المدوَّنات الحكومية.. وجه إنساني يحسِّن البيروقراطية العقيمة

المناقشات عبر المدوّنات تفسّر سياسات الحكومة

 

شبكة النبأ: باتت المؤسسات الحكومية الأميركية تدرك أن كتابة المدونات على شبكة الإنترنت يمكن أن تضفي "وجها بشريا" على عملية تبدو أحيانا وكأنها بيروقراطية عقيمة.

فعلى سبيل المثال، عندما بدأت إدارة سلامة النقل والمواصلات، وهي الوكالة المسؤولة عن أمن المطارات في الولايات المتحدة، مدونتها في كانون الثاني/يناير 2008، جندت لهذا الغرض موظفين ممن لهم خبرة مباشرة وباع طويل في العمل في مجالات متعددة في إدارة سلامة النقل والمواصلات في عموم الولايات المتحدة لكتابة مدونات ونشرها على الشبكة الدولية.

وقالت لين دين، وهي من مؤسسي هذه المدونة التي أطلق عليها التطور الأمني في حديث مع موقع أميركا دوت غوف "إننا لم نرد من الناس أن يعتقدوا بأنهم يتحدثون مع بيروقراطي بلا اسم من إدارة سلامة النقل، ولذا وظفنا "أشخاصا حقيقيين". وأضافت أن هذا الوضع لا يزال مستمرا حتى اليوم، حيث يقوم موظفو الدائرة بكتابة المدونات والتعليق على ما يطرح من اقتراحات وردود فعل عليها.

وأكدت دين أن إدارة سلامة النقل قرّرت محاولة كتابة المدونات على الإنترنت للتصدي للمعلومات المضللة التي انتشرت في كافة أنحاء الإنترنت حول متطلبات الأمن في مطارات الدول.وأضافت دين أن النتائج كانت مذهلة؛ "حيث تلقينا خلال الأيام الثلاثة الأولى من انطلاق المدونة أكثر من ألفي تعليق."

وتابعت تقول إن الاهتمام الجماهيري العام لا يزال كبيرا؛ حيث تحظى كل مدونة تنشر بحوالي 3 آلاف مشاهدة. وخلال فترة الـ18 شهرا من عمر المدونة زار موقع إدارة سلامة النقل والمواصلات 642845 زائرا فريد كما تلقى 16468 تعليقا. بحسب موقع أميركا دوت غوف.

وقالت دين إن التعليقات على عمليات إدارة سلامة النقل الأمنية لم تكن دائما إيجابية. وأضافت "أننا نتوقع أن ينفس الناس على أنفسهم بالإعراب عن سخطهم." وأشارت أن العديد من الناس لا يحبذون الاضطرار إلى خلع أحذيتهم ومعاطفهم للتفتيش أو فتح كومبيوتراتهم لتفتيشها. إنهم لا يفهمون لماذا يتعين عليهم الخضوع لتفتيش دقيق أو أن شخصا في كرسي متحرك ينبغي عليه أن يخضع لإجراءات أمنية صارمة.

وأوضحت دين مفسرة تصرف موظفي الأمن التابعين للإدارة أن "هجمات 11 أيلول/ سبتمبر الإرهابية لا تزال في أذهان موظفينا، وأن عدم السماح بتكرارها يمثل أولوية قصوى بالنسبة لهم. أما بالنسبة للعديد من الركاب فإن ذكرى هجمات 11 أيلول/ سبتمبر الإرهابية قد خبت، مما يسفر عن تصادمات سيئة للمفاهيم. ولكن المدونات التي يكتبها وينشرها موظفو الإدارة والتي تتضمن تجارب فعلية أثناء العمل توضح حذرهم. فعلى سبيل المثال، وجد أحد الموظفين التابعين لإدارة سلامة النقل شخصا على كرسي متحرك وبحوزته أكياس من الكوكايين مربوطة على معدته؛ واكتشف آخر أن مسمار العظم المعدني الذي ادعى أحد الركاب أنه على رجله كان في الحقيقة سكينا."

وقالت إن هدف مدونات إدارة سلامة النقل على الإنترنت هو التوضيح للقراء ما يلزمهم فهمه في عملية الفحص والتفتيش كي يتمكنوا من اجتياز الإجراءات الأمنية بأسرع ما يمكن. كما أن التعليقات والمقترحات التي يتم طرحها تؤدي في بعض الأحيان إلى تغييرات في ممارسات إدارة سلامة النقل. فمثلا شكا أحد المعلقين من أنه أجبر على نزع جميع الأسلاك والمواد الإلكترونية من حقائبه. وبعدها اتصلت إدارة سلامة النقل بالمطار الذي كان ضابط الأمن فيه يحاولون تطبيق برنامج تجريبي، وتم إلغاء هذه التجربة.

وذكرت دين التي تشغل حاليا منصب نائب مدير مركز الاستعلامات في إدارة سلامة النقل أن المدونة تساعد أحيانا من الناحية التشغيلية، في التعرف على مشكلة في مكان ما.

مدونة المحادثات الخضراء تبين أدوار وكالة حماية البيئة

تشرف وكالة حماية البيئة الأميركية على العلوم البيئية في الدولة، والجهود البحثية والتعليمية والتنظيمية. وأوضح مدير الاتصالات على الويب في مكتب الشؤون العامة التابعة لوكالة حماية البيئة جفري ليفي في حديث لموقع أميركا دوت غوف "إننا نريد إطلاع الجمهور على النطاق الواسع لما نقوم به." وهذا ما تساعد مدونة المحادثات الخضراء في القيام به.

وقال ليفي "إننا نقوم بها كمدونة جماعية؛ حيث يشارك فيها أشخاص من كافة المكاتب التابعة للوكالة ويتبادلون المعلومات حول التجارب المختلفة الخاصة بهم." ويمكن أن تكون هذه التجارب ذات صلة بالوظيفة أم لا وقد تتراوح بين البستنة الخضراء وترميم المنازل. والفكرة هي التواصل بطريقة إنسانية مع قرائنا بدلا من إصدار البيانات الإعلامية البيروقراطية العادية أو بيانات الحقائق.

وتحظى مدونة المحادثة الخضراء، التي تم إطلاقها بناسبة يوم الأرض في 22 نيسان/ إبريل 2008، بالمطالعة بين 600 و1000 مرة في اليوم الواحد، وبلغ عدد التعليقات التي كتبها القراء 7 آلاف تعليق. وقد أصبح عدد الأعضاء المشاركين في حساب الوكالة في موقع تويتر يربو على 4 آلاف عضو.

وقال ليفي إن مدونة المحادثات الخضراء تلقت زيادة كبيرة عندما انضمّ البيت الأبيض إلى موقع تويتر وبدأت متابعة المحادثات الخضراء على موقع تويتر، حيث تضاعف عدد المشتركين في المدونة.

وأوضح ليفي أن الموضوع الأكثر شعبية في المدونة هو "سؤال الأسبوع" الذي يطرح أسبوعيا ويدعو إلى إجراء نقاش حول مسألة ما مثل: لماذا تركب أو لا تركب دراجتك إلى مقر العمل؟ وقال أن هذه الأسئلة التي تطرح كل يوم اثنين، تولد ما بين 50 إلى 100 تعليق لكل منها وأحيانا يتراوح عدد التعليقات بين حوالي 200 و300 تعليق.

كما تنشر وكالة حماية البيئة أيضا مادة مدونة كل يوم أربعاء بعنوان "أربعاء العلوم" الذي يديره مكتب البحث والتطوير. وفي يوم الخميس تكتب مسؤولة الاتصال مع الأهالي من الأصل اللاتيني، لينا يونس، باللغة الإسبانية عن الموضوعات التي تشعر بأنها وثيقة الصلة بجمهورها.

وأقر ليفي أن مدونة وكالة حماية البيئة تتلقى قدرا كبيرا من التعليقات السلبية، ورغم ذلك فإنه يتم نشر مثل هذه التعليقات أيضا.

وقال: "اعتقد إن المشكلة تكون أعظم عندما تحاول الوكالات تشغيل مدونة ولا تقوم بنشر أي تعليق سلبي أبدا. عندها سيحس الناس بأنك تنظر فقط في تلميع صورتك، وبأنك لا تبحث عن المشاركة الصادقة من الجمهور. وأعتقد أنك ستكسب مصداقية من خلال إظهار رغبتك في تقبل النقد. وفي أحسن الأحوال، يمكنك الرد على النقد."وختم ليفي حديثه بالقول "إننا نرحب بكل التعليقات بدون استثناء".

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 27/حزيران/2009 - 29/جمادى الآخرة/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م