ستبقى سماحة الدين الإسلامي هي الأساس وإن كره المبطلون، و السلم
والتراحم ونبذ العنف هو اصل رسالة الإسلام المحمدي، مهما حاول دعاة
شريعة الغاب أن ينالوا من تلك الرسالة الخالدة بقسوتهم وببغيهم
وافترائهم على الله ورسوله الصادق الأمين الذي بعث هدى ورحمة للعالمين،
بالأمس وكما هو معلوم عن دعاة الدين وتطبيق سننه وأحكامه في دولة
باكستان وجارتها أفغانستان ومن لف لفهم من دول تدعي تطبيق أحكام
الشريعة الإسلامية.
نقلت لنا وسائل الإعلام جريمة جديدة من جرائم ذلك الفكر المتشدد
والعقلية المتحجرة الراكدة في وحل الهمجية العمياء، جاء الخبر مع
الصورة والفيديو كعادة أهل البغي والافتراء، عندما ينشرون جرائمهم
الوحشية وهم فرحون منتشون ومنتصرون بها على ضحاياهم الذين غالبا ما
يكونون من المستضعفين في الأرض كالمرأة والطفل والشيخ الكبير، عملية
رجم فتاة حتى الموت وهي في ربيعها لم تتجاوز سني عمرها السابعة عشرة
سنة في احد أقاليم حدود الشمال الباكستاني ولمجرد الاشتباه بتورطها
بفعل الزنا من قبل أقارب لها (الزوج، الأخ، الأب) وتحت أنظار أهالي حي)
شهباز جاري(بمدينة بشاور، جريمة بحق الإنسانية والدين، وهي إنما تعكس
حجم التخلف والجهل الذي يعيشه عالمنا الإسلامي اليوم.
وبصراحة ودون مبالغة لم أسيطر على أعصابي وانا أشاهد الفلم المقرف
الذي نشر في الوسائل الإعلامية على النت، وأخذت اللعن كل من تسول له
نفسه تشويه الدين الإسلامي وبهذه الطريقة الغير حضارية، فبعيدا عن
حقيقة وقوع معصية الزنا من قبل تلك الفتاة أو عدم حدوثها، هل يصح
معاقبتها وبهذا السلوك البشع؟ نحن نعلم أن لإصدار الإحكام الشرعية أصول
وشهود عيان يكونون قد شهدوا على وقوع الجريمة أو الواقعة، و قد يستحيل
تحقق شروط الشهادة في مثل هذه الحالة، مما يمنع إقامة الحد الذي يجب أن
يصدر حصراً من حاكم شرعي مبسوط اليد مفترض الطاعة أو من ينوب عنه.
إن العدالة في عالمنا الإسلامي تحتاج إلى نهضة ووقفة مع الذات،
وكذلك هو الحال بالنسبة لإصدار الفتاوى والتشريع وغيرها من الأمور التي
تخص حياة الإنسان المدنية، وإلا مامعنى استمرار قتل المرأة بحجج
وافتراءات ما انزل الله بها من سلطان!، إذ يحدث هذا بمباركة وتحت أنظار
علماء دين لم يفقهوا منه إلا القشور؟
فهل يشهد عالمنا الإسلامي نهضة واقعية في مجال إصدار الإحكام
وتقنينها والعمل على توظيفها لصالح الإنسان لا لترهيبه ونشر صور الرعب
والخوف من الإحكام الشرعية بين الناس على أنها من أصول الدين وأحكامه!
صورة رجم المرأة بزعم وتهمة ارتكاب الفاحشة بين تجمع كبير من الناس
وهم ينظرون إليها وهي تلفظ أنفاسها الأخيرة، تتكرر في العديد من الدول
الإسلامية وكأنها من صور التاريخ الغابر حين كان النساء مجرد سلع تباع
وتشترى وتقبر حين يراد التخلص منها، فهل هذه هي الرسالة التي يراد
إيصالها إلى الجيل الجديد والتي تسعى جهات عديدة مغرضة استغلالها في
عملية تشويه الدين الإسلامي؟
في حين أن الإسلام وعلى خلاف ما يروج له الإعلام المظلل، قد منح
المرأة التقدير والكرامة والكثير من الحقوق التي سلبت منها ككيان قائم
بذاته، لها من الحقوق ما تساويها بالرجل، ونصوص القرآن الكريم وأحاديث
النبي محمد (ص) وآهل بيته الأطهار خير دليل وابلغ شهادة على ذلك، فأين
هم علماؤنا من هذا الظلم الذي يقع على المرأة في ظل أحكام جائرة تسلبها
كرامتها الإنسانية؟
ولا يخفى أن التعدي على كرامة المرأة بأي شكل من الأشكال يعد خرقا
سافرا لحرمتها وحقها في الحياة، فليست الدعوة إلى نشر ثقافة العنف
والهمجية من الإسلام في شيء.
bushra121@yahoo.com |