المرأة العراقية ومعركة البحث عن الحقوق الموعودة

إعداد: علي الطالقاني

 

شبكة النبأ: عانت المرأة في مختلف دول العالم من ظلم وجور كبيرين، نتيجة الاضطهاد وابتعاد القوانين عن القيم الحقيقية التي ترفع من شأن المرأة، تلك القيم التي تتناسب مع فطرتها. وبعد ازدهار العالم بالتطور الحاصل على مختلف الاصعدة، احتفلت المرأة قبل ايام (8 اذار) في دول العالم، بعيدها العالمي، ولعل شأن النساء العراقيات في هذا اليوم يحمل الكثير من الهموم والآمال وتجدد المطالبة بالحقوق الموعودة، رغم انه  بالنسبة للبعض منهن لا يختلف عن أي يوم آخر، أو يوما منسيا لبعض آخر، مادام هناك من يتجاهله كما تقول إحداهن:  لو كان هذا اليوم في حسبان الحكومة لكانت اهتمت به.

العراقيات لم يزلن يواجهن مصير الترمل

تقول هدى علي (42 عاما ) من  بغداد وهي موظفة في وزارة التجارة إننا نعرف كنساء أن اليوم هو عيد المرأة العالمي، نهنئ بعضنا البعض، ولكن عدا ذلك ليس هنالك ما يدل على انه عيد للمرأة. حسب أصوات العراق

وأضافت الموظفون لا يهمهم هذا الأمر وحتى الدائرة نفسها لم تصنع حتى على الأقل لافتة تدل على المناسبة علما أن وزارة التجارة نسبة النساء فيها 60%.

وتتساءل  أم حسن (62 عاما) من شارع فلسطين في العاصمة بغداد عن يوم المرأة: أي عيد…؟  إني لا اعرف سوى أن  يوم غد يصادف عيد المولد النبوي الشريف.

وتضيف متهكمة أنا الآن ذاهبة إلى السوق وسأعود وأذهب إلى النجار لتصليح الباب في نفس الوقت هاهي ابنة ابنتي معي والخاتون ذهبت لتصليح سيارتها وتركت البنت عندي وسأعود للتنظيف والطبخ.. نحن النساء العراقيات بلا عيد خوفا على أنفسنا وعلى أولادنا.

وترى بشرى عباس (36) موظفة تسكن وسط مدينة أربيل شمالي العراق ان الحكومة لم توفر فرصا كي تتقدم المرأة من خلالها لأنها (المرأة) تريد في كثير من الأحيان الدعم الاقتصادي. وتؤكد ان المرأة تستطيع أن تقرر في حال إذا أعطوها أولوية ونالت استحقاقها لكي تمارس دورها في المجتمع.. وان المرأة تمتلك الولاء أكثر من الرجل.

وأشارت إلى إن الثقافة هي التي ترفع من روح وقوة المرأة لكن في حال عدم تواجد الدعم في سبيل ذلك ، يجب على المرأة أن تثقف نفسها من خلال شاشات التلفاز وقراءة الجرائد.

ونوهت إلى إن حكومة إقليم كردستان حسب ما قيل أنها ستعطي حق المرأة 30 % من مقاعد البرلمان وفي حال تحقق ذلك فإنها سوف تكون صاحبة قرار وعمل أشياء كثيرة.

أما  سلوى محمد (23)، طالبة كلية التربية في كركوك، فترى أن الحكومة غير صادقة اتجاه المرأة، وتقول صحيح إن المرأة في العراق تغير مستواها ونالت بعض من حريتها، لكن هي إلى حد الآن ضحية المجتمع وتحت سيطرة (العادات والتقاليد) الاجتماعية.

وعبرت بدهشة هل اليوم كان عيد المرأة العالمي..؟ لا اصدق هذا.. لو كان هذا في حسبان الحكومة لكانت اهتمت بالمرأة وبهذا اليوم الذي يصادف عيدها.

وتابعت كم صرفت الأحزاب السياسية على لوحات الإعلانات عند الانتخابات وكم أعطت المحافظة من أجل الدعم الانتخابي، لو صرفوا ربع ما صرف على الانتخابات لحصلت كل نساء العراق على فرص للعمل والإبداع.

وزادت والدتي وهي امرأة ليست كبيرة  السن لا تعلم ما هو عيد المرأة.. لم تسمع عنه إطلاقا، لكنها  تعرف السياسيين والأحزاب لأنهم دائما على شاشات التلفاز.

يذكر أن الاحتفال بعيد المرأة العالمي يصادف في الثامن من اذار مارس من كل عام، وهو تقليد سنوي منذ عام 1910 تيمناً بحادثة تعرضت خلالها نسوة خرجن في نيويورك في مثل هذا اليوم عام 1857 في مسيرة احتجاج للمطالبة بتحديد ساعات العمل.

ويحظى الاحتفال بهذا اليوم برعاية منظمة الأمم المتحدة منذ تأسيسها، إذ كان ميثاقها الذي وُقع في سان فرانسيسكو عام 1945 أول وثيقة دولية تعترف بالمساواة بين الجنسين كحق أساس من حقوق الإنسان.

وواجهت  النساء العراقيات خلال السنوات المنصرمة في ظل انعدام الامن، فضلا عن تنامي ظاهرة العنف ضدهن في مناطق مختلفة من البلاد  مشكلات كبيرة أسرية واجتماعية ، فضلا عن عدم توفر فرص العمل اللازمة للمرأة لتوفير ما تحتاجه اسرتها لمن فقدت عائلها.

وبحسب تقرير لمرصد الحقوق والحريات الصحفية صدر اليوم الاحد فان ظاهرة انتهاك حرية المراة والعنف ضدهن خلال عام 2008 ولغاية الان لازالت مستمرة، وسجل المرصد مقتل 72 امراة واصابة 15 اخريات سواء على ايدي الجماعات المسلحة او القتل على ايدي الاقارب في جرائم الشرف.

كما اشار المرصد في بيانه، الى ان النساء العراقيات لم يزلن يواجهن مصيرالترمل واليتم وفقدان المعيل بسبب العمليات المسلحة اليومية التي تحصل في العراق، كما يعانين من تفشي ظاهرة الطلاق لأسباب اقتصادية، جراء ارتباك الوضع الاقتصادي والمعيشي، وانتشار البطالة، مشيرا الى ان آخر الإحصائيات تفيد بوجود ما لا يقل عن مليوني امرأة  أرملة، وما لا يقل عنمليون ونصف امرأة مطلقة, مع انعدام وجود مؤسسات حكومية تعنى بشؤون هذه الفئات المهمة والمهمشة.

ظروف العراقيات والانتعاش الحاصل

من جهتها دعت الأمم المتحدة إلى تعزيز الخطوات الرامية إلى ضمان حماية ودفع حقوق النساء العراقيات عقب سنوات من النزاع التي أعاقت التقدم باتجاه تحقيق المساواة بين الجنسين، مبينة أن من اولوياتها تحسين ظروف العراقيات اللاتي لا يشعرن بالانتعاش الحاصل في البلاد.

وقال ديفيد شيرير، ممثل الأمم المتحدة المقيم ومنسق الشؤون الإنسانية بالعراق، في تصريح نشر على الموقع الالكتروني للمنظمة الاممية إن أهم أولويات الأمم المتحدة لعام 2009 هي تحسين الظروف بالنسبة للنساء والفتيات اللاتي ما زلن لا يشعرن بالانتعاش الحاصل في البلاد.

وأشار شيرير إلى بعض المؤشرات الإيجابية مثل انتخاب النساء في انتخابات مجالس المحافظات التي جرت في كانون الأول يناير الماضي حيث حصلت النساء على ربع المقاعد”، داعيا إلى “البناء على هذا التقدم بالاتحاد والعمل مع الحكومة العراقية ومنظمات المجتمع المدني لتحسين فرص النساء وحقوقهن الأساسية.

وتمثل النساء 17% من القوة العاملة في البلاد، مقارنة بنحو 81% من الرجال، ويعزى ذلك إلى ارتفاع الأمية بين النساء. ونحو ربع الفتيات والنساء أميات مقارنة بنحو 11% فقط من الأولاد، ويرجع ذلك إلى الخوف من الذهاب إلى المدرسة بسبب العنف. ومن بين كل 10 أسر عراقية توجد امرأة على رأس واحدة من تلك الأسر، 80% منهن أرامل.

وأعربت الأمم المتحدة عن قلقها إزاء المؤشرات الصحية للنساء، حيث وصلت معدلات وفيات النساء عند الحمل والولادة إلى 84 في كل 100.000 حالة مقارنة بنحو 41 في الأردن و65 في سوريا.

وقال اسكندر خان ممثل اليونيسف في العراق يمكن تفادي معظم وفيات النساء والأطفال في العراق بتدخلات بسيطة مثل الرعاية الطبية خلال الحمل وعمليات الولادة إلى الرضاعة الطبيعية والنظافة في المنزل.

وشدد شيرير على أهمية التعاون مع النظام الصحي في العراق لمنع مزيد من الوفيات، مبينا نحن سنضع المزيد من الموارد للمبادرات الرامية إلى معالجة مشكلة ازدياد العنف ضد النساء وتوعية الرأي العام وتعبئة الدعم وتعزيز التشريعات الرامية إلى حماية حقوق النساء”.

وتعمل الأمم المتحدة مع المنظمات المحلية والدولية لوضع برامج التوعية والحماية والتعليم والمأوى والصحة من أجل النساء.

ملايين الاسر تعيلها النساء

اللجنة الدولية للصليب الاحمر من جهتها قالت إن الصراعات التي دامت عقودا طويلة في العراق خلفت مايقارب مليون الى ثلاثة ملايين اسرة تعيلها النساء وتشتت آلاف الاسر بسبب مقتل الاب او الزوج او سجنه او فقدانه حسب تقرير.

وأوضحت اللجنة في تقرير لها إن اوضاع النساء بعد صراعات طويلة استمرت لعقود تفاقمت نتيجة القاء مسؤولية اعالة الاسرة ورعايتها على عاتق النساء بدون ان ننسى شبح الحوادث المؤلمة الشنيعة التي أودت بحياة ازواجهن وذلك فان الصراعات خلفت مايقارب المليون الى ثلاثة ملايين اسرة تعيلها النساء.حسب أصوات العراق

وبين التقرير أن المرأة هي اكثر من عاني في هذا الصراع كونها الزوجة والام والابنة، مقرين بأن المجتمع العراقي بنظامه الابوي لايسهل حياة أمراة بدون رجل، وبدون احد اقربائها تفتقر المرأة الى الحماية والدعم الاقتصادي والمادي والاجتماعي.

وأضاف أن آلاف العراقيين اصبحوا في عداد المفقودين خلال العقود الماضية وتبقى الزوجات والاطفال يعانون من عواقب تلك المحنة يغشاهم الذهول ويجهلون ما اذا كان الازواج والاباء قد قضوا نحبهم وهم محرومون من حقهم حتى في الحداد.

ولفت التقرير إلى أن مئات النساء في العراق استهدفن بسبب مهنهن او دورهن العام في البلاد واذا ما نظرنا الى مهنة الطب وحدها نرى ان العديد من الاطباء هربوا او هجروا اعمالهم مما تسبب في ندرة المتخصصين في العراق واحدث شللا في نظامه الصحي.

ونقل التقرير عن خوان بيدرو شيرير رئيس بعثة اللجنة الدولية في العراق قوله على مر العقود الثلاثة الماضية كانت المرأة في العراق ضحية النزاعات المسلحة ودفعت ثمنها غاليا ومنذ 2003 ارتفعت معدلات تعرض النساء لاطلاق النار او القتل او الجرح في عمليات التفجير.

ووفقا للتقرير، اثر هذه الأوضاع يمكن أن تلعب المرأة دورا في الاعمال العدائية سواء كان ذلك طوعا او كرها ونتيجة لذلك يتم توقيفها واحتجازها.

واعتبر شيرير أن هذه الاوضاع خلقت تغيرات جديدة يصعب على المجتمع تقبله، نظرا لحرمان النساء من مصادر الدخل التقليدية اجبرن على لعب ادوار لم يربين على القيام بها ولم تكن في الحسبان، والمجتمع عادة لايكون مستعدا لتقبل تحول جذري كهذا.

وأشار التقرير إلى أن في تموز يوليو 2008 قامت اللجنة الدولية للصليب الاحمر بالتعاون مع منظمة غير حكومية محلية في احدى مناطق بغداد بتنظيم لقاءات مع الاسر الضعيفة التي تعيلها النساء بشكل خاص اظهرت ان 10% فقط من الارامل تلقت راتب الارامل و 25% فقط تلقين تعويضات عن مقتل ازواجهن جراء الارهاب.

وحسبما جاء في التقرير لذلك تعيش معظم الاسر التي تعيلها النساء في فقر مدقع نظرا لتدني دخلها ومتوسط دخل الاسر الضعيفة التي تعيلها النساء يبلغ 150 الف دينار (125 دولار).

وتابع التقرير أن هذا الامر ترك اثارا صحية ايضا إذ “تتأثر صحة النساء وقدرتهن في الحصول على الرعاية الصحية بانخفاض الدخل وتدني مستوى المعيشة، وبينما يعاني الكثير منهن من فقر الدم لايتمكن البعض الاخر من سداد ثمن الادوية او تحمل نفقات زيارة الطبيب عند المرض. من جهتها، قالت الناشطة في مجال المجتمع المدني والمرأة في دهوك هاجر داود صحيح أن معاناة النساء من جراء الحروب والصراعات كثيرة الا انها غيرت من بعض الوقائع حيث اصبح لها دورا في بناء العائلة واعالتها واقتحام مجالات حياتية جديدة وبهذا سيكون لصوتها صدى مسموع.

وأوضحت أن تقارير المنظمات الدولية دائما تؤشر للعنف الملموس في وقت يجب ان لاتترك جوانب اخرى مثل الاستغلال في العمل والعائلة وتأثير ذلك على مستقبل النساء.

وأضافت أن هذه الاوضاع ستكون دافعا للتغير “صحيح هذه الاوضاع صعبة ومعاناة النساء كبيرة الا ان ذلك طريق لاستقلال اقتصادي رغم ان العنف سبب ترك الدراسة من النساء والزواج بصعوبة وما يؤثر ذلك نتيجة الاعراف والتقاليد.

وبحسب الارقام التي جاءت في التقرير فان من 1 الى 3 ملايين عائلة تعيلها أمراة في العراق.

واعتبرت هاجر أن الارقام التي جاءت في التقرير حول عدد النساء اللاتي يعلن اسرهن “دليل على انها في طريقها في صناعة والمشاركة في القرار وهي خطوة نحو تغيرات اعم واشمل مستقبلا.

وصف حال المرأة بالكارثي

على الصعيد نفسه، وصفت الوزيرة السابقة لشؤون المرأة في العراق نوال السامرائي، ، حال المرأة في العراق بأنه كارثي.

واوضحت السامرائي في تصريح لها بمناسبة اليوم العالمي للمرأة عندما يكون الوضع الامني للبلاد غير مستقر مع اعمال عنف وارهاب، فأول من يدفع الثمن هي المرأة، فيتم حرمانها من الدراسة والعمل وتصبح سجينة المنزل، لذلك يصبح حالها كارثيا.

وبينت أن المرأة العراقية تواجه ازمة الاحتلال والارهاب وانهيار الاقتصاد ما ادى الى جيش من الارامل وعدد كبير من المطلقات والنساء غير المتزوجات والمشردات، مشيرة إلى أن الصعوبات التي عاشها العراق خلال العقود الماضية، خلفت جيلا من النساء اللواتي حرمن من الحياة الطبيعية اسوة بالدول المجاورة.

وعن اسباب تقديم استقالتها، أوضحت السامرائي كنت وزيرة في وزارة لا تملك شيئا من مقومات النهوض بالمرأة، ليست هناك صلاحيات او كوادر او امكانيات مادية ولا يوجد فروع للوزارة في محافظات البلاد.حسب اصوات العراق

وتساءلت السامرائي قائلة كيف يمكن ان اساعد المرأة العراقية؟ لقد طالبت وحاولت واعترضت لكن لم يكن هناك من مجيب ولم تتم تلبية اي طلب”، معللة ذلك بأن “السبب الاول يعود الى ان قضية المرأة ليست من اولويات الحكومة.

عراقيات يطلبن دعم الحكومة

من جانب آخر حثت سيدات أعمال عراقيات الحكومة على دعم سعيهن للفوز بحصة أكبر من المشاريع التي من المتوقع أن تزدهر الان في العراق مع انحسار العنف.

ويقدم فرع لسلاح المهندسين بالجيش الامريكي يساهم في اعادة اعمار العراق دعمه لسيدات الاعمال العراقيات عن طريق تنظيم حلقات التدريب ومحاولة ضمان فرص مساوية لهن في المنافسة على عقود اعادة البناء.

وقالت عزة حمادي مديرة برنامج المرأة التابع لفيلق المهندسين "نحث الحكومة العراقية على اعتماد برنامج مماثل يجنب نسبة من العقود لمنحها لشركات مملوكة لنساء."

وأضافت متحدثة خلال مؤتمر عن الشركات المملوكة لنساء عراقيات "نحث الساسة من بيننا على طرح مشروع قانون بهذا الخصوص في البرلمان."

وتعرضت النساء لمعاناة هائلة منذ غزو العراق الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003 وواكبته سنوات من حكم المحافظين الاسلاميين الذين قيدوا حقوق المرأة. وحولت الحرب الاف النساء الى أرامل في حين دخل السجن أزواج أخريات.

ويأمل العراقيون في أن يسفر التراجع الحاد للعنف على مدى العام الاخير عن طفرة استثمارية.

وتقول وكالات تابعة للجيش الامريكي تشارك في اعادة اعمار العراق انها أرست 1020 عقدا على شركات مملوكة لنساء في 2008.

واحدى النساء المشاركات في المؤتمر هي مديرة تطوير المشاريع لدى مجموعة تعتزم اقامة مركز تسوق باستثمارات خمسة ملايين دولار في العراق.

وقالت شذى العبوسي النائبة بالبرلمان العراقي "اقتحام المرأة ميادين العمل لا يقل أهمية عن مشاركتها في السياسة وفي العملية السياسية.

"اذا احتاج الامر الى تشريع خاص سنعمل نحن كعضوات في البرلمان وكناشطات نسويات على هذا وسنقدم لهن الدعم."

محامية تستهل برنامجا لمساعدة بنات وطنها

في وسط مدينة الصدر، إحدى ضواحي العاصمة العراقية التي كانت ولا تزال مسرحا لنشاط جماعات حزبية متناحرة، تدير سعاد اللامي منظمة غير حكومية تدعى "النساء من أجل التقدم". تشرف هذه المنظمة على إدارة المركز النسائي في هذه الضاحية الذي يوفر خدمات شتى تترواح بين الدفاع عن حقوق المواطنات من خلال التشريعات، والتدريب المهني، والإرشاد وتقديم النصح بشأن العنف المنزلي، وبين الفحوصات الطبية، وبرامج لمحو الأمية، وحتى رعاية وحضانة الأطفال وتوفير الفرص للتمارين الرياضية.

وتعمل اللامي، وهي محامية وفي جعبتها خبرة 16 عاما، لتعزيز مجموعات عراقية صغيرة من المهنيات القانونيات من خلال برامج ناجحة مثل برنامج يدعى ندوات التعليم المستمر للمحاميات ولغرض تفعيل ضمان الحمايات التي يوفرها الدستور العراقي للنساء في الحياة اليومية.

وعن اللامي، قال الكولونيل في الجيش الأميركي جورج فيلان الذي يعمل كمستشار في مجال سيادة القانون وكداعية لحقوق النساء في فرق إعادة الإعمار العاملة في المحافظات العراقية: إنها داعية قوية ذات مصداقية تحتاجها النساء العراقيات لضمان أن المساواة لن تكون مجرد موضوع نقاش بل حقيقة تمارس على أرض الواقع.

والمحامية اللامي داعية بارزة جدا في بلد ذي مناخ سياسي يمكن أن تكون المجاهرة فيه بدعم حقوق النساء محفوفة بالأخطار. وهي واحدة من بين سيدتين في المجلس المحلي المؤلف من 40 عضوا وقد ترأست مجلس النساء والأطفال التابع له منذ عام 2004.  كما تقلدت منصبا في مجلس محافظة بغداد ووضعت مؤلفا عن القوانين الفرعية لمجلس محافظة بغداد ومجالس الأقضية  في عام 2008.

وقد اتخذت اللامي موقفا ضد الفساد الإداري وقاومت جهود مارسها متنفذون محليون لابتزاز الأموال من المركز النسائي.  وكثيرا ما تتشاور اللامي، رغم ما يمثل ذلك من خطر جسيم على حياتها، مع الحكومة الأميركية ومع قوات التحالف خارج المنطقة الخضراء.  وحينما علمت عن مدى ما زعم عن إساءات لحقوق الإنسان في سجن الكاظمية النسائي تجرأت اللامي بالقيام بتفتيش مباغت وبمعيتها طاقم من شبكة سي إن إن الإخبارية وبدون أن تأبه لأي رد عكسي محتمل.

وكان من نتيجة ذلك أن أغلق وزير حقوق الإنسان العراقي السجن بعد شهرين من زيارة اللامي التفقدية. بحسب موقع أميركا دوت غوف.

وقد كثفت اللامي جهودها لتتجاوز المركز النسائي في مدينة الصدر ففازت بمنحة 700 ألف دولار لتستخدمها لافتتاح أربعة مراكز إضافية كان عليها إقبال واسع في بغداد.  علاوة على ذلك رفعت مقترحات تهدف الى التوعية بالمبادئ المعترف بها دوليا لحقوق الإنسان في جميع المجالس المحلية لبغداد على أن تقوم بعملية التوعية نساء وتطال ذكورا من عمر الإنخراط في الميليشيات في المدينة.

وعوضا عن الحث على التعاطي الدولي بهذه القضية من بلد مجاور مأمون نسبيا بقيت اللامي في وطنها بالرغم من المخاطر الشخصية.  وبسبب ما تقوم به من نشاط أصبحت العراقيات ليس فقط أكثر أمانا وأكثر عافية بل أتيحت لهن الوسائل لتغيير حياتهن ومجتمعاتهن. ولهذه الأسباب كرمت وزارة الخارجية الأميركية سعاد اللامي بمنحها جائزة النساء الدوليات الشجاعات لعام 2009. وهذه الجائزة التي أسست في عام 2007 تكرم النساء اللاتي يبدين شجاعة وقيادة فائقتين.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 26/آذار/2009 - 28/ربيع الاول/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م