ايران: تراجعت  المواجهات ولم تتراجع المواقف

مواجهة مفتوحة بين موسوي والمحافظين والقمع يمكن ان يؤدي الى سقوط النظام

 

شبكة النبأ: فيما وجّه الرئيس الأمريكي باراك أوباما رسالة إشادة بزعيم المعارضة في إيران، مير حسين موسوي بعد ايام عديدة من الصمت والكلام المتحفّظ، عبّرَت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل عن صدمتها من طريقة تعامل السلطات الإيرانية مع المتظاهرين.

ورغم أن نتائج الانتخابات الإيرانية لم تأت بجديد في محصلتها، إذ أعادت الرئيس نجاد إلى السلطة لولاية ثانية، لكنها بالتأكيد حملت الكثير من التغيير للإيرانيين على صعيد إعلاء صوت الشعب والبوح بما يريده.

فمنذ إعلان النتائج وأنصار التيار الإصلاحي في إيران وخارجها يتظاهرون ويهتفون بالضد من النتائج ويعتبرونها تبعا للنشاط الاصلاحي مزورة تماما وبصورة غير مسبوقة، لكن مطالبهم لا تبدو واضحة أو حتى موحّدة مع انها تميزت باجتذاب أنظار العالم، وأزعجت بشدة النظام الإيراني الذي دائما ما راهن على وحدة الشعب خلفه وقد بيّنت الايام الماضية خلاف هذا الطرح...

وفي مؤتمر صحفي مشترك مع ضيفته الألمانية بالعاصمة الأمريكية واشنطن، اعتبر أوباما أن الاحتجاجات التي يقوم بها أنصار المعارضة في إيران "دليل على سعيهم نحو الوصول إلى العدالة"، وقال إن "العنف الذي يتعرضون له، من قبل السلطات الإيرانية، أمر مشين."

ووصف أوباما رئيس الوزراء الإيراني السابق، موسوي، والذي خاض الانتخابات الرئاسية الأخيرة مرشحاً عن التيار الإصلاحي، بمواجهة مرشح المحافظين، نجاد، بأنه "أصبح مصدر إلهام لكثير من الإيرانيين الذين يتطلعون إلى الانفتاح على الغرب."

كما رهن الرئيس الأمريكي بدء حوار ثنائي مباشر بين واشنطن وطهران، بتطورات الأوضاع في إيران خلال الفترة المقبلة، وقال إن "الولايات المتحدة تنتظر ما ستسفر عنه التطورات الجارية في طهران، لتحديد مصير الدعوة للحوار الثنائي حول الملف النووي الإيراني."بحسب سي ان ان.

من جانبها، قالت المستشارة الألمانية إنها تشعر بـ"صدمة" من الطريقة التي تتعامل بها السلطات الإيرانية مع المحتجين المعارضين للرئيس نجاد، كما شددت على أن "للأوروبيين مصلحة كبيرة في نجاح سياسة أوباما، خاصةً فيما يتعلق بالصراع في الشرق الأوسط، والوضع في أفغانستان."

جاءت تصريحات كل من أوباما وميركل بعد قليل من توجيه الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، انتقادات "لاذعة" إلى قادة غربيين، واصفاً إياهم بأنهم "متخلفون"، داعياً الرئيس الأمريكي إلى "عدم تكرار أخطاء سلفه جورج بوش، والكف عن التدخل في شؤون إيران الداخلية".

ونقلت وكالة مهر للأنباء شبه الرسمية، عن نجاد قوله الخميس، إن أوباما "أخطأ باتباعه لسياسة بريطانيا وبعض الدول الأوروبية ذات الماضي المعروف وتكراره لكلام سلفه بوش"، واصفاً قادة حكومات تلك الدول "بالمتخلفين، الذين لا يحظون بشعبية حتى في بلدانهم."

وكان البيت الأبيض قد رفض، في وقت سابق الخميس، الاتهامات التي وجهها نجاد إلى الرئيس الأمريكي، متهماً السلطات الإيرانية بأنها تسعى إلى "وضع الولايات المتحدة في قلب الأزمة السياسية، التي أعقبت الانتخابات الرئاسية في إيران."

وقال المتحدث باسم البيت الأبيض، روبرت غيبس: "هناك بعض الإيرانيين الذين يسعون إلى تغيير مسار الأزمة التي يعانون منها، لتحميلها على الولايات المتحدة والغرب، بدلاً من إصلاح الداخل الإيراني"، وأضاف قائلاً: "يمكنني أن أضيف الرئيس نجاد إلى هؤلاء الأشخاص."

مؤامرة مزعومة ضد موسوي

من جهتها قالت صحيفة الجارديان في مقال لها تحت عنوان: "المعارضة الايرانية تزعم وجود مؤامرة لتوريط موسوي"، ان اصلاحيين ايرانيين معتقلين تعرّضوا للتعذيب في محاولة من السلطات لإرغامهم على الخروج على شاشات التلفزيون والإدلاء "باعترافات" حول وجود مؤامرة تقودها اياد اجنبية ضد نظام الحكم الاسلامي في البلاد، في وقت اقفل فيه مجلس صيانة الدستور في ايران الباب امام اي محاولة لاعادة الانتخابات في البلاد.  وتنقل الصحيفة عن مواقع الكترونية للمعارضة قولها ان تلك "الاعترافات" تهدف الى توريط موسوي كروبي، قطبي المعارضة الرافضيّن لنتيجة الانتخابات، في مؤامرة مزعومة.

وتنسب الصحيفة الى تلك المواقع قولها ان مصطفى تاج زاده، وعبد الله ومحسن امين زاده، وثلاثتهم من مؤيدي موسوي، تعرضوا الى جلسات "استجواب مكثفة" في سجن ايفين بطهران، منذ الاعلان عن فوز محمود احمدي نجاد بتلك الانتخابات، وهي النتيجة محل الجدل والخلاف.

وتقول تلك المواقع ان هؤلاء كانوا ضمن مئات الناشطين والاكاديميين والصحفيين والطلاب الذين اعتقلوا اثر حملة القمع الوحشية التي شهدتها شوارع طهران والمدن الايرانية الاخرى عقب الانتخابات.

وتنقل تلك المواقع عن معتقلين قولهم انهم سمعوا اثناء اعتقالهم اصوات صراخ تاج زاده ورمضان زاده خلال اعتقالهم في قسم 209 بسجن ايفين، وهو القسم المخصص للسجناء السياسيين، والذي تديره وزارة الاستخبارات ذات الاتجاه المتشدد، وسُمعت اصواتهم وهم يقولون: "نرفض اجراء مقابلات" في اشارة الى الظهور على شاشات التلفزيون. وتقول الجارديان ان منظمة العفو الدولية تؤكد ان تلك المعلومات جاءت من "مصادر موثوقة جدا".

التاريخ يعيد نفسه في إيران لكن بشكل مأساوي

يقول الفيلسوف الاسباني المولد جورج سانتايانا "هؤلاء الذين لا يستطيعون تذكُّر أخطاء الماضي محكوم عليهم بتكرارها."

في ايران يتذكر الجانبان الماضي. ويحاكي النشطاء الداعون للديمقراطية تكتيكات الثورة الاسلامية بينما تسعى السلطات الى تجنب أخطاء الشاه في ظل محاولتهم الدفاع عما يعتبرونه النظام الشرعي.

وترفض السلطات أي مقارنة بين أحداث عامي 1978 و1979 والاحتجاجات الحاشدة التي نشهدها هذه الايام على اعادة انتخاب الرئيس محمود احمدي نجاد المتنازع عليها. لكن الاجراءات الصارمة واراقة الدماء في شوارع طهران تعيد للاذهان الذكريات بضراوة. بحسب رويترز.

وينحي الزعيم الاعلى اية الله علي خامنئي باللائمة في الاحتجاجات على ما وصفها بالقوى الغربية المعادية و"الارهابيين". وقد ألقى بكل ثقله وراء احمدي نجاد.

وشكلت توليفة قوية الاقناع من القيادات في الداخل والخارج الثورة في عامي 1978 و1979 مستغلة المساجد وشرائط الكاسيت لنشر الخطب المناهضة للشاه لاية الله روح الله الخميني الذي نفي في البداية الى العراق ثم في وقت لاحق الى فرنسا.

واستغل الثوريون مجالس العزاء التي تقام في اليوم السابع واليوم الاربعين بعد كل وفاة في احتجاجات جديدة وهو ما كان يسفر عن "شهداء" جدد للقضية.

وترددت أصداء الثورة ضد الشاه في أنحاء بلدات وقرى بالاقاليم. ومن بين اكثر التكتيكات تأثيرا اضرابات عمال النفط الذين عطلوا انتاج السلعة التي تدر معظم دخل البلاد فضلا عن تجار الاسواق الذين كانوا يمولون رجال الدين المتمردين.

ونادى مرشح المعارضة الرئيسي مير حسين موسوي الذي يقول ان السلطات سرقت انتصاره باقامة مواكب جنائزية حدادا على المتظاهرين الذين قتلوا في الاحتجاجات.

كما دعا الى تنظيم اضرابات اذا تم اعتقاله. لكن لم تظهر بوادر على اضطرابات عمالية حتى الان ويبدو أن تجار الاسواق موالون للنظام الحاكم حيث ازدهرت تجارتهم التي تعتمد على الواردات. وتتمتع الحكومة فيما يبدو بسيطرة محكمة على صناعة النفط التي يظل عائدها ضروريا لتمويل الانفاق العام ومكافأة الموالين.

واثناء الثورة كانت اخبار الاحتجاجات والاضرابات والوفيات تنقل بالهاتف الى الخارج من خلال شبكات للمقاومة ويعاد بثها لايران عن طريق الخدمة العالمية لهيئة الاذاعة البريطانية ومحطات اذاعية أخرى تبث ارسالها على الموجة القصيرة.

وحين كنت مراسلا شابا في باريس انهالت علي المكالمات الهاتفية التي تروي وقائع لا يمكن التأكد غالبا من صحتها في ايران من معارضين في المنفى مثل ابو الحسن بني صدر وابراهيم يزدي.

وأصبح بني صدر أول رئيس منتخب لايران عام 1980 قبل أن يتم عزله في العام التالي ونفيه مجددا الى فرنسا. ولا يزال يزدي الطبيب الذي تدرب في الولايات المتحدة والمساعد المقرب من الخميني يرأس حزب الحرية الايراني في طهران وتم احتجازه لفترة قصيرة في الاسبوع الماضي.

ويستخدم نشطاء المعارضة في يومنا هذا تكنولوجيا التواصل الاجتماعي على الانترنت مثل موقعي فيس بوك وتويتر بنفس الطريقة التي استخدم بها أتباع الخميني شرائط الكاسيت والهاتف لنشر الاخبار وتنبيه وسائل الاعلام.

ولديهم شبكة واسعة النطاق من الانصار في الخارج الذين يديرون مواقع الكترونية ومحطات تلفزيونية. على سبيل المثال يستغل المخرج الايراني المعروف محسن ماخمالباف وضعه كشخصية شهيرة في خدمة المعارضة بتحدثه بالنيابة عن موسوي في البرلمان الاوروبي ووسائل الاعلام الفرنسية.

مظاهرات الإيرانيين.. هل تصبح ذكرى عابرة دون تغيير؟

ورغم أن نتائج الانتخابات الإيرانية لم تأت بجديد في محصلتها، إذ أعادت الرئيس محمود أحمدي نجاد إلى السلطة لولاية ثانية، لكنها بالتأكيد حملت الكثير من التغيير للإيرانيين.

فمنذ إعلان النتائج وأنصار التيار الإصلاحي في إيران وخارجها يتظاهرون ويهتفون، لكن مطالبهم لا تبدو واضحة أو حتى موحدة، بل ما يميزها أنها اجتذبت أنظار العالم، وأزعجت بشدة النظام الإيراني.

ففي دبي، بدولة الإمارات العربية المتحدة، خرج الإيرانيون الذي اعتادوا على الهدوء في هذه الدولة الخليجية، ليعبروا عن رفضهم لنتائج الانتخابات، عبر مسيرات، وتجمعات، ودقائق صمت، وحتى صلوات في المساجد.

وتقول إحدى المتظاهرات، وقد غطت وجهها: ""لم نشهد رسالة بهذه القوة منذ سنوات في إيران.. أفراد شعبنا باتوا ضحية الديمقراطية... في الوقت الذي يفترض أن يكون الوضع عكس ذلك...شهدت إيران أكبر مشاركة في الانتخابات، ولو كانت الحكومة ذكية... لكسبت رضا الشعب."

لكن الإيرانيون بدو متعطشين للديمقراطية، فحتى أثناء الانتخابات، خرجوا للمشاركة بمسيرات لتأييد للمرشحين وأتقنوا صناعة الأجواء الانتخابية وبرعوا فيها، لكن الأمور آلت إلى حيث لم يرغبوا، مع عودة نجاد للسلطة، واشتعال الاحتجاجات. بحسب سي ان ان.

وتقول متظاهرة أخرى، شاركت في مسيرة بدبي: "حاليا، أريد إخبار جميع أخوتي وأخواتي في إيران أن لنا الحق في قول ما نريد، قتل الشعب الإيراني لن يوقفنا... سنساندهم ويمكنهم الاعتماد علينا."

وتحاول الدول الخليجية والعربية، جاهدة التخلص من المظاهرات، لتجنب الإحراج مع النظام الإيراني، الذي تجمعه بالدول الخليجية خصوصا، والعربية عموما، علاقات حساسة جدا.

منظمة العفو تحث ايران على الكف عن استخدام ميليشيا الباسيج

من جهتها حثَّت منظمة العفو الدولية ايران على الكف عن استخدام ميليشيا الباسيج لضبط المظاهرات في اعقاب تقارير عن قيام افراد الباسيج بضرب المحتجين واطلاق النار عليهم.

ونشرت ميليشيا الباسيج وهي قوة شبه عسكرية من المتطوعين يسيطر عليها الحرس الثوري الايراني المتشدد في شوارع طهران لمواجهة ايام من الاحتجاجات بشأن انتخابات 12 يونيو حزيران الرئاسية المتنازع عليها.

وقالت حسيبة حاج صحراوي من منظمة العفو الدولية " الوقت حان كي تسمح السلطات الايرانية بالاحتجاج السلمي وسحب الباسيج من الشوارع. يجب ترك مسألة ضبط أي مظاهرات الى الشرطة او قوات الامن الاخرى المدربة والمجهزة بشكل ملائم. بحسب فرانس برس.

"لا يوجد امام الايرانيين الذين يودون التعبير سلميا عن معارضتهم للاحدات الاخيرة المحيطة بالانتخابات مجال لفعل ذلك لانهم يقابلون بعنف اجازته اعلى سلطة في هذه الارض ."

من ناحية اخرى قال متحدث باسم رئيس الوزراء البريطاني جوردون براون ان براون اطلع مجلس الوزراء يوم الثلاثاء على الوضع في ايران.

واضاف "لقد اوضح ان من المهم ان يتصرف هذا النظام بأسلوب يحترم حقوق الانسان والرد بلا عنف على الاحتجاجات المستمرة."

ودعت منظمة العفو السلطات الايرانية الي التحقيق بشكل كامل في كل التقارير التي اشارت الى سقوط قتلى ومن بينها عمليات اعدام محتملة خارج نطاق القانون ومحاكمة المسؤولين عن ذلك.

واضافت ان متظاهرين كثيرين قالوا ان اشخاصا مسلحين لا يرتدون زيا رسميا والذين يعتقدون انهم اعضاء في الباسيج استخدموا قوة مفرطة وارتكبوا انتهاكات لحقوق الانسان ومن بينها ضرب المتظاهرين واستخدام اسلحة نارية ضدهم.

وقالت منظمة العفو ان مشهدا مصورا لاحد افراد الباسيج وهو يطلق النار من مبنى اثناء مظاهرات في 15 يونيو حزيران قتل خلالها ثمانية اشخاص على الاقل لابد وان يؤدي الى تحقيق فوري من قبل السلطات وتعليمات واضحة لمنع سقوط مزيد من القتلى.

خامنئي يحذر من ان ايران لن تتراجع امام الاحتجاجات

ومن جانبه حذر المرشد الاعلى للجمهورية الاسلامية اية الله علي خامنئي من ان النظام الايراني لن يتراجع في وجه احتجاجات المعارضة بسبب نتيجة الانتخابات الرئاسية وسط تزايد التوترات بين طهران والغرب.

وقال خامنئي "في الاحداث الاخيرة المتعلقة بالانتخابات، اكدت على ضرورة تطبيق القانون، وساواصل التاكيد على ذلك. ولن يتراجع النظام او الشعب بالقوة".

وياتي تصريحه كاحدث مؤشر على ان النظام الديني لن يتسامح مع الانشقاق الذي حدث عقب اعادة انتخاب الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد رغم موجة الاحتجاجات العامة والشكاوى بان الانتخابات التي جرت في 12 حزيران/يونيو شابها التزوير.

وفي اخر رد فعل دبلوماسي على ما وصفته ايران بانه تدخل غربي، قال وزير الخارجية الايراني منوشهر متكي ان طهران تدرس امكانية خفض مستوى علاقاتها مع بريطانيا.

وجاءت تصريحاته بعد ان اقدمت حكومتا البلدين على طرد دبلوماسيين، في حين وجهت طهران اصابع الاتهام للندن بسبب العنف الذي ساد الشوارع عقب الانتخابات.

واتهمت طهران بريطانيا التي وصفها خامنئي بانها اكثر اعداء ايران "شرا" بالتامر ضد الانتخابات وتصعيد الاضطرابات.

وطردت طهران مراسل هيئة الاذاعة البريطانية (بي بي سي) في طهران واعتقلت صحافيا بريطانيا من اصل يوناني يعمل لحساب صحيفة اميركية.

وهاجم وزير الداخلية الايراني صادق محصولي الولايات المتحدة وقال ان مثيري الشغب يتلقون تمويلا من وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية (سي اي ايه) ومنظمة مجاهدي خلق المعارضة التي تعمل من المنفى.

ورفضت ايران الغاء نتيجة الانتخابات التي اعادت الرئيس المتشدد محمود احمدي نجاد الى السلطة، الا ان المرشد الاعلى للثورة الاسلامية آية الله علي خامنئي مدد الاربعاء فترة دراسة الشكاوى المتعلقة بالانتخابات خمسة ايام اخرى.

وكثفت ايران قمعها لزعيم المعارضة مير حسين موسوي حيث اعتقلت موظفي الصحيفة التابعة له وشنت الصحف المتشددة هجمات عنيفة عليه الاربعاء بعد ان تعهد بمواصلة حملته ضد الانتخابات الرئاسية التي تسببت في اضطرابات في الجمهورية الاسلامية.

ولا يزال التوتر يخيم على شوارع طهران، الا ان الهدوء ساد اليوم الاربعاء بعد يومين من قيام مئات رجال مكافحة الشغل المسلحين بالهراوات الحديدية بقمع المتظاهرين من انصار المعارضة والقاء القنابل المسيلة للدموع لتفريقهم.

موسوي يؤكد انه لن يرضخ للتهديدات ونجاد ينتقد اوباما

من جانبه اكد المرشح الخاسر في الانتخابات الرئاسية الايرانية مير حسين موسوي انه لن يخضغ "للتهديدات" التي يتعرض لها لسحب مطلبه بالغاء الانتخابات الرئاسية التي فاز فيها الرئيس محمود احمدي نجاد بولاية ثانية.

فيما طالبَ احمدي نجاد نظيره الاميركي باراك اوباما بوقف "التدخل" في الشؤون الايرانية، واصفا قادة بريطانيا وبعض الدول الاوروبية بـ"المتخلفين سياسيا". بحسب فرانس برس.

وفي الانتظار حذر المرجع الديني الايراني المعارض آية الله العظمى حسين منتظري من امكانية ان يسقط النظام اذا تواصل قمع التظاهرات السلمية الذي ادى، منذ اندلعت موجة الاحتجاجات على نتائج انتخابات 12 حزيران/يونيو، الى مقتل 17 متظاهرا على الاقل بحسب وسائل الاعلام الرسمية.

اما الاصلاحي مهدي كروبي الذي حل رابعا في الانتخابات التي طعن المرشحون الثلاثة الخاسرون فيها بنزاهتها، واتهم على غرار موسوي الحكومة يتزوير نتائجها، فتراجع عن الدعوة الى اقامة حفل تأبين لضحايا التظاهرات كان وعد بتنظيمه الخميس، بسبب عدم حصوله على ترخيص.

وبعد الاحتجاجات غير المسبوقة منذ 30 عاما التي قمعتها السلطات خلال الايام الماضية، خفت بشكل واضح شدة التظاهرات الحاشدة التي شهدتها شوارع العاصمة طهران خصوصا وجمعت مئات الاف الايرانيين بشكل شبه يومي الاسبوع الفائت.

وحال انتشار امني كثيف الاربعاء في ساحة البرلمان دون تظاهر مئات الاشخاص الذين قصدوا المكان للاحتجاج على نتائج الانتخابات، بحسب شهود.

وعلى الرغم من ان البلاد لا تزال تشهد تظاهرات متفرقة، الا ان موسوي المدعوم من المعسكر الاصلاحي اكد انه يتعرض "لضغوط تهدف الى جعلي اتخلى عن طلب الغاء الانتخابات".

المنتظري: القمع يمكن ان يؤدي الى سقوط النظام

من جهة اخرى حذر رجل الدين الايراني المعارض آية الله العظمى حسين منتظري من ان النظام يمكن ان يسقط اذا تواصل قمع التظاهرات السلمية في ايران.

وقال منتظري في بيان وردت نسخة عنه لوكالة فرانس برس "اذا لم يتمكن الشعب الايراني من المطالبة بحقوقه المشروعة من خلال تظاهرات سلمية وتم قمعه فانه من المحتمل ان يؤدي تصاعد التبرم الى تدمير اسس اية حكومة مهما كانت قوتها". بحسب فرانس برس.

ودعا منتظري وهو رجل الدين الشيعي الاعلى رتبة في ايران، من جهة اخرى مواطنيه الذين يحتجون على شرعية اعادة انتخاب الرئيس محمود احمدي نجاد، الى مواصلة تحركهم.وكان منتظري بين اول منتقدي النظام والاقتراع الرئاسي في 12 حزيران/يونيو بشدة.

وكان كتب بعد اربعة ايام من الاقتراع "للاسف ان هذه الفرصة الممتازة (الانتخابات) استخدمت باسوأ طريقة ممكنة" ووصف اعادة انتخاب محمود احمدي نجاد بانه "امر لا يمكن ان يقبله اي عقل سليم".

كما ندد وقتها بالسلطات لممارستها العنف والقمع تجاه المتظاهرين واتهمها ب "تصفية حساباتها مع المثقفين والناشطين والمفكرين وتوقيف العديد من مسؤولي الجمهورية الاسلامية بلا سبب".

وقد خضع آية الله العظمى منتظري الذي كان يعتبر الخليفة المحتمل لمؤسس الجمهورية الاسلامية الايرانية آية الله روح الله الخميني، للاقامة الجبرية في منزله لفترة طويلة بسبب انتقاداته للنظام.

ومنتظري الذي يتبع فتاواه عدد كبير من الناس في ايران، دعا الخميس السلطة الى "اقامة لجنة محايدة تتمتع بسلطات للعثور على مخرج مقبول (لازمة) الانتخابات" التي شابها تزوير بحسب المعارضة.

إيران تقمع المتظاهرين والاصلاحيون يدعون للحداد

وتمكنت فيما يبدو حملة أمنية في قمع احتجاجات الشوارع على نتائج انتخابات الرئاسة الايرانية المتنازع عليها لكن القيادة واجهت تحديا جديدا بعد مطالبة رجال دين اصلاحيين باعلان الحداد الرسمي على القتلى من المحتجين. بحسب رويترز.

ورغم تردد صيحات التكبير الاحتجاجية مرة أخرى من فوق أسطح المنازل في طهران مع حلول ليل الثلاثاء فان القيادة الاسلامية المتشددة في ايران أصبح لها اليد العليا في الوقت الحالي على الاقل.

وأنهى مئات الافراد من شرطة مكافحة الشغب وميليشيا الباسيج في الميادين الرئيسية في طهران فيما يبدو الاحتجاجات على الانتخابات التي أجريت في 12 يونيو حزيران والتي يقول اصلاحيون انه تم التلاعب فيها لصالح الرئيس المحافظ محمود أحمدي نجاد.

ولقي عشرة محتجين حتفهم على الاقل في أسوأ أعمال عنف يوم السبت ونحو سبعة اخرون في أوائل الاسبوع الماضي. وصور متظاهرون لقطات لعدد من حوادث قتل المحتجين وعرضوا تلك اللقطات على الانترنت وشاهدها الالاف في أنحاء العالم.

وشدد الرئيس الامريكي باراك أوباما من موقفه يوم الثلاثاء وقال انه يشعر "بالانزعاج والغضب" من الاجراءات القمعية التي تقوم بها ايران.

وتتهم ايران المحتجين بأنهم مدعومون من الغرب والولايات المتحدة وبريطانيا على وجه الخصوص وألقت القبض على متظاهرين شبان وعرضت صورهم على شاشات التلفزيون وهم يعترفون بأن قنوات اخبارية أجنبية حرضتهم على هذا.

اعتزال 4 لاعبين من المنتخب الإيراني احتجاجاً

ولاحقاً أعلن أربعة من لاعبي المنتخب الإيراني اعتزالهم اللعب من صفوف المنتخب، بعد أن أظهروا احتجاجهم على نتائج الانتخابات الرئاسية في إيران، وتأييدهم لمرشح المعارضة، الإصلاحي مير حسين موسوي، خلال مباراتهم الأخيرة مع كوريا الجنوبية في سيؤول، ضمن تصفيات آسيا المؤهلة لكأس العالم.

وكانت النتيجة بين المنتخبين قد انتهت إلى التعادل بهدف لكل منهما، الأمر الذي تسبب أيضاً بعدم تأهل إيران لبطولة كأس العالم، التي تستضيفها جنوب أفريقيا عام 2010.

وخلال المباراة، وضع مشجعون وعدد من اللاعبين شارات وأساور خضراء على معاصمهم، تعبيراً عن تأييدهم لموسوي، الذي كان اللون الأخضر شعاره خلال الحملة الانتخابية الرئاسية، والذي دأب أنصاره على رفع الرايات والشارات الخضراء، خلال التظاهرات التي تلت إعلان فوز الرئيس الحالي، محمود أحمدي نجاد، بالانتخابات. بحسب سي ان ان.

وارتدى ستة لاعبين من بين المشاركين في المباراة الشارات على معاصمهم خلال شوط المباراة الأول، لكنهم عادوا خلال الشوط الثاني من دون هذه الشارات التي زينت معاصمهم.

إلا أن وسائل الإعلام الإيرانية أفادت بأن أربعة من لاعبي المنتخب، ممن وضعوا الشارات الخضراء على معاصمهم، وهم علي كريمي (31 عاماً) ومهدي مهداوي (32 عاماً) وحسين الكعبي (24 عاماً) ووحيد هاشمي (32 عاماً)، أعلنوا اعتزالهم اللعب بعد هذه الحادثة.

حزب الله يعتبر ان ايران تجاوزت مؤامرة

من جهة ثانية اعتبر نائب الامين العام لحزب الله نعيم قاسم في حديث لوكالة فرانس برس، ان ايران التي تشهد سلسلة تحركات احتجاجية منذ الانتخابات الرئاسية في 12 حزيران/يونيو تمكنت من "تجاوز مؤامرة ارباكها"، مشيرا الى وجود "عبث غربي واضح" في الجمهورية الاسلامية.

من جهة ثانية، قال قاسم ان كل ما قامت به حتى الآن الادارة الاميركية برئاسة باراك اوباما "في ما يتعلق بالحوار والانفتاح لا زال في دائرة الشكليات ولم يرق الى الفعل"، مبديا رفض الحزب لقاء اي مسؤول اميركي.

وفي الموضوع الايراني، قال قاسم ان "الامور تسير في ايران في اتجاه انتهاء الازمة وعودة الامور الى طبيعتها".

واضاف "اصبح واضحا حجم العبث الدولي الغربي والاميركي في الشؤون الداخلية الايرانية. وما نشهده هناك ليس مجرد اعتراض على انتخابات رئاسية، بل توجد اعمال شغب واعتداءات في الشارع لها ادارة خارجية لبلبلة النظام الاسلامي في ايران". بحسب فرانس برس.

وقال قاسم ان ايران "نجحت مرة جديدة في تجاوز هذه المؤامرة الخارجية لارباكها داخليا ومحاولة التدخل في شؤونها".

وعن تلاقي موقف حزب الله هذا مع موقف السلطات الايرانية، قال قاسم ان "حزب الله لا يتدخل في الشؤون الايرانية الداخلية ولسنا طرفا في ما يحصل".

واضاف "هذا شأن ايراني داخلي. لكن عندما نتحدث عن هذه الجمهورية الاسلامية الفتية، لا بد ان نؤكد على ضرورة احترام خيارات شعبها ومنع التدخل الاجنبي في شؤونها".

وقال قاسم لفرانس برس "بعض من اندس في التظاهرات له علاقة بالتحريض الخارجي"، مضيفا "من الواضح ان هناك تدخلا بريطانيا واسعا في هذه الاحداث، اضافة الى ما يضخه المسؤولون الغربيون والاميركيون كنوع من التدخل والتوجيه لمن يسمع لهم".الا انه اعتبر ان "الشعب الايراني ناضج جدا ويعرف خياراته المناسبة وسيفوت على هؤلاء فرصة التأثير".

واوضح ردا على سؤال، انه لا يتهم "احدا من القيادات الايرانية بالعلاقة مع الخارج، بل هناك عمل مخابراتي يحاول ان يعبث في الداخل وهذا لا بد من وضع حد له".

شبكة النبأ المعلوماتية- الاحد 28/حزيران/2009 - 5/رجب/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م