تحرص دول العالم - دائما- على توطيد علاقات الصداقة بين شعوبها
والشعوب الصديقة، وذلك من خلال ما يُعرف بـ"الدبلوماسية الشعبية"
والتي يمكن عن طريقها تنمية العلاقات السياسية، والاقتصادية والتجارية،
والثقافية والحضارية بين البلدان الصديقة.
كذلك يمكن بواسطة علاقات الصداقة التوصل إلى حل النزاعات وتقريب
وجهات النظر في القضايا التي تهم الرأي العام العالمي. كما أن الشعوب
–نفسها- تشعر بحاجتها المستمرة إلى العلاقات الإنسانية المتوازنة مع
بعضها البعض، خاصة بعد أن أصبح العالم بدوله وشعوبه نسيج قرية صغيرة
بفضل وسائل الاتصالات المختلفة.
ومن هذا المنطلق؛ أقامت أكثرية دول العالم جمعيات صداقة مع الشعوب
الأخرى، وهي جمعيات شبه حكومية "حكومية- شعبية" تعنى بتوثيق العلاقات
الخارجية مع دول وشعوب العالم. وهذه الجمعيات، قد تكون بين دولتين، مثل:
جمعية الصداقة المغربية – اليابانية، من جانب المغرب، وجمعية الصداقة
اليابانية –المغربية من جانب اليابان. وقد تكون بين مجموعة دول مع دولة
أو مجموعة دول أخرى، مثل: جمعية الصداقة العربية- الصينية من جانب
العرب، وجمعية الصداقة الصينية – العربية من جانب الصين، أو جمعية
الصداقة الأوربية مع بقية الدولة.
وبالنظر إلى الدور الكبير الذي يمكن أن تلعبه جمعيات الصداقة مع
الشعوب الأخرى، على المستويات كافة؛ لجأت بعض الحكومات إلى تأسيس كيان
جامع، يشرف ويدير ويدعم جمعيات الصداقة التي تؤسس لها الغرض، مثل: "جمعية
الصداقة الصينية مع الشعوب العربية" كما في الصين، أو "منظمة الصداقة
والسلم والتضامن" كما في العراق سابقا، أو "الاتحاد النوعي لجمعيات
الصداقة" كما في مصر.
كما أسست منظمات جماهيرية دولية لها منظمات محلية في أكثر أنحاء
العالم مثل " منظمة التضامن الاسيوي-الأفريقي" و"مجلس السلم العالمي"
و"الاتحاد البرلماني الدولي" الملحق " "
وللعراق العشرات من جمعيات الصداقة مع الدول والشعوب الصديقة، بلغت
حوالي (55) جمعية صداقة، مثل: جمعية الصداقة العراقية- المغربية،
وجمعية الصداقة العراقية- المصرية، وجمعية الصداقة العراقية- الصينية،
وجمعية الصداقة العراقية- اليابانية، وجمعية الصداقة العراقية –النمساوية،
وغيرها.
وجمعيات الصداقة العراقية قبل2003، كانت تدار –جميعها- من قبل
منظمة تسمى "منظمة الصداقة والسلم والتضامن" وهي منظمة يعتبرها
العراقيون واجهة بعثية مخابراتية؛ وكان يترأسها قيادات معروفة في حزب
البعث؛ مثل: "لطيف نصيف جاسم، وعبد الرزاق الهاشمي، وصلاح المختار،
وغيرهم"، وهي تمول مباشرة من النظام السياسي السابق، ولها أماكن
وبنايات معروفة في بغداد، مثل: بناية شارع حيفا، وشارع الرشيد، وبناية
المكتب المهني في شارع النقابات.
فضلا عن ذلك فأن أكثرية رؤساء وقيادات جمعيات الصداقة العراقية هم
من قيادات حزب البعث ومن مخابراته، وكانت تنسق مع سفارات العراق في
الدول العربية والأجنبية لأداء أعمالها.
وكانت أكثرية وفود التضامن العربية والأجنبية من الفنانين والمنظمات
والأحزاب والشخصيات تأتي عن طريق منظمة الصداقة والسلم والتضامن،
وجمعيات الصداقة العراقية، ولجان التضامن العربية، كما أنها كانت تتبنى
المؤتمرات والندوات التضامنية التي كانت تدعم بها سياسيات النظام
السابق في داخل وخارج العراق.
بعد 2003، أضحت نشاطات "منظمة الصداقة والسلم والتضامن" وجمعيات
الصداقة العراقية، منقسمة على الحالات آلاتية:
أولا:- استمرت "منظمة الصداقة والسلم والتضامن" التي يشرف عليها
ويديرها البعثيون في مزاولة عملها خارج العراق، وتتواصل قياداتها مع
قيادات جمعيات الصداقة العربية وبعض الدول الأجنبية؛ وكانت وما زالت
تصدر البيانات والمقالات المختلفة التي تندد بعملية التغيير السياسي،
وتدعو للعودة إلى أحضان النظام البائد، وتوقع باسم "صلاح المختار"،
باعتباره الرئيس الحالي لمنظمة الصداقة والسلم والتضامن، وهو صحفي
وقيادي معروف في حزب البعث المنحل.
ثانيا:- قام مجموعة من العراقيين السياسيين والمثقفين على إعادة
عمل هذه المنظمة؛ تحت مسمى" المجلس العراقي للسلم والتضامن" وهي من
المنظمات الناشطة في مجال المجتمع المدني، ولديها فروع في أكثرية
محافظات العراق، وقيادتها في الغالب من الحزب الشيوعي أو كانوا من
الحزب الشيوعي أو ميولهم شيوعية، ويترأسها في الحاضر " فخري كريم" رئيس
مؤسسة المدى.
وقد جاء بأهداف المجلس العراقي للسلم والتضامن "إن النظام البعثي
الجديد مارس سياسة التزييف والقمع و ما انطوت عليه تلك السياسة من تعسف
وإصرار على مصادرة الرأي الحر وتزوير إرادة العراقيين وفرض تمثيل غير
حقيقي لرموز ودعاة هذه الحركة الإنسانية في العراق ، وعليه فإن حركة
أنصار السلم خلال حقبة النظام الشمولي قد تم تهميشها عمداً ونصب على
قيادتها رموز النظام البعثي أمثال د. عبد الرزاق الهاشمي الذي أصبح
رئيس منظمة الصداقة والسلم والتضامن ، الوريث اللا شرعي لحركة أنصار
السلم ولحين سقوط الدكتاتورية 9/4/2003 ".
ثالثا- قام بعض العراقيين في خارج العراق وداخله بإعادة العمل ببعض
جمعيات صداقة العراقية مع الشعوب الصديقة؛ بدوافع مختلفة، وقد بلغ عدد
منظمات وجمعيات الصداقة العراقية مع الشعوب الأخرى المسجلة لدى "دائرة
المنظمات غير الحكومية" أكثر من "80" منظمة وجمعية...
مع ملاحظة وجود أكثر من منظمة أو جمعية صداقة مع دولة واحدة، مثل:
الجمعية العراقية -الأمريكية للتنمية والصداقة، وجمعية الصداقة
العراقية للبنتاغون الأمريكي، ومجلس الصداقة العراقية الأمريكية،
ومنظمة الصداقة العراقية الأمريكية، وجمعية الصداقة العراقية الأمريكية،
والجمعية الخيرية للصداقة العراقية الأمريكية الإنسانية، وجمعية
الصداقة والسلام بين الشعبين العراقي والأمريكي.
مما لا شك فيه أن جمعيات الصداقة العراقية تؤدي دورا مهما في
علاقات العراق الخارجية، وربما يمكن القول إن دورها قد يفوق في بعض
الأحيان دور السفارات والممثليات العراقية في دول المختلفة، لما يمكن
أن تعكسه من سياسات تؤثر إيجابيا أو سلبا على العراق حكومة وشعبا.
بناء على ذلك كله نرى:
- على دائرة المنظمات غير الحكومية أن تتريث في تسجيل منظمات
الصداقة العراقية أو تجديد شهادة التسجيل إلى حين البت بأمرها.
- أن تخاطب وزارة الدولة لشؤون المجتمع المدني وزارة الخارجية
العراقية لغرض التنسيق معها حول مؤتمرات وندوات الصداقة العراقية التي
تعقدها جمعيات الصداقة العراقية مع الدولة الأخرى خارج العراق.
- أن تعمل وزارة الدولة لشؤون المجتمع المدني على تشكيل لجنة مشتركة
تشمل الأمانة العامة لمجلس الوزراء-دائرة اللجان، ووزارة الخارجة،
مضافا إلى وزارة الدولة لشؤون المجتمع المدني ودائرة المنظمات غير
الحكومية، وذلك من اجل:
1- وضع الأسس القانونية العامة لتأسيس منظمات وجمعيات الصداقة
العراقية بما ينسجم ومبادئ الدستور العراقي الدائم.
2- الأشراف على نشاطات جمعيات الصداقة العراقية مع الدول الصديقة.
3-توحيد جمعيات الصداقة العراقية مع الدولة الواحدة في جمعية صداقة
واحدة، حيث أن هناك نزاعات وصراعات بين جمعيات الصداقة المتعددة وأحقية
كل منها في التمثيل.
4-العمل على إعادة تشكيل جمعيات الصداقة العراقية مع الدول الصديقة
والتي توقفت عن العمل بعد 2003.
5-غربلة جمعيات الصداقة العراقية المسجلة لدى دائرة المنظمات غير
الحكومية للتأكد من عدم انتمائها أو ارتباطها بعنوانها أو أحد أعضائها
بحزب البعث المنحل. |