احداث ايران والوصول الى طريق مسدود

المجتمع الدولي يخرج عن صمته وندا تتحول الى رمز

اعداد: محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: تشير مختلف التقارير الواردة من ايران ان الوضع هناك بدأ يتخذ منحى مغاير لبداية الاحجاجات الشعبية المناهضة للسلطة. وكل المؤشرات تقول ان الطرفين قد وصلا الى طريق مسدود وان الحل مستحيل ومعقد، حيث يرى كل طرف ان التراجع سيؤدي الى هزيمته وانكسار مشروعه.

حيث قابل اصرار النظام الايراني على التصدي بحزم وشدة للمعترضين على نتائج الانتخابات ردود فعل عكسية لما كان متوقع في الشارع الايراني، سيما بعد تصاعد حجم الاحتجاجات وسقوط العشرات من القتلى والجرحى على يد ميليشيات الحرس الثوري.

من جهة اخرى خرج المجتمع الدولي عن صمته حيال الاحداث في ايران مطالبا النظام الايراني بتجنب العنف والاضطهاد تجاه المحتجين.

خاتمي يتوقع عواقب وخيمة

صعد رجال الدين المؤيدون للاصلاح في ايران انتقاداتهم للسلطات بعد التحدي الشعبي الذي لم يسبق له مثيل على مدى ما يزيد على اسبوع للزعامة في الجمهورية الاسلامية.

وقال منتظري وهو احد مؤسسي الثورة الاسلامية عام 1979 ثم اختلف مع القيادة الحالية وأودع رهن الاقامة الجبرية في منزله منذ بضع سنوات "ان مقاومة مطلب الشعب حرام."

ودعا في بيان في موقعه على الانترنت الى الحداد ثلاثة ايام على القتلى.

يقول موسوي الذي يتصدر مؤيدوه الاحتجاجات ان الانتخابات زورت ويجب الغاؤها.

الى ذلك جدد مجلس صيانة الدستور الايراني رفضه للطلب الذي تقدم به مرشحان خسرا الانتخابات الرئاسية التي جرت في الثاني عشر من الشهر الجاري بالغاء الانتخابات، رغم أعلان متحدث باسم مجلس صيانة الدستور، المكلف الإشراف على الانتخابات الرئاسية في إيران، أن عدد الأصوات التي تم الإدلاء بها في الانتخابات الرئاسية الأخيرة تخطى عدد الناخبين المحتملين في خمسين إقليما. بحسب رويترز.

لكن المتحدث، اعتبر أن ذلك لن يكون له "تأثير مهم" على النتيجة النهائية، لطالما أن إيران تضم 366 إقليما موزعا على ثلاثين محافظة.

وجاء في بيان بثته محطة (بريس تي في) الحكومية الايرانية الناطقة بالانجليزية: "رفض مجلس صيانة الدستور في ايران الغاء انتخابات الثاني عشر من يونيو/حزيران الرئاسية، قائلا إن الانتخابات لم تشهد تزويرا جديا."

ويشير تحليل اجرته مؤسسة تشاثام هاوس البريطانية لابحاث الرأي للاحصاءات الرسمية الصادرة من وزارة الداخلية الايرانية الى ان نسبة الاقبال في اقليمي مازانداران ويازد المحافظين كانت اكثر من 100 في المئة.

وقال انه في ثلث كل الاقاليم كانت النتائج الرسمية ستتطلب حصول احمدي نجاد على اصوات كل المحافظين السابقين والوسطيين وكل الناخبين الجدد وما يصل الى 44 في المئة من الاصلاحيين "على الرغم من عشر سنوات من الصراع بين هاتين الجماعتين."

من جانبه، دعا مهدي كروبي، وهو أحد المرشحين الثلاثة الذين خسروا الانتخابات الرئاسية الأخيرة، إلى إقامة مراسم حداد على أرواح الضحايا الذين سقطوا في المظاهرات، وإلى إلغاء نتائج الانتخابات وإعادة عملية الاقتراع.

فيما دعا موسوي الذي اظهرت النتائج الرسمية حصوله على المركز الثاني بعد احمدي نجاد في الانتخابات انصاره الى تنظيم احتجاجات جديدة ضد "الاكاذيب والتزوير" في الانتخابات.

ووجه موسوي نداء مستترا الى قوات الامن للتحلي بضبط النفس في التعامل مع المظاهرات وهي خطوة من المرجح ان تنظر اليها بشك عميق قيادة محافظة توعدت باستخدام القوة اينما كان ذلك ضروريا لاخماد المعارضة.

وحذر محمد خاتمي الرئيس المعتدل السابق وحليف موسوي من "عواقب وخيمة" اذا منع الناس من التعبير عن مطالبهم بطرق سلمية.

وتنطوي تصريحاته التي نشرتها وكالة مهر شبه الرسمية للانباء على انتقاد لخامنئي الذي أيد فرض حظر على الاحتجاجات ودافع عن نتيجة الانتخابات.

وقال موسوي ان القتل والاعتقال الجماعي لمؤيديه "سيخلق صدعا بين المجتمع والقوات المسلحة في البلاد."

في حين قال علي شاهروخي، رئيس اللجنة القضائية في البرلمان الإيراني: "إن هناك أسسا قانونية لملاحقة موسوي أمام القضاء بتهمة العمل ضد الأمن القومي الإيراني".

ففي تصريح لوكالة فارس للأنباء، قال شاهروخي: "إن دعوة موسوي لمظاهرات غير شرعية وإصداره بيانات استفزازية يُعدَّان مصدرا لعدم الاستقرار في إيران، ويجب أن يواجه هذا التصرف الإجرامي بحزم".

في ذات السياق أفرجت السلطات الإيرانية عن فائزة هاشمي، الابنة الكبرى للرئيس السابق أكبر هاشمي رفسنجاني، وعن أربعة أفراد آخرين من عائلتها بعدما أوقفتهم قوات الأمن "حفاظا على أمنهم"، كما أفادت وكالة فارس الإيرانية للأنباء.

وقالت الوكالة إنه "اُفرج عن فائزة هاشمي الليلة الماضية، وذلك بعد أن كان قد أُفرج سابقاً عن الأفراد الآخرين من أسرتها.

المحاكم ستلقن المتظاهرين درسا

بدوره قال مسؤول ايراني ان الهيئة القضائية ستلقن المعتقلين خلال الاحتجاجات حول انتخابات الرئاسة المثيرة للجدل درسا وذلك بعدما فرقت شرطة مكافحة الشغب أحدث مظاهرة في طهران.

وقال التلفزيون الرسمي ان أكثر من 450 شخصا اعتقلوا خلال اشتباكات مع الشرطة في طهران كما قتل عشرة على الاقل.

ونقلت وكالة أنباء الجمهورية الاسلامية الايرانية عن ابراهيم رايسي وهو مسؤول قضائي بارز قوله "سيتم التعامل مع المعتقلين في الاحداث الاخيرة بطريقة تلقنهم درسا."

وأضاف أن محكمة خاصة تدرس الحالات. وقال "يجب التعامل مع مثيري الشغب بطريقة تجعلهم عبرة وستفعل السلطة القضائية ذلك." بحسب رويترز.

ومن ناحية أخرى اتهم احمدي نجاد الولايات المتحدة وبريطانيا بالتدخل في الشؤون الداخلية لايران.

ونقلت وكالة انباء الطلبة عنه قوله خلال اجتماع مع مجموعة من رجال الدين والعلماء "أنصحكم (الولايات المتحدة وبريطانيا) بتصحيح مواقفكم التي تتسم بالتدخل."

وتشير هذه اللهجة المشددة الى ان السلطات ربما كانت تستعد للقيام بحملة قمع لوضع حد للاحتجاجات التي مضى عليها اكثر من اسبوع.

حيث فضت الشرطة الايرانية احتجاجا في طهران وقال الحرس الثوري انه سيساعد على قمع من وصفهم بالمشاغبين المعارضين لاحمدي نجاد.

وفي لفتة تعبر عن التحدي ظهرت اول مرة في الثورة الاسلامية عام 1979 والان يتبناها المحتجون الموالون للاصلاح دوت هتافات "الله اكبر" في انحاء طهران مع حلول الليل حيث اعتلى المحتجون اسطح المنازل وراحوا يكبرون معلنين تحديهم للسلطات.

وقال شهود عيان ان أنصار موسوي احتشدوا بميدان هفت تير في طهران رغم تحذيرات الحرس الثوري. غير ان قناة برس تي.في التلفزيونية قالت انهم تفرقوا بعد وصول قوات الامن.

وقال سكان ان قوات شرطة مكافحة الشغب الذين يركب بعضهم دراجات نارية واعضاء ميليشيا الباسيج منتشرون باعداد كبيرة.

وقال احد شهود العيان انه رأى من شرفة منزله مجموعة تردد شعارات وهي تتعرض للاعتداء على يد الباسيج الذين جروا المحتجين من منزل قريب لاذوا به.

وقال الشاهد "كان الباسيج عدوانيين حقا وصاحوا بي ان ادخل..انتابني الفزع من ان يقتحموا منزلي ايضا."

وجاء في بيان نشر على موقع الحرس الثوري على الانترنت "في الموقف الحساس الحالي... سيتعامل الحرس بحزم وبأسلوب ثوري مع مثيري الشغب ومن ينتهكون القانون."

وبيان الحرس الثوري الذي ينظر اليه على انه اكثر الموالين للمؤسسة الدينية الحاكمة يشير الى اتخاذ اجراءات صارمة ضد اي اضطرابات جديدة في ايران خامس أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم.

وقال التلفزيون الرسمي الايراني اليوم ان الهدوء ساد طهران لليلة الثانية. وقالت هيئة البث في الجمهورية الاسلامية الايرانية (ايريب) "وجود قوات الشرطة والباسيج في أجزاء من المدينة عزز شعور الناس بالامن."

وتتهم السلطات الايرانية قوى غربية بدعم احتجاجات الشوارع ولم تستبعد احتمال طرد سفراء أوروبيين.

وقال التلفزيون الايراني ان عشرة اشخاص قتلوا واصيب اكثر من 100 اخرين في مظاهرات نظمت في طهران في تحد لتحذير وجهه الزعيم الاعلى اية الله علي خامنئي.

ونقلت محطة برس تي.في التلفزيونية الايرانية الناطقة بالانجليزية عن مكتب المدعي العام في طهران ألقى باللائمة في قتلى بداية الاسبوع على " مخربين مجهولين" فتحوا النار على مدنيين وقتلوا أشخاصا.

يذكر ان السلطات الايرانية منعت اسرة المتظاهرة القتيلة ندا اغا سلطان من اقامة مجلس تعزية لها.

واشتهرت الشابة الايرانية وعمرها 27 سنة عندما ظهرت على اشرطة فيديو نشرت على الانترنت وهي تلفظ انفاسها الاخيرة.

ويظهر شريط الفيديو والد ندا سلطان وهو يصرخ طالبا منها ان تفتح عينها، بينما كان يردد شخص آخر "لا تخافي." لكن جهود انعاشها باءت بالفشل.

واستخدم متظاهرون فيما بعد صورتها ووجها ملطخ بالدماء، كما تداولت اسمها وصورها المواقع الالكترونية بانواعها.

وقال خطيبها كاسبيان ماكان ان مليشيا البسيج الموالية للحكومة منعت اسرة سلطان من اقامة مجلس تعزية في احد مساجد طهران خوفا مما قد يترتب عنها، وانها اصبحت رمزا لاحتجاجات المعارضة. بحسب BBC  .

كما قال ماكان انها لم تكن تشارك في الاحتجاجات، بل كانت جالسة في سيارة مع مدرسها للموسيقى، عندما قررت الخروج منها بسبب الحر. "خرجت لدقائق معدودات فقط ثم تلقت الرصاصة القاتلة."

ونقل خطيب ندا سلطان عن شهود عيان ان الباسيج الذين كانوا بثياب مدنية استهدفوها "ولم يكن حادثا."

كما دعا ايرانيون على المواقع الاجتماعية على الانترنت الى الحداد على نداء الشابة التي قتلت بالرصاص.

وذكر شهود عيان قالوا ان مسؤولي الامن منعوا تشييع جنازتها حيث اغلقوا الطرق المؤدية الى احد مساجد وسط طهران حيث كان سيصلى عليها.

وقال شاهد عيان "الشرطة كانت ترش طلاء على سيارات الذين اصروا على القيادة باتجاه المسجد."

وحث شبان من أنصار موسوي في موقع لهم على الانترنت المواطنين على حمل شموع سوداء بأشرطة خضراء تضامنا مع ضحايا الاضطرابات الاخيرة.

وجاء في الموقع أيضا ان على قادة المركبات اضاءة أنوار سياراتهم لساعتين من الخامسة مساء (1230 بتوقيت جرينتش) "لاظهار تضامنهم مع عائلات الشهداء الذين قضوا نحبهم في الاحداث الاخيرة."

وقال احد المحتجين من طهران "سنتجمع في شوارع طهران حاملين شموعا حدادا على نداء واصدقاء اخرين لقوا حتفهم."

اصداء المجتمع الدولي

من جهته قال بيان اصدره المكتب الصحفي ان الامين العام للامم المتحدة "يدعو السلطات الايرانية الى احترام الحقوق المدنية والسياسية الاساسية وخاصة حرية التعبير وحرية التجمع وحرية المعلومات."

وقال البيان ايضا ان بان دعا الحكومة الايرانية والمعارضة الى حل الخلافات بينهما حلا سلميا من خلال الحوار والسبل القانونية.

فيما كشفت السويد الرئيس المقبل للاتحاد الاوروبي ان اعضاء الاتحاد يجب ان يدرسوا وضع خطة لاستقبال متظاهرين وتقديم مساعدات لهم في سفاراتهم في ايران. وقالت ايطاليا انها مستعدة لفتح سفارتها بطهران أمام المحتجين الجرحى.

وحث الرئيس الامريكي باراك اوباما الذي يقود جهودا دبلوماسية لوقف برنامج ايران النووي الذي يخشي الغرب ان يتمخض عن صنع اسلحة نووية طهران على "وقف كل الاعمال العنيفة وغير العادلة ضد شعبها". بحسب رويترز.

وقال اوباما في بيان "يتعين ان تفهم الحكومة الايرانية ان العالم يراقب. نحن نحزن لكل روح بريئة تزهق."

ورفض ديفيد ميليباند وزير الخارجية البريطاني اتهامات احمدي نجاد. وقال "ترى المملكة المتحدة بشكل قاطع ان الشعب الايراني هو صاحب الشأن في اختيار حكومته."

ودعت المستشارة الالمانية أنجيلا ميركل السلطات الايرانية الى اعادة فرز الاصوات والاحجام عن استخدام العنف ضد المتظاهرين واطلاق سراح المعارضين المعتقلين واطلاق حرية وسائل الاعلام في تغطية المظاهرات.

وفي باريس قال رئيس البنك المركزي الاوروبي جان كلود تريشيه ان التوتر في ايران زاد الخطر الذي يتعرض له الاقتصاد العالمي وشدد على ضرورة تعزيز النظام المالي العالمي.

وواصلت ايران اتهام الغرب بدعم "مثيري الشغب".

وقال حسن قشقوي المتحدث باسم وزارة الخارجية في مؤتمر صحفي "قيام قوى ووسائل اعلام غربية بالترويج للفوضى والتخريب ليس مقبولا على الاطلاق."

وأضاف أن تلفيات لحقت ببعثات دبلوماسية ايرانية خلال احتجاجات متعلقة بالانتخابات في دول أخرى منها المانيا.

وفي تعليق له على تطورات الأحداث في إيران، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إن العلاقات بين إسرائيل وإيران كان يمكن أن تُستأنف فيما لو كانت قد تولت الحكم حكومة مختلفة في طهران.

وأضاف نتنياهو قائلا إن بلاده سترحب بنظام يوقف "دعم الإرهاب"، ولا يسعى لبناء ترسانة نووية، دون أن يحدد أيا من المرشحين يمكن أن يحقق مثل تلك الأهداف.

من جهته، قال وزير الخارجية السوري، وليد المعلم، إن التدخل الخارجي بالأحداث الجارية في إيران "يضر بالحوار المنتظر بين طهران وواشنطن".

ففي مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الهولندي، قال المعلم: "إن الرهان على سقوط النظام في إيران هو رهان خاسر".

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 25/حزيران/2009 - 27/جمادى الآخرة/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م