إلهــي

هادي الربيعي

(1)

إلهي كلّما رتبّت ُ حالي

لأخطو نحوَ مجدِكَ في الأعالي

 

وأشرح ما يجيش ُ بهِ  فؤادي

وما يعنيه ِ مجدُكَ في خيالي

 

تبعثرت الحروفُ على فؤادي

وهبَّ الإرتباكُ على سِلالي

 

إلهي كيف أبدأُ ان خوفي

يرافقني على أدنى التلال ِ

 

فكيفَ اذا صعدتُ الى الإعالي

لألمسَ مجدَ آلاف الجبال ِ

 

إلهي كلُ ما في الكون ِ يأتي

على ورقي إذا بدأ ارتحالي

 

فترتعشُ الحروف ُ لفيض ِ سحر ٍ

إلهي ٍ تجسَّــد َ بالكمال ِ

 

تبعثرها عجائبُ مُعجزات ٍ

عجائبُها على عدد ِ الرمال ِ

 

وتختنق الحروف ُ بالف ِ معنى ً

تتيهُ به ِ على لجُـج ِ السؤال ِ

 

تحير ُ أمام َ أكوان ِ المعاني

وتغرق ُ في متاهات الجَمال ِ

 

إلهي

 

(2)

أأبدأُ من عَجائب ِ عرش ِ ماء ِ

يهيمنُ في السماء ِ بلا سماء ِ

 

سماواتُ الوجود ِ اليه ترنو

وتركعُ في الصباح وفي المساء ِ

 

على أقدامه ِ سبع ٌ طِباق ٌ

حملنَ بســِّره ِ سرَّ البقاء ِ

 

ويشرق ُ فيه نور ٌ سرمدي ٌ

يفيض ُ سنى ً ويعبر ُ في السناء ِ

 

سما عبرَ الوجود ِ بسِّر ِ مجد ٍ

تفرَّد َ بالجلالة ِ والبهاء ِ

 

إذا ما لاح َ بعض ٌ منه ُ أخفى

عليه ِ البعض ُ أسرارَ الخَفاء ِ

 

تشبّ ُ على قوائمه ِ قِلاع ٌ

مُحصَّنة ٌ لخير ِ الأنبياء ِ

 

ولِدن َ مع َ الوجود ِ بظهر غيب ٍ

وعُدن َ الى الوجود ِ مع الضياء ِ

 

خلود ٌ لا يُماثله ُ خلود ٌ

ومجد ٌ عبقري ُ الإنتماء ِ

 

يجسّدُ ه ُرسول ُ الله مجدا ً

يشع ُ كواكبا ً عبر َ الفناء ِ

 

إلهي

 

(3)

وراء َ غروب ِ شمس ِ الله ِ بدر ُ

وخلف َ غروب ِ بدر الله ِ فجر ُ

 

نظام ٌ تاهت الأفكار ُ فيه ِ

على قلق ِ الحوادث ِ مستمَّر ُ

 

وتحسب ُ كلَّ شيء ٍ مستقرِّاً

وتعلمُ انَه ُ لا يستقِّر ُ

 

تحرّكه ُ خيوط ُ الله ِ سِّرا ً

وتحسبُ إنَّه ُ في الكون ِ حُرّ ُ

 

تُدور ُ الكائنات ُ وكل ُ كون ٍ

لهُ في موكب ِ الإعجاز ِ سِفر ُ

 

تشابكَ بعضُها في البعض ِ بحراً

يُلاطِمُ موجَهُ في الكون ِ بحر ُ

 

إذا ما أجتزتَ بحراً لاح َ بحر ٌ

وإنْ قاربتَ سِرّّاً فاض َ سِّر ُ

 

بحار ٌ كُلُها الأشياء ُ يعيا

بها مهما أطالَ الفكر َ فكر ُ

 

وتحسبُها تعيش ُ بلا إتصال ٍ

وقلب ُ الله ِ في الأكوان ِ نهر ُ

 

ونعلمُ إنــَّه ُ حق ٌ ولكن ْ

على إشراقه ِ ينساب ُ سِحر

 

إلهي

 

(4)

إلهي قد تركتَ لنا الخيارا

لكي نحيا صِغاراً أو كبارا

 

وأطلقت َ الكتاب َ سراج َ نور ٍ

طوى ليل َ العقول ِ بما أنارا

 

تعلَّق َ فوق َ عين الشمس شمساً

دليلا ً في المتاهة ِ للحيارى

وقلت َ خذوه ُ والدُنيا سِجال ٌ

 

يُسابقُ ليلُها فيها النهارا

كتاب ٌ لو مشى في الأرض ِ يوما

 

لشبّ َ الزهر ُ يعبق ُ في الصحارى

ولكن َّ النوازَع ََ صاخبات ٌ

 

وقدْ أقبلن َ يحملن َ الدَمارا

هجمن َ على النفوس ِ بالف ِ ظفر ٍ

 

وناب ٍ يقتلعن َ بها الفنارا

 

نسور ٌ أقبلت ْ تهوي إنحداراً

على طمع ِ فزدن َ به ِ إنحدارا

 

فعمَّتْ ظلمة ُ الشيطان ِ فيها

تُبعثرُها يمينا ً أو يسارا

 

تركنَ على السماء ِ نثارَ عرش ٍ

سماويِّ الرؤى نورا ً ونارا

 

إلهي

 

(5)

سموت َ على الصفات ِ فأنت َ ذات ُ

طوتّها في الطلاسم ِ مُعجزات ُ

 

خلقت َ لنا الصفات ِ فكيفَ نسعى

لِبحر ٍ فيكَ تجهله ُ الصِفات ُ

 

وفينا منْ بديعِكَ معجزات ٌ

بما حملَتْ تدور ُ الكائنات ُ

 

وقفتُ على الثوابت ِ في جبال ٍ

وأعرف ُ إنَّها متحركات ُ

 

وأطلقت ُ الخيال َ الى وجود ٍ

عجيب ِ الصُنع ِ تغمره ُ الحياة ُ

 

تشع ّ ُ عليه ِ شمسُك َ كلَّ يوم ٍ

وفي أعماقه ِ ينمو الممات ُ

 

جمعت َ عجائب َ الأضداد ِ فيه ِ

فكيف َ الجمْع ُ يجمعُهُ الشَتات ُ

 

وما مُتَفَرِق ٍ في الكون ِ إلاّ

له ُ في الوحدة ِ الكبرى سِمات ُ

 

فسبحانَ الذي أسرى بعبد ٍ

وكانتْ في السماء ِ له ُ صلاة ُ

 

تسبِّحه ُ الخلائقُ وهي شتَّى

تساوى الصخرُ فيها والنبات ُ

 

إلهي

 

(6)

هوتْ كل ُ العروش ِ وأنتَ حي ُّ

وعرشُكَ يا إلهي سَرمديّ ُ

 

وفي كفيِّكَ للآشياء ِ نشرُ

وفي كفيكَ للآشياء ِ طي ّ ُ

 

وكمْ مَلِك ٍ يفيض ُ به ِ غُرور ٌ

توهمَّ أنَّه ُ أبداً قوي ّ ُ

 

طوتهُ يداكَ كالأوراقِ تهوي

وقدْ أودى بها عصف ٌ خفي ّ ُ

 

تمرّ ُ بِكَ الصحائف ُ وهي تُطوى

ليعبر َ فوقها الفجرُ الفتي ّ ُ

 

تمادى السائرونَ الى هَلاك ٍ

وفاض َ على غرور ِ الوهم ِ غيّ ُ

 

وما التفتوا الى الأُممِ الخوالي

وإنَّ على أعاليها العلي ّ ُ

 

وما مّلِكٌ أمامَكَ حينَ يأتي

ولا يجتازُها الاَّ التقي ِّ ُ

 

ووجهُكَ وحدَه ُ في الكون ِ باق ٍ

يفيض ُ به ِ الجلال ُ العبقري ُ

 

وهذا الكون ُ مهما كان َ فان ٍ

وكمْ أغرى الشقيَّ به الشقي ّ

 

إلهي

 

(7)

عطاؤكَ لا يماثله ُ عطاء ُ

وفيضُك َ لايماثلهُ سَخاء ُ

 

يداك َ على الجميع ِ بغير مّن ٍ

لها في كُل ِ مُنعَطف ٍ ضياء ُ

 

ونفعل ُ ما نشاء ُ بها غروراً

وتفعلُ يا إلهي ما تشاء ُ

 

تسيرُ بنا الحياة ُ بالف ِ وهم ٍ

على ظَمأ ٍ فيندفع ُ الظِماء ُ

 

ويُغرينا البريق ُ بالف ِ ضوء ٍ

تلَّونَ في دواخله ِ الخواء ُ

 

ويضحكُ كلُ ما في الكون ِ فينا

وننسى ما يخبِّئه ُ القَضاء ُ

 

وأيّ ُ الزادِ فوق َ الأرض ِ يبقى

سوى زاد ٍ يُعمِّدُه ُ البُكاء ُ

 

ومعنى ًٍ يرفع ُ الإنسان َ معنى ً

وإيمان ٍ تشيّد ُه ُ السماء ُ

 

بناؤك َ أنْ تكون َ بلا بِناء ٍ

على أرض ٍ يسيرُ بها الفناء ُ

 

وزادُكَ في التُقى جسَدا ً وروحاً

على أرض ِ السراب ِ هو البِناء ُ

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 30/آيار/2009 - 2/جمادى الآخرة/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م