كيف تختارين الحبيب ؟
وكيف يمكنك أن تختار المرأة التي سوف تكون موضع حبك من بين كل فتيات
العالم ؟
للإجابة على هذا التساؤل إقراء الحوار التالي:
في مّرة تحدثت مع أحد الشباب عن سبب تأخره في الزواج، فأجابني في
حديث طويل، أنه لابد أن نتخلى عن الأعراف السائدة بخصوص اختيار الزوجة..
يقول: إنني لن أتمكن من حب فتاة أقتصر على النظر إلى وجهها وحسب.
قلت له: إذاً ما هو الحل في وجهة نظرك ؟
قال: لا بد أن نعقد مجموعة من الجلسات حتى نتعرف على بعضنا أكثر،
جلسات لا تعكرها الأعراف الاجتماعية.
فقلت له: هل تعلم إلى ماذا تريد أن تصل ؟.. إنك تعبّر عن داعي هذه
الجلسات بالتعارف، ولكنك تريد، ولعل ذلك لا شعورياً، أن تكوّن مشاعر من
الحب تجاه تلك المرأة، بنوع من الصداقة والألفة، أليس كذلك ؟
فقال: نعم، هو كذلك.
سألته: لماذا تريد ذلك ؟
قال: لأنني سأرتبط بها ارتباطاً مدى الحياة فلا بد أن أحبها أولاً،
أما أن أتزوجها ثم أحبها فهذا أمر مستحيل، لأنني لم أحبها فكيف أتزوجها.
قلت له: أولاً، الحب بإمكانه أن ينشأ بعد الزواج، وهناك دليل علمي
بخصوص مشاعر الحب وكيفية تولدها، ودليل واقعي مما نجده في كافة الأسر
التي أحبّت بعد الزواج، هذا بالإضافة إلى أن تلك العملية التي تريد أن
تجريها لها الكثير من المساوئ، وأنها غير دقيقة في ذات الوقت..
فالمرأة عندما تتلقّف إعجاباً من أحدهم فإنها سوف تميل لذات الشخص،
لا لأنه أهل لكي تحبه، إنما لأنه أعطاها من سحر الكلمات، ودندن على
الوتر الذي تطرب عليه..
و في التعبير عن هذه الحقيــقة يذكر المصريون طرفة تقول: ((أخذ يقول
لها أنه يعجبه قوامها الرشيق وصوتها الموسيقي وعيناها الواسعتان و..
و.. ثم سألها، ما الذي يعجبها هي فيه، قالت على الفور: ذوقك الرفيع))[1]
!!.
نلاحظ أن الفتاة انسـاقت وراء الوصف الجميل، فأبدت إعجابها بذوقه،
الذي كان سبباً لمدحها، فالمرأة في الأغلب أسيرة المحبة، ((ما دامت
بكراً ـ لم يمسّ جسدها صابون الرجال ـ فإنها تصدّق حديث الحب من الرجل
بسهولة))[2].
وهنالك أمر آخر، فمشاعر الحب الحقيقي تأتي من المواقف الصادقة، ولذا
قد لا تظهر الفتاة أثناء تلك اللقاءات بتصرفاتها الحقيقية، وكذلك
بالنسبة للرجل، فكلاهما يعرف أنها فترة امتحان ينجح المرء فيها أو يدان،
فسيكون إذاً التمثيل سيّد الموقف..
فلابد أن تبحث عن سبيل الاختيار العقلاني، للفتاة التي تتوافق معك..
والتي بالإمكان أن تكوّن معها حياة مليئة بالسعادة والحب، عن طــريق
اختيار الصفات التي تشـــعر أنها قريبة من قلبك، وتتمنى أن تكون في
الفتاة التي تنشدها، وعادة ما يتم ذلك بالنظر للجوانب التالية:
1 ـ الواقع العائلي وموروثاته، (انظر في أي نصاب تضع ولدك فإن العرق
دساس)[3].
2 – واقع العلاقات الاجتماعية، (الْمَرْءُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ وَ
قَرِينِهِ)[4].
3 – المدى الإيماني، (اذَا تَزَوَّجَ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ
لِجَمَالِهَا أَوْ مَالِهَا وُكِلَ إِلَى ذَلِكَ وَ إِذَا تَزَوَّجَهَا
لِدِينِهَا رَزَقَهُ اللَّهُ الْجَمَالَ وَ الْمَالَ)[5].
4 – الجانب الأخلاقي، (اذَا جَاءَكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ خُلُقَهُ وَ
دِينَهُ فَزَوِّجُوهُ)[6].
5 – المستوى الثقافي والإدراكي (لكل شيء قيمة و قيمة المرء ما
يحسنه)[7].
6 ـ التكافؤ، (أَنْكِحُوا الْأَكْفَاءَ)[8].
7 ـ الجانب الجمالي والشكلي، بحيث لا يكون على حساب الدين والأخلاق.
8 ـ الجانب الصحي.
بالنظر إلى هذه الجوانب يمكننا أن نرسم صورة واضحة المعالم ومجسّماً
ملموساً، لمن نسعى لتكوين علاقة زواج ناجحة مليئة بالحب معها، وكذلك
بالنسبة للمرأة عليها أن تضع هذه المقاييس نصب عينيها عندما يتقدم
أحدهم بطلب يدها للزواج، لتتعرّف أيّهم يمكنها الانسجام معه وتكليل
الزواج منه بالحب.
فهذه المقاييس هي مقدمات يمكن للإنسان أن يكوّن عند توافرها في
الطرف الآخر الإحساس بالمودة، والأمور المذكورة نسبية تختلف من شخص
لآخر.
الحب بين متباغضين
ليس حديث الحب لحديثي الزواج فحسب، وإنما هو للجميع دون استثناء،
فإن القلوب لها مفاتيح خاصة يتمكن كل من يمتلكها أن يفتح بها قلبه،
وقلب زوجته التي عاش معها فترة زمنية في حالة فتور أو نفور..
((لجأت إحدى السيدات إلى طبيب نفساني، وقالت له: إنني أكره زوجي
وقد عزمت على طلب الطلاق منه، لأنني أحسّ برغبتي في إيذائه بقدر ما في
استطاعتي.
فقال لها الطبيب النفساني: في هذه الحالة أنصحك أن تبدئي في إظهار
حبك له، وإعجابك به، حتى إذا أصبح يشعر أنه لا يستطيع الاستغناء عنك
فاشرعي في طلب الطلاق، فهذه أفضل طريقه لإيذائه.
وبعد بضعة أشهر عادت الزوجة إلى الطبيب النفساني لتقول له، إنها
اتبعت نصيحته تماماً.
فقال لها: حسناً.. لقد حان الوقت لطلب الطلاق.. ولكن الزوجة صاحت
قائلة في استنكار: الطلاق ! مستحيل.. فقد وقعت في غرامه فعلاً!))[9].
ومثلما يولد الحب في بدء العلاقة، كذلك يولد أثناءها، وبعد حياة
مليئة بتشققات البغض، والبرود العاطفي، وتراكم المشكلات.. إذا عرفنا
ذلك فسنعي تماماً ما مدى أهمية إنقاذنا لحياتنا، لتحويلها من أرض موات
خربة إلى حديقة زاهرة طيبة..
لا تتردد في إبداء تلك المحاولة التي لا تتطلب منك جهداً كبيراً في
زرع أغصان المودة التي قد تكون نسيتها يوماً من الأيام الماضية في
حياتك الزوجية.. فالفرصة مواتية دائماً، ومناسبة في أي وقت من الأوقات.
وكثير ممن لا يعون هذه الحقيقة يهربون من حياتهم الزوجية بحثاً عن
الحب في نساء أخريات، يقعون في شرك العلاقات المتعددة الخاطئة أو التي
لا يستطيعون استيعابها فتنهار حياتهم الزوجية، بالرغم من مقدرتهم على
خلق روح المودة بينهم وبين زوجاتهم.
* فصل من كتاب الحب في العلاقات الزوجية
www.mosawy.org
[1]
/ مجلة روز اليوسف – العدد 3642
[2]
/ نظام حقوق المرأة في الإسلام، للمطهري – ص76
[3]
/ شرحنهجالبلاغة،ص 116، 12، قول أمير المؤمنين (عليه
السلام).
[4]
/ الكافي، 375، 2، قول الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله).
[5]
/ الكافي، 333، 5، عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام).
[6]
/ الكافي، 347، 5، عن الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله).
[7]
/ بحارالأنوار،49، 62، عن الإمام علي (عليه السلام).
[8]
/ الكافي 332، 5، عن رسول الله (ص) وفي الخبر سأله رجل ومن
الأكفاء فقال (ص): (الْمُؤْمِنُونَ بَعْضُهُمْ أَكْفَاءُ
بَعْضٍ).
[9]
/ في العلاقات الزوجية – ص18.
|