كل الخصال الحسنة التي امتاز بها الصحابة يمتاز بها امير المؤمنين
عليه السلام اضافة الى سبعين ميزة انفرد بها عليه السلام دون سائر
الصحابة والخلق ومن بين هذه الخصائص التي امتاز بها علي عليه السلام
(اية النجوى) والتي بسببها نجا المسلمون من سخط الله بفضل علي (ع)، ثم
نسخت هذه الاية، كيف ننظر الى اهميتها ونسخها؟ وبعد نسخها هل عمل بها
المسلمون؟
(يا ايها الذين آمنوا اذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم
صدقة) جاء تفسيرها في (الكشاف) للزمخشري عن علي عليه السلام ان في كتاب
الله آية ما عمل بها احد قبلي و لا يعمل بها احد بعدي كان لي دينار
فاشتريت به عشرة دراهم فكنت اذا ناجيته تصدقت بدرهم قال الكلبي تصدق به
في عشر كلمات سألهن رسول الله«ص»و مثله في تفسير النيسابوري.و في
الكشاف عن ابن عمر كان لعلي ثلاث لو كانت لي واحدة منهن كانت أحب الي
من حمر النعم تزويجه فاطمة و اعطاؤه الراية يوم خيبر و آية النجوى، اذن
ماذا نستفاد من الاية؟
هل الاية حكم ام اختبار؟ انها اختبار بصيغة الحكم، ومن هم الذي
شملوا بالاختبار؟ كل المسلمين والصحابة ولو اردت ان استثني علي عليه
السلام بعدم شموليته بالاية فهذا ممكن جدا لان علي نفس محمد ووزيره
ووليه ووصيه ومن اهل بيته وبالرغم من ذلك تدارك عليه السلام هلاك امة
محمد فتصدق لكي يناجي رسول الله (ص) والحصول على علمه اليس رسول الله
(ص) القائل انا مدينة العلم وعلي بابها، اذن الوحيد الناجح في الاختبار
هو الامام علي عليه السلام.
الذي يبقى ثلاثة ايام وعياله صيام من غير طعام هل يستكثر الدرهم على
الفقراء؟ الذي ينفق سرا و علانية هل يستكثر الدرهم على الفقراء؟
الصدقة هنا جاءت اختبار بصيغة الحكم حيث وجوبيتها تاتي في حالة
مناجاة رسول الله (ص) اما مقدارها وعدد المرات لم توضحها الاية ولكن
الجهة المستحقة لهذه الصدقة هم الفقراء، وعليه من خلال مناجاة رسول
الله (ص) تم الالتفات الى الفقراء، هذه الاية حاول بعض المفسرين
التدليس والتبرير لمن لم يلتزم بها وكانت تبريراتهم اوهن من بيت
العنكبوت.
الرازي حاول في تفسيره تبرير عدم التزام الصحابة بالاية، فقال ما
نصه : " وذلك الاقدام على هذا العمل مما يضيق قلب الفقير، فإنه لا يقدر
على مثله فيضيق قلبه، ويوحش قلب الغني، فإنه لما لم يفعل الغني ذلك
وفعله غيره صار ذلك الفعل سببا للطعن في من لم يفعل، فهذا الفعل لما
كان سببا لحزن الفقراء ووحشة الاغنياء لم يكن في تركه كبير مضرة، لان
الذي يكون سببا للالفة أولى مما يكون سببا للوحشة، وأيضا فهذه المناجاة
ليست من الواجبات، ولا من الطاعات المندوبة، بل قد بينا أنهم إنما
كانوا كلفوا بهذه الصدقة ليتركواهذه المناجاة، ولما كان الاولى بهذه
المناجاة أن تكون متروكة لم يكن تركها سببا للطعن تفسير الرازي ج 8 ص
167.
هذا التبرير نرد عليه بعدة وجوه الاول : لما كان الغني يشفق على
الفقير واصل المناجاة الصدقة للفقير فلماذا لم يتصدق للفقير بدرهم حتى
يحقق مطلبين مناجاة رسول الله ومساعدة الفقير، الثاني ان الاية هي امر
الله عز وجل ويجب على المؤمنين الالتزام بها فهل يمكن لمن يدعي الصحبة
والملازمة ترك رسول الله (ص) بسبب درهم؟ هذا من جانب ومن جانب اخر هل
يمكن ان يستكثر على المعلومة التي يحصل عليها المناجي من رسول الله (ص)
الدرهم؟ هذا مع ادعاء البعض ان الصحابة اعتقوا رقبة فلان وتبرعوا
بالبئر الفلاني للمسلمين فلو كان هذا نابع من ايمان لما استكثروا
الدرهم.
ثالثا نعم ليست من الواجبات ولا الطاعات المندوبة ولكنها من الاخلاق
التي تثبت حب الصحابي للرسول وطلب الاستزادة من علومه.
ولا ريب في أن إعراضهم عن المناجاة يفوت عليهم كثيرا من المنافع
والمصالح العامة. ومن أجل حفظ تلك المنافع رفع الله عنهم وجوب الصدقة
بين يدي المناجاة تقديما للمصلحة العامة على المصلحة الخاصة، وعلى
النفع الخاص بالفقراء، وأمرهم بإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، وإطاعة
الله ورسوله. وعلى ذلك فلا مناص من الالتزام بالنسخ، وأن الحكم المجعول
بالاية الاولى قد نسخ وارتفع بالاية الثانية.
وتعقيبا على النسخ فان هذا النسخ جاء لعدم توفر موضوع الحكم الذي
جاءت نتيجته الفشل في الاختبار الا علي عليه السلام وعليه انتهت مدة
الامتحان واعلنت النتائج.
في الناسخ والمنسوخ بحوث كثيرة وانا اقول ان المنسوخ ليس المراد منه
الالغاء بل التعطيل والاستفادة عن اسباب تشريعه اولا ثم نسخه، اذن ماذا
نستفاد من اية النجوى اليوم؟
القران المعجزة الخالدة وكل ما يجري في الكون له ذكر في القران
(وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى
وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ [النحل : 89]) وهل يعقل ان الاية
المنسوخة لا فائدة منها اذن القران والعياذ بالله يحوي اللغو !!! كلا
والف كلا.
كل العالم اليوم يعمل باية النجوى مع اختلاف اصحاب العلاقة
والمسميات الا انها في المضمون والاصل واحدة.
كثير من القوانين المالية التي شرعتها كل دول العالم هنالك مبالغ
رمزية يدفعها المواطن اذا ما طلب خدمة معينة مثال ذلك في العراق هنالك
مبالغ تستقطع للشهداء او الفقراء عندما يروم المواطن لترويج معاملة ما
مثلا للحصول على هوية او ماشابه ذلك ـ هنا لا يعنينا كيفية التصرف
بالاموال المستقطعة المهم عنوانها ـ وعليه لكل من يبغي المعاملة يدفع
رسم هو اشبه بالصدقة، رسوم الطوابع الرمزية التي يدفعها المواطن سواء
للمعاملات او الرسائل هي عبارة عن نفس اسلوب دفع صدقة النجوى.
هنالك بعض الزائرين يلزمون انفسهم اذا ما اقدموا لزيارة المراقد
المقدسة بدفع مبلغ معين في اضرحتها.
هنالك مبالغ رمزية يدفعها كل من يروم زيارة متحف او مكتبة للاطلاع
على علومها.
لاحظوا الثقة المطلقة من الرسول (ص) مع الذين اذا ارادوا المناجاة
بان طلب منهم التصدق الى الفقراء من غير تسليم الصدقة اليه بل مباشرة
من المناجي الى الفقير حتى يكون المناجي امام اختبار ثاني امام نفسه في
صدق التزامه. |