قتل جماعي في مدن العراق قبيل الانسحاب الأمريكي

قلق شعبي يشوبه الحذر بعد موجة من التفجيرات الدموية

 

شبكة النبأ: مع بدء العد التنازلي لانسحاب القوات الأمريكية من المدن العراقية نهاية حزيران يونيو الجاري بحسب الاتفاقية الأمنية الموقعة بين الطرفين ورغم تأكيدات المسئولين والقادة الأمنيين العراقيين استعداد القوات العراقية على مسك الملف الأمني داخل المدن وملء الفراغ الذي سيخلفه ذلك الانسحاب، شهدت عدد من المدن العراقية هجمات عنيفة بواسطة السيارات المفخخة والعبوات الناسفة خلفت المئات من القتلى والجرحى وأضرارا بالغة بالممتلكات، خصوصا في مدينتي تازة والصدر، لتثير جملة من تساؤلات عن مدى قدرة الأجهزة الأمنية في المحافظات على مواجهة والحد من خروقات مشابهة بعد الانسحاب الأمريكي.

الحزن يلف المدينة المنكوبة

عدت ناحية تازة مدينة منكوبة من الناحية الرسمية، بعد ان فقدت اكثر من 70 قتيلا بينهم 35 طفلا و15 امراة من أبناءها وأصيب اكثر من 250 منهم وتهدم فيها 75 منزلا، نتيجة التفجير الانتحاري بشاحنة مفخخة استهدفتها.

يقول احد الناجين وهو فلاح عباس(40 عاما) وهو ميكانيكي سيارات “كنت عائدا من عملي وعندما وصلت البيت وبينما كانت زوجتي تعد الغذاء حصل الانفجار، لقد كان انفجارا هائلا أصبت إنا وزوجتي وطفلتي رقية وعمرها عاما وثلاثة أشهر”.

وضاف عباس “لقد تهدم منزلنا وكل شيء انهار من حولنا ، نقلتهم الى المستشفى بمساعدة الأهالي، لم يبقى شئ من اثاث منزلي كما ترون سوى الأرض التي اقف عليها”.

وتابع عباس “اني اسال لماذا يستهدفون الأبرياء؟ هل هناك منشأة حكومية في منطقتنا ام هناك مركز للشرطة ؟ او أي مسؤول ؟ كل الذين يسكنون هذه المنطقة هم من الأبرياء الذين يبحثون عن لقمة العيش”.

حمزة  باقر(25 عاما) قال وهو جالس امام انقاض منزله وبعض الملابس المتبقية “كنت خارج المنزل ساعة الانفجار وعندما سمعت بالانفجار هرعت الى المنزل فوجدت منزلنا الذي عشت وتربيت فيه صبح مجرد حطام”.

واضاف “والدي ووالدتي بالإضافة إلى شقيقتي أصيبوا بالانفجار”، ويضيف متسائلا “لماذا استهدفونا لم يكن في منطقتنا غير هذه الحسينية هل  دور العبادة تعتبر منشأة عسكرية ؟ لماذا استهداف المساجد”.

وطالب مهدي تبارك علي (65 عاما) وهو متقاعد، الحكومة العراقية “بتشكيل لجنة لحماية مدينة تازة واهلها فقط حتى نعرف إي غريب يحاول الدخول الى المنطقة”.

واضاف” كانت هذه المنطقة مستهدفة في زمن النظام السابق فقد كانت الحكومة السابقة تستهدفنا بالإعدامات والمعتقلات  ولحد الان 50 شابا من شبابنا لا نعرف مصيرهم او مكان قبورهم اعتقلوا في عهد النظام السابق وألان هم يستهدفونا بالانفجارات”.

ويقول الحاج علي اكبر ( 70 عاما) “لانعتقد بان الشخص الذي نفذ الهجوم هو عراقي ومسلم  أنها جهات خارجية تحاول إثارة الفتن وزعزعة الأمن والاستقرار بمثل هذه الإعمال وخير دليل هو استهدافهم للعزل والنساء والأطفال”.

ورفض اكبر تحميل القوات الامنية المسؤولية قائلا “ان قوات الشرطة غير مقصرة في واجبها ولكن استطاعوا هذه المرة تنفيذ مأربهم الخبيثة”.

واضاف “والله خمسة من أولادي اصيبوا والبيت تهدم بالكامل”.

اكبر محمد (45 عاما) وهو موظف كان في عمله ساعة الانفجار كان يتكلم وهو يبكي على قبر ابنته زينب البالغة من العمر سبع سنوات والى جانبه زوجته التي كانت تبكي وترش الماء على تراب قبر ابنتها . بحسب اصوات العراق.

محمد قال “اخبروني بالانفجار عندما كنت في العمل وعندها هرعت مسرعا لاجد منزلي مهدم واخبرني من بقى حيا من الاهالي بانه تم نقل زوجتي واطفالي الى المستشفى وعندما وصلت المستشفى كانت زينب قد فارقت الحياة نتيجة اصابتها برأسها وهي داخل المنزل”.

حارس مسجد (الرسول الاعظم) علي ولي الذي كان هو الاخر واقفا امام انقاض منزله الذي تهدم بالكامل كان مصابا في رأسه ووجهه والضمادات الطبية تغطي رأسه، قال “كنت امام المسجد ساعة الانفجار”، مضيفا “فجاة حدث انفجار هائل طرت في الهواء وسقطت ارضا وفقدت الوعي بعدها وعندما افقت وجدت نفس في المستشفى، عرفت فيما بعد بان منزلنا تهدم واصيبت زوجتي وابنائي الثلاثة”.

يقول العميد ناصح محمد مدير الدفاع المدني في كركوك  بان مديرية الدفاع المدني  شاركت بانقاذ المصابين من ساعة وقوع الانفجار واستطاعت عناصرها من انتشال 41 جثة  تحت الانقاض يوم السبت والاحد 4 جثث، كان العميد محمد يتحدث والتراب يغطي ملابسه ووجهه.

كان مواطنو الناحية الناجون يتدولون فيما بينهم اسماء العوائل المنكوبة والذين قتلوا في هذا الانفجار.

التشويش قبيل انسحاب القوات الأمريكية

من جهته دان مكتب سماحة المرجع الشيرازي في كربلاء التفجيرات الأخيرة في ناحية تازة جنوب كركوك حيث جاء في بيان تلقت شبكة النبأ نسخة منه: " ندين وبشدة هذه الجرائم وندعو المتصدين الى تحمل مسؤوليتهم بشكل كامل باتخاذ التدابير الإحترازية اللازمة للحيلولة دون تكرار مثل هذه المجازر، كما وندعوا الى إجراء التحقيق الدقيق والجدي بغية القبض على المجرمين الجزارين، في الوقت الذي نؤكد فيه بتفعيل دور القضاء واجراء اقصاص العادل لكل من سوّلت له نفسه قتل الأبرياء".

كما دان نائب محافظ كركوك، عن الكتلة العربية حادث التفجير الانتحاري في ناحية تازة، وفي حين بينت عضوة بمجلس المحافظة أن العملية كانت متوقعة لـ “ضعف” القوات الأمنية العراقية والأمريكية في المحافظة، باشرت شرطة كركوك بحملة دهم واسعة في قضاء داقوق. بحسب اصوات العراق.

وقال راكان سعيد إن التفجير الانتحاري “هو استهداف غير مسبوق بالمنطقة”، مشيرا إلى أنه “رسالة للتشويش وإشاعة حالة من عدم الاستقرار قبيل انسحاب القوات الأمريكية من المدن العراقية نهاية حزيران يونيو الجاري”.

وألقى سعيد بـ”اللائمة على السياسيين بالمحافظة كافة بدءا من نفسه”، مبينا أن على مكونات المحافظة كافة أن “تشارك في عملية الاستقرار واذا لم يتحقق ذلك سيبقى الوضع على ما هو عليه”.

إلى ذلك قالت عضوة مجلس محافظة كركوك عن الكتلة التركمانية زالَة النفطجي “كنا نتوقع حدوث مثل هذه الفاجعة بسبب عدم استقرار الوضع الأمني بالمدينة”، منوهة إلى أن القوات العراقية والأمريكية في المحافظة “تفتقر للكفاءة”.

واتهمت نفطجي “من يريد بقاء قوات التحالف في المدن بأنهم هم وراء هذه العلمية”.

وتابعت “قلنا مرارا وتكرارا للقوات الأمنية والأمريكية أن الوضع الأمني في المدينة غير مستقر وينبغي تحسينه”.

في حين دان عضو اللجنة الأمنية في محافظة كركوك محمد كمال بشدة حادث التفجير الانتحاري الذي راح ضحيتة في آخر حصيلة 67 قتيلا و200 جريح مبينا أن “هنالك تقصير من قبل بعض قوات الشرطة وخصوصا في مداخل المدينة ومخارجها”.

وأفاد كمال أن “الإرهاب موجود في العراق منذ ست سنوات واعتقد أن المسالة لا علاقة له بانسحاب القوات الأمريكية”، مطالبا الجهات الأمنية بـ”مطاردة الإرهاب في المنطقة بشكل جدي”.

من ناحية أخرى قال مدير عام شرطة كركوك اللواء جمال طاهر، السبت إنه “تم تشكيل للجنة من ثلاثة عقداء بشأن الحادث”، مبينا أنه “ثمانية من أفراد شرطة ناحية تازة اعتقلوا لتقصيرهم”.

وذكر اللواء طاهر لقد “أكدنا مرارا وتكرارا على عدم السماح بدخول الشاحنات أو وقوفها في المدن”.

وفي موضوع ذي صلة قال مدير شرطة الأقضية والنواحي في كركوك العميد سرحد قادر إن قواته “باشرت بحملة دهم وتفتيش واسعة النطاق في أنحاء قضاء داقوق (35 كم جنوب كركوك) بحثا عن المطلوبين والمشتبه فيهم”.

الأيام الأكثر دموية

وفي سياق موجة التفجيرات أسفر انفجار وقع في سوق شعبي بمدينة الصدر شرقي العاصمة العراقية بغداد عن مصرع 62 شخصاً على الأقل، وجرح 150 آخرين، جراء ، وفقا لما أعلنه مسؤول في وزارة الداخلية.

كذلك انفجرت دراجة نارية مفخخة كانت متوقفة في السوق، وكان من بين الجرحى امرأة وطفل من المارة في السوق، وفقا لمصادر طبية. بحسب CNN .

ويأتي الانفجاران بعد يومين فقط على خمسة انفجارات في بغداد، أسفرت عن مصرع 22 شخصاً على الأقل وإصابة العشرات بجروح، بحسب ما ذكرت وزارة الداخلية

كما استيقظت مدينة كركوك على انفجار عبوة ناسفة استهدف موكب العقيد عبد الله قادر مدير قسم الكلاب البوليسية في مديرية شرطة كركوك ما ادى الى اصابة اثنين من المدنيين بجروح.

وخلف الانفجار ايضا أضرارا مادية بسيارتين إحداهما مدنية والاخرى كانت ضمن سيارات الموكب .

وكانت مدينة الموصل قد شهدت حادثا امنيا، فقد اعلن مصدر امني في قيادة عمليات محافظة نينوى إن شرطيا قُتل، ، وأصيب والده بجروح جراء هجوم شنه مسلحون مجهولون على سيارته الخاصة غربي مدينة الموصل.

وأوضح المصدر أن “مسلحين مجهولين اعترضوا الطريق على سيارة الشرطي الخاصة التي كان يستقلها مع عائلته  في أثناء اجازته بالقرب من سوق المعاش (غربي الموصل) واطلقوا عليه وابلا من الرصاص ما اسفر عن مقتله واصابة والده بجروح”.

وأضاف المصدر أن “المسلحين لاذوا بالفرار بعد الحادث”، دون ذكر المزيد من التفاصيل.

وفي الفلوجة بمحافظة الانبار غربي العراق قال مصدر في شرطة الفلوجة، إن قائد صحوة ناحية الكرمة نجا من تفجير انتحاري شرقي المدينة، مبينا أن الحادث تسبب بمقتل ثلاثة من مرافقيه وجرح سبعة مدنيين. بحسب أصوات العراق.

وأضاف المصدر أن سيارة مفخخة يقودها انتحاري “انفجرت مستهدفة رتل قائد صحوة ناحية الكرمة شرقي الفلوجة، العقيد سعد عباس”، مشيرا إلى أن الانفجار “أسفر عن مقتل ثلاثة من أفراد حمايته بينهم ضابطان وجرح سبعة اشخاص آخرين كانوا في مكان الحادث كحصيلة أولية”، دون ذكر تفاصيل أخرى عن الحادث.

في العاصمة بغداد قال مصدر في الشرطة العراقية إن مدنيين أصيبا، بجروح جراء انفجار عبوة لاصقة في منطقة الشيخ معروف وسط بغداد.

وأوضح المصدر أن “عبوة لاصقة وضعها مجهولون داخل سيارة أجرة في منطقة الشيخ معروف (وسط بغداد) انفجرت وهي متوقفة، ما أدى إلى إصابة اثنين من المدنيين كانا يمران بالقرب منها “.

بغداد شهدت ايضا حادثا من نوع اخر يعيد الى الاذهان الايام التي شهدتها العاصمة في ظل الانفلات الامني الذي تلاها تفجير مرقدي الامامين العسكريين في سامراء.

فقد اعلن بيان لقيادة عمليات بغداد، إنها عثرت على اربع جثث عليها اثار اطلاقات نارية وذلك في مدينة الصدر ببغداد.

واوضح البيان ان “القوات الامنية عثرت بتاريخ 18 حزيران الجاري على اربع جثث مجهولة الهوية عليها اثار اطلاقات نارية في منطقة الراس”، مبيناً ان الجثث تم العثور عليها “داخل احدى الدور تحت الإنشاء في قطاع 72 بمدينة الصدر”.

واضاف البيان ان العملية تمت “بناء على معلومات من قبل اهالي المنطقة”، لافتاً الى ان “قيادة عمليات بغداد تجري تحقيقاً بالحادث للتوصل الى منفذي الجريمة والدوافع التي تقف وراءها”.

الى الجنوب حيث محافظة ذي قار التي اعلن فيها بيان لمديرية شرطة ذي قار أن “قوة صقر ذي قار وفوج (المهمات الخاصة) و قوة سوات (S.W.A.T) تمكنت إثر معلومات استخبارية من الاستيلاء على مخزن متوسط للصواريخ والعبوات الناسفة في منطقة حي الرافدين الجديد شمال مدينة”، مبينا أن المخزن كان “مخبئا في غرفة مغلقة بجدار من الطابوق، و تم اكتشافه بواسطة جهاز كشف المتفجرات”.

وأضاف البيان ان المخزن”يحتوي على صواريخ كاتيوشا و صواريخ  كراد و ألغام ضد الدبابات وكمية من مادتي الـ C4 و TNT شديد الانفجار، فضلا عن أسلاك تفجير ونواظير ليلية  وعبوات ناسفة  وقنابل يدوية مختلف الأنواع”. ولم يذكر البيان أعداد الصواريخ وكميات الذخائر.

وهذا هو المخبأ الثاني الذي يعثر عليه في ذي قار بعد ان كشف مصدر امني في شرطة ذي قار،  في 13 من حزيران يونيو عن ضبط اكثر من 100 صاروخ نوع كاتيوشا وكراد وكميات كبيرة من المتفجرات والعبوات والاسلحة الحديثة الصنع، فضلا عن اجهزة تفخيخ متطورة، في مصنع العبوات الناسفة الذي ضبطته الشرطة اليوم بداخل احد المنازل شمالي المدينة، مشيرا الى اعتقال اثنين في داخله.

في هذه الاثناء أعلنت وزارة الداخلية، عن ان قوات الأمن العراقية اعتقلت 34 شخصا متورطين بتفجيرات سابقة في مدينة بغداد.

وقال اللواء الركن عبد الكريم خلف مدير مركز القيادة الوطني في الوزارة إن “قوات الأمن اعتقلت 34 شخصا ينتمون الى عدد من الشبكات الإجرامية المرتبطة بتنظيم القاعدة اعترفوا بمسؤوليتهم عن تفجيرات وقعت سابقا في مدن الكاظمية والصدر والكرادة والشعلة واحياء اخرى من مدينة بغداد”.

وأضاف أن “هؤلاء اعترفوا ايضا بمسؤوليتهم عن ارتكاب جرائم قتل ضد مدنيين عزل، ومسؤوليتهم عن تفجير العبوات الناسفة في الطرقات والتي تستهدف المدنيين”.

المخاوف من ان تنشط بعض الخلايا السملحة مع اقتراب الانسحاب الامريكي وبعده عبر عنها عضو لجنة الأمن والدفاع حسن ديكان.

وأوضح ديكان “نتوقع بعد انسحاب القوات الأمريكية من المدن أن تنشط بعض الخلايا الإرهابية ليحدث القليل من الزعزعة الأمنية لكي يقولوا للشعب إن الأجهزة الأمنية العراقية غير قادرة على حفظ أمنكم”.

وأكد ديكان أن “القوات العراقية قادرة على حفظ الأمن وردع التهديدات الداخلية، إلا أنها بحاجة إلى التجهيز والتسليح لردع أي تهديد خارجي”، داعيا إلى “رسم سياسة حقيقية لبناء وزارتي الدفاع والداخلية، حيث لدينا احتياجات كثيرة في الوزارتين بمجال التجهيز والتسليح”.  ووقعت الحكومة العراقية في 13 من شهر كانون الاول ديسمبر الماضي اتفاقية طويلة الامد مع الولايات المتحدة الامريكية تنظم تواجد القوات الاجنبية في العراق وانسحاب تدريجي للقوات الأمريكية ينتهي عام 2011.

ونصت الاتفاقية على ان “تتمركز قوات الولايات المتحدة المقاتلة المنسحبة … في المنشآت  والمساحات المتفق عليها التي تقع خارج المدن والقرى والقصبات التي سوف تحددها اللجنة المشتركة لتنسيق العمليات العسكرية (JMOCC)  قبل التاريخ المحدد“.

وكان وزير الدفاع العراقي عبد القادر جاسم العبيدي قال، ان وزارته انجزت 90% من المهام الامنية لتولي مسؤولية الامن للمدن والقصبات العراقية بعد انسحاب القوات المتعدده الجنسيات في الـ 30 من حزيران الجاري، مبينا انه  بعد هذا الموعد ستتسلم المحافظات الخمسة المتبقية الملف الامني من القوات المتعددة الجنسيات.

واوضح العبيدي في مؤتمر صحفي شارك فيه الناطق باسم الحكومة العراقية علي الدباغ ووزير الداخلية جواد البولاني وقائد القوات الأمريكية في العراق  ريموند أوديرنو للحديث عن خطوات تنفيذ إتفاقية سحب القوات ان “وزارة الدفاع انجزت 90% من المهام الامنية لتولي مسؤولية الامن للمدن والقصبات العراقية بعد انسحاب القوات المتعدده الجنسيات في الـ 30 من حزيران” مبينا انه ” بعد 30 حزيران ستتسلم المحافظات الخمسة المتبقية الملف الامني من القوات المتعددة الجنسيات الى القوات العراقية”.

واضاف العبيدي ان “اتفاقية سحب القوات  يترأسها عن الجانب العراقي رئيس الوزراء نوري المالكي وتتفرع منها لجان وهي لجنة عملياتية برئاسة وزيرالدفاع ولجنة غيرامنية وغيرعملياتية برئاسة وزير الداخلية جواد البولاني.”

وتابع العبيدي “بعد الانسحاب من المدن سيكون للقوات العراقية اسناد جوي ودعم هندسي مختص بالنيران الغير مباشرة والعبوات المعقدة “.

الناطق باسم الحكومة العراقية علي الدباغ  اعلن ان “بعض القوات الفنية الامريكية ستبقى لغرض التدريب والمشورة للقوات العراقية بحسب المادة 24 من الاتفاقية “.

وشدد على انه “بعد الـ30  من حزيران سيكون امن المواطن العراقي بيد القوات العراقية وكذلك حماية الاجانب والعاملين في السفارات والهيئات الدبلوماسية في العراق”، موضحا ان بعد هذا التاريخ  ستكون الامور متكافئة من خلال “اكتمال السيادة العراقية” .

وتابع الدباغ انه “لن تكون هناك مهمات قتالية للقوات الامريكية الا بطلب من الحكومة العراقية، وستستمرعملية نقل القواعد من القوات الامريكية الى القوات العراقية بالتدرج  لحين الوصول الى الانسحاب الكامل من العراق عام 2011 او ربما اقل من هذا التاريخ حسب اعلان بارك اوباما الذي ينسجم مع هدف الحكومة العراقية”.

رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي شدد في لقاء اجرته مع صحيفة لو موند Le Monde الفرنسية في 16 من حزيران يونيو إن القوات العراقية ستقتصر على طلب الدعم اللوجستي فقط من الجانب الأمريكي لحين توفير طائرات، معربا عن توقعه “بعدم حدوث تصاعد كبير في العنف بعد 30 من حزيران يونيو”، مضيفا “في كل الأحوال، التقارير الأمريكية نفسها تقول إن قواتنا قادرة على تولي المسؤولية، فلن تكون هناك عودة إلى الوراء، وليس هناك مجالا لإعادة النظر باتفاق الانسحاب الأمريكي”.

القلق من مستقبل كركوك

في سياق متصل أعرب عدد من أعضاء مجلس النواب عن قلقهم بشأن مستقبل المدن المتنازع عليها لاسيما مدينة كركوك مع تصاعد العد التنازلي لانسحاب القوات الأميركية من المدن العراقية.

وقال رئيس كتلة القائمة العراقية في البرلمان جمال البطيخ إن مدينة كركوك “هي بمثابة القنبلة الموقوتة التي تكاد تنفجر في أي وقت”، داعيا إلى “حل الخلاف القائم بشأنها في اطارالدستور”.

وأضاف أن القائمة العراقية “من دعاة جعل كركوك إقليما قائما بذاته”، مبينا أن “جعل المدينة إقليما سينصف جميع المختلفين بشأنها”. بحسب اصوات العراق.

وأوضح البطيخ الملاحظ أن القوى الكردية “تحاول بين الحين والآخر فرض إرادتها على القوى السياسية الأخرى وهذا من شأنه تعقيد الأمور بدلا من الإسهام في حلها”، منوها إلى أن القيادات الكردية “أكدت في أكثر من مناسبة أن كركوك قدس ثانية لا يمكن التنازل عنها بأي شكل من الأشكال وهذا ما سيأزم القضية كثيرا”، بحسب رأيه.

وأفاد أن الحكومة العراقية “تدرك خطورة مستقبل المدينة بعد الانسحاب الأمريكي منها”، لافتا إلى أن رئيس الوزراء نوري المالكي “بين في أكثر من مناسبة خلال لقاءه بعدد من رؤوساء الكتل السياسية أن الساحة السياسية فضلا عن الأمنية غير مهيئة لتسلم الملف الأمني في كركوك عقب الانسحاب الأمريكي”.

واستبعد البطيخ أن “تشهد الأيام المقبلة حلا سياسيا للمدينة المتنازع عليها”، موضحا أن الصراعات السياسية بين الفرقاء في كركوك “لا تزال هي سيدة الموقف حتى الآن”.

وخلص البطيخ إلى القول إن على القوى السياسية “ادراك حقيقة أن الجميع يبحرون في قارب واحد وإذا ما شاءت الأقدار وغرق ذلك القارب فان الجميع سيغرق ولا مناص من ذلك”، بحسب تعبيره.

ومن المقرر أن تنسحب القوات الأمريكية من المدن العراقية في نهاية حزيران يونيو الجاري بموجب الاتفاقية الأمنية الموقعة بين البلدين.

وتعد مدينة كركوك الغنية بالنفط من المناطق المتنازع عليها وأبرز القضايا الخلافية بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان التي تطالب بضمها للإقليم. وتضم كركوك مكونات من العرب والأكراد والتركمان والمسيحيين.

وكانت لجنة قد شكلت لتقصي الحقائق بشأن المناطق المتنازع عليها في العراق بتفويض من مجلس الأمن الدولي لبعثة الأمم المتحدة في العراق، لمساعدة الحكومة في حل قضية المناطق المتنازع عليها.

من جهته اعتبر النائب الكردي محسن السعدون “وجود مجلس منتخب يمثل مختلف أطياف كركوك من شأنه ضبط الأوضاع الأمنية وفرض الاستقرار”، لافتا إلى أن كركوك “تشهد استقرارا أمنيا أفضل بكثير من محافظة نينوى وبعض مناطق محافظة ديالى”.

وأضاف أن القوات الأمنية والقوى السياسية في محافظة كركوك “تستطيع أن تحافظ على الأمن والمكتسبات التي تحققت خلال هذه المدة”.

وذكر السعدون “لا توجد لدى القوى السياسية المتواجدة في المدينة أي نية لإثارة ما من شأنه خلخلة الاستقرار السياسي والأمني في كركوك”، مبيننا أن القوى السياسية في كركوك “أمام استحقاق سياسي وانتخابي ويجب أن يكون حل الخلاف سياسيا”.

وتابع أن التحالف الكردستاني “وافق نزولا عند رغبة باقي القوى السياسية على تشكيل مجلس محافظة كركوك بموجب المادة الدستورية 23 المتعلقة بتوزيع المناصب الإدارية والسياسية في المحافظة”.

وأردف أن “الموافقة على هذا الخيار كان بمثابة حسن نية يقدمها التحالف الكردستاني لباقي الأطراف في كركوك”، واستطرد أن الكل “يتحملون مسؤولية حفظ الأمن في كركوك”.

وزاد أن “عدو الأكراد والتركمان والعرب واحد وهو الإرهاب وتنظيم القاعدة والمطلوب مساعدة القوات الأمنية لحل الأزمة الأمنية عقب الانسحاب والحفاظ على المدينة”.

وشكل مجلس النواب بموجب المادة 23 من قانون انتخابات مجالس المحافظات، لجنة لوضع آلية لتقاسم السلطة تجري على ضوئها انتخابات محافظة كركوك والاقضية والنواحي التابعة لها التي أجلت بسبب وضع المدينة الخاص بالإضافة إلى تحديد التجاوزات على الأملاك العامة والخاصة في المحافظة قبل 9 نيسان 2003 وبعده.

من جانبه اعتبر عضو جبهة التوافق هاشم الطائي أن الخلاف بشأن كركوك “شائك وعمقه السياسي يمتد إلى عقد العشرينات من القرن الماضي”، مرجحا عدم إمكانية “التوصل إلى قانون خاص يتعلق بمحافظة كركوك وترضى عنه الأطراف المعنية كافة في هذه الدورة البرلمانية بسبب عدم تكافؤ الفرص بين الأطراف المعنية ولأن الأجندة المحلية والخارجية مستفيدة من الوضع القائم ولا تريد إيصال الأمور إلى نهايتها”.

واقترح الطائي “إعطاء القوى المتصارعة مزيدا من الوقت للتوصل إلى حل والاستفادة من عمل لجنة التعديلات الدستورية”، مبيننا أن السياسين جميعا “يتحملون أي دم قد يراق في العراق طالما كان بإمكانهم الوصول إلى حل يرضي الجميع”.

استطرد النائب الطائي قائلا “اراهن على الضمير الوطني الذي يحمله هؤلاء الساسة واتمنى أن لا تفضي خلافاتهم إلى أمور تؤثر على الجميع”.

وأفاد أن “بناء الثقة بين الأطراف المعنية يجري بشكل نسبي وهذا طبيعي لكن نتمنى أن لا تصل الأمور إلى نهاية غير سعيدة”.

وكان حزب توركمن ايلى، أحد الأحزاب التركمانية الرئيسة في كركوك قد طالب في وقت سابق، لجنة الأمن والدفاع البرلمانية بالعمل على استقدام فرقتين عسكريتين من وسط العراق وجنوبه إلى مدينة كركوك قبل الانسحاب الأمريكي، لأسباب قال إنها تتعلق بعدم وجود توازن في القوات الأمنية التي تسيطر عليها ميليشيات تابعة لجهات سياسية (لم يسمها).

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 27/حزيران/2009 - 29/جمادى الآخرة/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م