
شبكة النبأ: تشير الاحصاءات المتخصصة
في دائرة شؤون الالغام بوزارة البيئة العراقية ان 1700 كيلو متر مربع
من الاراضي العراقية ملوثة بـ 25 مليون لغم!، ومليون طن من المقذوفات
غير المنفلقة!، والتي تهدد بمجموعها وبشكل مباشر 2117 تجمعاً مدنياً،
يعيش فيها قرابة 2.7 مليون مواطن، وأن العراق مهدد بوقف تمويل الدول
المانحة بسبب حظر تفرضه وزارة الدفاع على عمل منظمات إزالة الالغام
تحسباً لقضايا أمنية.
وزينب الفتاة ذات الـ12 ربيعاً، لم تكن تدرك انها ستفقد اصابعها
الرقيقة جراء انفجار لغم ارضي من بقايا الحرب العراقية الايرانية،
جرفته الامطار بالقرب من كومة الحطب الذي انشغلت بجمعه في ذلك الصباح،
تماما كما حصل لأصابع أمها قبل سنوات مضت.
كان هذا أواسط العام 2007 ، وتحديدا في ناحية جصان (60 كم شرق مدينة
الكوت) عند الشريط الحدودي المحاذي لايران على مسافة 120 كم، والذي
تشير الاحصاءات التي حصلت عليها وكالة اصوات العراق من مديرية مكافحة
المتفجرات بالكوت الى انه يضم سلسلة من حقول الالغام بعمق 1000 متر،
ينتشر فيه اكثر من مليوني لغم مضاد للدبابات أو للاشخاص بقيت من مخلفات
حرب استمرت نحو ثمانية اعوام بين العراق وايران (1980-1988م).
ويقول المصدر ان المشكلة التي تقف حائلا دون القضاء على تلك الالغام،
هي عوامل التعرية التي حدثت على الحقول طيلة الفترة الماضية، فضلا عن
العبث بمحتوياتها ما جعل منها مناطق خطرة جدا”.
واوضح ان” طبيعة المنطقة التي تتواجد فيها حقول الالغام هي شبه
هضبة، وتنحدر من الشرق الى الغرب، وهذا ما يحدث اثناء موسم الامطار
والسيول المارة بوادي حران ونهر الكلال والتي تتسبب بجرف الالغام الى
مناطق هور الشويجة والذي يبعد عددا من الكيلو مترات عن موقعها الاصلي”.
وتروي والدة زينب قصة فقدها لاصابعها “كنت اجمع الحطب في احد
الصباحات الباردة، ولم يكن همي سوى ان اجمع اكبر كمية من الحطب للتدفئة
بسبب شحة الوقود، ولم أشعر الا وانا في احدى مستشفيات مدينة الكوت بعد
انتهاء عملية بتر اصابعي.
وتواصل ام زينب وملامح الحزن تغطي ملامحها “لم يمرعام واحد حتى
تكررت المأساة مع ابنتي زينب والتي كانت تجمع الحطب لاشعال تنور الخبز،
وانفجر عليها لغم افقدها اصابع صبية في مقتبل العمر، ولا اعتقد ان احدا
سيقترن بزوجة مقطعة الاصابع والنساء كثر في مدينتنا”.
واردفت أم زينب ” طيلة معيشتنا هنا في هذه المنطقة لم نجد مسؤولا
زارنا الا في ايام الانتخابات، حيث نجدهم يوميا مع اطلاق الوعود ولكن
بعد انتهاء الانتخابات يتبخرون مع وعودهم”.
سعيد صلال (راعي اغنام) قال“ في عام 2006 كنت مع ولدي نرعى الاغنام
في قرية كنجيبة المحاذية للشريط الحدودي بين واسط ومحافظة ايلام
الايرانية وانفجر علينا لغم ارضي. مضيفا “تم نقلنا الى مستشفى في مدينة
الكوت واجريت لي عملية بتر الساقين، ووصلني نبأ وفاة ولدي علي الذي كان
يبلغ من العمر تسعة سنوات”.
وتابع ” اشعر بضيق الصدر عندما اتذكر الواقعة، وكيف كانت تلك لحظة
الفراق بيني وبين ولدي الذي كان يلازمني كظلي”.
ويقول العميد حبيب شاكر من صنف الهندسة العسكرية، ان ” الشريط
الحدودي بين واسط وايران يضم ملايين الالغام النظامية والمبعثرة،
بالاضافة الى حاويات (النابالم) التي صنعت من قبل هيئة التصنيع العسكري
في زمن النظام السابق، مضيفا “بعد غزو الكويت تعرضت تلك الحقول الى
العبث والتخريب وخصوصا بعدما ابدى النظام السابق رغبته بشراء محتويات
الحقول بأسعار مغرية، الامر الذي شجع المدنيين بجمع تلك الالغام مع
جهلهم بطريقة ابطال مفعولها.
واضاف شاكر الذي يرأس في نفس الوقت جمعية للمعوقين في واسط، ان
“جمعيتنا تسعى لتجفيف منابع العوق من خلال الانتباه للضحايا والخسائر
التي تسببها حقول الالغام والمخلفات الحربية في المنطقة الحدودية مع
ايران”، موضحا أن “مربي المواشي يقصدون المناطق التي تحتوي على الالغام
لخضرة مرابعها والتي تعرضت للعبث، وبالتالي فانها اصبحت مصيدة لاولئك
المربين الذين اصبحوا الضحية الاولى لتلك الالغام”. مبينا ان “هناك
اكثر من 20 الف معاق سجلوا رسميا لدى الجمعية، منهم 12 الف معاق جراء
الالغام والمخلفات الحربية، بينهم الفا معاق اصيبوا عند الشريط المحاذي
بين واسط وايران”،
واشار العميد حبيب شاكر الى ان ” هناك كميات كبيرة من الالغام
المختلفة والمتنوعة بينها الغام الدبابات والاشخاص ولكنها لا تحضى
بمراقبة او تسييج او تأشير، ويمكن استخدامها من قبل ضعاف النفوس في
عمليات ارهابية يمكن ان تفتك بالمئات من الابرياء”.
وكان مدير عام دائرة شؤون الالغام قال ان مساحة الاراضي الملوثة
بالالغام والمقذوفات غير المنفلقة في العراق هي 1700 كم مربع، وان
المناطق الخطرة لوجود تلك الالغام هي 2470 منطقة تؤثر على 2117 تجمعا
مدنيا يعيش فيها 2.7 مليون مواطن. وان هناك 25 مليون لغم بالاضافة الى
مليون طن من المقذوفات غير المنفلقة في الاراضي العراقية.
في البصرة التي اصبحت حقلا لالغام ومتفجرات حربين كبيرتين هما الحرب
العراقية الايرانية ثم حرب غزو الكويت، قال رئيس المنظمة العراقية
لإزالة الألغام واحياء الارض في اياد الكنعان ان “عدد الألغام غير
المنفلقة في عموم مناطق البصرة تبلغ عشرة ملايين قطعة وفق اخر إحصائية
اجراها المركز الوطني لمكافحة الالغام، بالتعاون مع بعض المنظمات
المدنية والدولية العاملة في هذا المجال”.
وأوضح الكنعان “جميع هذه القطع تعود الى مخلفات الحروب السابقة وهي
توجد على نوعين منها الالغام الخاملة كقذائف الدبابات والمدفعية ومنها
الألغام النشطة والمتساقطات الجوية وهذا النوع ذات قدرة انفجارية عالية”،
مضيفا ان وجود هذه الالغام “تسبب في وقوع العديد من الإصابات بين
المدنيين، اذ بلغ عدد المدنيين الذين قتلوا او أصيبوا بهذه الالغام
4732 اصابة منذ عام 1980 ولغاية الحرب الأخيرة على العراق عام 2003 ،
وهي في حالة ارتفاع مستمر لعدم معالجة مشكلة الألغام.
وتابع الكنعان قائلا “توجد هذه الألغام في العديد من مناطق البصرة،
خاصة التي تقع قرب الشريط الحدودي لايران كقضاء شط العرب وكذلك في
منطقة خور الزبير ومناطق غرب البصرة.
وذكر ان “وجود هذه الألغام يعتبر من اخطر المشاكل التي يواجهها
المواطنون، خاصة في مناطق قضاء شط العرب”، موضحا ان “المعوقين والقتلى
يصابون بالالغام نتيجة وقوعها بالقرب من مساكنهم او في مناطق عملهم،
مما دفع بالبعض منهم الى الهجرة لمناطق اخرى كما حصل في ناحية عتبة
بقضاء شط العرب حيث اضطر اكثر من 80 الف مواطن الى ترك هذه الناحية
بسبب وجود الالغام، فضلا عن الاصابات التي تحدث بين المواشي والاغنام
في تلك المناطق.
وأضاف “كذلك تسببت هذه الألغام بضرر كبير على الاقتصاد الوطني من
خلال إهمال مساحات زراعية كبيرة في البصرة بسبب وجود الألغام، بالإضافة
إلى ان قسم من هذه الألغام يوجد في مناطق نفطية مهمة”، مشيرا الى ان
“المنظمة العراقية لإزالة الألغام واحياء الأرض وبالتعاون مع بعض
المنظمات المختصة والمنظمات الدولية، استطاعت رفع 2500 لغم في قضاء شط
العرب ولازلنا نعمل في هذا الاتجاه بالتعاون مع المنظمات المختصة
بالاعتماد على خبرات عسكريين سابقين لهم معرفة في هذا الجانب.
الالغام تهدد حياة 2117 تجمعا مدنيا بالعراق
وقال مدير عام دائرة شؤون الالغام في وزارة البيئة، ان 1700 كيلو
متر مربع من الاراضي العراقية ملوثة بـ 25 مليون لغم ومليون طن من
المقذوفات غير المنفلقة، والتي تهدد بمجموعها وبشكل مباشر 2117 تجمعا
مدنيا يعيش فيها قرابة 2.7 مليون مواطن، مشيرا الى ان العراق مهدد
بوقف تمويل الدول المانحة بسبب حظر تفرضه وزارة الدفاع على عمل منظمات
ازالة الالغام والتوعية بمخاطرها.
واضاف المهندس عيسى الفياض في لقاء مع وكالة اصوات العراق ان “عدد
مبتوري الاطراف في العراق يتراوح بين 80 الف الى 100 الف، وبنسبة 70
% الى 80 % منهم من مبتوري الاطراف السفلى، و80 % من هذه الاصابات
ناتجة عن الالغام”.
واشار الفياض الى ان العراق يعتبر “أحد البلدان الملوثة بالالغام
والمخلفات الحربية، وهذا يؤثر على الحياة اليومية للسكان لانها تعرقل
توصيل المساعدات الانسانية وتعيق مشاريع التنمية والاعمار.
واوضح الفياض ان “دائرة شؤون الالغام تأسست بعد سقوط النظام السابق
في 2003 ، وكانت مرتبطة بوزارة التخطيط ثم ارتبطت بوزارة البيئة في
اذار مارس من العام 2008 “، مبينا أن هذه الدائرة قامت “بمسح 13 محافظة
عراقية بين العام 2004 والعام 2006 وكانت النتائج تشير الى ان مساحة
الاراضي الملوثة بالالغام والمقذوفات غير المنفلقة هي 1700 كم مربع،
وان المناطق الخطرة لوجود تلك الالغام هي 2470 منطقة تؤثر على 2117
تجمعا مدنيا يعيش فيها 2.7 مليون مواطن”.
وحول عدد الالغام الموجودة في الاراضي العراقية والذي تتداوله
التقارير الصحفية، قال الفياض ان هناك بالفعل “25 مليون لغم بالاضافة
الى مليون طن من المقذوفات غير المنفلقة في الاراضي العراقية”.
وتابع الفياض قائلا ان الهيئة والمنظمات الساندة لها والمعنية
بازالة الالغام والتوعية بمخاطرها “تشكو من اعاقة وزارة الدفاع لعملها
وعمل تلك المنظمات وتمنعها من مواصلة عمليات الازالة”، محذرا من أن هذا
الامر “قد يحرم العراق من التمويل الذي تقدمه الدول المانحة للمساعدة
في ازلة الالغام من الاراضي العراقية”
وكشف الفياض عن ان المستشار الاقدم لشؤون الالغام في برنامج الامم
المتحدة الانمائي، كنت باولسن، بعث برسالة الى مدير العمليات في مكتب
رئيس الوزراء علي الياسري، اوضح فيها انه يبعث بهذه الرسالة “لطلب
المساعدة في رفع الحظر المفروض من وزارة الدفاع على المنظمات غير
الحكومية والشركات العاملة في مجال شؤون الالغام للاغراض الانسانية في
وسط وجنوب العراق، وهي منظمات الرافدين والمنظمة العراقية والمجموعة
الدانماركية لازالة الالغام وشركة رونكو الاميركية والتي تعمل في
العراق منذ عام 2003 وبتمويل خارجي.
وقال الفياض ان باولسن اوضح في رسالته انه “ونتيجة لقرار وزارة
الدفاع يوجد حوالي 300 مزيل الغام متوقفين عن العمل تصرف عليهم اموال
من الدول المانحة والتي يدفعها دافعو الضرائب في تلك الدول”.
واوضح باولسن للياسري، بحسب الفياض، ان” المبررات التي قدمتها وزارة
الدفاع تفتقر الى ما يدعمها من ادلة من حيث ان هذه المنظمات مسيطر
عليها من قبل كادر دولي ويقومون بشكل دائم بتنسيق اعمالهم مع الوحدات
العسكرية والجهات المسؤولة في المناطق التي يعملون فيها، وان هذه
المنظمات قامت بمساعدة الجيش العراقي من خلال قيامها باعمال التطهير
والتدريب على ازالة الالغام والمعالجة”.
وقال الفياض ان باولسن حذر من أن “الخطر الذي نواجهه اذا استمر
الحظر المفروض من وزارة الدفاع هو ان المانحين الدوليين سيتولد لديهم
انطباع ان العراق ليس بحاجة الى مساعدتهم، وسوف يتبع ذلك سحب المنح
المخصصة للعراق لبرنامج شؤون الالغام والبالغة 40 مليون دولار لعام
2009 “.
وتابع قائلا “اضافة الى ذلك فان تبعات هذا الامر هو فقدان العراق
لخبرة ست سنوات من اعمال ازالة الالغام المتقدمة، وان فقدان هذه الخبرة
يعني الحاجة الى ست سنوات اخرى لبناء قدرات مماثلة وبدون الدعم الدولي”.
وقال الفياض ان المستشار الاقدم لشؤون الالغام في برنامج الامم
المتحدة الانمائي طلب “المساعدة في رفع هذا الحظر على اعمال ازالة
الالغام للاغراض الانسانية، لكي تتمكن هذه المنظمات من الاستمرار في
مساعدة الشعب العراقي للتحرر من اخطار المخلفات الحربية والالغام.
وحول حصيلة ضحايا الالغام بعد عام 2003 اوضح الفياض ان “هناك بيانات
عن ضحايا الالغام من خلال بيانات المسح التأثيري والمعتمد في قاعدة
البيانات في قسم ادارة المعلومات ولتسعة محافظات، كما تم تزويدنا بها
من قبل قسم مساعدة الضحايا وهي في كربلاء 16 والنجف 24 والقادسية 36
وواسط 18 وبابل 5 والبصرة 157 وميسان 71 والمثنى 32 وذي قار 47 “،
مشيرا الى ان ” هذا بعد عام 2003، اما قبل ذلك فلم تكن هناك احصائيات
عن ضحايا الالغام بسبب عدم ذكر سبب الاصابة بالنسبة للمعاقين التابعين
لمراكز التأهيل، وانما يعتبرون كلهم جرحى حرب، والان فقط بدأ التصنيف
في هذه المراكز لايضاح سبب الاصابة”.
وقال الفياض ان “عمل دائرة شؤون الالغام هي القيام بالانشطة
والاعمال التي تهدف الى التخفيف من الاثار الاجتماعية والاقتصادية
والبيئية الناتجة عن الالغام والحروب”، بالاضافة الى “التوعية بالالغام
والقيام بالانشطة التي تمكن من التخلص من مخاطر الالغام والقذائف غير
المنفلقة، وتتضمن السمح التقني ورسم الخرائط والتحديد والازالة وتسليم
الاراضي الخالية من الالغام وفق المعايير الدولية”.
ومن عمل الدائرة ايضا، “القيام بمساعدة الضحايا والتي تشمل عمليات
المساعدة والاسعاف والرعاية الصحية المتواصلة واعادة التأهيل البدني
وتوفير الاطراف الصناعية والاجهزة المساعدة وتقديم الدعم النفسي
والاجتماعي واعادة اندماجهم بالمجتمع”، فضلا عن “تدمير المخزون من
الالغام المضادة للافراد، ولا بد في هذه الحالة من استدعاء المنظمات
الدولية ووسائل الاعلام والمنظمات غير الحكومية كي تشهد على عملية
تدمير المخزون للتحقق بين المخزون والمعلن”.
وعن مصادر الالغام قال الفياض ان الالغام تجمعت في العراق بسبب “حرب
النظام السابق ضد الاكراد في السبعينات والحرب العراقية الايرانية التي
خلفت الاف الكيلومترات المربعة من المناطق الملوثة بالالغام، بالاضافة
الى حرب الكويت وهجوم قوات التحالف التي خلفت ايضا مئات الالاف من
اطنان الالغام والمقذوفات غير المنفلقة”.
واوضح الفياض الى ان هناك التزامات على العراق بعد توقيعه على
اتفاقية اوتاوا وهي اتفاقية “حظر استعمال وتخزين وانتاج ونقل الالغام
المضادة للافراد وتدمير تلك الالغام”.
واشار الى ان هذه الالتزامات هي “اولا ازالة الالغام خلال 10 سنوات
(بحلول شباط 2018 ) بالاضافة الى تدمير المخزون الموجود بالمخازن خلال
اربع سنوات (شباط 2014 ) والقيام بحملات توعية بمخاطر الالغام للسكان
الذين يعيشون في المناطق الملوثة ومساعدة الضحايا واصدار تشريع قانوني
وطني لضمان الالتزام ببنود الاتفاقية”. وقال الفياض إن هذا التشريع
المطلوب “مازال على طاولة مجلس النواب دون ان يبت فيه الى الان”.
العراق يكافح لازالة الالغام
بداخل مركز عراقي قريب من المكان الذي شهد مقتل الاف الأكراد
بالغازات السامة في عهد الدكتاتور صدام حسين تنتظر عظيمة قادر فحص
ساقها الصناعية. حيث فقدت عظيمة ساقها اليمنى حين كانت تعمل في حقل
أسرتها بشمال العراق قرب الحدود الايرانية عام 1993.
وتقول عظيمة "حين حدث ذلك قلت لنفسي.. لن أعيش طويلا. سأموت قريبا...
لكن ما حدث هو أنني أصبحت في معاناة مستمرة."
ويقول برنامج الامم المتحدة الانمائي ان عدد ضحايا الالغام بلغ 14
الفا في العراق في الفترة من 1991 الى 2007 وان أكثر من النصف توفي
متأثرا بجراحه. اما من نجوا فيخوضون معاناة يومية.
ولا تراود الكثير من الآمال الحقيقية عظيمة (39 عاما) وهي غير
متعلمة وغير متزوجة. فقد قتل والدها مع الاف الاكراد الاخرين في حملة
الانفال التي شنها صدام عامي 1987 و1988 حين سوى جنوده قرى بالارض مما
دفع الالاف للعيش في خيام. بحسب رويترز.
وكانت عظيمة تصنع احذية كردية تقليدية وتبيعها ولكن تدهور بصرها
اجبرها على التوقف. وهي تتساءل كيف ستنفق على والدتها التي فقدت ايضا
احدى ساقيها جراء انفجار لغم ارضي.
ومركز حلبجة للاطراف الصناعية أحد ستة مراكز يديرها العراق لمساعدة
ضحايا الالغام في منطقة كردستان العراقية التي شهدت أكبر عدد من حوادث
انفجار الالغام في البلاد. ويستقبل المركز عشر ضحايا شهريا في الوقت
الحالي. ويعالج المركز اشخاصا فقدوا اطرافا أو ومرضى ومصابين في حوادث.
ويقول ستار فتاح الذي يدير المركز "عادة ما نوفر للمريض طرفا صناعيا
بعد ستة اشهر من وقوع الحادث ونعلمه كيف يسير مرة اخرى."
واشتهرت قرية حلبجة بهجمات الغاز السام التي قتلت خمسة الاف في
عام1988 في عهد صدام. وقتل والد فتاح في الهجوم ولا يزال افراد اخرون
في اسرته يعانون من عمى جزئي.
ويشكو وهو يقف بجوار قضيب يستخدم في تدريب المرضى على السير باطراف
صناعية من انه ليس بوسعه ان يفعل اكثر من ذلك.
وقال "للاسف لا يوجد علاج نفسي. نكتفي فقط بان نقول له ( الضحية) ان
الحياة لم تنته بسبب الاعاقة. ينبغي ان يكون قويا ويفكر في المستقبل."
ويقول ان الاطفال من ضحايا الالغام يتكيفون بشكل افضل مع الاطراف
الصناعية من البالغين الذين يجدون صعوبة في تعلم المشي من جديد.
وفي حقل الغام بمنطقة شارزور الجبلية الريفية تشير راية حمراء لمكان
صف فيه 34 لغما بعد ازالاتها من حقول قريبة فيما يستعد فريق متخصص
لتفجيرها بمادة تي.ان.تي.
وزرعت هذه الالغام جميعا في اطار حملة ضد المتمردين الاكراد لتتحول
اراض خصبة لاراض غير صالحة للزراعة.
ويقول جمال محمد رئيس فريق ازالة الالغام "انه موت خفى زرعه النظام
السابق. رحلوا ولكن خلفوا جنودا سريين يواصلون القتل."
ومشطت بعض الحقول ولا زالت العملية الشاقة مستمرة في حقول اخرى
بينما تنتظر الكثير من الحقول بدء اعمال التطهير.
وفي اغسطس اب 2007 صدّق العراق على اتفاقية حظر الالغام لعام 1997.
ومنذ ذلك الحين تعمل الحكومة العراقية على محاولة الوفاء بالتزاماتها
ضمن الاتفاقية ومن بينها تدمير مخزون الالغام الارضية بحلول عام 2011
وتطهير جميع الحقول بحلول عام 2017.
غير ان قلة تعتقد انه يمكن انجاز المهمة خلال الوقت المحدد. ففي
كردستان وحدها تنتشر الالغام على مساحة 788 كيلومترا مربعا ولم يتم
تطهير سوى سدس تلك المساحة.
ويقول توانا بشير المستشار الفني لبرنامج الحكومة العراقية لازالة
الالغام "انها نقطة في محيط. سنحتاج 35 عاما لننهي المهمة ما لم نزد من
قدراتنا."
المارينز عرفت مسبقاً بخطر الألغام في العراق
وكشف تقرير جديد ان الجيش الأمريكي كان يعلم بشأن التهديد الذي
تمثله العبوات الناسفة شديدة الانفجار قبل بدء الحرب على العراق في
مارس/آذار عام 2003، غير أنه لم يفعل شيئاً لشراء المركبات العسكرية
التي يمكنها حماية عناصره، وفقاً لتقرير صدر مؤخراً عن وزارة الدفاع
الأمريكية.
إضافة إلى ذلك، قرر قادة مشاة البحرية الأمريكية "المارينز" في
العام 2005 شراء مركبات من طراز همفي بدلاً من مركبات مقاومة للألغام
MRAP لحماية عناصر القوات الأمريكية في العراق، وهو القرار الذي "ربما"
كلف الكثير من الأرواح، بحسب التقرير الذي حصلت CNN على نسخة منه.
وطالب التقرير الذي أعده المفتش العام لوزارة الدفاع الأمريكية
قيادة وحدة تطوير المعارك في المارينز، وهي الهيئة المسؤولة عن إيجاد
أفضل العربات المدرعة لحماية الأفراد في العراق.
كذلك وجد التقرير أن البنتاغون علم مسبقاً بالتهديدات التي تشكلها
تلك العبوات الناسفة شديدة الانفجار في العراق، لكنه لم يفعل شيئاً
حيال هذا، ونتيجة لذلك "دخلت الوزارة (الدفاع) في العمليات العسكرية في
العراق دون أن تتخذ خطوات للحصول على التكنولوجيا اللازمة للتعامل مع
تلك العبوات الناسفة التي تشكل خطراً على عناصر الجيش والمارينز."
ورداً على التقرير، أوضح المتحدث باسم المارينز، الرائد ديفيد نيفرز
أن تقرير المفتش العام لم يجد دليلاً بـ"تجاهل إجرامي" في تصرف
المارينز.
عندما قررت المارينز شراء عربات همفي عوضاً عن المركبات المضادة
للألغام MRAP في يونيو/حزيران 2005، كان الهجمات بواسطة الألغام تشكل
نحو 5 في المائة من الهجمات التي تعرضت لها القوات متعدد الجنسيات،
بحسب ما أوضح نيفرز.
وقال إن شراء عربات همفي اتخذته قيادة المارينز بناء على قدرتها في
الحماية وقدراتها على المناورة التكتيكية وغيرها من المتطلبات المهمة
لعناصر المارينز في ميادين المعارك، إضافة إلى توافرها. في حين تواجه
عربات MRAP مشاكل في الإنتاج وعدم القدرة على توفيرها عند الطلب.
وكتب فرانز غايل في تقريره لو أنه تم تقديم طلبية شراء لعربات MRAP
في أوائل العام 2005 لكان بالإمكان إنقاذ أرواح المئات من الأفراد، عدا
الحيلولة دون وقوع إصابات كثيرة بين أفراد القوات المسلحة في العراق.
وكان التقرير الذي أعده غايل هو السبب وراء فتح التحقيق في القضية،
والطلب من المفتش العام إعداد تقرير حول ذلك. |