المد الشيعي ومحاولات التهميش

علي الطالقاني

قيل الكثير في التشيع، ولكن دون الرجوع الى معناه المأخوذ من (المشايعة) بمعنى المتابعة، وسمَي الشيعة بهذا الاسم لأنهم يشايعون الامام علي وأولاده (ع)، ومن أساء التعامل مع هذه المفردة، لابد أن يرجع الى نفسه قبل التحدث عن الشيعة والتشيع، وقبل أن يحارب المعتقد الذي يحمل جوانب إنسانية بكل ما للكلمة من معنى. وقد سمّى الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) أتباع علي (عليه السلام) بهذا الاسم، كما رواه المؤرخون في كتبهم(1). وهم يعتقدون بأن الرسول (صلى الله عليه وآله) عيّن(2) من بعده لمقام الخلافة والإمامة اثني عشر خليفة بأمر الله تعالى.

وأعتبر بعض المتطرفين أن التشيع موضوع لايمكن السكوت عنه، والحديث يدور هذه الايام حول التشيع في دول الخليج والمغرب العربي، حيث تعمل الأنظمة على محاربة هذا المذهب عبر محاور عديدة منها.

أولا: منع بناء المساجد والحسينيات من قبل الشيعة.

ثانيا: محاولة سن قانون يمنع ممارسة الحريات الدينية للشيعة.

ثالثا: منع طباعة وتوزيع الكتب.

رابعا: منع التظاهرات وإن كانت تطالب بالحقوق السياسية.

خامسا: محاربة الخطباء كما حصل مؤخرا في الكويت والمشكلة التي صنعها السلفيون مع السيد الفالي.

سادسا: إدخال ايران كعامل قيادي وحيد للشيعة وأنها تمثل الوجه الحقيقي للتشيع وأن الايرانيين هم من يقودون الشيعة في العالم.

سابعا: الخوف من الانفراج السياسي في العراق بعد العام 2003، ومحاربة التشيع، وخصوصا أن الحوزات العلمية في النجف وكربلاء وباقي المدن الدينية خاضت دورا كبيرا في التثقيف الديني.

ثامنا: محاصرة المثقفين الشيعة الذي ساهموا بشكل كبير من خلال نتاجاتهم الفكرية وانتشارها بشكل كبير في الساحة العربية.

أما العوامل التي ساهمت في نشر التشيع عديدة من أبرزها:

أولا: تعدد الآراء من قبل علماء الشيعة مما ولدت ذهنية فكرية تتعايش مع مختلف الآراء، ولا تخشى النقد.

ثانيا: على الصعيد الفقهي نرى التقدم الواضح، فأن مستوى البحث في الدليل والخوض في جزئيات الأحكام و العمق في البحث الأصولي قطع الطريق أمام الأفكار السلبية.

ثالثا: على المستوى الجهادي، نرى تاريخ الشيعة حافل بالثورات ضد الظالمين، واتخاذ ثورة الإمام الحسين (ع) نهجا لتقويم سلوك الإنسان.

رابعا: على المستوى العبادي، فان مدرسة الدعاء خاضت دورا كبيرا في تربية الشيعة، فنرى كتب الأدعية تتداول بشكل كبير في أوساط المسلمين.

خامسا: النتاج الفكري كان له دورا كبيرا في تربية الشيعة على منهج أهل البيت (ع)، فنلاحظ الكثير من علماء الشيعة ومفكريهم أصدروا جملة من الكتب في مختلف المجالات.

سادسا: أن التشيع مذهب يعتمد في إستراتيجياته مبادىء كثيرة منها (اللاعنف، والتعددية، والتعايش السلمي، والأخوة الاسلامية، ونبذ الطبقية، وإزالة الحدود بين الدول الاسلامية..الخ)(3).

سابعا: تزايد قوة المؤسسة الدينية الشيعية، حيث تعتمد الحوزات العلمية على هيكلية إدارية رصينة.

ثامنا: أدى الانفتاح الشيعي على العالم الى استقطاب أعداد كبيرة من المسلمين وغير المسلمين.

تاسعا: فتح باب الاجتهاد أمام طلبة العلوم الدينية مما ساهمت هذه الحالة في خلق تنافس نحو طلب العلم ونشره.

عاشرا: الرعاية الأبوية من قبل قادة التشيع للجماهير، وكذلك دعم المؤسسات الثقافية والخيرية والانسانية.

ومع استعراض نقاط القوة، نسمع الكثير هذه الأيام دعوات تتصايح لتهميش مذهب الشيعة عبر محاولات التشويه والتكفير والإساءة، ولكن في نفس الوقت تقف أصوات أخرى لتعبر عن رأيها بالانتماء للتشيع، فالإنسان الشيعي لا يخشى اي نقاش و يمتلك عنصر القوة الذي يؤهله للنقاش.

وبعد هذا الموجز يبقى العامل الانساني موضوعا مشتركا بين بني البشر، والتعايش سمة أخرى تجسد هذا العامل عبر الحوار وقبول الآخر دون المساس بمعتقده. ومايبقى إلاقوة الإقناع وقوة الدليل وهي السلاح الوحيد لتغيير أي مسيرة إنسانية، أما القتل والتهميش والتعذيب والإقصاء ماهي إلا وسائل يستخدمها الضعفاء للنيل من نظرائهم.

...........................

هوامش

1- قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) مشيراً الى علي بن أبي طالب (عليه السلام): (والذي نفسي بيده ان هذا وشيعته لهم الفائزون يوم القيامة) راجع تاريخ دمشق لابن عساكر الشافعي ج2 ص442 ح951، وص 348 ح849 و851. المناقب للخوارزمي الحنفي : ص62، شواهد التنزيل للحسكاني الحنفي: ج2 ص362 ح1139. كفاية الطالب للكنجي الشافعي: ص245 و313 و314. كنوز الحقائق للمناوي الشافعي: ص83. الدر المنثور للسيوطي الشافعي: ج6 ص379. تذكرة الخواص للسبط ابن الجوزي الحنفي: ص54. فرائد السمطين: ج1 ص156. بحار الأنوار: ج36 ص283 و284 ب41 ح106.

2 - راجع ينابيع المودة للقندوزي الحنفي، ص529 الباب السادس والسبعون في بيان الأئمة الاثني عشر بأسمائهم. وأيضاً فرائد السمطين: ج2 ص132 الحديث

3- راجع كتاب ( السبيل الى انهاض المسلمين) للامام الشيرازي

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 28/آذار/2009 - 30/ربيع الاول/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م