قراءة في كتاب: قاموس التنمية.. دليل الى المعرفة باعتبارها قوة

التنمية كلمة غامضة تشمل الكرم والرشوة والقمع تجاه دول العالم

 

 

الكتاب: قاموس التنمية.. دليل الى المعرفة باعتبارها قوة

المؤلف: جوستافو استيفا

الناشر: الترجمة العربية الاولى عن (المشروع القومي للترجمة) بمصر

عدد الصفحات: 611 صفحة كبيرة القطع

عرض: جورج جحا

 

 

 

شبكة النبأ: يعيد باحثون من دول مختلفة مصطلح التنمية الى سياقه التاريخي حين أطلقه الرئيس الامريكي الاسبق هاري ترومان عام 1949 دليلا على بداية "عصر الهيمنة" الامريكية تحت غطاء التنمية وهي كلمة تشمل في رأيهم الكرم والرشوة والقمع تجاه المستعمرات السابقة.

فالمكسيكي جوستافو استيفا يقول في كتاب (قاموس التنمية.. دليل الى المعرفة باعتبارها قوة) ان كلمة التنمية لها أكثر من وجه وان الاوان لكشف النقاب عن سرها منذ اتجه الامريكيون بعد نهاية الحرب العالمية الثانية لتعزيز "الهيمنة وجعلها دائمة" حيث أعلن ترومان يوم 20 يناير كانون الثاني 1949 في خطاب تنصيبه أن عصرا جديدا سيبدأ هو عصر التنمية التي يقول الكاتب انها "خرافة محافظة ان لم تكن رجعية."

ويضيف أن ترومان "غير باستعماله كلمة التخلف لاول مرة مدلول التنمية وخلق شعارا اخرا هو تعبير مخفف يستخدم منذ ذلك الحين للتلميح الى عصر الهيمنة الامريكية... بدأ التخلف اذن في 20 يناير 1949 وفي ذلك اليوم أصبح مليارا شخص متخلفين... في الوقت الراهن يرى ثلثا شعوب العالم أن التخلف خطر وقع بالفعل فهو تجربة حياة خاصة بالاخضاع والتضليل والتمييز والقهر" وأنه لكي ينجو سكان دول الجنوب من هذا الظرف غير المرغوب فيه فعليهم أن يكونوا "عبيدا لتجارب الاخرين" في اشارة الى دول الشمال.

ويقول ان ثمانينيات القرن العشرين شهدت ما عرف باعادة التنمية في دول الجنوب التي "جرت تنميتها" خلال 30 عاما وتضمن ذلك افساح المجال " للبقايا القادمة من الشمال" وتضم النفايات النووية والمصانع القديمة الملوثة والسلع غير القابلة للبيع أو المحظورة. بحسب رويترز.

ويتابع أنه باسم التحديث والحرب على الفقر تتم اعادة التنمية في صورة جيوب تكنولوجية وسياسية يصفها بأنها استعمار اقتصادي.

وصدرت الترجمة العربية الاولى لكتاب (قاموس التنمية.. دليل الى المعرفة باعتبارها قوة) عن (المشروع القومي للترجمة) بمصر وتقع في 611 صفحة كبيرة القطع وأنجزها المترجم المصري أحمد محمود الذي ترجم أعمالا مهمة من التراث الانساني منها (طريق الحرير) و (أبناء الفراعنة المحدثون) و (تشريح حضارة) و(مصر أصل الشجرة) و(الفولكلور والبحر) و(عصر الاضطراب.. مغامرات في عالم جديد) للرئيس السابق لمجلس الاحتياطي الاتحادي في الولايات المتحدة (البنك المركزي) الان جرينسبان.

ويقول محرر الكتاب فولفجانج ساكس الاستاذ بمعهد الدراسات الثقافية بجامعة اسن الالمانية انه حان الوقت لكتابة نعي لعصر التنمية التي كانت في رأيه صيغة لان تحل أمريكا مكان القوى الاستعمارية في وراثة الدول التي تحررت من الاستعمار اذ وفرت التنمية اطارا مرجعيا أساسيا "لخليط يجمع الكرم والرشوة والقمع" تجاه دول الجنوب.

ويرى أن التنمية منذ البداية لم يكن جدول أعمالها "الخفي سوى تغريب العالم... حولت العالم الى مكان محروم من المغامرة والدهشة" عن طريق الايحاء الى الاخرين بأن مهمتهم التاريخية هي اقتفاء أثر الشمال في معظم الامور.

ويقول ان هذا "التبسيط العالمي" أدى الى التنميط في العمارة والملابس والفنون وتوحيد معايير الرغبات حتى ان الخيال الغربي احتل أحلام مواطني الجنوب.

ويصف التنمية بأنها قالب عقلي "وأسطورة تريح المجتمعات وخيال يطلق العواطف" لكنها غير عادلة فما زالت ثمار الثورة الصناعية بلا توزيع عادل اذ تستهلك البشرية في سنة واحدة ما احتاجت الارض الى مليون سنة كي تختزنه.

ويرى أن تقسيم الشرق والغرب يتم استيعابه ضمن معادلة الاغنياء والفقراء وما يحدث أن المنع يحل محل التقدم باعتباره هدف التنمية وبدلا من اعادة توزيع الثروة فان "اعادة توزيع المخاطر" تهيمن في الوقت الراهن على جدول الاعمال الدولية.

ويضرب لذلك مثلا بما يسميه لا مبالاة المتخصصين في التنمية بالفردوس الصناعي الذي ظلوا يعدون به في مقابل اندفاعهم "لصد سيل المهاجرين" الى بلاد الشمال.

كما يدلل على أن مشروع ترومان للتنمية "يبدو الان خطأ فاحشا في النسب الكوكبية" موضحا أن دول الشمال كانت أغنى 20 مرة من دول الجنوب عام 1960 ثم أصبحت عام 1980 أغنى منها 46 مرة حيث تتحرك الدول الغنية في مثل هذا السباق على نحو أسرع من غيرها باعتبارها "أبطال العالم في ابطال الاستخدام التنافسي."

ويرى الالماني أوتو أولريتش وهو مهندس وباحث في علم الاجتماع أن عشرات من السنين حملت وعودا بالتقدم والتنمية لاختصار المسافة بين الشمال والجنوب ثم اتضح في النهاية بعد عقد مؤتمرات في مختلف أنحاء العالم من أجل هذا الامر أن رسالة المساعدة العالمية "تترك وراءها اثارا دامية من الاستعمار" مشددا على أن الدول النامية التي اعتبرت الرخاء في استيراد التكنولوجيا جلبت "دمار الثقافة ودمار الطبيعة" فليست كل المنتجات التكنولوجية قابلة للتعميم. وهو يرى أن "التكنولوجيات الصناعية المتاحة للغرب مصممة بالكامل من أجل النهب."

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 23/آيار/2009 - 25/جمادى الآولى/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م