مشاريع الإعمار ومهام اعضاء الحكومات المحلية الجُدد

مكافحة الفساد يمثل أولوية كبرى لهذه المجالس

 علي الطالقاني

 

شبكة النبأ: من البديهي عندما نسمع بأن الحكومات المحلية في العراق قامت بمنح " المقاولين" مشروعا ما لترميم أو بناء أو إقامة مرفق خدمي، فسوف يتبادر الى الذهن مباشرة موضوع الفساد المالي في تلك المشاريع فضلا عن عدم إنجازها بالشكل الصحيح، وإن إنفاق مليارات الدولارات من أموال الشعب، تُهدر في مشاريع قد لا يطاول عمرها نفس المشاريع التي تقام في بلد آخر غير العراق؛ وبالتالي ستكون لها تأثيرا سلبيا على سمعة مؤسسات الدولة التي يمتلكها الشعب.

ويعتقد الكثير من العراقيين، بأن المبالغ التي تُصرف لهذه المشاريع لاتذهب إلى أصحاب الخبرة النزيهين من المقاولين خصوصا، بل تذهب لأولئك الذين هم أول من أسهم في تدمير البنى التحتية حسب الظن المنطقي.

أما الحكومات المحلية فأنها أخفقت في أختيار الأشخاص المناسبين لتنفيذ هذه المشاريع، والأخطر في ذلك أنها تغض البصرعن الإساءة لسمعتها؛ وبالتالي تقوضت جهود المؤسسات الحكومية في إعادة اطلاق حركة الاقتصاد، وطالما أستمر غياب الرقابة والمحاسبة، واستمرت الحكومات المحلية بتقديم إعانات ضخمة من أموال العراقيين الى هؤلاء التجار، أي المقاولين لتسيير منافعهم الشخصية، فمن المتوقع أن تستمر حالة الشلل في قطاع الخدمات والاقتصاد.

لكننا مع أذكياء الحكومات المحلية الجُدد، نأمل أن نصل من خلالهم الى مخرج غير ذلك الذي عشناه في عالم الفساد المالي والرشاوى، إبان المرحلة السابقة التي أدت الى فوضى كبيرة في قطاع الخدمات، عبر بيع المقاولات من تاجر الى آخر، حتى ينتهي المشروع بفرار المنتفع الأخير في ظل نظام اقتصادي متهرىء.

لذلك على الحكومات المحلية الجديدة أن تتولى إدارة المشاريع الخدمية، عبر توظيف كوادر عاملة وقادرة على أنتشال البنى التحتية من حالة الفوضى، والتخلص من المتاجرة في المشاريع والاستحواذ على المنافع لصالح الحكومة، فضلا عن إعادة المنشآت الحيوية الى القطاع الخاص ولكن بربح معقول ومراقبة صارمة. حينها تكون هذه الحكومات قادرة على تأسيس نظام إدارة جديد تنطلق منه لتقدم الخدمات بشكل صحيح.

أما الإدارة السابقة التي شغلت نفسها بمحاولة إيجاد بدائل لنظام الخدمات، فإنها غرقت على يد وزارة البلديات التي لا تستطيع أن تأتي ببدائل لنظامنا الخدمي الكارثي، حيث لاتمتلك الدوائر المختصة عوامل عديدة منها، عامل القدرة على تصور نظام خدمي أقل انتهازية وأكثر أمناً، وكذلك ليس لها القدرة على سن التشريعات الإصلاحية، فالأمر يتطلب من هذه الدوائر المختصة أن تطرح خطة لا تُبدد أموال الشعب على ذات الأشخاص الذين لا زالوا يمارسون نفس أساليب الفساد المالي التي أودت بنا إلى مأزق كبير.

فهل من المبالغ فيه أن نطلب من الحكومات المحلية تأميم الشركات الخاصة بها، وأن تتوقف عن الإبقاء على نظام المتاجرة بالنظام الخدمي المتهرئ؟

أما ما أسهم به الأمريكيون عند منحهم بعض المشاريع فكانت هناك صفقات عقدت دون تدخل الحكومة العراقية وفي هذا الصدد يقول احد المهندسين العراقيين ان المشاريع التي كانت تمنحها القوات الامريكية لم تكن قائمة على اساس مناقصات او اجراءات اصولية موثقة، اذ كانت الكثير من الشركات المتعاملة مع الاميركيين هي شركات غير مسجلة، وكانت هذه الطريقة للحصول على مشاريع تسمى الـ ( direct ) كما يعرفها معظم المقاولين، وبسبب هذه الطريقة فان البعض من المقاولين ـ ان لم نقل اكثرهم ـ كانوا يحصلون على المقاولات من خلال علاقاتهم بالمترجمين أو من خلال اساليب مشبوهة وغير اخلاقية.

وفي وقت سابق ذكر مصدر في وزارة المالية ظروف وملابسات الفساد المالي والاداري في العراق وقال من الناحية الادارية هناك ضعف اداري مرافق للفساد الاداري. فالحكومة لم تستطع ان تضع اليات صارمة لمتابعة عمل المسؤولين والموظفين في الدولة، كما ان المحسوبية والولاءات الحزبية طغت بشكل واضح في منح مشاريع الاعمار، فالامريكان منحوا مقاولات لجهات موالية لهم، والمسئولون العراقيون قاموا بنفس العملية مع الشركات او المقاولين الموالين لاحزابهم، فضلاً عن تحول الكثير من المسؤولين في مجالس اعمار المحافظات او في المجالس البلدية الى مقاولين واصحاب شركات، وهو ما أثر في عمل مشاريع اعادة الاعمار، فلم تعد جودة العمل هي المقياس، اضافة الى تخلص هذه الشركات من المساءلة القانونية عن طريق الولاءات الحزبية والسياسية، رغم المخالفات التي تحدث في تنفيذها للمشاريع.

ولتلافي الفساد والمفسدين عند تنفيذ المشاريع طرح أصحاب الاختصاص في جريدة الصباح الصادرة بتاريخ 06/05/2008 بعض النقاط المهمة.

1 ـ الالتزام بالإعلان الأصولي عن المناقصات في الصحف واسعة الانتشار ولفترة مناسبة وتمديدها إذا اقتضت الضرورة وتجنب أسلوب الدعوات المباشرة.

2 ـ إلغاء مبدأ التفاوض مع المقاول لخفض سعر عطائه المقدم وان أدى ذلك إلى مصلحة اقتصادية فأنه من أبواب الفساد المالي.

3 ـ عدم إعلان أي مناقصة لا يتوفر لها التخصيص المالي الكافي.

4 ـ أن تكون المشاريع مقترحة من المواطنين عبر المجالس المحلية وتتولى مجالس المحافظات جدولتها وتحديد أولوياتها من خلال اللجان المتخصصة.

5 ـ الحرص على فتح العطاءات فور غلق الصندوق وبحضور المقاولين المتقدمين على المقاولة وتوقيعهم على محاضر الفتح.

6 ـ تحديد المبالغ وكلف المشاريع التي يحق للشركات والمقاولين التقديم لها وعدم ترك الباب مفتوحاً لكل درجات المقاولين.

7 ـ محاولة تشكيل لجان آنية ودورية لإحالة الأعمال وتغيير هذه اللجان بشكل دائم.

8 ـ السعي لتعديل القوانين الجائرة والمخلة بالتزامات الطرفين المتعاقدين وإخضاع العقود إلى سلطة واحدة هي القانون المدني.

9 ـ الفصل الكامل لمراحل اعداد مستندات المناقصة وعدم تركها بيد أشخاص محددين ومعروفين لجميع المقاولين.

10 ـ إصدار جريدة متخصصة بالإعلان (رسمية) لضمان معرفة جميع المقاولين بالمناقصات وهذا يحقق أعلى قدر من المنافسة المشروعة لصالح البلاد.

11 ـ التنسيق الكامل مع قوات التحالف والمنظمات التي تقوم بتنفيذ أعمال في المحافظات وعدم تركهم يتعاملون مع المقاولين بشكل مباشر.

12 ـ عدم السماح للموظفين وبالأخص المهندسين منهم بممارسة المقاولات.

13 ـ تفعيل دور المفتشين العامين ولجان النزاهة وإلزام الموظفين بالكشف عن ممتلكاتهم خصوصا من كان منهم على تماس مع المقاولات أو المخازن أو الأمور المالية وتطبيق مبدأ(من أين لك هذا) .

14 ـ أن تكون لجان الذرعة أكثر من لجنة و من جهة محايدة .

15 ـ أبعاد المسؤولين غير المختصين في مجالس المحافظات عن التدخل في شؤون المقاولات والمناقصات والأمور الفنية لها ووضع الشخص المناسب في المكان المناسب.

16 ـ فصل السلطات وفك التداخل والاشتباك بين صلاحيات واختصاصات مجالس المحافظات والسلطة التنفيذية في المحافظة.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 24/نيسان/2009 - 28/ربيع الثاني/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م