نظام الرعاية للمرضى المعاقين عقلياً بين الإهمال وجني الأموال

العراقيون ووصمة المرض العقلي

اعداد: مركز النبأ الوثائقي

شبكة النبأ: لاشك أن مامرت على العراق من أحداث وكوارث، عانى العراقيون كثيرا في ظلها، فسنوات الحرب كانت كفيلة بتدمير البنى التحتية لقطاع الصحة الذي بات هزيلا ومنهار بشكل كامل، إذ دفعت الأحداث قديما وحديثا بهجرة وقتل آلاف الأطباء، وخلفت الآثار قلة في المستشفيات والدواء.

أما مستشفى الرشاد فتعد المستشفى الوحيد الذي يقدم الرعاية الصحية لمن يعانون من أمراض عقلية ونفسية في العراق. وتمتاز المستشفى بممر طويل، تلقى الأقفال الغليظة معلقة على الأبواب المعدنية في المبنى ذي النوافذ المحصنة جميعها بقضبان من الحديد.

أما في باحة المسشفى الخارجية  فتجد الراقدين هناك يفترشون الأرض وينتظرون وجبة الغداء. حيث يصل الطعام في أوعية مصنوعة من المعدن، وعن طبيعة الطعام تحدث أحد المرضى قائلا "إن الطعام غير مناسب وغير كاف"

فالإهمال يعد المشكلة الأكبر. فعلى الصعيد العائلي 10%  من المرضى تقوم عائلاتهم بزيارتهم. وأن هذه العوائل لاتريد اصطحابهم الى بيوتهم.

وعبر أطباء مختصون عن رأيهم قالوا، إن ست سنوات من الحرب في العراق كانت كفيلة بتدمير النظام الصحي في البلاد بشكل كامل تقريبا، إذ دفع القتال آلاف الأطباء إلى الهروب، وخلَّف وراءه مستشفيات بلا دواء ولا تجهيزات.

وفي العراق يسيطر هاجس النجاة والبقاء على قيد الحياة، ترى كيف يتم إسقاط أولئك الذين يعانون من الأمراض والاضطرابات العقلية من قائمة الأولويات.

يقول أحد الأطباء إن حوالي 50% من المرضى يمكنهم العيش في منازلهم. إلا أن الحرب ووصمة العار التي تلاحقهم بسبب مرضهم تدفعهم إلى البقاء في المستشفى.  وإن "الغالبية الساحقة من المرضى لا يوجد لديهم أحد على الإطلاق."

وقد تم العثور على بعض المرضي هائمين على وجوههم في شوارع المدينة، وقد تمكن الجيران من إعادة بعضهم إلى المستشفى، لكن البعض لم يعودوا بعدها أبدا."

تقول رغد سرسم، وهي طبيبة نفسية تعمل في مستشفى الرشاد: "كانت هذه منطقة حرب، وبالتالي هربنا من المستشفى للنفاد بجلدنا."

وضع خطير

إلا أن الدكتورة سرسم عادت الآن إلى عملها. لكن، وعلى الرغم من التحسن الذي شهده الوضع الأمني في البلاد، فما زال الوضع خطيرا بالنسبة للعديد من زملائها وزميلاتها إلى درجة تمنعهم من العودة إلى عملهم. فهنالك سبعة أطباء الآن يديرون المستشفى بأكمله.  لقد قامت عائلتي بطردي، ومجتمعي يلفظني ولا يقبلني، ونحنا هنا في سجن

يقول ، المستشار الوطني لشؤون الصحة العقلية في وزارة الصحة: الدكتور عماد عبد الرزاق "سوف يرتفع الطلب على العلاج النفسي، إذ أن الشعب بصدد هضم واستيعاب ما حدث عبر السنوات الماضية، كما أنه يحاول التأقلم والتكيف مع تلك التطورات."

ويشمل عمل الدكتور عبد الرزاق إعداد برنامج جديد يرمي إلى إقامة مراكز للرعاية الصحية والنفسية في المستشفيات في عموم البلاد.

جني الأموال

ويضيف الدكتور عبد الرزاق بالقول: "ليس الطب النفسي بتلك المهنة التي تجتذب الناس هذه الأيام، فالشباب يفضلون الذهاب إلى الجراحة أو طب الأسنان، حيث يكون من الأسهل عليهم جني الأموال." ولكن حتى وإن تم إنشاء مراكز جديدة، فهي من غير المحتمل أن تغير من واقع الأمر كثيرا بالنسبة لمرضى مستشفى الرشاد.

تقول الدكتورة سرسم: "المشكلة هي أن معظمهم (أي المرضى) ما زالوا هنا منذ وقت طويل، وقد تجاوزا نقطة إمكانية التمائل للشفاء."

ويسيطر على طاقم وموظفي مستشفى الرشاد هذه الأيام هاجس السعي لتلبية الاحتياجات الأساسية للمستشفى، وذلك من قبيل نقص الأدوية والمعدات والطعام، وهم أيضا بحاجة ماسة إلى برنامج تأهيل للمرضى.

ويوجد الآن مركز صغير متواضع للتأهيل في مستشفى الرشاد، وهو يقدم الدروس في مجال علاج المرضى بالموسيقى والفنون. إلا أن الموارد تظل شحيحة إلى درجة أن بإمكان المركز المذكور استيعاب أقل من 100 مريض فقط، في حين يظل أكثر من ألف مريض آخر في أماكنهم لا يبرحون اقسامهم قط.

جمع المعاقين خشية استغلالهم

من جهة أخرى نقلت صحيفة واشنطن بوست الاميركية عن اللواء عبد الكريم خلف المتحدث باسم وزارة الداخلية قوله نريد منع القاعدة من استخدام المعاقين عقليا لقتل الأبرياء.

وقال خلف ان القانون العراقي يمنع الشحاذين والمعاقين عقليا من التجول في الشوارع. وقال ان الشحاذين الذين تقل اعمارهم عن 18 عاما سيجلبون الى ملاجئ وستوجه الى المتسولين المحترفين البالغين تهم ارتكاب جرائم. أما المعاقون عقليا فسيجلبون الى المستشفيات.

وقال خلف ان هؤلاء الأشخاص الذين يعانون من عاهات عقلية يمكن أن يسببوا الكثير من الأضرار اذا ما تركوا في الشوارع وجرى استغلالهم من جانب القاعدة. ان مكانهم المناسب هو المستشفيات.

وقال الأدميرال غريغوري سميث، المتحدث باسم الجيش الأميركي، في رسالة إلكترونية ان التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة على دراية بمساعي الوزارة لحماية المواطنين المشردين والمعاقين عقليا من أن يكونوا ضحايا دون علمهم للقاعدة في العراق. وندرك أن وزارة الداخلية تعتزم نقل هؤلاء، وهم الأكثر عرضة للاستغلال من بين العراقيين، الى وزارة العمل والشؤون الاجتماعية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 28/آيار/2009 - 30/جمادى الآولى/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م