قراءة في كتاب: دراسات جديدة في الفكر العربي

مشاكل العلاقة بين المسيحية والاسلام..الفلسفة والسياسة..الدين والحداثة

 

 

 

 

 

الكتاب: دراسات جديدة في الفكر العربي

المؤلف: الاستاذ ماجد فخري

الناشر: دار النهار للنشر- في بيروت

عدد الصفحات: 268 صفحة متوسطة القطع

 

 

 

 

شبكة النبأ: كتاب الباحث الاكاديمي المخضرم ماجد فخري "دراسات جديدة في الفكر العربي" تميزَ بسمات من الشمولية والعمق وشكّل جولة في عالم الفكر العربي وما أثّرَ فيه وتفاعلَ معه عبر قرون عديدة.

واذا كان الكتاب قد استهل بالعودة الى القديم من خلال الحديث عن اثار "المعلم الاول" اي ارسطو كما لقبه فلاسفة مسلمون -في المصادر العربية القديمة- فقد شملت جولته عصورا مختلفة وصولا الى عصر النهضة العربية الحديثة منها الى ايامنا الحاضرة.. والتقارب الحضاري بين الاسلام والمسيحية وحوار الحضارات عوضا عن تصادمها.

الدكتور ماجد فخري هو استاذ اجيال عديدة من المثقفين ورجال الفكر والاكاديميين. الدكتور فخري يحمل لقب "استاذ فخري" في الفلسفة في الجامعة الامريكية في بيروت التي درس فيها ونال درجة منها ماجستير في الفلسفة عام 1947 ثم حصل على درجة دكتور في الفلسفة من جامعة ادنبره عام 1949.

وقد مارس التدريس في جامعة لندن وجامعة جورجتاون الامريكية كما عمل باحثا زائرا في جامعتي اوكسفورد البريطانية وبرنستون الامريكية وباحثا ثم استاذا مساعدا في جامعة جورجتاون منذ سنة1998. وله مؤلفات فلسفية عديدة.

جاء كتاب فخري في 268 صفحة متوسطة القطع وصدر عن دار النهار للنشر في بيروت. الطبعة الحالية من الكتاب هي الثالثة وقد حملت اضافات جديدة عديدة.

ولعل في كلمة الناشر على غلاف الكتاب ما يلقي اضواء على محتواه ونوع مواده. ومما جاء ان "الدراسات الجديدة في الفكر العربي... قام المؤلف بجمعها من مصادر يصعب الوصول اليها وينشر بعضها للمرة الاولى بالعربية..." ووصف العمل بحق بانه "كتاب اساسي لمن تشغله مشاكل العلاقة بين المسيحية والاسلام.. الفلسفة والسياسة.. الدين والحداثة."وجاء الكتاب في مقدمة وفصلين وثبت مراجع ومصادر.

الفصل الاول حمل عنوان "دراسات في الفكر المقارن" ومن امثلة عناوينه الفرعية العديدة "بعض الشذرات الارسطوطاليسية في المصادر العربية القديمة" و"منطق ارسطو بين الفارابي وابن رشد" و"النظرة الى العلوم اللسانية والدينية والفلسفية في مطلع العصر العباسي بالاشارة الى الفارابي خاصة" و"قدم العالم بين ابن رشد وتوما الاكويني" و"ابن رشد وأثره في تطور الفكر الاوروبي وبزوغ العقلانية الحديثة" و"دانتي وابن رشد ونشأة العلمانية الحديثة".

عنوان الفصل الثاني "قضايا حديثة معاصرة" ومن عناوينه الفرعية "تطور الفكر السياسي العربي في عصر النهضة" و"الجوانب الحية والجوانب الميتة في الفلسفة العربية" و"الانسان امام تحديات العصر الحديث" و"مقومات التقارب الحضاري بين الاسلام والمسيحية والغرب" و"حوار الحضارات بين الاسلام والغرب من منظار تاريخي".

يتحدث فخري في احد المجالات عن "استقبال ابن رشد في اوروبا الغربية" ويقول "احدث دخول ابن رشد ثورة فكرية منقطعة النظير في الاوساط الفكرية في اوروبا الغربية انطلاقا من باريس بادىء الامر فانقسم الفلاسفة واللاهوتيون الى قسمين .. انصار ابن رشد الذين عرفوا باسم الرشديين اللاتين وعلى رأسهم سيجر البرابانتي (توفي 1284) و... خصوم ابن رشد وعلى رأسهم توما الاكويني (توفي 1274) وكان الخلاف بين الفريقين يدور حول عدد من القضايا الدينية والفلسفية مثل ازلية العالم ووحدة العقل الهيولاني والعناية الالهية وخلق العالم من العدم وحرية الارادة وسواها."

وتحت عنوان "تطور الفكر السياسي في عصر النهضة" تحدث فخري عن طلائع النهضة فقال ان الشعلة الاولى انطلقت من لبنان "ففي سنة 1847 ... تألفت في بيروت الجمعية السورية للاداب والعلوم وتلتها سنة 1857 الجمعية العلمية السورية التي ضمت خلافا لسالفتها عددا كبيرا من المفكرين المسلمين والمسيحيين كان يربط بينهم الرغبة في تقدم بلادهم والمفاخرة بتراثهم الثقافي العربي فكان تأسيس هذه الجمعية...اول تفتق ظاهر للوعي القومي المشترك... والمنطلق لحركة سياسية جديدة هي التحرر من ربقة العثمانيين" كما يقول جورج انطونيوس في كتابه "يقظة العرب". ويستشهد هنا بقصيدة ابراهيم اليازجي الشهيرة "تنبهوا واستفيقوا ايها العرب" التي القاها في الجمعية والتي قيل انها وزعت في منشورات سرية في عدد من مدن سوريا.

وعرض المؤلف لاعمال كثير من المفكرين من عصر النهضة وصولا الى ايامنا الحاضرة. وتناول مراحل مختلفة واسماء منها ناصيف اليازجي وابنه ابراهيم اليازجي واديب اسحق وعبد الرحمن الكواكبي وبطرس البستاني وابنه سليم البساني واحمد فارس الشدياق وشبلي الشميل وفرح انطون وابراهيم الحوراني وغيرهم.

وتناول موضوع السلفية والشيخ محمد عبده وتلامذته وموضوع الحداثة وفصل الدين عن الدولة وتحدث عن اسماء شهيرة منها الشيخ علي عبد الرازق. وبعد عرض مكثف لافكار واراء ومواقف منها نظرية صمويل هنتنجتون عن صدام الحضارات قال فخري تحت عنوان "الاسلام والغرب اليوم" انه عند طرح تساؤل عن احتمالات السلام او التقارب بين الاسلام والغرب " فالجواب كما يبدو لنا رهن بثلاثة اشياء.. التطورات الاقتصادية والسياسية في كلا الغرب والشرق.. ومستقبل العلمنة في العالم.. ومستقبل التحول نحو الديمقراطية والعصرية في العالم الاسلامي والشرق عامة..." وخلص الى القول ان حديث بعض المحللين عن التهديد الاسلامي للغرب هو "اسطورة استحدثها بعض المحللين هدف التمويه فنحن اذا نظرنا الى التفوق العسكري الاقتصادي والتكنولوجي للغرب في القرن الواحد والعشرين تحققنا من ان توازن القوى هو في جانب الغرب دون شك... اضف الى ذلك ان الحديث عن العالم الاسلامي هو الى حد ما مغالطة لغوية اذا نظرنا الى الخلافات المستحكمة بين اجزاء هذا العالم. من هنا اهمية الحوار بين الاسلام والغرب وبمعنى اوسع بين الغرب والشرق او كما يقول هنتنجتون بين الغرب وسائر العالم."

شبكة النبأ المعلوماتية- الاحد 22/آذار/2009 - 24/ربيع الاول/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م