ونحن في الالفية الثالثة والعالم يمضي في مسيرته العظيمة من التقدم
العلمي والتكنولوجي والقفزات النوعية التي برزت في عالم الاتصال
والبرمجة الالكترونية.
الا ان دوائر الدولة في العراق باقية على ماهي عليه وكأنها تعيش في
العصر الحجري، فالمواطن الذي لديه قضية في احد دوائر الدولة فيبدأ
بكاتب العرائض الذي يجب ان يكتب طلبه ويرسله ليجلب طابع من احد المحلات
وفايل من اخر ثم يوجهه الى الدائرة ليستوقفه شخص لا يعرف حتى القراءة
وعلى أن يفهمه قد أخذ من وقته 15 دقيقة ثم يتوجه الى الشباك الذي يجده
ملئ بالمراجعين تحرقهم وتصهرهم حرارة الشمس.
في حينها قد يتمنى اي مواطن أن لا تكون لديه أي معاملة اجرائية في
دوائر الدولة، ومنهم من يضطر الى البحث عن شخصية لها صلة او معرفة مع
أحد موظفي الدائرة التي تكون فيها معاملته.
قبل أيام كان هناك لقاء مع أحد المسؤولين في الفضائية العراقية حول
قضية متابعة (معقـّب) المعاملات: وهو الشخص الذي يستلم معاملات
المواطنين ويتابعها حتى اكمالها لقاء مبالغ تعطي اليه، فكان هذا
المسؤول يقول" اننا نتابع كل معقب للمعاملات بقضية قانونية للحد من
ابتزاز المواطنين" والغريب بالأمر أن السادة المسؤولين لا يعالجون
القضية من جذورها بل يعالجونها من جوانبها فالمعقب لن يوجد لولا
الروتين القاتل في دوائر الدولة، وكيف للدولة ان تتابع المعقب وتخلي
براءة الموظف الذي هو تعامل مع ذلك المعقب في ابتزاز المواطن المسكين.
فالموظف الذي يتيح له الروتين أن يجعل من أي مقدم طلب معاملة كبيرة
واجراءات مملة يستطيع من خلالها ابتزاز المواطن وتحصيل اي مبلغ منه،
وعليه فلو أراد العراق أن يتخلص من مرض الرشاوي والفساد الاداري
المستشري في جميع مفاصل الدولة أن يبتدأ بالتالي:
1- ادخال نظام الشبكة الالكترونية الذي يربط دوائر الدولة فيما
بينها، لتقليل زيادة الاوراق المطلوبة من المواطن والاكتفاء فقط بتقديم
الطلب.
2- فتح مكاتب الموظفين أمام المواطن، بحيث يكون المواطن والموظف في
نفس الغرفة او القاعة ويتكلم معه وجهاً لوجه ليس من وراء حاجز او شباك
احتراماً للمواطن.
3- تغيير الموظفين بين فترة وأخرى من مكان لاخر لكي لا تكون له
القدرة على معرفة ثغرات الدائرة ويختلس منها.
4- الغاء الطوابع المالية التي توضع في المعاملات واستبدالها بنقد
يدفع للدولة، فما هو الداعي لبعثرة الاموال وادراجها داخل الاوراق.
5- توفير لكل الدوائر الحكومية الرسمية وشبه الرسمية أجهزة
الاستنساخ والطبع وآلات التصوير.
6- وضع موظف او موظفة لاستقبال المواطن وتوجيهه الى الموظف المختص
لمعاملته.
7- توفير مكان خاص للاطفال توضع فيه ألعاب لتسلية الاطفال الذين
يقدمون مع ذويهم.
8- الاستغناء عن عمل المستخدم (الفراش) الذي يكون عمله بتقديم الشاي
والماء والقهوة الى الموظفين، والاكتفاء فقط بمطبخ الدائرة الذي يتوفر
فيه الشاي والقهوة بتخصيص وقت عشرة دقائق، أما استراحة الغداء فهو من
المفروض ان يرفع لان الدوام الرسمي ينتهي الساعة الثانية بعد الظهر أما
اذا كان الدوام يبدأ الساعة الثامنة وينتهي الساعة الرابعة فيعطى 45
دقيقة للغداء لكل موظف. |