فبعض الاباء يمنعون أبناءهم عن التلفزيون مثلا، ونحن لاندعو الى المنع التام وانما تحديد علاقة الطفل بالتلفزيون، من ناحية الفترة المحددة والقنوات الخاصة بهم. أيضا هناك أباء يمنعون ابناءهم من ممارسة الرسم خوفا على دروسهم والانشغال عنها، نحن لانقول بهذا ابدا فالرسم تفريغ عن جوانية الاطفال، وإظهار مايريده الى الخارج او ما يعاني منه.

واضاف عاصي، لذا يكون حضور ولي الامر مهمّاً ليفهم ان هذه المؤسسات جادة في تطوير قابليات اطفالهم. وقد يبدو ان عملنا هذا للوهلة الاولى عمل صعب، ولكننا وبإمكانياتنا نحن قادرين على بناء الشخصية الخاصة بالطفل واعادة صياغة عقله، ربما في فترة السبعينيات كان الطفل افضل مما هو عليه في فترة الثمانينات والتسيعينيات، والتي كانت تغذي الطفل ثقافة الحرب والثقافة الاحادية، والتي هدمت في الطفل حياته المستقبلية، وإعادة الصياغة بحاجة لأن نقدم للطفل خياراته، لاان نملي عليه تصرفاته، وان نكتشف توجهاته، ايضا عملنا على اصدار هوية تحت اسم صديق الدار من الاطفال، وإصدار هذه الهوية لها مردود معنوي كبير على الطفل، فالانتماء الى جمعية معينة يزيد من حافز الطفل، ويبني شخصيته المبكرة.

اختتمنا جولتنا هذه بشغف الرجوع الى المكان حيث سيكون المستقبل الآتي منطلقا ذات يوم من هنا، والبناء في الطريق الجديد، فهنا ورشة تشتغل من أجل إيصال أبنائنا إلى بر الأمان، ومساعدتهم في الوصول إلى المعرفة، والعلم والثقافة الحقيقية، بعيد عن الزيف في صنع العقول البريئة، في الوقت ذاته مثمنين عمل القائمين في هذه الدار الصغيرة آملين لهم الإرتقاء والتقدم والمضي من اجل طفولة عراقية خالصة حقيقية. 

شبكة النبأ المعلوماتية- الاحد 28/حزيران/2009 - 5/رجب/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م