حدود التنازل في العلاقات الزوجية

تحقيق: ورود خليل

 

شبكة النبأ: تعتبر الاسرة نواة المجتمع الاولى التي منها ينطلق الافراد آباءً وابناء نحو افق البناء والتعاون ضمن محيط اكبر سعة واكثر تاثير، لكن هذه النواة يعترض طريق نموها العديد من الإشكالات ومن اهم تلك الاشكالات نمط العلاقة الاجتماعية بين الزوج والزوجة وكيفية تعامل احدهما مع الاخر ضمن حدود الاحترام واللياقة دون ان يكون ذلك التعامل على شكل تنازلات قد تكون مؤلمة او تمس كرامة احد الطرفين وخاصة المرأة لما تتميز به مجتمعاتنا الشرقية من صبغة ذكورية. لكن التنازل بمعنى التقارب في حالات الاختلاف، هو الأطار العام الذي من الممكن للحياة الزوجية ان تكون فيه مثالية وأن تستمر رغم التجاوزات او الإساءات التي قد تصدر في اغلب الاحيان من الرجل باعتباره طرف المعادلة الأقوى والاكبر سلطة...

وعلى اعتبار ان المرأة تغلب عليها صفة التنازلات بصورة اكبر من الرجل فإنها-المرأة- قد تميل لأن تكون اكثر حكمة وتروِّ لأنها تعرف معنى خراب عش الزوجية ان هي اتخذت موقف العناد من بعض ما يصر عليه الرجل دون وجه حق أحياناً. كما ان وضعها الاجتماعي لايسمح لها بالعصيان او التمرد على واقع ترفضه مما يضطرها الى الخضوع والتنازل من اجل الحفاظ على الحياة الزوجية او خوفا على مستقبل افراد العائلة الباقين.

ولأجل أن نغوص اكثر في عالم التنازلات في الحياة الزوجية كانت لنا هذه الاحاديث، عن معنى ومدى التنازلات التي من الممكن ان توفر اجواء هادئة للعائلة بوجه العواصف التي قد تعصف بها، او تجعل من العائلة مستَعبَدة ذكورية اذا ما أصر الرجل على ان تستمر المرأة في تنازلها حد امتهان الكرامة والاساءة النفسية وحتى الجسدية...

تنازل المرأة يكسبها عطف الرجل!

السيدة أم علي، متزوجة قبل اكثر من 10 سنوات، قالت، لابد للمرأة ان تتنازل في كثير من الاحيان، لأن التنازل يكسبها عطف الرجل، ولأنها إن لم تتنازل فلن تحصل إلا على حياة زوجية تشبه الجحيم وقد تؤدي الى الخراب في اية لحظة.

وأكدت ام علي رأيها بالقول، يجب ان لا تنتظر المرأة من الرجل ان يتنازل لأن ذلك يمس بكرامته ولأننا نعيش في زمن الرجال، على حد تعبيرها...

التنازل الدائم يلغي الشخصية

السيدة ام ابراهيم، كانت حذرة في التعامل مع مفردة التنازل حيث قالت برأي ينم عن خبرة زوجية وعائلية كبيرة، انا متزوجة منذ اكثر من 45 سنة، وقد وجدتُ خلال هذه التجربة المليئة بالأيام والاحداث المفرحة والمحزنة والصعبة والسهلة على حد سواء، وجدتُ ان تنازل المرأة للرجل في كل الحالات سيدفعه لاستغلالها بقصد او دون قصد، وقد يمتد الامر الى ان يصبح الرجل متسلطا على زوجته قامعاً لحقوقها وتطلعاتها ان هي أبدَت التنازلات باستمرار، فهناك خطوط حمراء ينبغي على الرجل عدم تجاوزها مثل توجيه الإهانات او الضرب او التعنيف او التدخّل بقسوة في كل صغيرة وكبيرة تجري في البيت...

السيدة ايمان، مدرّسة، قالت، للأسف أرى انه لابد للمرأة من التنازل في اغلب الحالات الخلافية، ولكن يمكن للمرأة أن توحي للرجل بالتنازل من خلال عدة طرق تتبعها لأجل ان يشبع الرجل غروره من هذه الناحية ولأجل أن تقوم هي بما يملي عليها واجب الزوجية من الطاعة، بيد ان التنازل بصورة مستمرة عن جميع الحقوق وتفويت الإساءات او التجاوزات التي قد تصدر من الرجل قد يؤدي ذلك الى ذوبان شخصية المرأة وكيانها كلياً في شخصية الزوج وتتحول الى مجرد أداة طيعة بيده لا شريكة حياة مؤتمنة وقادرة على تقديم العون والمساعدة والنصيحة...

من هنا فإننا نستكشف ان للتنازل أبعاد وحدود وسِر لابد للمرأة ان تعرفه وهو، ان التنازل بمعناه الحقيقي انما يعني المرونة في التعامل مع الطرف الاخر، وكذلك هو استيعاب الشريك وفهم نمط تعامله ومتطلباته، كما ان التنازل لابد ان يكون مدروسا وليس اعتباطيا بمعنى ان تنتبه المرأة لما تتنازل عنه كي لاتصبح التنازلات تباعا ما يؤدي لإلغاء شخصيتها تماما...

فهناك مَن يقدّر التنازلات ويثمّنها ويعتز بها ويعتبرها نوعا من التفاني والتضحية والرغبة في الاستمرار، وهناك مَن يستخف بها بل يطالب بالاكثر فالأكثر.

الجدير بالذكر في هذه الحالة هو، ان من اكبر الأخطاء أن نسيء تسمية الاشياء كأن نعتبِر إبتلاع أخطاء الشريك تنازلاً عن الكرامة فيؤدي بنا ذلك الى عدم الرضا عن الذات فيخلِّف فينا جرحا لايندمل...

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 5/آيار/2009 - 8/جمادى الآولى/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م