مصر.. حزب الله وشماتة البعثيين !

جمال الخرسان

باختصار شديد فان ما حصل هو القاء القبض على خلية مسلحة تابعة لحزب الله على الاراضي المصرية هذا على الاقل ما يتفق عليه الجميع، لكن ما يثير الجدل ان حزب الله ادّعى بانها خلية كانت فقط من اجل تقديم الدعم اللوجستي للفلسطينيين بينما ادعت مصر ان هذه الخلية ما هي الا امتداد للنفوذ الايراني في الساحة المصرية عن طريق ذراعها في لبنان والمنطقة حزب الله.

حدث مثير للجدل من هذا النوع من الطبيعي جدا ان تحصل فيه اصطفافات سياسية وطائفية وتحالفات على هذا الخط او ذاك، وما هو مستخلص من تداعيات هذا الحدث جملة من المعطيات لعل من اهمها:

اولا: كلما حاول حزب الله ان يتمدد الى خارج الحدود اللبنانية التي هي الاطار المشروع لتحركاته كلما ابتعد عن نطاق المشروعية التي يتمتع بها، اضف الى ذلك ان تلك التحركات لا تلقى ذلك الترحيب الجماهيري الذي يحظى به الحزب  منذ فترة طويلة، وعلى هذا الصعيد  يمكن ان نشير ليس فقط الى ما حصل اخيرا بل ايضا الى دعوات حزب الله  المتكررة للمعارضة العراقية قبيل حرب الخليج الثالثة والتي دعا فيها الى مصالحة نظام صدام حسين من اجل تفويت الفرصة على امريكا فيما عرف انذاك بمبادرة حسن نصر الله، وكذلك صيحاته الاخيرة من اجل تشكيل جبهة للمقاومة ممتدة من لبنان الى العراق الى فلسطين، والى غير ذلك من الحوادث المشابهة التي كان الحزب المذكور يمثل ادوار البطولة فيها.

ثانيا: بغظ النظر عن الموقف من خلية حزب الله الا ان الجانب المصري الذي جن جنونه وحمل الامور  فوق طاقتها في ردة فعل وصلت الى حد التهديد باستهداف اهداف تابعة لحزب الله اقول: بغظ النظر عن ذلك فان مصر تعتبر الموقف رسالة موجهة لايران بالدرجة الاولى مفادها ان الساحة المصرية خط احمر هذا اولا وثانيا ان اللاعب الرئيسي في القضية الفلسطينية هو الاخر سوف يكون الجانب المصري حصرا، هذا من جهة ومن جهة ثانية فان العديد من بلدان المنطقة التي لديها تصفية حسابات مع ايران على خلفية المسيرة النووية الايرانية تريد اضعاف وحرق احد الاوراق التي تلعب بها ايران والمقصود بها حزب الله لان تلك البلدان (على الاقل من وجهة نظرها) تعتبر ان حزب الله هو ورقة سورية ايرانية بالدرجة الاولى، وهذه المواقف عبر عنها العديد من الدول العربية وعلى راسها البلدان التي لديها حسابات معقدة مع ايران وهي مصر والاردن والسعودية في مناسبات عديدة سابقة.

ـ ما يلفت النظر ويضع سياسة حزب الله تحت علامات الاستفهام  هو الدفاع المتكرر الذي يبديه الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله والذي يدعم اعلاميا ولوجستيا الجماعات المسلحة في العراق او فلسطين تحت غطاء ما يسمى بالمقاومة، رغم ان العديد من النخب والجماهير العراقية نصحت قيادات الحزب بحقيقة ما يجري في العراق وان الجماعات المسلحة التي تحمل السلاح في العراق معضمها تنظيمات طائفية وبعثية لاتستحق ان تحمل شرف المقاومة الا ان حزب الله تجاهل جميع هذه النصائح..

وما يلفت النظر ان اول من ادان حزب الله على خلفية الاحداث الاخيرة في مصر هم قيادات حزب البعث التي طالما دافع عنهم حزب الله في اطار ما يسمى بجبهة المقاومة! واعتبر صلاح المختار احد قيادات حزب البعث بان تحركات حزب الله ما هي الا نفوذ ايراني فارسي مجوسي طائفي يجب ان يحارب !

ان قيادة حزب الله تناست تاريخ حزب البعث وانقلاباته المعروفة على جميع ما الزم به نفسه تجاه الاخرين،  فالعقلية التي تحكم قيادات البعث ومن بقي من ايتامه اشتهرت بالانقلاب على الاصدقاء اكثر من عدائها للخصوم ولكم في التاريخ عبرة ان كنتم معتبرين:

ـ كانت  لهم اتفاقية مع مصطفى البارزاني عام 1970 ولكن ما حلّ بالاكراد وبمصطفى البارزاني بعد ذلك معروف لكل العراقيين.

ـ  اتفاق عام 1975 في الجزائر مع ايران وكانت النهاية تمزيق الاتفاقية على الملأ.

ـ عقد البعثيون اتفاق الجبهة الوطنية مع الشيوعيين 1973 وبعد الاتفاقية ملأ الشيوعيون سجون ومقابر العراق ومنافي العالم.

 ـ 1979  انقض البعثيون على قياداتهم ومزقوهم اربا اربا ولستم اكرم او اعزّ عندهم من قيادات الحزب بكل تاكيد.

ـ  وقع حزب البعث بقيادة الامين القطري للحزب ورئيس الوزراء اللواء احمد حسن البكر عام 1963 اتفاقية يعترف فيها بان الكويت دولة وما فعله البعثيون في الكويت لايحتاج الى التكرار.

ـ وكذلك انقلابهم اخيرا على ورقة السلفيين بعدما استقدموهم كاوراق محروقة واستخدموهم لضرب الابرياء كانتحاريين وذباحين وبعدما انتهت ورقتهم رموا بهم عرض الجدار وهذا ما اعترفت به قيادات القاعدة التي فرت الى افغانستان من جديد.

بعد كل هذه المعطيات وبعد غلطة الشاطر هل يتعظ حزب الله ويتعلم من اخطاء الماضي بدل القفز على الواقع والتعالي على الاخرين ام ان القصة سوف تكرر نفسها من جديد ؟!

* كاتب عراقي

gamalksn@hotmail.com

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء 22/نيسان/2009 - 25/ربيع الثاني/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م