في حوار مع الملا باسم الكربلائي: أسعى لُأنشئ مدرسة انشادية عالمية

رسالتي للمحبّين: أفتخر وأردد أني خادمكم

حوار: وجدي ال مبارك

 

- أنا منشد ومرثي غايتي خدمة محمد وأهل بيته عليهم السلام والإنس بذكر هم، وليس غايتي الطرب والغناء والعياذ بالله

 

- أداء يميزه التنوع والتطور سواء في الأداء والأطوار والألحان

 

- لا أريد أن أنشئ مدرسة إنشادية متواضعة، إنما مدرسة عالمية أشرف عليها واستقطب إليها أصحاب الكفاءة العالمية

 

- عندما أقرر أن أخوض مجال العمل للطفل والأسرة فيجب أن يكون لدي تصور كبير وواعي بإيصال أفكار وصور جديدة

 

- أنا استخدم مشاهد حديثة مستقبلية ليست مألوفة عند الكثيرين، لكن الأهم أنها لاتتعارض مع معتقداتنا الدينية

 

- لابد للشخص المعطي والعامل في هذه الحياة أن لايتوقع أن يجازيه الناس بقدر تعبه في عمله

 

شبكة النبأ: اسم ارتبط بولاء آل محمد في كل مكان، بلبل مغرد وصوت أصيل غنى في حديقة محمد وأهل بيته أحلى الألحان، منشد ومرثي يتهافت الملايين لسماع صوته وقصائده، استطاع تغيير نمط الإنشاد الإسلامي في وقتنا الراهن إلى نمط مغاير نقله من الطور التقليدي إلى طور يتواكب مع متطلبات العصر فصعد به إلى قمم الإبداع والتميز الفريد من نوعه.

قالوا: أسطورة الإنشاد و المبدع المتألق، وقال آخرون: شتان أن تسمع القصائد بصوته وتسمعها بصوت غيره من المنشدين، اسم لامع ارتبط بالحسين عليه السلام، أنه الصوت الذي أجمع المنتقد والمحب على تميزه فاستحق لقب الحنجرة الذهبية، أنه الملا الحاج باسم الكربلائي.

كيف استطاع الملا باسم الكربلائي أن يصل لهذا المستوى من الشهرة الفريدة من بين آلاف من المنشدين والرواديد؟ كيف يلحن ويصيغ قصائده؟ ماذا يختلج في نفسه من أفكار وطموح لمستقبل الإنشاد؟ ماذا يدور بخاطره من آمال وتطلعات؟ ماهي تجاربه في هذا المضمار؟ أثيرت حوله كثير من التساؤلات والتكهنات، فما هي ردوده حول ما يثار عليه من انتقادات؟.

أحببنا أن نجلس مع هذا المنشد المبدع في لقاء وحوار هادف وصريح خالي من المجاملة والتحفظات مع شبكة النبأ نفتح فيه الباب على مصراعيه أمام كل تساؤل يطرح أمامنا، فكان هذا اللقاء المميز الذي قابلنا فيه بابتسامة تملئ محياه و برحابة صدر كبيرة على كل سؤال واعتراض وعند كل نقطة وجواب من هذا الحوار.

- في البداية أشكرك على تلبية الدعوة في لقائك، وأتمنى أن تعرفنا ببطاقتك الشخصية؟

حياك الله أخي وأستاذنا العزيز، وأنا سعيد بلقائك هذا وأتمنى أن أوفق في الإجابة على جميع أسئلتك واستفساراتك، أما عن سؤالك عن بطاقتي الشخصية: فاسمي: باسم إسماعيل محمد علي مواليد كربلاء المقدسة 1967م.

- كيف كانت بدايات باسم الكربلائي كمنشد؟

كانت بدايتي المتواضعة في قراءة وتجويد القرآن الكريم ودعاء الصباح وقراءة دعاء كميل وصعدت على المنبر بقصيدة حسينية للمرحوم كاظم منظور الكربلائي، وكانت بدايتي الفعلية عام 1980م، وتحديداً في أصفهان في الحسينية الكربلائية ولازلت بتوفيق أتشرف في خدمة محمد وآله حتى يومنا هذا.

 - لكي نختزل كثير من جوانب مسيرتك الإنشادية، سأبدأ معك مما مايثار حولك من تساؤلات عديدة، فهناك اتهامات للملا باسم الكربلائي باستخدام الموسيقى في أنتاجاته الصوتية والمرئية لاسيما الفرحية منها بالرغم -وحسب علمي أنك تنتمي لمدرسة دينية لاتجيز استخدام الموسيقى في الإنشاد، هل صحيح مايشاع عنك؟

لم أعمد إلى استخدام الموسيقى في إصدارتي الصوتية والمرئية، لكن يقع اشتباه فيما تتخلله بعض إنتاجاتي من إيقاعات هي في الأصل إيقاعات وآهات صوتية وفلكلورية تفسر بأنها إيقاعات موسيقية.

- لكن ملا باسم... إذا كان ما ذكرته صحيح، هناك مسألة أخرى في هذا الجانب، فالبعض يتهمك بتعمد استخدام الألحان الموسيقية، ماهو ردك على مثل هذه الاتهامات، وهل لجأت إليها في إحدى إصداراتك؟

قبل أن أجيب على هذا السؤال يجب أن أشير إلى نقطتين مهمتين في هذا الجانب الأولى: أنني كرادود ومنشد ربما عن طريق خطأ غير مقصود أقوم بصياغة مقطع صوتي يشابه في إيقاعه اللحني لحناً غنائياً، وهنا يجب عليّ كرادود ومنشد إسلامي أن أعمد إلى تغير هذا اللحن قدر الإمكان لكي يبعد في إيقاعه اللحني عن اللحن الغنائي المشابه له، بذلك أبعد نفسي عن الوقوع في المحظور الشرعي، وبمعنى آخر لكي أخرج نفسي من إطار الاتهام ألجأ إلى تغيير اللحن المستخدم على المنبر الذي قد يتشابه مع اللحن الغنائي.

أما النقطة الثانية: أنني كرادود أسعى للتطور والتنوع على مدار العام وهذا ما يلاحظه الكثيرون في كثرة إصدارتي الصوتية والمرئية التي أنتجها خلال العام الواحد، لذلك استخدم عشرات الألحان الصوتية واللحنية التي أصيغها بنفسي أو آخذها من ملحنين آخرين، وبسبب هذا التنوع قد يصادف أن نجد أحد الألحان التي استخدمتها تشابه إلى حد ما لحناً غنائياً، وهذا لايعني أنني أتعمد ذلك مطلقاً، فإذا صادفت مثل ذلك ألجأ إلى ماأشرت إليه في النقطة الأولى.

- على ضوء إجابتك ملا باسم، هل اقتباس اللحن الذي قد يشابه نوعاً ما لحناً غنائياً الذي يستخدمه رواديد بما فيهم أنت سواء عن طريق تلحين شخصي أو عن طريق ملحنين آخرين مستند على رأي فقهي من مرجع ترجعون إليه؟

نعم هذا أكيد، فأنا بالنسبة إليّ كمنشد سألت عن هذه النقطة التي تفضلت بها، فهي جائزة بشرطين: أنك لاتتعمد أن تأخذ اللحن الغنائي أو تستمع إليه مباشرة لكي لا تقع في المحظور الشرعي والثاني: لابد عليك كرادود أن تكون حريصاً ودقيقاً في اختيارك لنوعية الألحان وأن لاتعمد إلى اختيار ألحان موسيقية، و تعمل جاهداً على تغيير وتبديل صياغة الألحان التي تعتقد أنها تشبه إلى حد ما ألحان غنائية، والخطأ وارد لدينا كبشر.

لكن تبقى نقطة جوهرية يجب أن يفهمها الكثيرون: أنا منشد ومرثي غايتي خدمة محمد وأهل بيته عليهم السلام والإنس بذكرهم، وليس غايتي الطرب والغناء والعياذ بالله.

- سؤالي قبل أن أخرج عن هذا الجانب، من يلحن لباسم الكر بلائي قصائده؟

أغلب القصائد أقوم بتلحينها بنفسي، والبعض الآخر عن طريق ملحنين آخرين، و كلمة أخيرة أقولها لك وللجميع لكي ننهي نقاشنا في هذا الجانب: إن باسم الكر بلائي ملحن حسيني وليس ملحن غنائي.

- على ذكر القصائد، ترتبط معظم قصائدك بالشاعر المعروف جابر الكاظمي، ماذا يعني لك هذا، وما مدى العلاقة بينك وبين هذا الشاعر المبدع؟

بالنسبة لأخي وصديقي الشاعر جابر الكاظمي فهي علاقة وطيدة تمتد لأكثر من عقدين من الزمن، حيث أنتبه لصوتي في إحدى المناسبات التي شاركت فيها في إيران، ومن تلك اللحظة بدأت علاقتنا الوطيدة وعقدنا العزم أن نكون في طريق واحد يجمعنا خدمة محمد وأهل بيته عليهم السلام، فكثير من القصائد التي أنشدتها هي من تأليف صديقنا العزيز خاصة أنه يأتي بكل جديد ومميز، وكثير ما يساعدني في طريقة اللحن والطور خاصة مع كثرة الأوقات التي نقضيها مع بعضنا البعض، والأهم من ذلك أنه يقرأ أفكاري في تطوير جانب الإنشاد الولائي، وأسأل الله أن يديم هذه المحبة والأخوة.

- الكثيرون يقولون إن باسم الكربلائي مدرسة إنشادية فريدة من نوعها -بالرغم من كثرة الرواديد والمنشدين على الساحة الشيعية في الوقت الحالي، مالذي ميز مدرسة باسم الكربلائي عن غيرها؟

لم أقل إني مدرسة إنشادية، لكن لعل المتابعين والمعجبين بي يقولون إني مدرسة إنشادية، ولعلك كلمة سمعتها من مقدم برنامج صوت وقلم في آخر مقابلة تلفزيونية لي على قناة الفرات، بالرغم أنني لا أحبب كثرة اللقاءات كوني أسعى للعمل وليس لكثرة المقابلات.

أما عن سؤالك في هذا الجانب، إذا كنت مدرسة إنشادية في نظر هؤلاء، وهي شهادة أعتز بها، فإن أداء باسم الكر بلائي أداء يميزه التنوع والتطور سواء في الأداء والأطوار والألحان فيعطي أدائي تنوعاً واختلافاً عن سابقه، عبر تحاشي تكرار اللحن والطور، وسعيت إلى استخدم كل لغة أجيدها كالفارسية والإنجليزية والأوردية، وأحاول أن أعيش مع كل كلمة من كلمات القصيدة وأتفاعل معها بأحاسيسي ومشاعري، وتظهر تأثيرها على ملامح وجهي وأطراف جسمي، فبهذه الميزات استطعت أن أعطي أدائي صورة من الحيوية والتجديد فيما اطرحه من مراثي وأناشيد، و قد لاتجد هذا التنوع والتفاعل عند كثير من الرواديد الحاليين الذين يعتمدون على أنماط محدودة في أدائهم، ولا يعيشون إحساس الكلمة ومضمونها عند إلقاءها لذلك هم بحاجة إلى تطوير ذاتهم والقدرة على الإتيان بجميع الأطوار والألحان.

- هل يمكن أن توضح لي هذه النقطة بالتفصيل؟

 نعم، هناك أوزان والحان ثقيلة ومعقدة ذات إيقاعات خاصة يصعب على بعض الرواديد إجادتها وإتقانها بسبب ثقل الوزن واللحن وديناميكيته في القصيدة الواحدة، لذلك توجد أطوار وألحان لم تُسمع إلا مني أنا، وأعوذ بالله من كلمة أنا، لأني أسعى إلى تلحين قصائدي بنفسي، ولتوضيح الفكرة تجد على سبيل المثال قصيدة السيد رضا الهندي رحمه الله التي مطلعها:

إن كان عندك عبــــــــــرة تجريها          فانزل بأرض الطف كي نسقيها

وقصائد عديدة لا أحب ذكرها هي ألحان وأوزان ثقيلة استطعت أن أتعامل وأتكيف معها وأصيغها بطريقتي الخاصة بعد قراءة القصيدة لأكثر من مرة، لكي أبحث وأختار اللحن والوزن المناسب لها وهذا ما أعطاني القدرة على التعامل مع أي لحن ووزن واستخرج منه أوزان وألحان لم تسمع من قبل، خاصة أنني لم أهمل في هذا الجانب القصائد المشهورة لكبار المنشدين والشعراء التي صغتها بأداء وطور ولحن آخر كما هو الحال مع قصائد المرحوم حمزة الصغير ومنظور الكربلائي وآخرين.

- كيف خرج باسم الكربلائي من إطار محدود إلى شهرة عالمية كبيرة؟

كما قلت لك مسبقاً: إن الكثير من الرواديد والمنشدين يعتمدون على أطوار وألحان محدودة يجعلهم في إطار ضيق ومحدود لايتطور بشكل سريع، ولكي أخرج نفسي من الإطار المغلق لجأت للتنوع والتميز في كل أدائي وأعمالي، ولعل أول نقطة رسمتها على هذا الطريق تعمدت أن يكون أدائي متناسب مع المنطقة والشريحة التي أُلقي عليها قصائدي، بمعنى أن الأوزان والألحان والقوافي التي آتي بها لابد أن تتناسب مع أذواق المستمعين والمشاهدين لي فآتي بأداء مناسب ومعتاد لهؤلاء البشر.

فعلى سبيل المثال إن الاقتصار على الطور النجفي والكربلائي الثقيل يجعلك في إطار محدود لايتغير، كذلك لايمكنك أن تأتي بهاكذا أطوار في مناطق أخرى لاتتناسب مع أذواقهم وأسماعهم والطريقة التي ألفوها في المدح والرثاء، خاصة إذا كنت رادود على مستوى عالمي، فتعمد إلى التنوع في الألحان والأطوار والأداء لكي يكون أدائك مقبولاً عند جميع المستمعين لقصائدك في كل مكان من العالم.

وحتى أُوضح الصورة أكثر: فأنت يا أستاذ لو أردت أن تعمل لقاء مع شخص سعودي فلا بد أن يكون أسلوبك في الحوار مختلف عن لقاء مع شخص لبناني أو عراقي وهكذا، لأنك تضع اعتباراً لنوعية وطبيعة الشخص وبيئته المحيطة به، لذلك تختار آلية معينة عبر طريقة الحوار والموضوعية واللهجة التي ستتعامل بها مع كل شخص منهم.

- إذاً باسم مدرسة موجودة على الواقع، هل تفكر أن تنشئ بالفعل مدرسة إنشادية؟

لعله أفضل سؤال سألتني في هذا اللقاء، نعم بالفعل هي فكرة تراودني من فترة طويلة، لكن كما تعلم إن إقامة مشروع بهذا الحجم يحتاج إلى مبالغ وجهود كبيرة، لأني لا أريد أن أُنشأ مدرسة متواضعة، إنما مدرسة عالمية أشرف عليها واستقطب إليها أشهر الرواديد والمعلمين والشعراء والملحنين والفنيين أصحاب الكفاءة العالمية، كذلك نحتاج لمبنى متكامل يضم أفضل الأجهزة المتطورة نستخدم معها الطرق الحديثة في تعليم فن الإلقاء والإنشاد، وأتمنى أن ترى هذه المدرسة النور قريباً بفضل جهود المؤمنين إنشاء الله.

- هل تعتقد أن وجود وإنشاء هذه المدرسة مهم في حياة باسم الكربلائي؟

نعم بالفعل، أشعر بالحسرة... بودي أن أرى صرح هذه المدرسة أمام عيني، لأني أرى أن صوت باسم الكر بلائي وصل للناس كصوت وأداء ولم يترجم لواقع، لأن وجود هذه المدرسة يساعد في استقطاب الجيل الناشئ والمهتم بالإنشاد وتنشئته في إطار ديني واعي لكي لاينجرفوا في طريق خاطئ بميلهم للطرب والغناء إذا لم يجدوا من يستوعبهم ويتبناهم لاقدر الله.

- على ذكر الجيل الناشئ، لماذا لانجد إنتاجات لباسم الكر بلائي تُعنى بالطفل والأسرة، كما يفعل بعض الرواديد، خاصة أننا نجد حالة من الانجذاب والإعجاب لباسم الكر بلائي بين شريحة كبيرة من الأطفال؟

سؤال وجيه، كما قلت لك مسبقاً أنني أسعى للإبداع والتميز، لذلك لا أحب أن أظهر بأداء متواضع لاسيما فيما يخص الطفل والأسرة، فعندما أقرر خوض هذا المجال فيجب أن يكون لدي تصور كبير وواعي بإيصال أفكار وصور جديدة لم يألفها الأطفال، فيدرك المشاهد والمستمع أنك أتيت بأداء متميز لهم.

ولكي تتضح الفكرة: إن الأوربيين ينفقون عشرات الملايين من الدولارات في عمل كرتوني واحد بذلك يعطون العمل حقه من الجهد والمال، بغض النظر عن نوعيته وإيجابيته وسلبيته، لأنهم يبحثون عن التميز وأن يكون الإنتاج قادراً على جذب أكبر شريحة من الأطفال، لذلك لا أقبل أن أقوم بإنتاج عمل قيمته 500 ألف ليرة سوري على سبيل المثال، فأظهر بمظهر ضعيف يعتقد البعض أنني السبب في ضعفه وأدائه، لأننا لم نعط العمل حقه من العمل والدعم المالي القوي الذي يجعله متميزاً.

فلماذا لاتكون عندنا نفس النظرة والطموح، فنسعى جاهدين على إنتاج مواد إعلامية ننفق عليها المال الكثير لكي تظهر بالمظهر المناسب والمتميز، فنحاول قدر الإمكان أن يكون العمل والصورة التي نريد إيصالها بمستوى يليق بمقام محمد وأهل بيته عليهم السلام الذين نقدم إليهم هذه الأعمال والإنتاجات.

ويجب أن ندرك أننا أغنى منهم لأننا نملك حساً ولائياً لأربعة عشر معصوماً، وإن رسالتنا أفضل وأسمى من رسالتهم، فهم يسعون لترفيه الأطفال بينما نسعى لتقويمهم وغرس قيم نبيلة في نفوسهم تجسدها سيرة محمد وآله عليهم السلام.

- لماذا لانجد إنتاجات صوتية ومرئية مشتركة بين باسم الكربلائي ومنشدين آخرين؟

 قبل كل شيء إني أتشرف بكل رادود ومنشد نذر نفسه لخدمة محمد وأهل بيته عليهم السلام أياً كان مستواه وموقعه، لأننا نجتمع و نجلس على سفرة واحدة وهي خدمة محمد وأهل بيته صلوات الله عليهم أجمعين.

وللإجابة على هذه السؤال أشير إلى نقطتين مهمتين الأولى: أنني أرى أن كثير من المنشدين يُصنف أدائهم ضمن الأداء الجيد أو المقبول، لذلك فإني مشاركتي في أعمال مشتركة معهم يضعني في حرج كبير كوني مضطر وبشكل طبيعي أن يتلاءم ويتوافق أدائي مع أدائهم، فيظهر العمل بالتالي بأداء متواضع لايرضي طموحي ولا طموح الجمهور، لأني أسعى دائماً إلى الأداء المتميز لا للأداء الهابط والمتواضع، خاصة أن المستمعين والمشاهدين تعودوا من باسم الكربلائي على الأداء المتميز فيتفاجئوا بعمل مشترك ظهر بشكل متواضع.

أما النقطة الثانية: إنني عندما أقبل بالأعمال المشتركة مع رواديد آخرين فإن أدائي في هذه الأعمال المشتركة سيتفوق ويغطي وبشكل طبيعي على أداء الرواديد الآخرين في هذا العمل، لذلك لا أحب أن أسبب لهم حرجاً لأحد وأبخس الناس حقوقهم.

لكني بالمقابل أسعى في هذا المقام أن أشجع جميع المنشدين والرواديد لكي يعتمدوا على أنفسهم ويرتقوا بأدائهم، بل أشجع البعض منهم على أخذ ألحاني وأطواري وأدائي خاصة المبتدئين منهم -كما هو الحال مع الطفل السيد محمد العلوي فهو نسخة تقليدية من باسم الكر بلائي بشكل ملفت للأنظار، لكني أرى أنه سيخرج من طور التقليد إلى أداء خاص به في المستقبل.

ومن هنا أقول: إنني في عالم الإلقاء والإنشاد أطمح للتميز والإبداع، ولتلك الأسباب لا أقبل بها كذا عروض -مع احترامي لكل الرواديد، ليس لإسم باسم الكر بلائي إنما لأجل أربعة عشر معصوماً عليهم السلام، لأن الله اصطفى هؤلاء البشر فأرى من واجبي كمنشد أن يكون عملي المقدم إليهم عملاً متميزاً يليق بقدر مكانتهم وتميزهم بين البشر.

- يتهم البعض باسم الكربلائي بحبه للاستعراض عبر كثرة ملابسه وإضفاء مؤثرات تمثيلية غير مفهومة من وجهة نظرهم في كثير من إنتاجاته، كما هو الحال في الإنتاج المرئي لقصيدة (كل قطرة دم بشرياني) بظهور شخصية تقوم بحركات تمايل أشبه بالاستعراض ماهو ردك على هذه الاتهامات؟

إنني أعمل وأنظر بنظرة مستقبلية لتطوير مجال الإنشاد الديني بكل جوانبه، فقد تعود الناس أن يظهر الرادود بشكل معين، وفي هذه الأيام يتفاجئ المشاهدون بظهور المنشد بمظهر مغاير عن السابق وهذا لايعني أنه ارتكب خطأ، أنما جاء بشيء غير مألوف في هذا المجال، كذلك ينطبق ذلك على استخدام صور ومشاهد ومؤثرات جديدة غير مألوفة.

ولتوضيح الفكرة ربما نجد عالماً جليلاً يظهر على الشاشة في محاضرة دينية إسلامية في إحدى القنوات الفضائيات ويظهر في زاوية الشاشة أو بجانبه امرأة محجبة ومحتشمة تقوم بأداء إشارات للصم والبكم تترجم مايقوله ذلك العالم، فلماذا لايشتشكل على ذلك العالم هذا الموقف ويقبل منه هذا التصرف -بالرغم أنها صورة غير مألوفة، وهي من ناحية شرعية ليست محرمة، بينما يستشكل عليّ في عالمي الإنشادي كوني أتيت بإضافات ومشاهد فنية مقبولة لكنها ليست مألوفة عند المشاهدين!!.

أما بالنسبة للشاب الذي ظهر في إنتاج قصيدة ( كل قطرة دم بشرياني تهتف باسمك ياحسين ) فهي لوحة فنية تعبر عن نظرة مستقبلية تعرف الآن بلغة الجسد، وهي نظرة لاتتعارض مع قيمة دينية نؤمن بها، وبالتالي لا إشكال في إضافتها وهي مؤثرات فنية سيألفها الناس مستقبلاً، لأن كل شيء يتطور ويتغير ولايبقى على حاله، وينطبق هذا الأمر على مجال الإنشاد الديني حاله حال أي جانب من جوانب الحياة.

لكن هنا نقطة مهمة أشير إليها في هذا الجانب: لايعني كوننا نبحث عن التجديد والتطوير في عالم الإنشاد أن نأتي بطرق ومشاهد فنية لا تعبر ولاتتلائم مع هويتنا الدينية التي تنتمي إليها، بمعنى لايمكن أن تضيف مشاهد هزلية أو راقصة للانتاجك الديني وتقول هذا تطور !!، لأن هذا لايتوافق مع معتقدك الديني والشرعي، ولايمكن القبول به مطلقاً حتى مع تطور الوسائل والزمن، فالحرام حرام والحلال حلال.

ولذلك على المتابعين لهذه الأعمال أن ينظروا لهذا الجانب المهم، فأنا استخدم طرق ومشاهد حديثة مستقبلية ليست مألوفة عند الكثيرين، لكن الأهم في ذلك كله أنها لاتتعارض مع معتقداتنا الدينية.

- باسم الكربلائي ينتمي إلى مدرسة كربلائية تؤمن ببعض الطقوس الدينية كالتطبير وغيرها من الطقوس التي كانت محض انتقاد قوي من علماء ومثقفين على الساحة الشيعية، بينما نجد باسم الكربلائي وممن ينهجون نهجه يصرون على ممارستها كأنها قيم دينية مهمة في معتقداتهم؟

هذه قضية مهمة، لابد أن أشير في البداية أنني أحترم أي مخالف لرأيي وتوجهي سواء كان عالماً دينياً أو أي شخص آخر، لكن بالمقابل هذه الطقوس والممارسات هي في الأصل مسائل فقهية وليست عقدية، فكل من العلماء له رأيه فيها.

لذلك ليس لأن البعض يستغل مانقوم به من طقوس وممارسات في مناسباتنا الدينية عبر نقل صورتها للعالم وتوظيفها لمآرب سيئة فيجب عليّ بالمقابل أن أتنازل عنها، فكل له رأيه وقناعته التي يستند عليها فأنا أؤمن بهذه الطقوس وفق قناعتي الشخصية و لا أفرضها على الآخرين، لأني كما قلت لك لكل منا رأيه وتوجهه، لذلك أنا في هذا المقام لا أجامل في قناعتي بما أؤمن به.

- دعني أقاطعك هنا.. لكنها طقوس وممارسات ليست من مقام الواجب، فيرى البعض أنها مسيئة للمذهب لكنكم تصورون على ممارستها، كما أُشيع عنك أنك هاجمت بعض المراجع والعلماء لأجل ذلك؟

صحيح ليست من الواجب، لكني أؤمن بها خاصة أن فقهاء يؤيدونها كما يوجد من ينتقدها والبعض الآخر يحرمها، فالمسألة مسألة فقهية خلافية بينهم، كما أنني لا أنكر أن الأغلب يقوم بهذه الأعمال بإخلاص ونية صادقة يعبر فيها عن مواساته وصدق مشاعره للإمام الحسين عليه السلام، وربما تجد فئة قليلة وشاذة تقوم بها من باب المكابرة على رأي منتقديهم.

فعلى سبيل المثال لو جاء فقيه أو عالم وقال: إن التطبير أو الزنجيل حرام أو لايؤيده القيام  به، فأنا في هذا المقام أحترم رأيه، لكن لايجب عليّ الأخذ والعمل برأيه، بالمقابل أنني لا أتعمد أن أسيء إليه و إليهم.

فكل شخص منا يعبر ووفق طريقته الخاصة عن حبه لأهل البيت والإمام الحسين عليهم السلام فبعض يعبر عن ذلك باللطم والتصفيق مثلاً، وآخر يعبر عن هذا الولاء بأن يرتدي ملابسه المرتبة ويحضر مجلساً دون أن يمارس أي طقوس فيقول: إنني أمارس وأعبر عن مواساتي أو فرحي للأهل البيت عليهم السلام بحضوري وشعوري الحزين أو المفرح في قلبي، فكلا الشخصين أحترمهما وقس على ذلك باقي الممارسات الأخرى، وباختصار إنني أؤمن بتعدد وحرية الآراء كما يعبر عنها بالديمقراطية في الوقت الحالي.

بالقابل أريد أن أوجه هذه الكلمة لمنتقدي باسم في هذا المجال والذين يقولون أنني هاجمت في قصائدي بعض المراجع والعلماء فأقول لهم: أنا أؤيد أي شعيرة للحسين عليه السلام، ليس لأني ضد فتوى أو رأي ذاك المرجع أو ذاك السيد لأني أحترم ذلك العالم، حتى لو كان يحمل فتوى أو رأياً يخالفني فيه لكن ليس شرطاً أن أعمل برأيه.

وبدوري أسأل في هذا المقام هؤلاء المنتقدين: منْ هو المرجع أو العالم الذي يسمح لك أن تتهجم عليّ وتشتمني كونك لاتتبنى فعلاً أقوم به؟، ويكذب من يدعي أن ذلك العالم أو السيد يسمح لكم بإهانة والتهجم على الآخرين، فذلك العالم قال: أن ممارسة التطبير لاتجوز أو حرام، لكنه لم يقل أن الذي يطبر اشتموه وأهينوه واضربوه، لأني على يقين أن هؤلاء العلماء ارفع وأسمى عن مثل هذه المهاترات.

فكل فئة وكل مجموعة الآن تعبر عن توجهاتها وآرائها خاصة مع وجود الانفتاح الإعلامي والفضائيات التي ملئت الفضاء، فإذا كان لكل هؤلاء الحرية في التعبير عن آرائهم ومعتقداتهم، فمن حقي أيضاً أن أعبر في فضائية عن معتقدي بطريقتي وبلغتي التي أراها.

- كيف تقرأ وتنظر لمنتقدي باسم الكربلائي ولأدائه أو أي شيء متعلق به؟

أنا سعيد بأي منتقد، لكني في المقابل أبحث عن هوية هذا المنتقد وبأي زاوية أجد شخصيته، هل انتقاده انتقاد حزبي أو فئوي أو...وهكذا.

فنجد شريحة كبيرة من الناس تتمتع بالولاء المحمدي لكنها في مقام الانتقاد بسيطة، وتعرف أن بعضهم بسيط من خلال كلامه وما يوجهه لك من انتقاد والمقصد من ورائه.

لذلك يجب أن يكون صدرك رحب لهؤلاء وتحاول أن توضح رأيك لهم وكنت أتمنى أن أرد على جميع من ينتقد باسم الكربلائي، لكن إرضاء الناس غاية لاتدرك.

كذلك لابد للشخص المعطي والعامل في هذه الحياة أن لايتوقع أن يجازيه الناس بقدر تعبه و عمله، لذلك يجب أن يضع في حسبانه أن لاينتظر الجزاء من أحد، لكي يعيش قانعاً ولاينصدم بواقع لايتمناه ويكون له مردود سيء على نفسيته.

لذلك أنصح أن تفعل الخير دون أن تنتظر الجزاء من الآخرين، فإذا علمت بهذه القاعدة يعطيك الله أكثر مما توقعه أو تضعه في مخيلتك، خاصة العمل البعيد عن الرياء والسمعة وأن يكون المقصد فيه رضا الله ورضا محمد وأهل بيته عليهم السلام.

- إذا جئنا للجانب الشخصي لباسم الكربلائي، لماذا تتهم بأنك رجل لاتقبل الجلوس مع المعجبين بك؟

هذه نقطة لابد من توضحيها إني وبحكم وضعي كمنشد معروف أجد حرجاً كثيراً من المعجبين الذين يتمنون الجلوس والتحدث معي خاصة عند سفري لبلاد الخليج، وهذه مشاعر أقدرها لهم، لكن لو أفرغت وقتي للقاءات الجانبية والشخصية فلن أجد وقتاً للمشاركة – خاصة مع كثرتها وضيق الوقت، كذلك إذا أفرغت للمعجبين، فمتى أنتج وأسجل قصائدي؟ ليأتي الجمهور يسألني أين آخر أعمالك وإنتاجاتك؟ !! من هنا أعمل جاهداً أن يكون جلّ وقتي للعمل والمثابرة.

- هل تضع حيزاً في علاقاتك الشخصية؟

نعم، لايمكنني إطلاق العنان لعلاقاتي الشخصية لأني مطالب بأداء حقوق هذه العلاقة والتواصل معهم، لذلك فعلاقاتي الشخصية محدودة على الأهل والأصدقاء والكادر الذي أعمل معه في إنتاجاتي في أغلب الأوقات.

- إذا سمعت أن رجلاً يحبك كإنسان ويدعو لك دون أن تعرفه، ماهو الشيء الذي تكافئه عليه جزاء هذه المحبة والدعاء؟

صدقني، أحرجتني بهذا السؤال، فالبعض يتصل بي ويقول أنه يدعو لي في صلاة الليل، فما هي المكافأة التي أكافئه بها؟!! فاعرف أن أقل مكافأة له أن أُوفي لهذا الشخص فيمن يحبهم ويودهم وهم محمد وأهل بيته عليهم السلام، فأعمل جاهداً لأن أخلص وأزيد في عطائي لمحمد وأهل بيته عليهم السلام، فلولا هم لم أجد إنسان يدعو لي ويحبني لدرجة أن يجعلني أحد الأربعين الذين يدعو لهم في صلاة الليل، وهذا بلا شك من فضل خدمتي لأهل البيت عليهم السلام.

وهنا أوجه رسالة محبة لكافة المحبين لي في العالم أنني أشعر بمحبتهم وإعجابهم وإني أحبهم ولا أملك إلا أن أدعو للجميع بخير الدنيا والآخرة كما غمروني بهذه المحبة والمودة.

- يتفق كثيرون سواء من منتقدي ومحبي باسم الكربلائي أنه منشد متميز، فهنا نجد باسم المتميز، أين نجد باسم الكربلائي كإنسان؟

سؤال فيه عمق كبير، لكن ببساطة أقول لك: أجد باسم الكربلائي إنسان متواضع وبسيط، أحب الناس أكثر مما أحب نفسي.. بل أفتخر وأردد أني خادمهم، وهي كلمة ألفها الناس مني في كل مشاركة لي، وهي علامة ورسالة لهم أني خادمهم، وهي قمة التواضع و المقام الأرفع لهؤلاء البشر الذين أتشرف بخدمتهم في رضى محمد وأهل بيته عليهم السلام.

- يتهمك البعض أنك في عالم الإنشاد تتعامل مع أي شخص دون أن تنظر إلى معتقده؟

هناك اختلاف في تعاملي مع الناس، لأن لك إنسان مقام، فربما يأتيك صديق من إخواننا السنة أو شخص من الطائفة المسيحية، فيعجب بأدائي وأجده ذواقاً لما أقوم به، فما الضير والمانع أن استفيد وآخذ منه ذوقه وعمله، بالمقابل فمن الواجب عليّ احترامه خاصة إذا كان محترماً لي ولعقيدتي، لأنك بهذا التعامل تسير على المبدأ والتربية واللون الحقيقي الذي رسمه محمد وأهل بيته عليهم السلام وهي مدرسة شعارها: محمد لا إرهاب، محمد تواضع، محمد قيم وأخلاق.

- سأسألك سؤال لعله يُطرح عليك لأول مرة: البعض من عامة الناس يقوم بتصرفات عفوية بريئة أمام شاشات التلفاز فيأخذ ورق من النشاف الذي يستخدمه بعض الخطباء أو الرواديد معتقداً بقدسية العرق الذي يلتصق به، كيف تنظر وتفسر هذا التصرف، وهل تسمح بذلك؟

قبل أن أجيب على سؤالك سأضرب مثال للتوضيح وليس للمقياس وأتمنى أن يفهم الآخرين أن غرضي المثال وليس القياس، فعندما يتوجه الإنسان العادي إلى مراقد أهل البيت عليهم السلام ويتوسل إلى الله بمنزلتهم وبمقامهم عند الله متيقناً أنهم الوسيلة إلى الله فيقضي الله حاجته ببركة التوسل بأهل البيت عليهم السلام، فالله قضى حاجته بمشيئته وبقدر النية التي حملها هذا الرجل واعتقاده بمنزلة هؤلاء البشر عند الله -بغض النظر عن مستوى علمه وإيمانه.

فالبعض على سبيل المثال كما قلت يأخذ (ورق النشاف) بعفوية يعتقد أنه علامة لحب الحسين عليه السلام المتصل بخادمه الذي يرثيه، وهو أمر لا أحببه، فإذا كان هذا الورق مرتبط باعتقاده بخادمهم فالأولى الذهاب إليهم مباشرة دون وسيط، لذلك أنصح هؤلاء في هذا المقام أن يبحثوا عن الطريق الأفضل وهو طريق مناجاة الله والتوسل بأهل البيت عليهم السلام، حتى لايؤخذ عليهم ولا على الشخص المعني بالأمر هذا العمل العفوي المبني على حسن نية.

- صوت الراية.. إنتاج فريد فاجأت به الوسط الإنشادي، وحاكيت به حال ملايين من الناس، وكان له صدى غير مسبوق، كيف يرى باسم الكربلائي إنتاج صوت الراية؟

صوت الراية أصبح الصوت الرائع، وجاءت فكرة هذه القصيدة على لسان شاعر أهل البيت أحمد العبادي، وجاء هذا الإنتاج ليحاكي المسيرات المليونية التي تزحف مشياً على الأقدام لزيارة سيد الشهداء عليه السلام خاصة في ذكرى عاشوراء والأربعين، ولعلها القصيدة الأولى التي استغرقت منا خمسة أيام متواصلة لتصويرها وإنتاجها بسبب أمور فنية متداخلة من أهمها: كثرة المشاركين والصور الفنية المتعددة التي حاول المخرج أن يضعها في هذا العمل المتميز.

لذلك سعيت من خلال صوت الراية أن أنقل صورة ولائية حقيقية نعيشها في وجداننا، فالبعض يرى أننا نبالغ في حب الإمام الحسين عليه السلام وزيارته، لكنها واقع ملموس في حياتنا ووقوفنا عند قبره الشريف عبارة عن وقوف على مبادئ وقيم أخلاقية ودينية وإنسانية، خاصة مع الظروف الأمنية الخطيرة التي يعيشها العراق وممارسة القتل والإرهاب على محبي وشيعة أهل البيت عليهم السلام -خاصة لمن يقصدون زيارة الإمام الحسين عليه السلام في عاشوراء والأربعين، ولعل الكلمات المؤثرة والطور الحزين الذي جاءت به القصيدة ساعد في إيصال هذه الرسالة لقلوب الملايين في العالم والمتعطشة لزيارة الإمام الحسين عليه السلام، وقد نقل لي أحد الأحبة أن هذه القصيدة كانت سبب في توفيقه لزيارة الإمام الحسين عليه السلام في ذكرى الأربعين في نفس العام لأنها حاكت مشاعره ووجدانه، ومن خلال إنتاج صوت الراية استطعت أن أنقل مشاعر ملايين البشر حول العالم و وشغفهم وتعطشهم لزيارته، وكانت رسالة لأعداء أهل البيت عليهم السلام: إن زيارة الحسين عليه السلام لاتوقفها قتل أو إرهاب يمارس علينا، وإن صوت الحسين عليه السلام أقوى من كل صوت وإرهاب.

- هل تسعى أن تأتي بصوت آخر لصوت الراية؟

لايمكنني أن آتي بصوت الراية أو بعمل مشابه له مستقبلاً، ونجاح صوت الراية يجعلني أطمح بالإتيان بأعمال وإنتاجات أفضل وأرقى من مستوى صوت الراية إنشاء الله.

- هل تشعر مع كل نجاح بنشوة ما؟

إن نجاح الأعمال التي أقدمها و آخرها صوت الراية يشعرني بمسؤولية كبرى أمام الناس، بأن أسعى إلى الإبداع أكثر فأكثر وأن أحاول الإتيان بأعمال متميزة أفضل من سابقتها.

لذلك على الإنسان في مجال عمله أن يكون طموحاً فيما يقوم به ويؤديه، لذلك وجدنا علماء يطلق عليهم بروفسورات في مجال عملهم وتخصصاتهم، فلماذا لايكون لدي الطموح في أن أكون بروفسوراً إنشادياً؟ !!.

 فباسم الكربلائي لايمتلك إلا حنجرة تتمثل في أوتار صوتية، ولا يمكنني بهذه الأوتار أن أكون وزيراً أو كاتباً أو أديباً أو عالماً، لكني كنت بمستوى من الذكاء بأن استغليت حنجرة أمتلكها في خدمة محمد وأهل بيته عليهم السلام فصرت أعرف ما سأقدمه اليوم وغداً، وماذا سأنشد في كل منبر وكل مناسبة وكل إنتاج؟.

 وسعيت أن أنظر بنظرات مستقبلية فيما أقوم به من عمل حتى وصلت لهذا المستوى الذي تراه ويراه الملايين من الناس، ولازلت أسعى أن أكون مثال يحتذي به في مجال الإنشاد فأكون درساً لأجيال قادمة لخدمة محمد وأهل بيته عليهم السلام.

- هل لديك كلمة أخيرة في نهاية هذا اللقاء والحوار؟

أنا سعيد بهذا اللقاء، فقد أمتعتني بنقاشك وبحوارك الهادف أستاذ وجدي، وأتمنى أن تصل هذه الآراء والأفكار لكل من يسمعني ويشاهدني، ولدي كلمة أخيرة أقولها لهم في نهاية هذا اللقاء الشيق: فمهما وصل باسم الكربلائي من شهرة، فباسم الكربلائي بشر كباقي البشر له حسناته وسيئاته، يعيش مابقي من عمره ويفنى جسمه واسمه، لكن البقاء الأول والأخير لأولياء الله في أرضه الذين تفانيت في خدمتهم وهم محمد وأهل بيته عليهم السلام، فإذا قُدر أن يبق اسم باسم الكربلائي بعد موته فإنما لارتباطه بخدمة هؤلاء المعصومين عليهم السلام.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 17/آذار/2009 - 19/ربيع الاول/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م