قلق أمريكي من نسيان العراق

 ودعوة لإتمام استراتيجية (نظِّف وامسِك وابني)

 

شبكة النبأ: أصبح يُنظر الى العراق على أنه نصر وحرب يميل الكثير من الامريكيين وأعضاء في الكونغرس الى نسيانها. ونتيجة لذلك، ربما يندفع الامريكيون الى الخروج من العراق من دون استراتيجية ـ وخسران كل من الانجازات الحاصلة حتى الان والسلام الذي قد يتبعها.

ورأى خبير استراتيجي امريكي أن على الولايات المتحدة اتمام استراتيجية (نظِّف وامسِك وابني) في العراق على أن يؤديها العراقيون بإشراف ومساعدة امريكية، محذراً من نسيان حرب العراق.

وقال انتوني كوردسمان في مقال له بصحيفة واشنطن بوست Washington Post: على الرغم من العنف في الاسابيع القليلة الماضية، يتعرض العراق الان لخطر التحول الى حرب منسية”.

وأوضح “اصبح يُنظر الى العراق نصر وحرب يميل الكثير من الامريكيين واعضاء في الكونغرس الى نسيانها. ونتيجة لذلك، لربما نندفع الى الخروج منه من دون استراتيجية ـ وخسران كل من الحرب الجارية والسلام الذي قد يتبعها”.

وأضاف أن “من السهل جدا نسيان اننا ربحنا في فيتنام. اذ اننا غادرنا بعد هزيمة الفيت كونغ، والزمنا فيتنام الشمالية بوقف هجماتها ـ وحصلنا على جائزة تسوية كبيرة… لكن الامر تطلب سنوات قليلة فقط لتبيان كم كان مكلفا الخروج من دون التوافر على استراتيجية”.

وبين كوردسمان أن “هناك حدودا لما يمكن أن نفعله في العراق. اذ اننا لا نستطيع اجبار العراقيين على اجراء توافق سياسي. ولا يمكننا تطوير اقتصادهم بالنيابة عنهم. ولا نستطيع ان نتصرف كبدلاء لقوات عراقية فاعلة او ارساء امن محلي وحكم القانون. لكن هناك خطوات نستطيع القيام بها وعلينا اتخاذها لاتمام استراتيجية نظف وامسك وابني التي غيرت مسار الحرب بنحو كبير منذ العام 2007″.

وقال “اولا، علينا التأكد من ان العراق يستطيع اتمام الفوز ومواصلة الامساك. وعلينا ايضاح اننا سنكون مرنين بشأن سرعة انسحاب قواتنا الامريكية وحجمه اذا كانت حكومة عراقية منتخبة جديدة تحتاج الى مساعدة اضافية لايقاع الهزيمة بالقاعدة وارساء امن وطني”.

وتابع “علينا ايضا ايضاح ان الفرق الاستشارية الامريكية، ومن بينها المستشارون المدمجون الذين يعد وجودهم ضروريا لايجاد قوات عراقية قتالية مستقلة تماما وفاعلة، ستبقى ما دام العراق يريدها. وعلينا الاستعداد لادامة وتعزيز فرقنا الاستشارية لمساعدة العراق في تطوير قوات شرطة فاعلة ونظام عدالة جنائي”.

وبين أن ذلك ضروري “وإن تطلب الامر، يجب توفير المساعدة العسكرية والمعدات الى ان يتمكن العراق من الخروج من ازمة الميزانية التي تسبب بها تدني اسعار النفط العالمية ـ الازمة التي خفضت بحدة من خططه بشأن الميزانية الى 58.6 مليار دولار عن مبلغ 78 مليار دولار الذي كان متوقعا. كما ان نقص الايرادات اجبره على تجميد توسيع القوات العراقية في وقت تحتاج فيه البلاد الى حوالي 60.000 مجند في العام المقبل، واجل شراء معظم المعدات الرئيسة”.

وعن النقطة الثانية قال إن “علينا المساعدة في بناء العراق. اذ ان مساعدة الولايات المتحدة سوف تنمو باضطراد كبير بالتساوق مع اهمية الانتقال من البناء العسكري للبلدالى اعادة الاعمار في مرحلة ما بعد الحرب على مدى السنوات الثلاث او الاربع القادمة. وهذا يعني الابقاء على مستشارينا الاقتصاديين والحكوميين طالما يريد العراق ذلك. وهذا يعني الابقاء على فرق اعادة الاعمار المحلية في الميدان واستبدال افرادها العسكريين باخرين مدنيين”.

واعتبر أن هذا “يعني جهدا امريكيا كبيرا لدعم العراق في التعامل مع كل من صندوق النقد الدولي ومشكلاته مع الديون والتعويضات. ولربما يتطلب هذا مساعدة اقتصادية موجهة بعناية في اختيار مجالات المساعدة”. موضحا أن “مشكلات العراق المالية والحكومية قابلة للحل، لكنها سوف تتطلب سنوات من المساعدة الاضافية والدعم”.

ورأى كوردسمان أن “تبني ديبلوماسية امريكية نشطة سيكون امرا مهما بالقدر نفسه في مساعدة العراق على التحرك باتجاه توافق سياسي وتقليل مخاطر نشوب صراعات جديدة بين عرب واكراد، بين سنة وشيعة، او عنف محلي. وسوف يكون امرا حاسما العمل مع فريق امم متحدة قوي، وينبغي ان ينطوي ذلك على القيام بكل ما هو ممكن للحصول على دعم دول عربية اخرى، وتركيا، بل حتى (ربما) ايران”.

أما البعد الثالث والاخير المتعلق بجهد “الامساك” بحسب كوردسمان، فإنه “يتطلب اعطاء اعلى اولوية ممكنة لمساعدة العراق في تطوير حقوله النفطية وتجديد وزيادة قدراته التصديرية. وهذا لايعني تقديم مساعدة مالية. بل يعني ادراك ان حوالي 95% من عائدات الحكومة العاقية تأتي من صادرات نفطية على مدى السنوات الخمس المقبلة وبأن ضبط القطاع النفطي باسرع وقت ممكنهو السبيل الوحيد المتاح امام العراق للحصول على المال وعائدات الحكومة التي يمكنها الابقاء على البلد موحدا وتمويل الامن والاستقرار”.

وعبر كوردسمان عن اعتقاده بأن “بامكان العراق ادامة وتوسيع صادراته النفطية فقط من خلال استثمار كبير ونقل تكنولوجيا وهذا امر تأتي به شركات نفطية اجنبية. فلا يمكن للتطور ان ينتظر حتى تتمكن بغداد من تمرير قوانين نفطية متكاملة”.

ومضى قائلا “لا تعني مساعدة العراق دفعه الى ابرام عقود مع شركات امريكية او شركات لا تقدم منعة واضحة للعراق. بل يعني ان تعطي شركات امريكية وفرق امريكية وشركات نفطية اجنبية جهود دعم ملائمة، واولويات مفتوحة، وعطاءات تنافسية، تديرها الحكومة العراقية. فمن دون ذلك، لا يمكن للعراق ان يجد المال للمساعدة في جسر الانقاسامات الاثنية والطائفية، وستزداد البطالة سوءا، وسيعود الشباب الى العنف”.

وزاد “من دون ذلك لن يكون العراق قادرا على الافادة من المعونة الماضية، وتمويل خدمات اساسية من قبيل التعليم والرعاية الصحية، وتحسين بنيته التحتية، او جذب اشكال استثمار اخرى. ففي المدى القصير، لن تكون للعراق خيارات اخرى غير هذه”.

وأقر كوردسمان بأن “هذه الخطوات سوف تكلف الولايات المتحدة ارواحا ودولارات. الا ان على الرغم من ذلك فان هذه التكاليف ستكون متدنية في المدى المتوسط والبعيد اذا جرت مغادرة العراق وهو في امن واستقرار دائمين”.

وخلص إلى أنه “على الولايات المتحدة ايجاد سبيل لمغادرة العراق يؤمن استقرار الخليج الفارسي ـ المنطقة التي تشكل نصف خزين العالم المعروفمن النفط والغاز وحيث مستقبل مصداقية امريكا سيكون حاسما في التعامل مع الارهاب الجهادي كما هو الحال فيافغانستان وباكستان. فمن الناحية الاستراتيجية، لم تكن فيتنام ضرورية. انما العراق والخليج فهما كذلك”.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 18/آيار/2009 - 21/جمادى الآولى/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م