في الذكرى السادسة لسقوط الدكتاتورية في العراق

جراح عميقة تندمل وعقبات كبرى ما زالت قائمة ونمو سكاني متوقَّع

اعداد: صباح جاسم

 

شبكة النبأ: أحرز العراق بعض التقدم في لمّ شمل مجتمع كادت أن تمزقه أعمال العنف الطائفية إلا أن التحديات الجسام ما زالت قائمة مع بدء العد التنازلي لانسحاب شامل للقوات الامريكية في عام 2011.

وبالرغم من تراجع أعمال العنف التي اندلعت في البلاد في أعقاب الغزو بقيادة الولايات المتحدة للعراق عام 2003 إلا أن جهود المصالحة بين الطوائف والجماعات العرقية في العراق ستحدد ما اذا كانت النزاعات سيجرى حلها سلميا أم ستؤدي الى مزيد من إراقة الدماء.

وتحدث رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي مرارا عن المصالحة في الشهور الاخيرة مستحضرا روح الاخوة السنية الشيعية والوحدة الوطنية.

وقال المحلل ليث كبة مشيرا إلى بطء التقدم في تنفيذ قانون خاص باعادة توظيف أعضاء سابقين في حكومة الدكتاتور صدام حسين بقيادة السنة "الايماءات بحسن النوايا أمر والتعامل مع المخاوف أمر آخر. انه لا يتعامل معها بالوضوح والقوة الكافيين."

وكان الموظفون المدنيون مجبرون على الانضمام الى حزب البعث بقيادة صدام إلا أن مسؤولين أمريكيين أقالوا معظهم بعد الغزو تاركين العراق دون موظفين مؤهلين. وأضاف كبة وهو متحدث حكومي عراقي سابق "السؤال هو... هل يصمد العراق أمام التحدي الكبير بعد عام من الآن عندما تبدأ أمريكا في الانسحاب تاركة فراغا."

وتقول الحكومة إنها حققت مكاسب في لم شمل العراقيين. وأعادت توظيف الالاف من أفراد الجيش في عهد صدام الذين كان مسؤولون أمريكيون أقالوهم في خطوة أججت أعمال العنف. بحسب رويترز.

ونتيجة لاستيائهم من أعمال العنف التي ارتكبها بعض المسلحين انضم نحو مئة ألف مسلح خاصة من السنة الى مجالس الصحوة التي شكلتها القوات الامريكية والعراقية لمحاربة تنظيم القاعدة.

ويبدو أن الحكومة تعمل على احترام تعهداتها بدفع أجور هؤلاء الى أن توفر لهم وظائف في قوات الامن أو الوزارات.

وما زالت هناك قضايا شائكة دون حل بينها خلاف بشأن النفط والارض بين الاكراد والعرب في شمال العراق.

وأثارت هذه الخلافات مواجهات خطيرة بين القوات الكردية والقوات الحكومية العام الماضي. وفي تصعيد في التصريحات وصف زعماء أكراد المالكي بأنه دكتاتور مثل صدام.

ويتمتع الاكراد بشبه حكم ذاتي في شمال العراق منذ عام 1991 ويشعرون بالقلق من جهود المالكي لاعادة السلطة للحكومة المركزية.

وقال سعدي البرزنجي النائب الكردي في البرلمان العراقي "يحاول المالكي اتخاذ قرارات دون اشراك أي من شركائه في الحكومة."

ويعتبر الاكراد مدينة كركوك الغنية بالنفط بشمال البلاد وطن الاجداد ويريدون ضمها لمنطقة كردستان العراق التي تتمتع بشبه حكم ذاتي. والخلاف أحد العديد من نقاط الخلاف مع الحكومة التي أرجأت قانون النفط اللازم لاستغلال احتياطي النفط الكبير في العراق بالكامل واعادة بناء هذا القطاع بعد سنوات من الحرب.وتتحرك مراجعة الدستور لتفسير ميزان القوى بين الحكومة المركزية والمناطق بوتيرة بطيئة.

وقال المحلل ريدار فيسر "فيما يتعلق بنتائج محددة لم تحدث مصالحة حقيقية. لم تجر مراجعة الدستور وليس هناك قانون نفطي."

ودون قانون نفطي فان الاستثمار الاجنبي في قطاع النفط العراقي المتهدم من المرجح أن يكون محدودا مما يضر بصادرات النفط.

ومن ناحية أخرى فان قمع المالكي للميليشيات الشيعية العام الماضي أكسبه اشادة من السياسيين السنة. وأدى قانون العفو الذي جرى تمريره العام الماضي الى الافراج عن الالاف من السجناء السنة.

وقال صالح المطلك رئيس قائمة جبهة الحوار الوطني البرلمانية وهو سني بارز وكان عضوا سابقا في حزب البعث "القوى السياسية الان أقرب الى بعضها من أي وقت مضى.. هؤلاء الذين كانوا يتبعون في الماضي سياسة تهميش الاخر باتوا الآن أكثر قناعة أن البلد لا يمكن له أن يدار الا من خلال الجهد الجماعي ومشاركة الجميع."

وعرض المالكي الشهر الحالي العفو عن بعثيين سابقين لم يرتكبوا أي جرائم مكررا إلتزاما حكوميا تجاه المصالحة.

حتى السيد مقتدى الصدر الذي قاتلت ميليشيات جيش المهدي التابعة له من قبل قوات المالكي أبدى في فبراير شباط استعداده للتحالف مع المالكي وحلفائه.

وربما تستمر هذه الاجواء الجديدة حتى الانتخابات البرلمانية في ديسمبر كانون الاول عندما قد تحل مجموعة جديدة من نواب البرلمان محل الذين انتخبوا عندما كان العراق أكثر انقساما من الناحية الطائفية والعرقية.

وقال فيسر "سيعكس البرلمان الجديد على الارجح الاجواء السياسية الاكثر نضجا."

وأبدى مسؤول أمريكي كبير في بغداد تفاؤلا أيضا. وقال "حقق رئيس الوزراء تقاربا ملموسا. الطريقة التي يتعاملون بها ( العراقيون) مع القضايا الصعبة توضح لنا أنهم جادون تجاه هذا الامر."

انحسار كبير جدا في مستوى العنف والهجمات

وأجاب العميد ديفيد بيركنز، رئيس مكتب التاثير الاستراتيجي للقوات الامريكية في العراق، في رد على سؤال لجريدة (الوطن) في مؤتمر صحافي في بغداد، ان معدلات أعمال العنف المرتبطة بالمجموعات المتمردة، قد انخفضت الى أدنى مستوياتها منذ اغسطس 2003، ووصل هذا الانحسار الى ما نسبته %90 منذُ يونيو 2007، موضحا انه في العام المنصرم، كان يقع مثلا ما معدله 130 هجوما مختلفا يوميا، وأما اليوم فان المسؤولين الأمنيين يشيرون الى وقوع حوالي العشرة اعتداءاتٍ في اليوم الواحد.

واعتبر هذه المعطيات تشير الى أن العدو لم يعد باستطاعته تنفيذ عمليات كبيرة. وذلك لافتقارِه الى الموارد المالية والعناصر البشرية، بعد ان انخفضت بنسبة %67 في عموم العراق، بالمقارنة مع نفس هذا الوقت من العام السابق الامر الذي يفسر تباعد الفترة الزمنية الفاصلة بين هجومٍ و آخر، حيث كان معدل الفترة الزمنية بين هجومٍ وآخر هي 1.9 يوم، وأما الآن فمعدل الفترة هو 3.8 أيام.

وكانت مؤسسة بروكينغز الامريكية حللت في دراسة موسعة بعنوان، مؤشرات واقعية على تحسن الاوضاع في مجالات الامن والاعمار، الارقام المتعلقة بالحالة الامنية في العراق. و قدرت الدراسة عدد الضحايا من المدنيين العراقيين في فترة شهر يونيو 2003 بـ 1026 قتيلا. بلغ هذا العدد اوجه في شتاء عام 2006 وربيع عام 2007 ليبلغ في شهر مارس 2007 حوالي 3500 قتيل، تراجع هذ العدد بحدة ليصل في شهر يناير 2009 ليصل الى 455 قتيلا.

فيما بلغ عدد التفجيرات في شهر يناير 2009 حوالي 10 تفجيرات فقط في حين كان يبلغ هذا العدد 69 تفجيرا في يناير 2007، كما ان عدد ضحايا هذه التفجيرات في شهر فبراير 2007 بلغ 708 من مدنيين وقوات امن لينخفض في شهر يناير الى حوالي 86 .

ويعكس انخفاظ هذا المؤشر جانباً آخر من التحسن الامني، بعد ان بلغ اوجه في شهر ابريل 2004 باختطاف43 اجنبيا ليصل الى الصفر منذ شهر مارس 2008 حتى اليوم. يذكر ان في عام 2008 لم تحصل سوى حادثة واحدة تم فيها اختطاف اجنبي وذلك في شهر يناير ليتم تحريره بعد اختطافه بفترة وجيزة.

كما انخفضت حالات تسلل »المقاتلين الاجانب« عبر الحدود ايضاً بعد ان كانت تقدر بحوالي 80-90 مقاتلا اجنبيا شهرياً في فترة يناير الى مايو في عام 2007 لتصل الى حوالي 10-20 في شهر سبتمبر عام 2008

انعكس التطور النوعي في الجانب الامني ايجابيا على الواقع الخدمي في عموم البلد. كان عدد الساعات التي كانت تتوفر فيها الكهرباء في مايو 2003، حوالي 4-8 ساعات في بغداد والمحافظات.

وعلى الرغم من اعمال التخريب التي طالت شبكة التوزيع والارتفاع الحاد في الاستهلاك منذ السقوط يبلغ هذا العدد اليوم 13.3 ساعة في المحافظات و13.1 ساعة في بغداد بالمتوسط. كما ان التوليد في المحافظات في شهر مايو 2003 كان يبلغ 500 ميغاواط ليصل الى 5970 ميغاواط في في شهر يناير 2009 ولم يذكر التقرير ارقاماً حول التوليد الكهربائي ببغداد.

وتشير الدراسة الى ان نسبة البطالة قد بلغت بعد السقوط حوالي %60-50 في شهر يونيو عام 2003 انخفضت هذه النسبة في ذات الشهر لعام 2005 الى حوالي %40-27 لتصل الى %38-23 في شهر يناير عام 2009.

وكان يبلغ الاستثمار الذي يجذبه العراق شهرياً حوالي 10 ملايين دولار وسطياً منذ عام 2004 الى حد 2007 ولكن ارتفع هذا العدد بشكل كبير ليصل شهرياً الى 100 مليون دولار وسطياً في عام 2008.

نسبة نمو السكان في العراق تزيد عن 3% سنوياً

وأظهرت دراسة حكومية، ان نسبة نمو السكان في العراق تزيد عن 3% سنويا متوقعة تضاعف عدد السكان خلال العشرين عاما القادمة ما يحتم على الحكومة انتهاج سياسة سكانية “علمية”.

وقال بيان للأمانة العامة لمجلس الوزراء، ان وزارة الدفاع اعدت دراسة عن الواقع السكاني في العراق اظهرت ان نسبة نمو السكان بلغت 3% ما يضع العراق في المرتبة 34 من التسلسل العالمي بين 232 دولة والتاسعة عربيا.

وقدم الباحث عدنان شهاب ممثل وزارة الدفاع الدراسة المعنونة “مدى حاجة العراق الى سياسة إسكانية” كورقة عمل أساسية في اجتماع مجلس وكلاء الوزارات في جلسته الاعتيادية

وتوقعت الدراسة ان “يتضاعف عدد سكان العراق في غضون عشرين عاما اذا ما استمرت تلك الزيادة دون وضع خطة إستراتجية لسياسة سكانية واضحة وفق أسس علمية مدروسة”.

يذكر ان آخر احصاء سكاني جرى في العراق كان عام 1997 لكنه لم يشمل إقليم كردستان بسبب سيطرة الادارة الكردية عليه ابان حكم صدام حسين غير ان التقديرات تشير الى ان تعداد سكان العراق يناهز 27 مليون نسمة.

وكان آخر تعداد للسكان شمل اقليم كردستان جرى عام 1987 ومن المؤمل اجراء احصاء شامل للسكان بالعراق اواخر العام الجاري.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 7/نيسان/2009 - 10/ربيع الثاني/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م