- الألوان ذات النقاوة العالية
والبريق الجذاب هي التي تميِّز الكاشي المنتج داخل العتبة المقدسة
شبكة النبأ: عندما تزدهي الخطوط لتصبح
هوية لفن يتألق على الجدران وعندما تتعانق الفرشاة مع اللون لتكون لمسة
يستمتع برونقها الناظرون، يكون الكاشي الكربلائي هو ذلك التاريخ الذي
لم ينطفئ وهج ابداعه وهو مازال يشمخ مزدهيا بزركشته في الأماكن
المقدسة وغيرها، ولحاجة العتبة الحسينية المقدسة الى هذه القطع الفنية
المتمثلة في الكاشي الكربلائي لتدخل في عملية الإعمار المستمرة وتزيين
اروقة الحرم المطهر به أنشأت الامانة العامة للعتبة الحسينية قسماً
خاصاً وهو عبارة عن معمل صناعي متطور لإدامة هذا الفن الاصيل فضلا عن
ايلائه عناية خاصة من خلال رفده بالأيادي...
وفي جولة لنا لنستكشف عالم الكاشي الكربلائي الجميل التقينا
بالأستاذ (محمود حسن الشمري) المسؤول الإداري للقسم فحدثنا قائلا:
كانت بداية العمل بمشروع معمل الكاشي الكربلائي داخل العتبة
الحسينية المقدسة قبل عامين بعد ان تكامل الضلع الغربي من الطابق
الثاني فنشأت فكرة عمل هذه القطع الفنية داخل العراق بدلاً من
استيرادها، من الخارج لأسباب مادية وفنية وقد اصبح اصل هذه الصناعة
الان عراقيا وفي كربلاء تحديدا، مما يمنحنا البعد التاريخي والمهنية
العالية في تصنيع هذه القطع الفنية، لاسيما مع توافر الايادي العاملة
الماهرة في هذا المجال والتي تقوم بعملها على احسن وجه وبكفاءة عالية..
واضاف الشمري "وبعد ذلك شرعنا بتجهيز الفرن الكهربائي لأنه الاساس
الذي يقوم عليه المشروع وذلك بعد تحديد المكان وجمع عدد من العناصر
الماهرة والكفوءة في هذا الفن من نقاشين وخطاطين اضافة الى كوادر اخرى
وجميعها عراقية صرفة بجميع أصناف اختصاصاتها ومن الأسماء المعروفة صباح
الزيادي وهو مسؤول النقاشين وحيدر المنكوشي وعلي الخفاجي وصلاح وياسين
ومن الخطاطين الماهرين حسين النصراوي".
مراحل العمل فنية ودقيقة بشكل عال ٍ
وبخصوص مراحل انتاج الكاشي الكربلائي فقد أكد محمود حسن الشمري
بقوله "مراحل العمل دقيقة وفنية بشكل عال ٍحيث نقوم بشراء الكاشي
الابيض وهو كاشي خام ابيض ذو تحمّل عال ٍلدرجات الحرارة... وذلك لرخص
اسعاره مقارنة بإمكانية تصنيعه في قسمنا، وبعد ان نرصف الكاشي الأبيض
على الشكل الذي نريده كأن يكون قوسا او جداراً او ما شابه ذلك، نقوم
بعملية الطبع على (الكليشة) وهي إما ورق ترس او ورق اسمر يرسم عليه
النقش بشكل هندسي او نباتي، حسب الموقع المطلوب سواء كان قوسا ام ضلعا،
وبعد الرسم تثقب هذه الورقة الكبيرة بالإبرة لكي تجهز للطبع، وبعد وضع
الورق على الكاشي هناك قطع خاصة نضع فيها مادة الفحم، وهذه المادة هي
التي تقوم بعملية الطبع بعدما نقوم بتمريرها على الورقة المثقوبة وبعد
مرحلة الطبع تاتي مرحلة التقليم، وهي الرسم فوق الخطوط التي شكلها
الفحم ويقوم بهذا الامر النقّاش، وبأقلام خاصة لهذا الغرض وبعد أن
تكتمل مرحلة التخطيط أو التقليم كما نسميها تأتي مرحلة التلوين ويقوم
بها مجموعة من الملوِنين من ذوي المهارات الخاصة، أما الألوان فهي
عبارة عن مواد اكاسيد فلزية حيث نقوم بخلط مادة الجوهر مع مادة الزجاج
الشفاف وبنسب خاصة..
واضاف الشمري" أما الألوان الأساسية الموجودة في العتبة الحسينية
المطهرة فهي اللون الشذري والنيلي وكذلك الذهبي وباقي الألوان هي
فرعية، وفي هذه الفترة وبخبرة الأستاذ الدكتور محمد علي الشهرستاني تم
اضافة ألوان اخرى تتناسق وجمالية الموقع التراثية.
وبعد مرحلة التلوين تبدأ مرحلة الترقيم للحفاظ على سلسلة وترتيب
القطعة، وهي ترقيم القطعة برقم من الخلف، ليتسنى للبنّاء المختص
تجميعها في المكان الذي صممت له، وبعد مرحلة الترقيم تأتي مرحلة
ترتيبها في صناديق خاصة ويدعى ذلك بالرزم او الحفظ، وبعدها تدخل الى
الفرن الكهربائي، ومن اهم مميزات هذا الفرن عدم استهلاكه للوقود، فهو
كهربائي وذو جودة وانتاجية عالية وجيدة جدا، وتبقى كل قطعة داخل الفرن
ما يقارب الساعة والنصف بدرجة حرارة تتراوح بين ( 950-1100) درجة
مئوية، وتخرج من الفرن بدرجة مائة وخمسين درجة وتصل القطع الى هذه
الدرجات العالية من الحرارة بشكل تدريجي وتنخفض ايضا بشكل تدريجي حسب
الألوان والنقش المستعمل، اما بالنسبة لمواصفات للفرن فهو اوتوماتيكي
تتم السيطرة عليه بعقل الكتروني لتنظيم الحرارة والسرعة، وهنالك قطع
يتم تذهيبها بماء الذهب وذلك بعد الانتهاء من مرحلة الفرن ويقوم بها
النقّاشون انفسهم وبعدها تعاد إلى الفرن مرة اخرى تحت درجة حرارة ما
بين (750-850) درجة مئوية.
الشمري اوضح ايضا" بعد ذلك تتم مرحلة فرز الكاشي والتي يقوم بها
كادر متخصص حسب نوعية الجسر والقياس والنقشة، وبعدها يدقق ويرزم
بصناديق خاصة، وهذه مراحل العمل اما بالنسبة لانجازات المعمل فهي
انجازات كبيرة حيث يتراوح معدل إنتاجنا أسبوعيا ما بين اربعين إلى
ثمانين مترا مربعا وفي بعض الأحيان يصل الانتاج الى حوالي مئة متر
مربع، وعدد العاملين يكون حسب متطلبات العمل أما المنتسبين الدائميين
فيبلغ عددهم عشرين شخصا مابين عامل وأسطه.
واختتم الشمري حديثه بالقول" ان الذي يميز الكاشي المنتج داخل
العتبة المطهرة هو الألوان فهي ذات نقاوة وبريق عالٍ والسبب هو جودة
المواد المستخدمة ونوع الفرن الكهربائي المتطور، والكاشي المنتج في
المعمل يستخدم بالكامل لعمارة الحرم المقدس.. |