السعودية وملامح أزمة القيادة في ظل صراع الاصلاح والتشدد

سيناريوهات قابلة للحدوث بسبب اعتلال صحة الملك والأمير

اعداد: صباح جاسم

شبكة النبأ: بعد أشهر من التكهنات حول صحة ولي العهد السعودي الأمير سلطان، الخليفة المعيّن للملك عبد الله، بدأت السلطات السعودية تتكلم الآن علناً حول اعتلال صحة الأمير،  والمملكة - الحليف الوثيق للولايات المتحدة، التي تدعي لنفسها قيادة العالم الإسلامي، وأكبر مصدر للنفط في العالم، - تتجه هذه المملكة نحو صراع على القيادة بين طرفي المعادلة من دعاة الاصلاح واركان التشدد والتطرف، ولكن تحديد هوية ملوك المستقبل غير معروف حتى الآن، وإلى حد كبير لا يمكن التنبؤ به وسط متغيرات يشوبها توجهات اصلاحية خجولة مقابل تعنت الحرس القديم المتمثل بالنفوذ الوهابي المتشدد.

مع ذلك فإن اصدار الملك السعودي، أمراً ملكياً، قضى بتعيين نايف بن عبدالعزيز، وزير الداخلية، نائباً ثانياً لرئيس مجلس الوزراء، جعلَ نايف فعلياً المرشح الأبرز لخلافة العاهل السعودي.

ويأتي هذا القرار بعد أشهر على نقل الأمير سلطان بن عبدالعزيز، نائب رئيس مجلس الوزراء والمرشح السابق لتولي العرش السعودي إلى نيويورك للخضوع لفحوصات طبية وعمليات جراحية، وسط تزايد الشائعات حول صحته.

ويرى عدد من الخبراء أن الأمير نايف المعروف بقربه من النفوذ الوهابي وميوله المتشددة خاصة فيما يتعلق بحقوق الاقليات والحقوق المدنية والدينية وحقوق المرأة، والذي يتولى حالياً عدة مهام أمنية، يتميز بميل للسياسات المحافظة بخلاف الملك عبدالله، الذي شهدت ولايته تقديم الكثير من الإصلاحات الليبرالية.

وأضافوا أن هذا التعيين جاء بالتالي بخلاف الاتجاه الذي سلكته السياسة السعودية في فبراير/شباط الماضي، عندما أجرى العاهل السعودي تعيينات وزارية وتغييرات في مجموعة من المناصب أدت إلى إقالة واستبدال عدد كبير ممن يُحسب على الاتجاه المتشدد في البلاد.

ومن أبرز ما لفت نظر العالم والإعلام الغربي قرار العاهل السعودي، الذي يحكم البلاد للسنة الثالثة، تعيين امرأة، نوره الفايز، وللمرة الأولى بتاريخ حكومات المملكة، لتشغل منصب وكيل وزارة التربية والتعليم لشؤون تعليم البنات. بحسب سي ان ان.

وكانت التقارير الإعلامية السعودية قد نقلت الأسبوع الماضي عن الأمير نايف تصريحات طمأن فيها إلى سلامة الوضع الصحي للأمير سلطان.

الأمير طلال يتساءل بشأن تعيين نايف

وبدأ أحد اخوة العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز جدلا علنيا نادرا بشأن خلافة العرش من خلال التساؤل بشأن تعيين وزير الداخلية نائبا ثانيا لرئيس الوزراء وهو منصب سيجعله بطبيعة الحال يحتل المركز الثاني في ترتيب خلافة العرش.

وجاءت تصريحات الأمير طلال بن العزيز بعد ان أعلن الديوان الملكي السعودي تعيين الأمير نايف بن عبد العزيز نائبا ثانيا لرئيس الوزراء وهي ترقية تعني انه سيدير المملكة عندما يكون الملك وولي العهد في الخارج.

وهذه المهمة تكون في المعتاد مسؤولية النائب الأول لرئيس الوزراء ولي العهد الأمير سلطان لكنه يتعافى في الولايات المتحدة بعد جراحة أجراها في وقت سابق هذا العام. بحسب رويترز.

وقال الأمير طلال ان العاهل السعودي يحتاج الى ان يصدر بيانا يوضح فيه ان هذا ليس سوى "ترشيح إداري".

وفي بيان أُرسل بالفاكس لرويترز قال الأمير طلال "جرت العادة في المملكة العربية السعودية أن يصبح النائب الثاني وليا للعهد بصورة تلقائية. وهذا الترشيح الأخير للنائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء سيعطي الانطباع بأنه سوف يصبح وليا للعهد تلقائيا."واضاف "وبالتالي فانني أنادي بأن يقوم الديوان الملكي بتوضيح ما عناه بهذا الترشيح وأن ذلك لا يعني بأنه سيصبح وليا للعهد. فنظام البيعة هو المسؤول عن ذلك. وأكرر ومع كل التقدير والاحترام للملك عبد الله فانه لا بد من أن يكون هناك بيان يوضح فيه مغزى هذا المرسوم وأنه ليس سوى ترشيح إداري."

وجرى التأكد من صحة البيان من مساعد شخصي للأمير طلال وهو ابن لمؤسس المملكة العاهل الراحل الملك عبد العزيز آل سعود شأنه في ذلك شأن الملك عبد الله والأمير نايف.

وقال الأمير طلال ان تعيين الأمير نايف وليا للعهد يجب ان تقرره هيئة البيعة التي تضم في عضويتها أبناء الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود الذين يصوتون لاختيار أولياء العهد.

واستهدف قرار تشكيل الهيئة في عام 2006 ان تحل محل سياسة صعبة سابقة كان يتم بموجبها اختيار أكبر أبناء العاهل الراحل الملك عبد العزيز آل سعود وأكثرهم قدرة على اداء المهام لمنصب ولي العهد.

وينظر الى الأمير نايف الذي يُعتقد انه يبلغ من العمر 75 عاما باعتباره واحدا من أشد القوى المحافظة في المملكة ومعارضا للاصلاحات التي ربما تقلص نفوذ الأسرة المالكة والمؤسسة الدينية في المملكة.

وقال للصحفيين في وقت سابق هذا الاسبوع انه لا يرى حاجة لان تصبح النساء عضوات في مجلس الشورى أو لإجراء انتخابات لاختيار أعضائه.

والأمير طلال من ناحية أخرى من أكبر المؤيدين للاصلاحات بين أفراد أُسرة آل سعود الحاكمة.

وامتنع متحدث باسم وزارة الداخلية عن التعليق على البيان بقوله ان الديوان الملكي فقط هو الذي من حقه التعليق على هذه المسائل. ولم يتسن الوصول على الفور الى مسؤولي العلاقات العامة بالديوان الملكي للتعليق.

وقال دبلوماسيون غربيون ومحللون ان تعيين الامير نايف يحسن فرصه في ان يصبح ولي العهد القادم.

وقال خالد الدخيل وهو استاذ للعلوم السياسية في جامعة الملك سعود انه ليس هناك تفسير آخر لهذا التعيين مضيفا ان بيان الأمير طلال يعكس هذا.واضاف دبلوماسي "من العدل الحديث عن هيئة البيعة اذا كان هناك منصب شاغر. تعيين الامير نايف يشير الى حتمية انه سيصبح وليا للعهد."

وقال محلل سعودي قريب من الدوائر الرسمية ان تعيين الامير نايف جاء بعد مناقشات بين كبار أفراد الأسرة الحاكمة لكنه لم يستطع قول ما اذا كان الامير طلال شارك في هذه المحادثات.

وقال "كل شئ ممكن خلف الابواب المغلقة وقد اتفقوا. يسمح القانون للملك بتعيين نائب او عدة نواب او عزلهم .. هيئة البيعة غير مطلوب اللجوء اليها الان حيث ان المنصب ليس شاغرا."

وتعيين الأمير نايف الذي قال مرسوم ملكي انه "بناء على ما تقتضيه المصلحة العامة" سيجعل وزير الداخلية مسؤولا عن ادارة شؤون المملكة خلال غياب متوقع للعاهل السعودي الملك عبد الله لمدة اسبوعين.

نايف يقترب من عرش المملكة

ورأى محللون سياسيون أن وزير الداخلية السعودي، الأمير نايف بن عبد العزيز، قد اقترب خطوة إضافية من عرش المملكة، وذلك بصدور أمر من الملك عبد الله بن عبد العزيز بترقيته إلى منصب النائب الثاني لمجلس الوزراء.

فقد جاء الإعلان عن القرار المفاجئ، والذي بثته وكالة الأنباء السعودية الرسمية يوم أمس الجمعة، ليملأ المنصب الشاغر منذ أن اعتلى الملك عبد الله سدة الحكم في بلاده بوفاة شقيقه الملك السابق فهد بن عبد العزيز عام 2005. بحسب رويترز.

ورأى أحد المحللين في العاصمة السعودية الرياض أن غياب النائب الأول الحالي لرئيس مجلس الوزراء وولي عهد المملكة، الأمير سلطان بن عبد العزيز، والذي كان يشغل عام 2005 نفس المنصب الذي عُيِّن فيه الأمير نايف، قد خلَّف فجوة إدارية وفتح الباب واسعا أمام الكثير من التكهنات بشأن قضية انتقال السلطة في نهاية المطاف.

فغياب الأمير سلطان، وهو الأخ الشقيق للأمير نايف، وقد مضى الآن على غيابه عن البلاد خمسة أشهر حيث أجرى عمليتين جراحيتين في نيويورك بالولايات المتحدة بسبب مرض لم يتم الكشف عن طبيعته بعد، قد جعل من العسير على الملك عبد الله أن يضطلع بكافة المهام الكبرى مثل السفر إلى الخارج لحضور الاجتماعات والمؤتمرات.

ورأى المحللون أن عدم تأكيد الملك عبد الله حتى الآن لأمر حضوره أعمال قمة العشرين، التي ستُعقد في العاصمة البريطانية لندن في الثاني من الشهر المقبل، إنما يشكل دليلا على ثقل الأعباء التي بات يضطلع بعا بغياب شقيقه الأمير سلطان، ويؤكد حاجته لمن يساعده في هذا المجال.

جانب تقني

يقول أحد المسؤولين السعوديين، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه: "من الناحية الفنية أو التقنية)، إن رئيس مجلس الوزراء (وهو ملك البلاد نفسه) ليس هو الذي يدير الشؤون اليومية للبلاد، بل إن نائب رئيس الوزراء هو من يقوم بذلك."

ولهذا السبب، يتابع المسؤول السعودي قوله، فإن تعيين الأمير نايف في منصبه الجديد جاء ليؤكد ما كانت عليه الحال بالفعل لأشهر عدة، أي أن نايف هو من يشرف بالفعل على عمل الحكومة.

إلا أن التعيين الجديد لنايف، صاحب النفوذ القوي والذي يشغل منصب وزير الداخلية منذ العام 1975 والمسؤول عن عمليات مكافحة الإرهاب في المملكة، لا يعني بالضرورة أن خلافته لأخيه غير الشقيق على عرش المملكة قد أصبحت وشيكة أو أكيدة، فالملك عبد الله ما زال يتمتع بصحة جيدة، وذلك على الرغم من أنه يبلغ من العمر 85 عاما.

مجرَّد أمير

فرسميا، يظل الأمير نايف مجرَّد واحد من عدد من أمراء العائلة المالكة في السعودية الذين قد يشغلون منصب ولي العهد.

ففي عام 2006، أنشأ الملك عبد الله آلية جديدة لانتقال الحكم أطلق عليها "نظام البيعة" وهي عبارة عن مجلس يضم 35 أميرا يقررون مجتمعين مع الملك من هو الذي ينبغي أن يُسمى وليا للعهد. إلا أن تلك الآلية لم تُطبق بعد.

لكن عندما عيَّن الملك الراحل فهد بن عبد العزيز في عام 1982 أخيه الأمير عبد الله نائبا أولا لرئيس مجلس الوزراء ووليا للعهد، فقد عين في الوقت ذاته الأمير سلطان نائبا ثانيا لرئيس مجلس الوزراء، الأمر الذي عنى رسميا حينذاك أنه كان في المركز الثاني بالنسبة لولاية العهد.

قوة لآل السديري

من جهة أخرى، رأى المحللون أن تعيين الأمير نايف في منصبه الجديد يؤكد على أهمية فرع آل السديري من الأسرة المالكة في السعودية ودورهم في قضايا القصر الملكي. فنايف وفهد وسلطان وحاكم العاصمة الرياض، الأمير سلمان، وأمراء آخرون جميعهم أبناء مؤسس المملكة، الملك عبد العزيز آل سعود، وهم من زوجته حصة السديري.

كما تؤكد ترقية الأمير نايف على علاقته الثابتة والوطيدة مع الأجهزة الأمنية، والتي تحظى باهمية بالغة في تأمين الحماية والأمن للأسرة المالكة في المملكة.

يُشار إلى أن الأمير نايف هو من مواليد عام 1933 في مدينة الطائف، وقد عُيِّن حاكما لمدينة الرياض عندما كان في العشرين من عمره، واستمر في ذلك المنصب لعامين متتالين.

وقد قام بدراسة المؤسسات والهيئات الحكومية في المملكة، وأصبح في عام 1970 نائبا لوزير الداخلية، ورُقِّي بعد خمس سنوات من ذلك التاريخ ليصبح وزيرا للداخلية، المنصب الذي ما زال يشغله حتى اليوم.

وقد تميَّز عهد الأمير نايف في وزارة الداخلية بالقوة، لكن العام 1979 كان علامة فارقة بالنسبة لها، إذ تم خلالها قمع الجماعة الإسلامية التي استولت على الحرم المكي بشكل دموي.

كما تميز عهد الأمير نايف في الوزارة أيضا ببروز تنظيم القاعدة، والتي يحدر الكثير من أعضائها، بمن فيهم رئيس التنظيم أسامة بن لادن، إلى السعودية.

ومن الأحداث الهامة الأخرى التي شهدها عهده في الوزارة كان أيضا حدوث تفجيرات في مجمَّعات في الرياض عام 2003، حيث كان المفجرون على صلة بالقاعدة.

كما تحركت الوزارة في السنوات الأخيرة ضد الإسلاميين المتطرفين والنشطاء التقدميين على حد سواء، الأمر الذي عرضها للكثير من الانتقادات من مجموعات ومنظمات حقوق الإنسان في العالم.

ويُنظر إلى نايف على انه شخصية محافظة أكثر من الملك عبد الله، والذي شملت الإجراءات الليبرالية والإصلاحات التي أقدم عليها إعطاء النساء، الممنوعات حتى الآن من قيادة السيارات، المزيد من الحريات.

فقد قال الأمير نائب للصحفيين في وقت سابق من الأسبوع الحال إنه لا يرى أي حاجة البتَّة لإجراء انتخابات لمجلس الشورى في البلاد، كما لا يرى هناك من داعٍ أيضا لوجود نساء قطّ في المجلس الذي يضم 150 عضوا يُعيَّنون جميعهم تعيينا.

 محطات في حياة الأمير نايف

- في 27 آذار/مارس عام 2009: الملك عبد الله بن عبد العزيز يصدر أمرا بتعيينه نائبا ثانيا لرئيس مجلس الوزراء

- يشرف عمليا على عمل الحكومة منذ عدة أشهر.

- يشغل منصب وزير الداخلية منذ العام 1975 .

- رسميا، يظل الأمير نايف مجرَّد واحد من عدد من أمراء العائلة المالكة في السعودية الذين قد يشغلون منصب ولي العهد.

ورأى المحللون أن تعيين الأمير نايف في منصبه الجديد يؤكد على أهمية فرع آل السديري من الأسرة المالكة في السعودية ودورهم في قضايا القصر الملكي.

والأمير نايف هو من مواليد عام 1933 في مدينة الطائف، وقد عُيِّن حاكما لمدينة الرياض عندما كان في العشرين من عمره، واستمر في ذلك المنصب لعامين متتالين. وأصبح في عام 1970 نائبا لوزير الداخلية

وتميَّز عهد الأمير نايف في وزارة الداخلية بالقوة، لكن العام 1979 كان علامة فارقة بالنسبة لها، إذ تم خلالها قمع الجماعة الإسلامية التي استولت على الحرم المكي بشكل دموي

وتميز عهد الأمير نايف في الوزارة أيضا ببروز تنظيم القاعدة، والتي يأتي الكثير من أعضائها بمن فيهم رئيس التنظيم أسامة بن لادن إلى السعودية

الامير نايف لا يرى ضرورة للانتخاب او تمثيل المرأة

وقال نايف ان بلاده لا تحتاج الى تمثيل للمرأة في البرلمان ولا تحتاج الى اجراء انتخابات.

ولا توجد أحزاب سياسية في المملكة العربية السعودية لكن الاصلاحيين يأملون ان يتحول مجلس الشورى من مجلس استشاري معين من الرجال فقط الى مجلس تشريعي منتخب في يوم من الايام.

لكن الامير نايف قال في تصريحات لصحيفة الجزيرة نشرت يوم الاربعاء معلقا على مطالب بانتخاب أعضاء مجلس الشورى بدلا من التعيين "التعيين يختار الافضل دائما ولو كان الامر بالانتخاب لم يكونوا الاعضاء بهذا المستوى من الكفاءة."وحين سئل عن مشاركة المرأة في المجلس قال "أرى أنه ليس هناك ضرورة."

ويقول دبلوماسيون ان الدائرة المصغرة في الاسرة الحاكمة في السعودية منقسمة حول قضية الاصلاح. وينظر الى الامير نايف وهو أخ غير شقيق للعاهل السعودي الملك عبد الله على انه من المعارضين للتغيير.

وسمح للرجال السعوديين بالانتخاب لشغل بعض مقاعد مجالس البلدية عام 2005 . بحسب رويترز.

وتبنى العاهل السعودي اصلاحات حذرة في اطار جهود مكافحة التشدد التي بدأت بعد الهجمات التي تعرضت لها الولايات المتحدة في 11 سبتمبر ايلول عام 2001 .

ملامح ازمة قيادة تلوح بالأفق

وبهذا الخصوص كتبَ سايمون هندرسون، مدير برنامج سياسات الخليج والطاقة في معهد واشنطن، وهو محرر البحث السياسي للمعهد من عام 1994 " مقالا بعنوان (بعد الملك فهد: الخلافة في المملكة العربية السعودية)، جاء فيه:

بعد ستة أسابيع من العلاج في نيويورك، توجه ولي العهد الأمير سلطان، الذي يتولى أيضاً ولفترة طويلة منصب وزير الدفاع، إلى المغرب. وفي خطاب لقادة القوات المسلحة السعودية الأسبوع الماضي، ذكر نجل الأمير سلطان، مساعد وزير الدفاع، الأمير خالد، أن والده سيعود إلى الولايات المتحدة خلال شهر لمزيد من الفحوص والعلاج. ورغم أن الأمير خالد قال أن والده: "يتحسن وأن حالته الصحية في تقدم"، يستذكر المحللون أنه في عام 2005 أجرى الأمير سلطان عملية جراحية لمعالجة سرطان القولون، وفي نيسان/أبريل 2008 غادر إلى جنيف فيما قيل بأنها فحوصات طبية روتينية.

وإذا توفي الأمير سلطان (الذي سيبلغ من العمر 85 سنة هذه العام) قبل الملك عبد الله (الذي يبلغ 86)، فلابّد من تعيين ولي عهد جديد. لقد كان اختيار ولي العهد سابقاً من صلاحيات الملك وحده، ولكن في عام 2006 أنشأ الملك عبد الله جهازاً جديداً، وهو هيئة البيعة. وتشمل الهيئة - التي تتكون من كبار أبناء وأحفاد الملك المؤسس عبد العزيز (والملقب أيضاً بابن سعود) - مجموعة أكبر من الذين كانوا يستشارون في الماضي، التي ستشارك الآن في تحمل المسؤولية في الاختيار.

وخلافاً لبقية الممالك فإن التوريث في المملكة هو أخوي، وقد دام ذلك خلال فترة تقارب من خمسين عاماً. فالإنتقال في الخلافة هو من أخ لأخيه، وليس من أب لابن. ومنذ وفاة الملك عبد العزيز في عام 1953، انتقل العرش إلى الأول من بين الخمسة والثلاثين من أبنائه وفقاً لأعمارهم حسب الترتيب التنازلي.

وهذه الآلية – مع بعض القفزات أحياناً عندما كان الابن غير راغب أو ليست له قابلية أو غير مؤهل للحكم - مكنت من ترشيح ولياً للعهد يعمل جنباً إلى جنب مع الملك في قيادة مشتركة مما أسفرت عن انتقال السلطة بطريقة سلسة.

العواقب غير المقصودة لهذا النظام، هي أن الملوك السعوديين أصبحوا أكبر سناً عند إعتلائهم العرش: فالملك فهد، سلف الملك عبد الله، كان عمره إحدى وستين عاماً، بينما كان عبد الله اثنين وثمانين (رغم أنه كان الحاكم الفعلي من 1996 إلى 2005 بعد أن اصيب فهد بالشلل نتيجة سلسلة جلطات [دماغية]). وما لم تقم هيئة البيعة بخيار مبتكر لخليفة أصغر بكثير في السن، فإن النظام الحالي المتمثل باختيار (الأقدم) في العمر والخبرة في مجال العمل الحكومي وخلافة الأخ لأخيه، قد يسبب بانتقالات سريعة للملوك في السنوات العديدة المقبلة.

من الواضح أن الملك عبد الله يمهد الطريق لعمل الهيئة. فرئيس الهيئة، الأخ غير الشقيق للملك الأمير مشعل، أصبح يُرى بشكل مستمر مع الملك عبد الله في الإجتماعات المهمة. ورغم أن مشعل كان وزيراً للدفاع في الخمسينات من القرن الماضي وأميراً لمكة في الستينات من نفس القرن، إلا أنه تخلى عن العمل الحكومي لصالح تطوير أعماله التجارية. ومن المرجح أن يكون دور مشعل أساسياً في تطور عمل الهيئة؛ وبسبب النظر إليه باعتباره حليفاً للملك عبد الله، فإن احتمال مطالبته بالعرش ضعيفة. ومن المتوقع أن يواجه تحديات كبيرة من أقوى فئة في الهيئة – "السدارى" السبعة – وهي أكبر مجموعة من الأخوة الأشقاء، الذين أصبحوا ستة بعد وفاة فهد. وتضم هذه الفئة الأمير سلطان، ووزير الداخلية الأمير نايف (الذي ذُكر ايضاً أنه مريض)، وأمير منطقة الرياض الأمير سلمان.

سيناريوهات قابلة للحدوث خلال الأشهر القليلة المقبلة

ويورد كاتب المقال عدة سيناريوهات منها:

وفاة الأمير سلطان: من المرجح أن يضغط الأمراء "السدارى" لكي يتم اختيار ولي العهد القادم من بينهم. فللأمير نايف [شعور بحق] المطالبة، لكنه لا يعتبر مقبولاً شعبياً بما فيه الكفاية. والخيار المحتمل هو شقيقه الأصغر الأمير سلمان.

وفاة الملك عبد الله: رغم ظهوره العلني في العديد [من المناسبات]، يقال بأن قدرات العاهل السعودي - الذي هو الآن الأكبر من بين أبناء عبد العزيز الأحياء - تضعف بشكل متدرج. وإذا كان ولي العهد الأمير سلطان لا يزال على قيد الحياة عند وفاة الملك عبد الله، فإن من شبه المؤكد أنه سيصبح ملكاً. ومن الناحية النظرية، فإن قانون هيئة البيعة يسمح بالإعلان من قبل لجنة صحية من الخبراء بأن الملك أو ولي العهد غير لائق طبياً [لتسلم زمام المنصب]. ولكن هذه الخطوة غير محتملة ضد ملك قوي. وكملك يمكن لسلطان أن يبطل الهيئة ويعين ولي العهد الذي يريده.

إتباع الخلافة للعرف القائم: يعتبر بعض الأخوة الثمانية عشر الباقين من أبناء عبد العزيز غير مؤهلين للمنصب لأن العديد منهم أولاد لأمهات غير سعوديات أو يعتبرون خارجين عن الخط الرسمي. فإذا استثنينا هؤلاء، فإن المرشحين المحتملين هم: عبد الرحمن (78 عاماً) ونايف (76 عاماً) وعبد الإله (74 عاماً) وسلمان (73 عاماً). وكلهم باستثناء عبد الإله، الذي عين مستشاراً للملك، من "السدارى".

تغيير نمط الخلافة: أسهل طريقة لتجنب التغير السريع في الخلافة بين الملوك الذين هم كبار في السن ومرضى، هو عدم اختيار المرشحين الكبار في العمر واختيار رجل أصغر سناً، سواء باختيار الأصغر من أبناء عبد العزيز أو من بين أحفاده. ومن بين الأبناء، فإن سلمان كفوء كأصغرهم، وكذلك رئيس الاستخبارات الأمير مقرن البالغ من العمر66 عاماً. ورغم أن هناك العديد من الأحفاد الذين لديهم عقود من الخبرة في مجال العمل الحكومي، فإن [فرع] "السدارى" هو المتغلب، ومن المحتمل أن يقاوم أي ترشيح يتخطاه.

إن عدم معرفة من سيكون الملك تقل أهمية عن عدم معرفة العملية التي يجري بموجبها اختيار الملك. ولكن المداولات في هيئة البيعة – غير المختبرة – التي لا تعرف إجراءاتها إلا في الخطوط العريضة، ستكون سرية. كما أنه عند وفاة سلطان وغيره من بين أفراد العائلة المالكة الكبار في السن، ستخسر واشنطن محاوريها المألوفين. ويدير خالد بن سلطان وزارة الدفاع بفاعلية نيابة عن والده، وكذلك محمد بن نايف في وزارة الداخلية. فهل سيُقبل بهذه الإقطاعيات؟ هل سيرقى هؤلاء الأبناء للحلول محل آبائهم، أم سيقوم الملك الجديد باستبدالهم بأمراء آخرين أقل شهرة منهم؟

ليس بين السعوديين المعروفين جيداً للرأي العام في الولايات المتحدة [أي] مرشح للملوكية: فوزير الخارجية سعود الفيصل مصاب بمرض الباركينسون المزمن؛ وشقيقه رئيس الاستخبارات السابق والسفير السابق في الولايات المتحدة الأمير تركي الفيصل أقيل من عمله السابق وحُدد نشاطه؛ والسفير الأسبق لدى الولايات المتحدة ورئيس الأمن الوطني الأمير بندر بن سلطان مستثنى بسبب والدته التي كانت خادمة أفريقية؛ والأمير طلال - والد رجل الأعمال الأمير الوليد - لديه سجل بانتقاد العائلة المالكة بصورة علنية.

لقد شهدت العلاقات الأمريكية-السعودية مداً وجزراً في السنوات الأخيرة، ورغم أن التعاون في مواجهة الإرهاب قد تحسن بعض الشئ، فإن السعوديين لم يكونوا متعاونين بصورة خاصة في ما يخص أسامة بن لادن قبل هجمات 11 أيلول/سبتمبر، حيث أن خمسة عشر من الخاطفين التسعة عشر كانوا سعوديين؛ كما لم تكن الرياض متعاطفة عندما ارتفعت اسعار النفط فوق 100 دولار للبرميل الواحد في العام الماضي. ولكن علاقات العمل تواصلت ومن المرجح أن تستمر. وفي مقالة له في مجلة الـ"نيوزويك" في الشهر الماضي، كتب دينس روس، الذي من المرجح أن يكون المبعوث الجديد لإدارة أوباما حول إيران، أن واشنطن "تحتاج" إلى المملكة [العربية السعودية] في سياستها لإجبار الخيارات على طهران.

وتأمل واشنطن في تجنب النزاع الداخلي في الأسرة المالكة السعودية على غرار ما حدث بين نجل عبد العزيز الأكبر سناً الملك سعود وبين خليفته في النهاية [الملك] فيصل والتي شلت حكومة المملكة بين عامي 1958 و1964. وستكون الرياض حساسة من [أي] تدخل خارجي أو مشورة بشأن هذه المسائل، ولكن نتائج التحولات المحتملة في الأشهر القليلة المقبلة ستكون شديدة الأهمية للولايات المتحدة والكثير في أنحاء العالم.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 30/آذار/2009 - 2/ربيع الثاني/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م