تداعيات الازمة المالية: مشاكل اجتماعية وتصاعد النزاعات العمّالية

الكساد يجعل الآسيويون يزيدون من صلواتهم من أجل الحظ والتعافي

اعداد: صباح جاسم

 

شبكة النبأ: رغمَ الأزمة الطاحنة التي يمر بها الاقتصاد العالمي حالياً، وجد استطلاع، استندَ على بيانات دولية، أن التفاؤل سمة عالمية وأن نظرة البشرية أكثر إيجابية للمستقبل. لكنَّ رئيس البنك الدولي روبرت زوليك حذّرَ من قيام اضطرابات اجتماعية خطيرة بسبب الأزمة الاقتصادية العالمية.

فيما ذكرت وسائل اعلام صينية، أن النزاعات العمالية في البلاد تضاعفت العام الماضي بسبب التراجع المالي العالمي الذي أدى الى قرارات تسريح الكثير من العمال المهاجرين واغلاق المصانع.

وقال رئيس البنك الدولي روبرت زوليك محذراً الدول المتضررة: "إذا لم نتخذ إجراءات، ثمة احتمال قوي باندلاع أزمة إنسانية واجتماعية قد يكون لها انعكاسات سياسية."

وأشار في هذا الصدد إلى أوروبا الشرقية التي تواجهها "ظروف معقدة" بسبب التدهور الاقتصادي المتسارع بموازاة مع تصاعد التذمر. واشار زوليك على الحكومات بالشروع في الاستعداد لمواجهة معدلات مرتفعة من البطالة. بحسب رويترز.

وقال رئيس البنك الدولي في حديث لصحيفة الباييس الإسبانية: "في رأيي، لا يستطيع أحد في مثل هذه الأوضاع أن يتكهن بما سيحدث وأفضل ما يمكن أن يقوم به المرأ هو الاستعداد للأسوأ."

وأضاف قائلا: "هناك أيضا ما أسميه عامل س، وهو العامل الذي لا يمكن أن يتوقعه أحد مثل إنفلونزا الخنازير."

وكان البنك الدولي قد حذر من "كارثة إنسانية" في بلدان العالم الأكثر فقرا إذا لم تتخذ التدابير الضرورية للحد من انعكاس الآزمة الاقتصادية. وقال إن حوالي 53 مليون شخص إضافي مهددون بفقد عملهم.

الآسيويون يصلّون من أجل الوظائف والحظ والتعافي

وفي الوقت الذي تحذِّر فيه حكومة سنغافورة من تدهور الأوضاع الاقتصادية تدعو ايسماريني اسماعيل، المتخصصة في تكنولوجيا المعلومات (الله تعالى) ألا يؤثر الكساد على الخطط الخاصة بزفافها في ديسمبر كانون الاول.

وقالت اسماعيل (25 عاما) لرويترز، مع ارتفاع معدل البطالة في سنغافورة الى أعلى مستوياته منذ أكثر من ثلاثة أعوام في الربع الأول من عام 2009 "أزيد من صلواتي في أوقات الركود الاقتصادي على الرغم من أن وظيفتي لم تتأثر هذه المرة."وأضافت "أُصلي لكي تكون وظيفة خطيبي في مأمن.

واسماعيل ليست وحدها.. ففي ظل خفض الشركات للوظائف وضخ الحكومات الأموال لتحفيز الاقتصادات يتدفق الآسيويون الذين ألحق الكساد أضرارا بهم من تايوان الى تايلاند على المعابد والكنائس والمساجد التماسا للسكينة في الدين ويصلون من أجل تعاف اقتصادي سريع.

ويقول اليكسياس بيريرا المتخصص في علم الاجتماع بجامعة سنغافورة الوطنية "قد يعاني الناس من الاكتئاب ومشاكل اجتماعية نفسية اذ يساورهم القلق بشأن الوظائف خلال الركود. بواعث القلق هذه هي التي تدفعهم الى اللجوء للدين."

ويرى تاي سين وي مدرب تقنية التأمل أن في حين قد يتطلع البعض الى قوة خارقة للمساعدة يتطلع آخرون الى تخفيف حدة الضغوط التي يعانون منها من خلال التأمل.

وقال "لان الاقتصاد في هذه الحالة السيئة يجد الناس سبيلا للسلام والهدوء" مضيفا أنه شهد زيادة بنسبة 20 في المئة بين المشاركين في فصول مركز اميتابها البوذي بسنغافورة هذا العام.

تصاعُد النزاعات العمّالية عام 2008

وفي الصين ذكرت وسائل اعلام رسمية، أن النزاعات العمالية في البلاد تضاعفت العام الماضي بسبب التراجع المالي العالمي الذي أدى الى قرارات تسريح الكثير من العمال المهاجرين واغلاق المصانع. بحسب رويترز.

وقالت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) ان يانج زيمينج نائب وزير الموارد البشرية والامن الاجتماعي أفاد بأن العام الماضي شهد 693 ألف خلاف عمالي أي أكثر بنسبة 98 في المئة عن عدد الخلافات العمالية عام 2007 وأن 1.2 مليون عامل كانوا اطرافا في هذه الخلافات.

وقال يانج من مدينة شينزين الجنوبية التي تضم حزاما من المصانع في مركز التصدير بدلتا نهر بيرل التي تضررت كثيرا بالتراجع الاقتصادي ان هناك 22 ألف نزاع عمالي تورط في كل منها أكثر من ثلاثة عمال.

ونقلت شينخوا عن يانج قوله "استخدمت السلطات المزيد من الوساطة و(التحكيم) لتسوية خلافات العمال في محاولة لمساعدة جهات الاعمال على تخطي الاوقات الصعبة دون المساس بمصالح العمال."

ويقدر أن أكثر من 23 مليون عامل صيني فقدوا أعمالهم بسبب الازمة المالية وتضررت كثيرا في هذا المجال دلتا نهر بيرل.

ولم يتحقق السيناريو الاسوأ لحدوث اضطرابات اجتماعية واسعة النطاق بعد قرارات تسريح العديد من العمال ولم تقع سوى حوادث متفرقة بسبب التوتر أو العنف لعدم دفع الاجور أو قطعها بعد اغلاق أو تقليص نشاط المصانع.

خبراء يحذّرون من رواج تجارة السلع المقلَّدة بسبب الازمة

وقال خبراء أمن انه من المتوقع ان يزداد حجم التجارة العالمية في السلع المقلدة وبينها ادوية واسطوانات مضغوطة (سي دي) واقراص فيديو رقمية (دي في دي) الى حوالي تريليون دولار هذا العام في الوقت الذي تواصل فيه الاقتصاديات في كل انحاء العالم تراجعها.

وقال ستيفن سايل نائب رئيس مجموعة (اشيا ريسك) ومقرها هونج كونج لرويترز يوم الخميس ان ما يقدر بنحو 800 مليار دولار من السجائر المقلدة والاحذية والحقائب والاحزمة التي تحمل علامات شهيرة والافلام المنتحلة انتشرت في شتى انحاء العالم عام 2007، وتوقع ان يرتفع الرقم 20 في المئة هذا العام. بحسب فرانس برس.

وقال سايل على هامش منتدى حول مكافحة الارهاب يستمر ثلاثة ايام في العاصمة الفلبينية مانيلا "كلما تتعمق الازمة المالية العالمية يرتفع الطلب على سلع استهلاكية اقل سعرا وتروج تجارة المزيفين ومنتحلي الافلام".

وصرح سايل بأن التجارة في المنتجات المقلدة تفوقت على الاتجار في المخدرات على مستوى العالم التي تجاوزت قيمتها 400 مليار دولار سنويا مستشهدا بدراسات لمجموعته المعنية بالاستشارات الامنية.

واضاف ان العائدات من بيع السجائر والاسطوانات المضغوطة واقراص الفيديو الرقمية (دي في دي) المقلدة والسلع الاستهلاكية ذات العلامات الشهيرة المقلدة يمكن ان تمول الجماعات الارهابية في كل انحاء العالم لان هذه الانشطة عالية الربحية وقليلة المخاطر.

رغم الأزمات...العالم متفائل لكن مصر في ذيل اللائحة

ورغم الأزمة الطاحنة التي يمر بها الاقتصاد العالمي حالياً، وجد استطلاع، استند على بيانات دولية، أن التفاؤل سمة عالمية وأن نظرة البشرية أكثر إيجابية للمستقبل.

وجاءت أيرلندا، والبرازيل والدنمارك بالإضافة إلى نيوزلندا، في قائمة أكثر دول العالم تفاؤلاً، بينما حلت الولايات المتحدة في المرتبة العاشرة. واحتلت زيمبابوي، ومصر، وهايتي، وبلغاريا، ذيل القائمة. بحسب سي ان ان.

وخلص الباحثون في الدراسة التي نفذتها "جامعة كنساس" و"غالوب" وستناقش الاثنين في الاجتماع السنوي لجمعية سان فرانسيسكو للطب النفسي، إلى أن البشر متفائلون بالفطرة.

وأعرب نحو 90 في المائة من المستطلعين حول العالم، عن تفاؤلهم وتوقعاتهم للسنوات الخمسة المقبلة بأن تكون على ذات المستوى الجيد حالياً، أو ربما أفضل، فيما توقع 95 في المائة، مستقبلاً أفضل، وأن تكون السنوات الخمسة المقبلة، أفضل من تلك الخمسة التي انقضت.

ولم تأت نتائج الدراسة مفاجئة تماماً، فقد أثبتت دراسات سابقة أن التفاؤل سمة مشتركة بين البشر، حيث يتمنى الناس التمتع بعمر مديد وحياة مليئة بالنجاح، والتغاضي عن الجوانب السلبية كالطلاق مثلاُ.

النساء أمام خياري الإسراف أو الاكتئاب

من جهة ثانية رأت دراسة حديثة أن النساء يمِلنَ للإنفاق أكثر عند الأزمات، بينما يقول علماء نفس إن الركود الاقتصادي يضع الجنس الناعم أمام خيار الإسراف في الإنفاق أو تزايد مخاطر تعرضهن لأمراض نفسية.

وخلص استطلاع أجرته بروفيسور كارين باين، من جامعة "هيرتفورشير" البريطانية، ومؤلفة كتاب "Sheconomics"، الذي صدر في 21 مايو/أيار الجاري، إن جولات التسوق والإنفاق ليست سوى متنفس ينظم عواطف وأحاسيس بعض النساء، أي وسيلة تخدير للمشاعر السلبية أو عدم الرضاء عن الحياة. بحسب سي ان ان.

وقال 79 في المائة من المشاركات في المسح، وعددهن 700 مشاركة، إنهم ينغمسن في التسوق والإنفاق، للترفيه عن الذات.

ووضعت أربعة من كل عشرة نساء "الاكتئاب"، وستة من بين عشرة "الإحساس بالإحباط"، كأسباب تدفعهن نحو الأسواق والإسراف في الإنفاق.

وعموماً، ترى النساء أن للتسوق قوى في الترويح عن النفس، ووجد البحث الأخير أن ارتفاع المعنويات أو تدنيها، يدفع بالنساء نحو جولات التسوق.

وعقبت باين بالقول: "هذا النوع من الإنفاق، أو الاستهلاك التعويضي، وسيلة لتنظيم العواطف الجياشة." 

ويعد تنظيم العواطف أمراً ضرورياً لسلامة العقل والبدن في آن معاً، وفي هذا الصدد، يلجأ البشر لوسائل مختلفة من بينها المخدرات والكحول، إلا أن التسوق واحدة من الوسائل التي يزداد تبني النساء لها.

وقالت باين: إذا كان التسوق عادة عاطفية للنساء، فربما يشعرن بالحاجة بالاستمرار في الإنفاق رغم الأزمة الاقتصادية.. أو الأسوأ ربما، ففي حال فشلهم في القيام بذلك، قد نرى تزايداً في الاضطرابات النفسية مثل الاكتئاب والقلق."

مغتربون مغاربة يبيعون الخردة في بلدهم هربا من الأزمة المالية

انتهى زمن الهدايا بالنسبة للصافي مراد، وقضاء عطلته الصيفية في الراحة والاستجمام وسط أهله بخريبكة (وسط المغرب) في انتظار العودة الى ايطاليا.

فاليوم بعد أن فقد وظيفته هناك بسبب الازمة العالمية وجد نفسه مضطرا للمتاجرة في سوق "الخردة" بخريبكة ليتمكن من اعالة نفسه وأسرته.

ويقول مراد (26 عاما) الذي توجه للعمل في ايطاليا منذ العام 1998 "في السابق كنا نأتي محملين بالهدايا لاهلنا وأصدقائنا .. نأتي فرحين لقضاء عطلة الصيف في الاعراس والحفلات."ويضيف ضاحكا "اليوم نعود محملين بالخردة لبيعها وتدبر أمرنا."

ويقول "انقلبت الاوضاع وفضل عدد من سكان خريبكة المهاجرين العودة الى بلدهم من أجل العمل وكسب بعض المال هنا في انتظار انفراج الازمة." مشيرا الى "عودة الالاف من سكان خريبكة ممن كانوا يعملون في ايطاليا واسبانيا."بحسب رويترز.

ومراد كعدد من مهاجري أبناء مدينة خريبكة بوسط المغرب وهي مدينة فلاحية باع فلاحوها اراضيهم الفلاحية بثمن بخس وهاجروا الى الدول الاوربية خاصة ايطاليا واسبانيا كعمال.

وساهم أبناء خريبكة والمناطق المجاورة في خلق حراك اقتصادي بالمدينة وتوسيع العمران بها بالرغم من عزلتها الجغرافية وبعدها عن محور مدن الدارالبيضاء والرباط وطنجة المنتعشة اقتصاديا بالمقارنة مع باقي مناطق المغرب.

ومع بداية الازمة المالية العالمية فقد أغلب هؤلاء العمال المغاربة رخص عملهم المؤقتة وأغلبهم أصبح يفضل العودة الى المغرب لاحتراف مهن بسيطة كالتجارة مع تفضيلهم الاحتفاظ باوراق اقامتهم في ديارالمهجر لعل وعسى "أن تنفرج الازمة ونتمكن من العودة" كما يقول مهاجراخر قدم نفسه باسم سعيد فقط.

ويقول سعيد الذي قضى سبع سنوات بايطاليا وخمس سنوات باسبانيا يشتغل برخص عمل مؤقتة في شركة لصناعة البلاستيك "حتى الاسبان لا يجدون شغلا فما بالك بالمغاربة المهاجرين."

وأضاف وهو يشهر سلعته المتمثلة في قطاع غيار وأدوات ميكانيكية في "سوق الطليان" (سوق ايطاليا) بخريبكة "لا أزال أحتفظ بأوراق اقامتي هناك على أمل أن تتلاشى الازمة وأعود وأشتغل من جديد باسبانيا والا فبلدي أفضل لي."

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 22/حزيران/2009 - 24/جمادى الآخرة/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م