الأطفال وأثر الخيال في التربية والتعليم والابداع

إعداد: علي حسين عبيد

شبكة النبأ: ربما سمع الكثير منا بخصوبة الخيال، فهذا يمتلك خيالا خصبا متوقدا ولذلك نجده صاحب مواهب وطموحات لامحدودة، وذاك لايتمتع بخصوبة الخيال ذاته ويتميز بالواقعية الحادة في التفكير وانجاز الاعمال، فنجده بعيد عن الانجازات الابداعية الجديدة بسبب (خياله الضعيف) او نزوعه الشديد الى الواقعية والتنظيم المسرف.

لقد قال نابليون مرة بأن (الخيال يحكم العالم) وقد حكم العالم فعلا بخياله الخصب، نعم إن نابليون كان يتمتع بخيال متوقد ولذلك حقق كثيرا من طموحاته، ونحن هنا لسنا بصدد مشروعية تلك الطموحات من عدمها، كذلك هناك الكثير من أفذاذ التأريخ وصولوا الى اهدافهم بوساطة الخيال الخلاّق.

وحين يتساءل احدهم وما هو الخيال وكيف نعرّفه او نصل الى وصف مقبول له، وفي هذا الجانب يقول الدكتور شاكر عبد الحميد في كتابه الموسوم بـ (الخيال من الكهف الى الواقع الافتراضي):

يقع الخيال في تلك المنطقة المشتركة التي توجد بين الادراك والذاكرة وتوليد الافكار والانفعال والاستعارة والمجاز واللغة وغيرها) وفيما يتعلق بالربط مابين التربية والخيال نقرأ في الكتاب نفسه:

بأن (ماري وارنوك) أكدت في دراستها المهمة عن (الخيال) على ان تنشيط الخيال ينبغي ان يكون الهدف الاساسي من التربية والتعليم، وفي سلسلة من الدراسات المتتابعة حول اهمية الخيال في التربية والتعليم اشار كيران إيجان استاذ التربية في جامعة سيمون فريزر بالولايات المتحدة الى ان خيال الاطفال هو الاداة الاكثر قوة وحيوية في التعلم، وان معظم النظريات التربوية السائدة والمطبقة في العالم إنما تقوم على اساس عدد من البرامج المحدودة.

إذن يمكننا القول بأن إستثمار خيال الاطفال بالصورة الصحيحة يقود الى بناء ركيزة قوية من التطلعات والطموحات القابلة للتنفيذ من خلال أبداع الخيال، او الخيال المبدع، فتطوير هذه الملكة عند الطفل واستثمارها بما يتواءم مع قدراتها في التربية والتعليم، ستؤدي الى خلق عقول تنزع الى الابداع والتجدد في التخطيط والانجاز معا.

فثمة العقل التقليدي صاحب الخيال الساكن او الضئيل وثمة العقل المحلّق كما يصفه الدكتور شاكر عبد الحميد، وشتان بين من هو قارّ وساكن وبين من هو فاعل متحرك حيوي ومحلق على الدوام.

فقد يتمتع صاحب العقل التقليدي بالموسوعية من حيث سعة الاطلاع وموسوعية المعلومات التي يعرفها، وقد يتسم صاحبه بالمنطقية في التفكير والعرض المنظم للافكار والذكاء المرتفع، وقد يحصل صاحبه على أعلى الدرجات في الامتحانات التحصيلية فيوصف بالتفوق ويحصل على جوائز التميز...الخ، لكن امكانية ان يصبح صاحب هذا العقل التقليدي مبدعا او صاحب انجازات جديدة ومفيدة متميزة هو امر قد يكون صعب المنال هنا.

حيث يكمن العقل الرابض او الراقد او الراكد -سمّه ما شئت- مكانه، مثل حيوان قوي محبوس في قفص، ينتظر ان تلقي إليه الأطعمة فيأكلها بشهية او من دون شهيى عالية، يتحرك قليلا ثم يربض، إنه يمشي قليلا ويقعد، وينتظر، محبوسا في قفصه حتى تأتي إليه الحلول!!.

هكذا إذن يمكن أن نشبّه الخيال الخامل، فيما يكون الخيال الحيوي او الخلاق مبدعا في جميع المجالات التي سيخوض فيه، وطالما يتركز حديثنا عن العلاقة المتبادلة بين التربية والتعليم والمواهب الأخرى مع الخيال، فإن تنمية خيال الاطفال أولا عبورا الى المراحل العمرية الأخرى سيصبّ في خلق خيالات مبدعة لها القدرة المتواصلة على الابداع وإيجاد البدائل الخلاقة دائما.

وحول هذا الموضوع نقرأ في كتاب (الخيال من الكهف الى الواقع الافتراضي):

بعد أن حصل عالم النفس الامريكي لويس تيرمان على درجة الاستاذية في جامعة ستانفورد عام 1910 بدأ رحلته الطويلة لتطوير بيئته للذكاء وخلال ذلك اهتم بالموهوبين الصغار بدرجة جعلته يُقسم يوما ان يجعل منهم موضوعا لدراسة شاملة حول السمات الشخصية والجسمية والانفعالية وحدث ذلك حيث طبقه على ألف طفل من ذوي الذكاء المرتفع وقام بتتبع ارتقاء هؤلاء الاطفال حتى مرحلة الرشد، فوجد ان عينته ذات الذكاء المرتفع قد تفوقت على عينة من العاديين في خصائص الجسم والصحة العامة والتوافق الاجتماعي والتمكن من المواد الدراسية.

من هنا نخلص الى القول بأن استثمار الذكاء وتطوير الخيال في التربية والتعليم لاسيما في المراحل العمرية المبكرة للانسان ستصب في صالح المجتمع كونها تعمل على خلق قاعدة مهمة تستثمر خيالها في تطوير الواقع وفتح آفاق متجددة للرقي والإبداع.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 26/آذار/2009 - 28/ربيع الاول/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م