المصالحة تثير قلق شرائح واسعة من عودة حزب صدام

شبكة النبأ: فيما يتزايد استياء واستغراب شرائح واسعة من العراقيين من الدعوات الاخيرة لضم البعثيين الى النسيج السياسي العراقي، تثير تحركات الحكومة العراقية نحو المصالحة مع أعضاء حزب البعث القمعي الذي كان يتزعمه الدكتاتور صدام، تساؤلات عن احتمال اعادة توحيد الحزب، الذي كان يسيطر على كل مقاليد السلطة ويعيث في العراق واهله وحتى جيرانه فسادا واعتداءً...

ويستغرب محللون من انه بعد مؤشرات استتباب الامن واقتناع اطراف عراقية كانت حتى الامس القريب مناوئة للسلطة بضرورة الانضمام تحت خيمة الدولة وقوانينها، ظهور دعوات المصالحة مع البعثيين. ويعزو بعضٌ آخَر هذه التحركات الى مزايدات سياسية وانتخابية الغرض منها كسب تاييد شرائح اكبر من المجتمع العراقي ولكن على حساب مشاعر وارادة اغلبية الشعب ممن كانوا ضحايا سياسات البعث المدمرة للبلد والمنطقة بأسرها...

مخطط بعثي للاستيلاء على الحكم

فقد كشف صلاح المختار، القيادي في حزب البعث العراقي، والهارب الى اليمن، عن" مخططات جارية بسرية للإعداد للعودة- البعثيين - الى الحكم، من خلال ما أسماه بعملية لتحرير العراق".!

وزعم هذا القيادي البعثي ان " كثيرا من المسؤولين الموجودين في الحكم حاليا، اخرجوا عوائلهم من العراق، خشية من الاحداث المقبلة". موضحا بان البعثيين " سيعملون على اسقاط الحكومة ومحاكمة – الخونة – واقامة حكومة وطنية ائتلافية مع بقية القوى الوطنية.! بحسب تقرير لـ النهرين نت.

وردا على موقف حزب البعث بقيادة عزت الدوري نائب الدكتاتور صدام، من الدعوة  التي اطلقها اخيرا، رئيس الوزراء نوري المالكي للمصالحة السياسية مع البعثيين، وصف المختار هذه الدعوة في حديثه لقناة الجزيرة القطرية الاحد املاضي، بأنها مرفوضة، وان البعثيين لايتفاوضون مع المالكي لانه خائن وعميل مزدوج.

من جهة اخرى قال سعد المطلبي المستشار باللجنة العليا للمصالحة الوطنية "كل حزب سياسي يجب أن يؤمن بالثوابت الوطنية ووحدة العراق وفي الانتقال السلمي للسلطة."اذا آمنوا (البعثيون) بهذه الثوابت الوطنية وأعلنوا عن موقفهم هذا بشكل صريح فأنا لا أعتقد هناك سيكون مانع لمشاركتهم في العملية السياسة وفي السلطة."

وكان صدّام السني يتزعم الفرع العراقي لحزب البعث الذي تأسس في سوريا في أربعينيات القرن الماضي كقوة اشتراكية علمانية تسعى الى الوحدة العربية.

وفي العراق قضى البعث على المعارضة في عهد صدام وقتل عشرات الالاف من أبناء الاغلبية الشيعية والاقلية الكردية.

لكن مع خروج البلاد من سنوات من أعمال العنف الطائفية في أعقاب الاطاحة بصدام عام 2003 تقول الحكومة التي يقودها الشيعة انها تحاول تحقيق السلام مع خصومها بمن فيهم أعضاء حزب البعث الذين لم يرتكبوا جرائم.

ودعا رئيس الوزراء نوري المالكي الذي ينتمي الى الشيعة الى العفو عن الذين ارتكبوا أخطاء واضطروا في تلك الفترة العصيبة للوقوف الى جانب النظام السابق.

وأجرت لجنة المصالحة الوطنية محادثات مع مسؤولين يعيشون خارج العراق ينتمون الى ما وصفته "بالجناح اليساري" لحزب البعث الذين قال المطلبي انهم انشقوا عن جناح صدام قبل وقت طويل. ويوضح هذا التمييز مدى حساسية أي اشارة الى احياء حزب بعث عراقي بعد صدام. بحسب رويترز.

وكان كل المسؤولين والموظفين والعديد من المهنيين مضطرين للانضمام الى حزب البعث. لكن الولايات المتحدة أقالت عشرات الالاف من أعضاء الحزب من المناصب الحكومية في أعقاب الغزو في خطوة أدت الى سنوات من التمرد والى نقص في العراقيين المؤهلين لادارة البلاد.

ويحظر الدستور حزب البعث "الصدامي" الامر الذي يمكن أن يسمح بتشكيل حزب بعث اخر. ويحكم فرع مختلف لحزب البعث سوريا منذ عشرات الاعوام.

ولا يزال الحزب محظورا في أي صورة في العراق ويحتاج رفع الحظر الى اجراء من البرلمان. واعتقلت القوات العراقية خلال الشهر الجاري رجالا اتهموا بأنهم بعثيون جدد.

وقال عبد العزيز الحكيم أحد أكبر المرجعيات الشيعية في العراق في بيان "على الجميع أن يعوا حقيقة أن البعث انما عاث في البلاد فسادا وقتلا وتدميرا وهو عدو للعراقيين والدين والعرب وعلى الجميع أن يتحمل مسؤوليته في عدم السماح له بالنمو والتواجد والحضور مجددا على الساحة العراقية."

ورفض بيان نسب الى عزت الدوري أكبر مسؤول في النظام السابق ما زال مطلق السراح المصالحة الاسبوع الماضي ووصف المشاركين في تلك المحادثات بأنهم عملاء وجواسيس.

وبالرغم من رفض واسع النطاق لاي احياء لحزب بعث على غرار حزب صدام حسين ثمة مؤشرات الى أن بعض قطاعات المجتمع يمكن أن تقبل البعثيين السابقين والاحزاب العلمانية بصفة عامة.

الحكيم يدعو الى عدم السماح للبعث بالتواجد في الساحة العراقية

من جانبه دعا رئيس المجلس الاعلى الاسلامي العراقي عبد العزيز الحكيم، الى عدم السماح لحزب البعث بالتواجد والحضور مجدداً في الساحة العراقية، مشددا في الوقت نفسه على أهمية التفريق بين حزب البعث وبين المنتمين له بالاكراه والاجبار والذين لم يرتكبوا” الجرائم ضد أبناء الشعب”.وقال بيان للمجلس الاعلى، ان ذلك جاء في كلمة للحكيم خلال حفل بمناسبة مولد الرسول محمد (ص).

وأشار الحكيم، بحسب البيان، الى أن “هناك ما يجري اليوم من حراك علني وسري في محاولة لفسح المجال لحزب البعث بالعودة للساحة السياسية العراقية”، مشدداً على “ضرورة أن يعي الجميع حقيقة أن البعث عاث في البلاد فساداً وقتلاً وتدميراً وهو عدو للعراقيين والدين والعرب”. بحسب اصوات العراق.

ودعا الحكيم “الجميع، أن يتحمل مسؤوليته في عدم السماح له (حزب البعث) بالنمو والتواجد والحضور مجدداً في الساحة العراقية بعدما رفض أبناء الشعب العراقي هذا الحزب الدموي وعبّر عن ذلك من خلال الدستور والقوانين الاخرى”، مشددا على “أهمية التفريق بين حزب البعث وبين المنتمين له بالاكراه والاجبار والذين لم يرتكبوا الجرائم ضد أبناء الشعب”.

واعتبر الحكيم ان البعث “يمثل اليوم الحاضنة الرئيسية لتنظيم القاعدة الارهابي والتنظيمات الارهابية والاجرامية الاخرى”، لافتا الى “ضرورة استمرار السعي لبناء دولة المؤسسات الدستورية والارتكاز على ارادة أبناء الشعب العراقي في اعمار البلاد والنهوض بالواقع العراقي نحو الافضل”، ومشيراً الى “أهمية اعمار المحافظات وتعزيز حالة الاستقلالية النسبية لها بما يضمن تحقيق تطلعات أبناءها في الرفاه الاقتصادي والاجتماعي”.

وحضر الاحتفال الذ القى فيه الحكيم كلمته، وفقا للبيان، كل من نائب رئيس الجمهورية عادل عبدالمهدي ومستشار الامن القومي موفق الربيعي والسيد عمار الحكيم وعدد من محافظي ورؤساء مجالس المحافظات في عدد من محافظات الوسط والجنوب، اضافة لعدد من المواطنين.

عبدالمهدي يلتقي قيادياً بعثياً في بغداد والدوري يحذّر من محاولات تفتيت الحزب

وكان نائب رئيس الجمهورية عادل عبدالمهدي، قد استقبل القيادي السابق في حزب البعث العربي محمد الشيخ راضي، فيما رفض جناح عزة الدوري دعوة رئيس الوزراء نوري المالكي إلى فتح حوار مع المعارضة، محذراً من محاولات تفتيت الحزب.

وكان عبدالمهدي التقى الشيخ راضي في مكتبه في بغداد، ممثلاً القيادة القطرية لحزب البعث في العراق وبحثا في «سبل دعم العملية السياسية وتعزيز الحياة الديموقراطية وحال الوئام بين ابناء الشعب العراقي والتعاون في التصدي للارهاب والعنف»، على ما جاء في بيان صدر عن مكتب عبدالمهدي الذي أكد ان «العراق الجديد يقف مع كل ابنائه لبناء دولة المواطن والدستور».

وعلى رغم ان الشيخ راضي يحسب على الجهات المنشقة عن البعث قبل عام 2003 إلا ان قوانين اجتثاث الحزب السارية ما زالت تجرم اي شخصية تعمل باسمه. وكان المالكي دعا المعارضين ورموز النظام السابق الى العودة الى العراق وطي صفحة الماضي، وقوبلت دعوته بحملة انتقادات من وسائل اعلام قريبة من «المجلس الاسلامي الاعلى» الذي يعتبر عبدالمهدي احد ابرز قيادييه. بحسب تقرير لـصحيفة الحياة.

في غضون ذلك، أعلنت وزارة الحوار الوطني التي يتولاها اكرم الحكيم في بيان انها «تحاول الاتصال بشخصيات وجهات عراقية غير مشاركة في العملية السياسية، او معارضة ورافضة لها أو للحكومة»، مضيفة ان من بين الشخصيات التي تم الاتصال بها الشيخ راضي «وكانت حواراتنا معه شخصية وغير رسمية ولكنها إيجابية ومفيدة».

ونوّه البيان بـ «قيادة قطر العراق - لحزب البعث العربي التي ساهمت في العديد من أطُر ومواثيق وفعاليات العمل المشترك للقوى المعارضة لصدام حسين، جنباً إلى جنب مع القوى الوطنية العراقية المشاركة في العملية السياسية والنظام السياسي الجديد في العراق». وأوضح البيان ان «الهدف هو بحث افضل الصيغ لمعالجة اللبْس الحاصل بما يميز هذا التنظيم عن حزب صدام». ودعا البيان «البعثيين، الذين عملوا سابقاً في صفوف حزب السلطة البائدة، الى ضرورة اغتنام فرصة مشروع المصالحة الوطنية والمواقف الأخيرة للحكومة العراقية للتحرك بسرعة لفرز المجرمين من صفوفهم وأوساطهم».

دعوة المالكي للمصالحة.. اراء متباينة

والدعوة التي أطلقها رئيس الوزراء نوري المالكي لفتح أبواب الحوار مع فصائل المعارضة وفي مقدمتهم البعثيون كانت لها عدةُ قراءاتٍ في الشارع العراقي، ففي الوقت ِالذي أشاد بعض المراقبين بهذه الخطوة ووصفوها بالجريئة، دعا آخرون الى ضرورةِ التعاملِ بحذر مع المعارضين للعملية السياسية والتأكد من حسن نواياهم.

واعتبر الصحفي محمود عبد الحسن موضوع المصالحة الذي تحدث عنه رئيس الوزراء نوري المالكي “خطوة سياسية وصفحة جديدة تعتبر من اهم الخطوات منذ غزو العراق في عام 2003 “. بحسب اصوات العراق.

وقال لوكالة (أصوات العراق) “من المعروف ان مبدأ المصالحة لا يتم الا بالتحرك على الفصائل الأخرى التي لها الأحقية في المشاركة في العمل السياسي والتي تؤمن بمديات الارتباط الوطني الحقيقي والقيم الوطنية الحقيقية والنظرة الصادقة نحو تجسيد خدمة العراق”.

وأعرب عبد الحسن عن اعتقاده بان “أي نظرة وطنية قادرة على خدمة الوطن ومحاولة لملمة جراحاته وتضيق مساحات الاختلافات السياسية ستكون اقرب الى توجهات المواطن العراقي الذي بات يدرك حقيقة ما يجري وعندها سيكتشف المواطن الصالح من الطالح ومن يريد بالبلاد خيرا وعكسه”.

ومن جانبه، اعتبر الفريد سمعان الامين العام لاتحاد الادباء العراقيين “الوحدة مسألة مهمة في حياة الشعوب وان الاتحاد قوة والتفرقة تكمن في الضعف”.

وقال لوكالة (أصوات العراق) “المشكلة ان الكل ينادي بالوحدة لكن جميعهم لم يطبقوا ما يدعو اليه وعليه فمن ينادي بالمصالحة الحقيقية سيجني ثمار مهمة وكبيرة تصب في مصلحة البلاد”.

لكن سمعان استدرك قائلا “يجب ان نلتفت إلى ان هناك المجرمون قتله الذين اغتصبوا ونهبوا وسرقوا ونراهم يظهرون علينا بين الفترة والأخرى بثياب القادة والاوصياء ويريدون ان يحققوا اصلاحات صعبة التحقيق فهولاء لا يمكن ان تنطبق عليهم شروط المصالحة باي شكل من الاشكال”.

وتابع “نحن بحاجة الى وحدة وطنية حقيقة وبلدنا يتطلب بناءا حقيقا وليس صراعا مستمرا”.

ومضى سمعان بالقول “اريد ان اقول حقيقة ان معظم الجماعات المسلحة وخصوصا من تحمل شعارات فضفاضة تسعى لتحقيق مصالح شخصية ولا علاقة لها بالشعب الا اذا كانت تقاتل من اجل تحرير الوطن فنحن معها”.

وبين ” كثير من الزعامات التي تظهر بين الحين والاخر ومع الاسف الشديد هي غير مخلصة للشعب العراقي بل هي مخلصة لمصالحتها الخاصة وجيوبها”. وخلص الى القول إن “المصالحة حقيقة مهمة لعموم الشعب ومن يريد مصلحة البلاد فعليه بالمصالحة”.

المهندس حيدر الربيعي اعتبر ان “المصالحة حقيقة مهمة للعراقيين لكنه اشترط ان يستثنى منها من تلطخت ايديهم بدماء العراقيين”. وقال “نسيان الاحقاد ينم عن علو بالمنزلة والتفكير لكن لا يجب ان نساوي بين الاسود والابيض”.

ودعا اسماعيل المالكي إلى “عدم الانجرار إلى موضوع المصالحة بشكل ينسيه ما مضى من الزمن واتمنى ان لا يقع في اخطاء الزعيم الرحل عبد الكريم قاسم عندما صفح عن جميع أعداءه وكان بالنهاية اول من قتل على ايديهم”.

الشارع العراقي رحب بتوجهاتِ الحكومةِ الرامية للم شملِ العراقيين المعارضين لأسباب منطقية والمتوزعين في الدول العربية لافتين الى أن استمرارَ حالة الخلاف بين الفصائل العراقية من شأنه تقويضَ الاداء الحكومي الحؤولَ دون تقدم البلاد وتحقيقَ طموحات الشعب العراقي.  واعتبر ابو احمد بائع مجوهرات “هذه الخطو ايجابية وجريئة واتمنى ان تكون مصالحة حقيقة وليست أعلامية فحسب”.وأضاف “كلما تقدمنا من مصالحة حقيقة كلما شعر المواطن العراقي بالأمان وصارت حياته طبيعية وخالية من المشاكل التي تعكر صفو الحياة”.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء 18/آذار/2009 - 20/ربيع الاول/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م