النخيل العراقي خطوة الى الامام وعشرة الى الخلف

(بيت ليس فيه تمر جياعٌ أهله)

 

شبكة النبأ: فيما مضى من أزمنة كان العراق يُسمى (ارض السواد) وذلك لكثافة مزروعاته لاسيما بساتين النخيل التي كانت تتسامق في أراضٍ واسعة من العراق ويتكاثف سعفها حتى يسد عين الشمس، فتبدو للرائي من بعيد كأنها كتلة من سواد تصبغ الارض حتى سمّي هذا البلد بالاسم الذي ذكرناه.

وقد ذكرت الاحصائيات بأن العراق هو البلد الاول في العالم بانتاج التمور حيث وصلت نسبة انتاجه الى ما يعادل 30%  من الانتاج العالمي في نهاية سبعينات القرن الماضي، غير ان هذا الكلام لاينطبق مع واقع الحال، حيث تراجعت هذه النسبة بسبب الاهمال الجسيم الذي تعرضت له هذه الشجرة من لدن الجهات ذات العلاقة. وكذلك الظروف القاسية من الحروب المتعددة والحصار الدولي، التي مرت بها محافظة الصرة جنوب العراق والتي تعتبر مركز انتاج التمور الرئيسي في البلد..

وقد دخلت الامارات المتحدة مؤخرا موسوعة "غينيس" للأرقام القياسية بسبب تفوقها في مجال زراعة النخيل حيث احتوت اراضيها على أكبر عدد من النخيل من بين جميع دول العالم بما فيها العراق وقد قُدّر هذا العدد  بـ 40 مليون نخلة.

وكلنا نتذكر كيف تعرضت زراعة النخيل الى الاهمال في العراق تزامنا مع الحروب الطائشة التي خاضها النظام السابق ضد دول الجوار، لتأتي احداث مابعد 2003 حيث توقفت مكافحة حشرة الدوباس لسنوات متتابعة، وهي الحشرة الاخطر على النخيل والتي تحد من انتاجه وتصل به الى الموت في اغلب الاحيان.

ثم هناك المشاريع الشكلية التي أعلنتها جهات متعددة في زراعة النخيل والاكثار منه وحماية اصنافه الجيدة ومداراة هذه الشجرة كونها تسهم في تقوية الاقتصاد الوطني، وتشكل مصدرا غذائيا هاما بالنسبة لعامة الناس، فقد اعتمد العراقيون والمسلمون عامة على التمر في وجباتهم الغذائية، وذكرت بعض الاحاديث بأن التمر يعتبر من اهم الأغذية، فـ (بيت ليس فيه تمر جياع أهله) وهذا ما يؤكد وجوب الاهتمام بزراعة هذه الشجرة مع مراعاة الموجود منها على الارض لاسيما في عمليات المكافحة الخاصة بحشرة الدوباس.

إن واقع الحال يشير الى التقصير الواضح لاسيما من قبل الجهات الحكومية المسؤولة عن الزراعة عموما في العراق، فليس من المعقول ولا من المقبول ان يتراجع العراق في هذا المجال في وقت تتقدم فيه دول صغيرة في هذا المجال مثلت الامارات التي دخلت موسوعة غينس في حدث يعتبر الاول من نوعه في العالم، حيث ذكرت التقارير بأن الإمارات هي أول دولة على مستوى العالم تنضم إلى هذه الموسوعة، إذ جرت العادة أن يحصل الأفراد أو المؤسسات على شهادت الموسوعة، للجهود التي قاموا بها في مختلف الحقول، ونقلت وكالة أنباء الإمارات الرسمية "وام" أن كرمبوتي "سلمت شهادة من موسوعة غينيس إلى الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التعليم العالي والبحث العلمي الإماراتي، في احتفالية بالعاصمة أبوظبي."

ولا يتوقف الامر عند زيادة اعداد النخيل بل الى نوعية الانتاج وجودته، وسرعة الانتاج لهذه الانواع من النخيل حيث يمتاز النخيل في الإمارات بالإنتاج المبكر، إذ تبدأ الشجرة في الإثمار ابتداءً من السنة الرابعة لمعظم الأصناف، ويبدأ الإنتاج بعد الزراعة من 6 إلى 8 سنوات، ويرتفع معدل إنتاج النخلة الواحدة في دولة الإمارات ليصل في بعض الأصناف إلى 120 كيلوغراماً من التمر سنوياً، وفقاً للبيانات نفسها.

إن ارض السواد التي اصبحت (أرضا بيضاء) بسبب زيادة الملح فيها وتراجع الزراعة عموما في العراق تتطلب انتباهة جادة من لدن المعنيين لاعادة الاعتبار لهذه الشجرة، من حيث مردودها الاقتصادي الهام ناهيك عن وجوب الاهتمام بالزراعة بصورة عامة خدمة للاقتصاد الوطني، واذا كانت الاعذار والحجج مقبولة في ما مضى من الاوقات، فإنها لم تعد كذلك بعد ان بدا البلد يستعيد عافيته مما ألمّ به من ظروف قاسية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 23/آذار/2009 - 25/ربيع الاول/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م