اسرائيل وايران: المواجهة مستمرة في ظل الاستحقاق النووي

تنبؤات بضربة اسرائيلية وروسيا تربط تسليحها لطهران بالظروف الدولية

 

شبكة النبأ: أعاد مدير الاستخبارات الامريكية دنيس بلير خلط أوراق الملف النووي الإيراني مشيراً الى أنه سيكون إقناع طهران بالتخلي عن برنامجها النووي بالسبل الدبلوماسية صعباً، لكنه أكد في الوقت ذاته أن إيران تفتقد الى اليورانيوم العالي التخصيب، الذي يصلح لتصنيع الأسلحة النووية، مضيفاً أن المعلومات المتوافرة حتى منتصف 2007 تشير الى ان طهران جمدت برنامج هيكلة السلاح النووي، لكن الجديد المثير في الامر هو تحدُّث بلير عن احتمال حصول مواجهة إسرائيلية - إيرانية بسبب الطموحات النووية لطهران.

في الوقت ذاته، نقلت وكالة أنباء انترفاكس الروسية، عن مصدر واسع الاطلاع في موسكو، أن روسيا قد ترجئ الى موعد غير محدد تسليم طهران صواريخ أرض - جو من طراز «أس 300» التي تعارض إسرائيل والولايات المتحدة بيعها الى إيران، فيما أعلن وزير الطاقة الإيراني برويز فتّاح ان مفاعل بوشهر النووي الذي بنته روسيا وتختبره حالياً، سيدخل الخدمة في 22 آب (أغسطس) المقبل.

وفي جلسة استماع أمام لجنة التسلح في مجلس الشيوخ الأميركي بعنوان، التهديدات الحالية والمستقبلية للأمن القومي الأميركي، أكد بلير ومدير وكالة الاستخبارات الدفاعية مايكل مايبلز، انه سيكون صعباً إقناع إيران بالتخلي عن برنامجها النووي بالسبل الديبلوماسية. واشترط  بلير مجموعة ضغوط وتهديدات بتعزيز عمليات المراقبة الدولية، إضافة الى تدابير تحفيزية كوسيلة للضغط على طهران للتخلي عن برنامجها النووي.

ورسم بلير صورة قاتمة إقليمياً، بإشارته الى أن طهران أحيت دورها في المنطقة. وقال إن السياسة الخارجية لإيران باتت أكثر تمادياً، وتخصيبها اليورانيوم مصدر قلق لمعظم حكومات المنطقة. وأضاف أن الشرق الأوسط يعكس هذه التبدلات الاستراتيجية. بحسب تقرير لصحيفة الحياة.

وأشار الى أن الهوة اتسعت بين المعتدلين مثل مصر والأردن والسعودية، والمتشددين وضمنهم إيران وحزب الله وسورية، مؤكداً أن تخصيب إيران لليورانيوم وإصرار إسرائيل على منعها من تطوير سلاح نووي، يفتحان الاحتمالات على مواجهة أو أزمة بينهما.

وأعطى خلفية تاريخية لفهم الذهنية الإيرانية حيال البرنامج النووي، بإشارته الى أن إقناع القيادة الإيرانية بالتخلي عن تطوير أسلحة نووية سيكون صعباً، نظراً الى العلاقة التي يراها كثيرون داخل الحكومة بين السلاح النووي والأمن القومي الإيراني وأهداف السياسة الدولية، ونظراً الى جهود إيران منذ نهاية 1980 الى 2003 لإنتاج مثل هذه الأسلحة.

في الوقت ذاته، أكد بلير أن تقديرات الوكالات الاستخباراتية الأميركية مجتمعة، تشير الى أن إيران جمّدت برنامجها لهيكلة السلاح النووي ونشاطاتها التسلحية في نهاية 2003، ولم تستأنفها بحسب المعلومات الاستخباراتية المتوافرة حتى منتصف 2007.

وأكد أن إيران لا تمتلك السلاح النووي اليوم بسبب صعوبات في الحصول على المواد القابلة للانشطار وإنتاجها، لكنها قد تنجح في الحصول عليها العام 2010 كحد أدنى. وأضاف: ستكون إيران على الأرجح قادرة تقنياً على إنتاج اليورانيوم المخصب بنسب عالية (لتصنيع السلاح النووي)، في اطار زمني بين 2010 و 2015، على رغم أن الاستخبارات الخارجية الأميركية تضع 2013 (وليس 2010) كموعد أولي بسبب صعوبات تقنية وأخطاء في البرنامج.

لكن بلير أوضح أن الاستخبارات الأميركية لا يمكنها استبعاد فكرة حصول إيران على هذه المواد من الخارج، أو حصولها في المستقبل على سلاح نووي أو ما يكفي من المواد القابلة للانشطار لصنع سلاح مماثل». وشدد على أن «طهران تفتقد اليوم اليورانيوم العالي التخصيب لصنع السلاح النووي، ولم تتخذ قراراً بعد بإنتاج أي منه».

وقال بلير ومايبلز أن «تجارب إيران الصاروخية لا ترتبط مباشرة بنشاطاتها النووية، والأمران يأخذان مسارين منفصلين». وأضاف مايبلز ان إطلاق إيران قمراً اصطناعياً في شباط (فبراير) الماضي «يظهر تقدماً» في التكنولوجيا المستخدمة في صنع الصواريخ العابرة للقارات.

وفيما أوضح بلير أنه سيكون «من الصعب تحديد ماهية هذا المزيج» من الإجراءات لردع إيران عن طموحها النووي، تعمل الخارجية الأميركية للانتهاء من مراجعتها حول إيران والتي ستحدد استراتيجية الحوافز والعقوبات حيالها، كما ترى واشنطن في التعاون الروسي في هذا الملف مفتاحاً أساسياً لنجاح استراتيجيتها، واحتمال فرض عقوبات جديدة خارج مجلس الأمن وبالتعاون مع روسيا والصين، لردع طهران.

وفي نيويورك، طالب مجلس الأمن الدولي الحكومتين الإيرانية والسورية بأن تقدما، في غضون عشرة ايام، المعلومات ذات الصلة بباخرة أسلحة وعتاد اوقفتها قبرص وتيقنت من أن الحمولة كانت مرسلة من ايران إلى ميناء اللاذقية، معتبراً تلك المعلومات ضرورية لمساعدته في «انجاز الاجراءات المناسبة في ما يخص ادعاءات خروقات الاجراءات التي فرضتها قرارات مجلس الأمن 1737 و1747 و1803» والتي تحظر على ايران تصدير الاسلحة، كما جاء في تقرير استمع إليه المجلس أمس.

وكانت قبرص ابلغت المجلس مطلع الشهر الماضي أنها احتجزت باخرة ترفع العلم القبرصي وتحمل اسلحة وعتادا حربيا متوجهة من إيران الى سورية، وسألت اذا كانت الحمولة تمثل خرقاً لقرار مجلس الأمن، وجاءها الرد بأن ذلك يشكل خرقاً بالفعل، وأنه يجب احتجاز الباخرة لتدمير حمولتها غير الشرعية.

وقالت مصادر مجلس الأمن إن كلاً من الوفدين الإيراني والسوري لدى الأمم المتحدة حاول عدم تسلم رسالة التبليغ بأن على بلديهما تقديم معلومات وايضاحات، كما اكدت أن أوراق الحمولة بيّنت أنها كانت متوجهة إلى ميناء اللاذقية، وقالت إن ذلك يكاد يحسم أن السلاح لم يكن مرسلا إلى غزة، وان هناك فرضيات بأن الحمولة كانت متوجهة إلى لبنان، والأرجح إلى حزب الله.

اسرائيل قد تستخدم الصواريخ بعيدة المدى ضد ايران

من جهة ثانية ذكر تقرير لمركز أبحاث في واشنطن ان الصواريخ بعيدة المدى ستكون خيار اسرائيل من الاسلحة ضد المنشات النووية الايرانية اذا قررت شن هجوم وقائي معتبرا أن الضربات الجوية تنطوي على خطورة كبيرة.

ويعتقد على نطاق واسع أن اسرائيل تمتلك صواريخ من طراز اريحا القادرة على اصابة ايران بدقة وهامش خطأ يصل لبضع عشرات من الامتار عن الهدف. ومثل هذه القدرة لن تنطوي على العقبات الرئيسية في استخدام الطائرات الحربية وهي محدودية الوقود والمدفعية والمخاطر على الطيارين.

ومن خلال قراءة في تقييمات محللين بأن الصواريخ المتطورة من طراز اريحا تحمل رؤوسا حربية تقليدية تزن 750 كيلوجراما قال عبد الله توكان من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية ان 42 صاروخا ستكون كافية لكي "تلحق ضررا شديدا أو تدمر" المواقع النووية الرئيسية لايران في نطنز واصفهان واراك.

وفي تقرير 14 مارس اذار بعنوان "دراسة حول ضربة اسرائيلية محتملة ضد منشات التصنيع النووي لايران" قال توكان "اذا كان اريحا 3 متطورا تماما ودقته بالغة الى حد ما فان هذا السيناريو قد يبدو أكثر ملاءمة من استخدام الطائرات المقاتلة."بحسب رويترز.

وتمتنع اسرائيل عن تأكيد أو نفي امتلاكها صواريخ من طراز اريحا وذلك ضمن سياسة "غموض" تكتنف ترسانتها النووية المفترضة. وقلل مستشار دفاعي اسرائيلي من أهمية فكرة استخدام صواريخ بعيدة المدى لشن هجمات تقليدية.

وقال المستشار لرويترز، مشترطا عدم ذكر اسمه "انظر الى أي جيش غربي كبير وستجد أن مثل هذه الضربات في صلب تخصص الطائرات بينما تدخر الصواريخ بعيدة المدى لسيناريوهات توجيه الضربات النووية."

وقال توكان ان هجوما بصواريخ اريحا قد يثير ردا ايرانيا مضادا بصواريخ من طراز شهاب. وتشمل سيناريوهات انتقامية أخرى تعطيل ايران صادرات النفط وضرب أهداف أمريكية في الخليج أو اصدار أوامر بشن هجمات بالوكالة على أهداف يهودية في الخارج.ويبدي تقرير توكان الواقع في 114 صفحة الاستياء ازاء فكرة تحرك اسرائيلي أحادي الجانب.

وقلل بعض الخبراء الاسرائيليين من التهديد الذي تمثله صواريخ شهاب وأشاروا الى تقييمات مخابراتية بأن ايران نشرت أقل من مئة صاروخ من هذا النوع وانه اذا أطلقت سيتم تدمير معظمها في منتصف رحلتها بواسطة صواريخ ارو 2 الاعتراضية الاسرائيلية.

وقال جنرال سابق "في ظل مثل هذه الظروف نتوقع أكثر بقليل من اعادة لحرب الخليج" وذلك في اشارة الى اطلاق العراق 40 صاروخا من طراز سكود على اسرائيل أثناء النزاع الذي دار في عام 1991. وألحقت هذه الهجمات أضرارا لكنها لم تسفر عن سقوط ضحايا.

ويوفر صاروخ ارو 2 كذلك بعض الحماية للاردن المجاور لاسرائيل والذي يعتقد توكان أنه سيكون "نقطة انفجار اذا وقع تبادل لاطلاق الصواريخ بعيدة المدى."

وأشار الى أن أي غارات باستخدام الصاروخ اريحا على ايران ستكون معقدة اذا حصلت ايران على النسخة الاكثر تعقيدا من نظام الدفاع الروسي أرض-جو اس-300 القادر على التعامل مع الطائرات الغازية والصواريخ بعيدة المدى. ونفت ايران السعي لامتلاك أسلحة نووية لكن تعهدت بالرد اذا تعرضت لهجوم.

مدير مخابرات اسرائيلي: ايران اتقنت التكنولوجيا النووية

وفي نفس السياق نقل عن مدير المخابرات العسكرية الاسرائيلية قوله ان ايران اتقنت التكنولوجيا النووية الى الحد الذي يمكنها من صنع قنبلة ذرية ان شاءت ذلك.

وذكر مسؤول حكومي أن الجنرال عاموس يادلين ابلغ مجلس الوزراء برئاسة رئيس الحكومة ايهود اولمرت بان "ايران بلغت الحد اللازم من اتقان التكنولوجيا النووية."

ونقل المسؤول عن يادلين قوله "الوصول الى القدرة النووية بالمستوى العسكري اصبح مسألة تنسيق استراتيجيتها مع انتاج قنبلة نووية."بحسب رويترز.

وتنتج ايران التي تنفي سعيها لصنع اسلحة نووية يورانيوم منخفض التخصيب بكميات تشتبه قوى غربية في انها تهدف الى انتاج مادة خام يمكن تنقيتها لصنع اليورانيوم عالي التخصيب المطلوب لصنع رأس حربية.

ويستلزم ذلك اجهزة طرد مركزي ايرانية يعتمد عليها وهي ادوات التنقية التي تراقبها المخابرات الغربية والاسرائيلية منذ وقت طويل ويعقب ذلك تجميع القنبلة ذاتها. ويقول خبراء ان هذه العملية يمكن ان تستغرق وقتا قصيرا لا يزيد عن بضعة شهور.

واتهم يادلين ايران التي تتركز عليها الان مبادرات دبلوماسية جديدة لادارة الرئيس الامريكي باراك اوباما بالمراوغة.

وقال "تواصل ايران تكديس مئات الكيلوجرامات من اليورانيوم منخفض التخصيب وتأمل ان تستغل الحوار مع الغرب في كسب الوقت الذي تحتاجه من اجل التحرك نحو امتلاك القدرة على صنع قنبلة نووية."

ايران تطلب من الانتربول اصدار 25 مذكرة ملاحقة بحق مسؤولين اسرائيليين

وفي اطار المواجهة الحامية بين اسرائيل وايران اعلنت منظمة الانتربول (الشرطة الدولية) ان السلطات الايرانية طلبت منها اصدار 25 "مذكرة ملاحقة دولية" بحق مسؤولين اسرائيليين كبار.

وقالت المنظمة في بيان ان "الامانة العامة للانتربول تلقت يوم السبت في السابع من اذار/مارس رسالة من السلطات الايرانية تطلب فيها اصدار 25 مذكرة حمراء بحق مسؤولين اسرائيليين كبار على صلة بالهجوم على قطاع غزة في كانون الاول/ديسمبر وكانون الثاني/يناير". بحسب فرانس برس.

واوضح البيان ان "مكتب الشؤون القانونية في الانتربول يدرس هذا الطلب بهدف تحديد ما اذا كان مطابقا لشرعة المنظمة، وخصوصا للمادة الثالثة منها والتي تحظر على الانتربول اي تدخل او نشاط ذي طابع سياسي او عسكري او ديني او عرقي".

ويصدر الانتربول "مذكرات ملاحقة دولية بهدف الترحيل" تعرف باسم "المذكرة الحمراء" بطلب من احدى الدول الاعضاء ال187، بعد ان تصدر الدولة نفسها مذكرة توقيف.

وفي الاول من اذار/مارس، اتهم المدعي العام الايراني غوربانالي دوري-نجفابادي القادة الاسرائيليين الرئيسيين بارتكاب "جرائم حرب" في غزة، وطالب بمساعدة الانتربول في ملاحقتهم .

وطالب خصوصا بتوقيف رئيس الوزراء المنتهية ولايته ايهود اولمرت ووزير الدفاع ايهود باراك ووزيرة الخارجية تسيبي ليفني.

وقتل اكثر من 1300 فلسطيني في الهجوم الاسرائيلي على قطاع غزة بين 27 كانون الاول/ديسمبر و18 كانون الثاني/يناير.

روسيا تربط تسليم ايران صواريخ اس-300 بالظروف الدولية

من جانب اخر اعلن مسؤول روسي كبير ان تسليم ايران صواريخ ارض-جو روسية من طراز اس-300، المخصصة لحماية مواقع حساسة، يتوقف على "تطور الوضع الدولي".

وقال المسؤول الرفيع المستوى في الجهاز الفدرالي الروسي للتعاون العسكري والفني بحسب ما نقلت عنه وكالتا انترفاكس وريا نوفوستي ان "تنفيذ العقد يتوقف الى حد بعيد على تطور الوضع الدولي وقرارات قادة هذا البلد". واضاف المسؤول الذي رفض الكشف عن اسمه ان الصواريخ "لم يتم تسليمها بعد".

وكانت وكالة انترفاكس اوردت في 10 اذار/مارس نقلا عن مصدر "مطلع" ان موسكو قد ترجئ الى اجل غير مسمى تسليم ايران صواريخ اس-300، المخصصة للدفاع عن مواقع نووية ايرانية.

وتثير هذه الصفقة مخاوف الولايات المتحدة واسرائيل اللتين لا تستبعدان شن غارات جوية على الاهداف العسكرية الايرانية لمنع طهران من امتلاك سلاح نووي. بحسب فرانس برس.

وتأتي هذه التصريحات في وقت تشهد العلاقات الروسية-الاميركية تحسنا منذ وصول باراك اوباما الى البيت الابيض وتكثر التكهنات حول احتمال حصول "مساومات" بين البلدين.

وربط الرئيس الاميركي باراك اوباما بوضوح مشروع نشر الدرع الصاروخية الاميركية في اوروبا الذي تعارضه روسيا بشدة بمستقبل البرنامج النووي الايراني. واوردت الصحف الروسية ان موسكو قد تقوم ببادرة بتأخير تسليم الصواريخ من طراز اس-300.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 24/آذار/2009 - 26/ربيع الاول/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م