الإئتلاف العراقي الموحد.. ترميم أم ولادة جديدة

علي حسين عبيد/النبأ

 

شبكة النبأ: يُعدّ الائتلاف العراقي الموحد الكتلة السياسية الأكبر في الساحة السياسية، وقد خاض دورة الانتخابات التي شارفت على الانتهاء تحت هذا المسمى، فاجتمع تحت ظله عدد من الاحزاب المعروفة وهي ذات ثقل مهم في تصميم المشهد السياسي وتوجيه حراكه بالاتجاه الذي تراه مناسبا او صحيحا.

وبعد تسلمّ الائتلاف دفة القيادة السياسية للعراق بعد فوزه بالمقاعد الأكثر في الانتخابات ومع تقادم الشهور والسنوات، أفرز الحراك السياسي كثيرا من التجاذبات والتقاطعات والاتجاهات التي تتلاقى او تتعاكس في مساراتها، ليس بين الائتلاف الموحد والكتل او الاحزاب السياسية الاخرى التي تقع خارج حدوده فحسب، بل بين احزاب الائتلاف نفسها، حيث تشكلت رؤى وانبثقت مصالح وحدثت وقائع على الارض اوضحت بصورة لا تقبل اللبس مدى ونوع الصراع الدائر في داخل الائتلاف سواء ما يخص طرائق ادارة الدولة او الرؤية السياسية الاستراتيجية على المدى البعيد والقريب لقيادة البلد والتعامل مع واقع الاحتلال وماشابه، وهذا ما دفع ببعض الاحزاب والكتل المهمة بالانسحاب من الائتلاف او التوجه الى مسارات (خارج السرب) كما يُقال، بحيث شكلت ضغطا واضحا على وحدة الائتلاف وقوته حيال الكتل الاخرى.

ولعل الانتخابات الأخيرة لمجالس المحافظات أظهرت البون الواضح بين اهم مكونيين للائتلاف العراقي وهما حزب الدعوة والمجلس الاسلامي الأعلى ما قاد الى نوع من الفتور واطلاق التصريحات هنا وهنا مما يشير الى نوع من الخلاف في الرؤية السياسية او غيرها، ومع بدء العد التنازلي لخوض الانتخابات النيابية القادمة وأهميتها كونها ستأتي بقادة آخرين يقودون العراق لأربع سنوات أخرى، تنبّهت مكونات الائتلاف الى الوضع المحدق بها، وأعادت حساباتها وسرعان ما تعالت الدعوات والتصريحات لضرورة لم الشمل من جديد تحت خيمة الائتلاف القديم الجديد وضم (الرفقاء الفرقاء) من جديد تحت الخيمة الائتلافية الواسعة لئلا تقفز كتلة أخرى الى الصدارة في حال اذا بقيت أسافين الفرقة والتبعثر تضرب اطنابها بين مكونات الائتلاف العراقي الموحد كالحزبين المذكورين قبل قليل.

وقد تساءل كثيرون سواء من المراقبين او حتى المواطنين العاديين، ما هو الهدف من دعوات ترميم الائتلاف من جديد بعد التصدع الذي ألمّ به لا سيما بعد الانتخابات الأخيرة للحكومات المحلية؟ وهل هي خطوة باتجاه ولادة جديدة تقفز على شعارات واجندات الائتلاف القديم أم أنها حالة هامشية لترميم جزئي لا تصب في العمق الحقيقي لولادة جديدة، بكلمة أخرى هل هو تغيير يقتصر على الصورة ولا يمس الجوهر، أم انه تغيير سيطول الاخير (الجوهر) ويقدم نموذجا جديدا يحقق أهدافا ملموسة هامة على الأرض؟!.

إن قيادة قائمة الائتلاف العراقي الموحد لدفة الامور خلال السنوات الاربع، تمخضت عن نسبة من الاخفاقات تفوق النجاحات وهذا ما لمسه المواطن على الارض واعلنه كثيرون، ولعل الامر ماكان سيختلف كثيرا لو تسلَّمت دفة الامور كتل او ائتلافات اخرى، وذلك بسبب طبيعة الظرف العصيب الذي مرت به العملية السياسية الجديدة وجل التجربة العراقية، غير ان هذا الرأي لايلغي ما حدث من وقائع رسمت مشهدا سيئا عن طبيعة ما حصل عليه المواطن العراقي في السنوات الاربع الماضية، لاسيما الطبقة الأدنى من بين الطبقات، ففي الوقت الذي يختلس فيه الوزير الفلاني وحاشيته المليارات، فإن هناك العديد من العوائل تسكن في بيوت من (تنك) او من طين وجلها تفتقد للمعيل حيث تعيلها أرامل الحروب والانفجارات والمفخخات وما شابه .

ان هذا المثال يجدد السؤال بصدد الدعوات التي تطالب بتجديد الائتلاف العراقي الموحد مع اقتراب الانتخابات النيابية القادمة، فهل هو تجديد في الجوهر ام الصورة؟!.

ومع اننا لا نستطيع ان نستبق ما سيحدث وليست لنا اجوبة محددة عن هذه التساؤلات، إلاّ أنّ ما يمكن أنْ يُقال في هذا الصدد هو:

- أن يكون التغيير جوهريا ولا يقتصر على تلميع الصورة الخارجية.

- أن تطرح برامج العمل منذ الآن وتوثق وستكون تحت مجهر التطبيق لمعرفة درجة التغيير في أكبر كتلة سياسية في العراق.

- أن تتم الاستفادة من أخطاء الماضي بإسلوب دقيق لتحقيق مصلحة الساسة والمواطنين معا.

- أن تُنتَهج الشفافية كمعيار صادق في التعامل مع مختلف الامور السياسية وغيرها وذلك لبناء دولة مؤسسات راسخة .

- أن تُبعَد العناصر الفاسدة التي تلبّست بالجرم المؤكَّد عن المشاركة في العملية السياسية بغض النظر عن نفوذها او تأريخها وما شابه.

- أن تدل الوقائع على الارض بأن ملامح التغيير تتعلق بالجوهر أولا.

- أن لا تغطي المحاصصة على المفسدين وتشكل لهم حماية ضد القانون.

- أن يُثبت الائتلاف (مع كبر حجمه) إستعداده لتقبل الآخرين وفتح نوافذ حرية الرأي والقول والمشاركة وحق الرقابة وما شابه.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 22/حزيران/2009 - 24/جمادى الآخرة/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م