العراق حِطام عائم والفساد يهدد الديمقراطية والإنتخابات

مقتطفات مما تناقلته الصحف الغربية من تقارير ومقالات وتحليلات تخص الشأن العراقي

اعداد: علي الطالقاني*

 

شبكة النبأ: خصصت الصحف الغربية مساحات واسعة لأخبار العراق، الذي يشهد أزمات داخلية كثيرة، فبينما تحدثت صحيفة عن موضوع الجفاف والصراع الطائفي اللذان يتوجهان نحو الثروة النفطية، تحدثت أخرى عن الفساد بالعراق وهدره للديمقراطية، كما تحدثت صحيفة عن قلق ببغداد لما يحصل في إيران من أحداث اعقبت الإنتخابات.

حطام عائم

وجد مراسل صحيفة ذي إندبندنت باتريك كوكبيرن في تقريره المطول أن العراق عبارة عن شعب يواجه الجفاف والصراع الطائفي والزحف نحو الثروات النفطية.

ونقل مشاهد من بغداد توحي بتراجع الوجود الأميركي، فقد انحسر حجم المنطقة الخضراء، وعاد الفندق الذي كان يعتقد سائقو سيارات الأجرة أنه كان مقرا للمخابرات الأميركية إلى ممارسة أعماله الطبيعة، كما أن الإدراك بأن القوات الأميركية ستخرج عسكريا من العراق بحلول 2011 يقلل من النفوذ الأميركي هناك.

ويقول باتريك كوكبيرن إن القوات الأميركية ستترك خلفها بلدا لا يعدو كونه حطاما عائما، فقد تمزق المجتمع والاقتصاد والمشهد العام إربا بسبب الحروب على مدى 30 عاما وكذلك العقوبات الدولية وأخيرا الاحتلال الأميركي عام 2003.

فالحالة النفسية للمواطنين العراقيين والمشهد السياسي الجماعي لا يشكلهما فقط أعداد القتلى والجرحى التي تسقط شهريا أو حتى الوضع الأمني الحالي، بل ذكريات القتل الجماعي في الماضي القريب والخوف من تكرارها.

وقال إن العراق بلد انغمس في الدماء لدرجة أنه يصعب تحقيق تسوية سياسية حقيقية بين السنة والشيعة، والعرب والكرد، والبعثيين وغير البعثيين، والمؤيدين والمعارضين للاحتلال الأميركي.

أحد العراقيين تساءل: كيف تتوقع من أناس يخشون العيش معا في شارع واحد أن يتوصلوا إلى اتفاقات سياسية؟

قلق وخوف

فالناس في بغداد اليوم أقل توترا وخشية مما كانوا عليه قبل ستة أشهر، ولكنهم ما زالوا يشعرون بالقلق والتشكيك، وهذا ليس غريبا -حسب كوكبيرن- على أناس عاشوا تجربة من هذا القبيل.

وقال إن الشلل السياسي في قمة الهرم العراقي يعد انعكاسا للشكوك والكراهية التي تختلج في صدور المجتمع العراقي من الداخل.

ولكنه استطرد قائلا "رغم أن العراقيين لا يكنون المحبة بعضهم لبعض، فإنهم لن يقدموا على الاقتتال".

وأشار إلى أن العراق شهد حربين منذ 2003، أولاهما انتهت وكانت بين السنة والشيعة، والأخرى ما زالت قائمة بين العرب والكرد، لا سيما أن الأكراد الآن يشعرون بالسخط لتراجع نفوذهم في الشمال في الوقت الذي تنسحب فيه القوات الأميركية من العراق، وينظم العرب في الشمال أنفسهم وتتعاظم القوة السياسية لحكومة بغداد.

غير أن الكاتب استبعد أن يشب قتال بين الكرد والعرب لأن الحكومة عبارة عن تحالف كردي شيعي تقلد من خلاله الكرد مناصب كبيرة في الدولة ويحصلون على 17% من عائدات النفط.

جفاف يدمر حياة الناس

ثم تحدث كوكبيرن عن الجفاف وانحسار مياه دجلة والفرات ما دمر حياة المزارعين الذين تحولوا إلى المدينة وأصبحت بلادهم من أكبر الدول المستوردة للغذاء.

أما الأمر الذي يعد الأكثر تدميرا للعراق فهو الانخفاض في إنتاج النفط من حقولها التسعة الكبرى بسبب الإهمال وسوء الاستثمار والإدارة.

ورجح أن يكون استعراض القوة السياسية والعسكرية لأكبر دولة في العالم هو السبب الذي دفع أميركا إلى غزو العراق بعد أحداث 11 سبتمبر/ أيلول 2001، وليس النفط.

ورأى أن قدرة العراق على التعافي من مأساة 30 عاما تعتمد على كم يجب أن ينفق من الأموال على مختلف مناحي الحياة الصناعية والاجتماعية وغيرها.

وفي الختام قال إن الكراهية والخوف اللذين يقسمان العراقيين هما انعكاس لعقود من القتل، ولا يمكن تجاوزهما في جيل فقط، وأشار إلى أن استغلال واستخدام الثروة النفطية ليست هي الخيار الأفضل، بل ربما هي الفرصة الوحيدة لإعادة بناء بلد يرغب أن يعيش فيه الناس.

الفساد يهدد الديمقراطية  

ذكرت صحيفة نيويورك تايمز من جهتها قالت أن الدعم الشعبي لمؤسسات العراق الديمقراطية يتراجع بشكل مضطرد بسبب الفساد الرسمي وافتقار البلاد لقانون شامل يحد من الفساد، لا سيما أن البلاد ستشهد انسحابا للقوات الأميركية من المدن العراقية نهاية هذا الشهر.

وقالت الصحيفة رغم أن اقتصاد العراق يعتمد كليا على عائدات النفط، فإن البلاد تفتقر حتى إلى قانون واحد ينظم هذه الصناعة، الأمر الذي قد يسهم في تفشي الارتباك حيال الاستثمار والإنتاج وخطوط السلطة.

ورغم أن أجزاء من شمال العراق -حسب نيويورك تايمز- ما زالت مطوقة بعنف طائفي وإثني يمكن أن يستشري في البلاد ضمن موجة جديدة من الحرب، فإنه لا يوجد أي أمل بحل سياسي للمطالب المتنافسة على إقليم كركوك المتنازع عليه.

وتشير الصحيفة إلى أن ثمة قلقا متزايدا من أنه إذا لم يوافق البرلمان العراقي على سلسلة من التشريعات الهامة، فإن التجربة الديمقراطية مهددة بالتآكل مع اقتراب الانسحاب الأميركي عسكريا وسياسيا نهاية الشهر الجاري.

ولفتت إلى أن بعض القوانين التي قد تسهم في تعزيز وتنويع الاقتصاد ما زالت عالقة في البرلمان لأكثر من ثلاثة أعوام، رغم أن عددا كبيرا من العراقيين يعيشون في فقر مدقع وبدون سكن مناسب أو رعاية صحية وغيرها.

الأستاذ في جامعة بيستبيرغ للقانون –وهو الذي يسدي النصائح القانونية للحكومة العراقية- قال لو كان هناك الكهرباء والمياه الصالحة للشرب لتحلى الشعب بالصبر، داعيا البرلمان إلى النظر في القوانين -خاصة تلك التي لا تثير جدلا- إذا كان يحرص على شرعيته.

وتقول نيويورك تايمز إن أعضاء البرلمان ليسوا متهمين فقط بنأيهم بأنفسهم عن الشعب وحسب، بل بالتلكؤ والخوض في النزاعات الطائفية عوضا عن تمرير القوانين.

ومن بين القوانين الهامة التي لم تعرف طريقها للحل، قانون النفط والغاز، وتقاسم العائدات بين الحكومة المركزية والأقاليم، والاستثمار الأجنبي في صناعة النفط التي تشكل 95% من العائدات الأجنبية.

نزاهة الإنتخابات في كردستان

صحيفة واشنطن بوست من جهتها حملت موضوع عن الإنتخابات في كردستان، حيث قالت الجريدة، أن الحملة الانتخابية في المنطقة الكردية شهدت بوادر تنافس شديد بين المرشحين ويتوقع أن تسلط الضوء على مزاعم بفساد ومخالفات مالية في صفوف الحزبين الكرديين الرئيسين.

وقالت الصحيفة إن المرشحين الأكراد انطلقوا بحملتهم الانتخابية في أول انتخابات منذ أربع سنوات بمنطقتهم شبه المستقلة شمالي العراق حيث ظهرت بوادر حملة شديدة بنحو غير معتاد.

ورأت الصحيفة أن التصويت الذي يجري في 25 من تموز يوليو المقبل من أجل 111 مقعدا هي مقاعد المجلس البرلماني الكردي يتوقع أن يسلط الضوء على مزاعم فساد ومخالفات مالية في أوساط أحزاب سياسية متخندقة لها نفوذ كبير في هذه المنطقة الشمالية منذ عقود.

ويأتي الاقتراع، كما قالت الصحيفة وسط تزايد الاحتراب الداخلي بين هذه الأقلية الاثنية، التي كانت من أشد حلفاء أمريكا، في وقت يشهد تحولات في المشهد السياسي في العراق قبيل انسحاب القوات الأمريكية المتوقع بنهاية العام 2011.

وقال خبات نوزاد، 25 عاما من سكان حلبجة، التي دمرها نظام صدام بالأسلحة الكيماوية، للصحيفة إن الناخبين أكثر نشاطا اليوم مما كانوا عليه في العام 2005، وأضاف أن لدي شعور بأن هذه الانتخابات ستكون مختلفة عن الانتخابات السابقة… ويتوقع الناس مفاجاة في نتائجها.

وذكر كما نقلت الصحيفة أن الناس في حلبجة عادة ما ينتقدون الحكومة الكردية على اكاذيبها تجاه الناس هنا، لذلك اعتقد أن المعارضة ستفوز بالتصويت هنا.

وقالت الصحيفة إن نوشروان مصطفى أبرز مرشحا اصلاحيا شعبيا مع مجموعته المستقلة التي أطلقت على نفسها ببساطة اسم تغيير، ونقلت أنه يريد جذب غير الراضين عن المشهد السياسي الراهن بسبب تعبه من هيمنة الحزبين الكرديين، والعجز عن الدفع باتجاه إجراء اصلاحات في صفوف الاتحاد الوطني الكردستاني.

وتصفه الصحيفة بأنه واحد من موجة من السياسيين العراقيين المستقلين الذين يحاولون كسر قبضة الأحزاب الدينية وغيرهم من أصحاب النفوذ السلطوي التقليدي من خلال الافادة من الاحباط الذي يشعر به الأكراد والكثير من العراقيين بسبب فشل الإدارات الحالية.

ورأت الصحيفة أن هذا التوجه كان واضحا في انتخابات 31 من كانون الثاني يناير المحلية التي جرت في خارج المنطقة الكردية.

وذكرت الصحيفة أن هناك 24 كتلة سياسية تتنافس للحصول على مقاعد في المجلس الكردي، مع عدد من جماعات المعارضة التي تسعى للإطاحة بالحزبين الكرديين الرئيسين، الاتحاد الوطني الكردستاني، والحزب الديمقراطي الكردستاني، اللذان وحدا قواهما في الحملة الانتخابية.

ويعتقد أيضا، كما قالت الصحيفة، إن هذين الحزبين يمسكان بكل خيوط شؤون الحياة اليومية في المنطقة، بما فيها الأعمال والتجارة. وواصلت الصحيفة قولها إن علامات التوتر ظهرت بعد وقت قصير من انطلاق الحملة الانتخابية رسميا ، حيث تعرضت العديد من اللافتات إلى التمزيق.

قلق ببغداد لأزمة طهران

وذكرت صحيفة واشنطن بوست بدورها عن أن المسؤولين العراقيين يتدارسون بقلق تداعيات ما وصفته بالأزمة الانتخابية في إيران لا سيما أنها تشاطر العراق بحدود طويلة وماض مضطرب، وأن الانسحاب الأميركي من المدن العراقية بات قاب قوسين أو أدنى.

وقال سياسيون عراقيون إن استمرار الأزمة في الجمهورية الإسلامية قد يحمل تداعيات طويلة الأمد على العراق.

ونقلت عن وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري قوله للصحفيين أثناء زيارته اليابان، إن العراق أكثر بلد يشعر بالقلق والحزن لما يجري في إيران، مضيفا أن إيران جارة متاخمة وقوية، وما يجري هناك يؤثر علينا.

وضمن المقابلات التي أجرتها الصحيفة، أعرب العديد من المسؤولين عن رغبتهم في أن تعوق الأزمة الراهنة تدخل طهران في الشؤون العراقية في الأشهر المقبلة، لا سيما أن بغداد تستعد لإجراء انتخابات وطنية ولبسط السيطرة على البلاد عقب الانسحاب الأميركي من المدن المقرر أواخر الشهر الجاري.

المسؤول الكردي تانيا غيلي قال لقد صبوا -أي الإيرانيين- كل جهودهم على التعاطي مع هذه الأزمة"، معربا عن أمله بأن ينشغلوا بها عن التدخل في شؤون الغير.

مسؤول كردي آخر هو محمود عثمان أعرب عن تفاؤله بصعود كتلة إصلاحية قوية في إيران قائلا النظام الإصلاحي أفضل للعراق، مشيرا إلى أن وجود نظام إسلامي محافظ في الجوار من شأنه أن يقوي عود الإسلاميين هنا، وهذا ما سيخلق العديد من المشاكل.

غير أن سياسيين شيعيين قالا إن الاضطرابات في إيران سرعان ما ستتلاشى لأن القادة سيستمرون في ملاحقة المعارضين السياسيين.

وأشار زعيم شيعي رفيع المستوى من حزب الدعوة الذي ينتمي إليه رئيس الوزراء نوري المالكي، إلى أنه يشعر بالقلق لأن إيران لها تاريخ في تعزيز الصراعات خارج حدودها لتحويل الأنظار عن مشاكلها الداخلية.

ونقلت واشنطن بوست عن مسؤول عراقي لم يذكر اسمه قوله لأن إيران متهمة من قبل أميركا بتأجيج التوترات منذ الانتخابات العراقية، ولأن قادة إيران يفضلون التعجيل بسحب الوجود العسكري الأميركي من العراق، فإن المليشيات المدربة والمجهزة من قبل إيران قد تصعد هجماتها ضد القوات الأميركية في الأسابيع المقبلة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المصادر: نيويورك تايمز +  ذي إندبندنت  +  واشنطن بوست + الجزيرة + وكالة أصوات العراق

.....................................................................

- مركز النبأ الوثائقي يقدم الخدمات الوثائقية والمعلوماتية

للاشتراك والاتصال www.annabaa.org

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الاحد 28/حزيران/2009 - 5/رجب/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م