شبكة النبأ: لاشك أن المرأة العراقية
واجهت الكثير من المشاكل، وتحملت أعباء المجتمع الثقيلة. ومن بين القصص
الاجتماعية حالة نادية حسين نموذجا لحالات كثيرة وسط نساء العراق. فقد
قتل زوجها وثلاثة من أشقائها، وقد توفي والداها، ودمر منزلها، وكانت
حاملا في ذلك الوقت ففقدت جنينها. وفي الشهور التالية لذلك كان عليها
أن تتحمل المزيد، وهي الآن تعيش في ملجأ للنساء في وسط بغداد.
تمضي نهارها في إطعام الحمام وإعداد الطعام، لكن الملجأ في نهاية
المطاف هو المكان الوحيد الذي يحميها من المخاطر الكثيرة التي تحدق
بالأرامل في العراق.
تقول نادية " بعد وفاة زوجي عثرت على عمل كمنظفة في أحد المنازل،
لكن رجلا وشقيقه حاولا انتهاز الفرصة والاعتداء الجنسي علي لكنني رفضت.
أما ابن شقيقي وهو مدمن للخمر فقد اعتاد على ضربي واتهامي في شرفي".
أما الآن، تقول نادية، فعائلتها هي النساء اللواتي يعشن معها في
الملجأ، لكنه يتعين عليها الحصول على إذن من أقاربها قبل فعل أي شيء أو
الذهاب لأي مكان.
قصة نادية ليست خارقة للعادة في العراق. فالبرغم من عدم وجود
احصاءات دقيقة عن عدد الأرامل في العراق، فإن المعروف أنه حتى قبل
الغزو الأمريكي في عام 2003 كان المجتمع العراقي يضم مئات الآلاف منهن.
كثير من هؤلاء الأرامل فقدن أزواجهن في الحرب العراقية الإيرانية
التي استمرت ثمان سنوات، اما في ذروة العنف التي عاشها العراق خلال
السنوات الماضية فقد كانت حوالي 100 امرأة تترملن يوميا.
هؤلاء الأرامل تراهن أينما سرت في بغداد. تراهن في إشارات المرور
يتسولن وقد اتشحن السواد من رؤوسهن إلى أقدامهن.
وتقول الحكومة إنها خصصت معاشا للأرملة يساوي دولارا واحدا في اليوم
الواحد، لكن مسحا أجرته منظمة أوكسفام الخيرية البريطانية أظهر أن ربع
النساء المستحقات لهذا المعاش يحصلن عليه.
"إرادة الله"
في وضع كهذا تتعرض كثيرات للاعتداءات البدنية والجنسية، كما تُطالب
أخريات بالزواج من رجال متزوجين بالفعل.
كما هناك نساء فضلن الموت، حيث سجلت هجمات انتحارية قامت بها نساء.
من بين هؤلاء أم حارث التي تلقت تدريبات لتنفيذ عملية انتحارية لكنها
تراجعت عن التنفيذ.حسب BBC
تقول " عندما مات زوجي شعرت بأنني منعزلة تماما، لقد كان يرغب في أن
يكون مفجرا انتحاريا، وعندما قتل أردت تفجير نفسي، أردت الانتقام من
هؤلاء الأشخاص الذين أخذوا مني أغلى شخص لي".
لكن غالبية الأرامل اللواتي تحدثت إليهن لم يبدين ميلا إلى الانتقام
بل يفضلن القبول بما حدث لهن على أنه "إرادة الله".
ويقول الأشخاص الذين يمثلون منظمات تدافع عن حقوق أرامل العراق، إن
من أصعب المهام التي يواجهونها تتمثل في إقناع الأرامل بالاعتقاد بأنهن
يستحققن حياة أفضل.
وتقول هناء ادوار المدافعة عن حقوق النساء " المشكلة ليست في
التشريع فقط، المشكلة تكمن في طريقة التعامل داخل الأسرة المشكلة هي
كيفية تغيير أساليب وطرق معاملة هؤلاء النسوة".
راقصات الملاهي
وتقدر هناء إدوار أن نسبة 40% من العاملات في الدعارة بالعراق من
الأرامل. فقد أدى التحسن الأمني في الآونة الأخيرة إلى ظهور فرص خفية
لمن فقدن أزواجهن ومصدر عيشهم، كما فتحت النوادي الليلية أبوابها من
جديد. وقد زرت أحد تلك الملاهي، ورأيت مشهدا لم يكن تخيله في السابق.
فقد جلس الرجال إلى الطاولات يشربون الخمور ويستمعون إلى الغناء
بينما ترقص نساء أمامهم. قبل عامين كان مجرد الإقدام على أمر كهذا في
العراق مبررا للقتل.
قال لي المغني في المكان، إن النساء اللواتي يعملن هنا ، لا يمارسن
نشاطا غير قانوني وأن بعضهن راقصات فيما تقوم أخريات بالتحدث إلى
الزبائن.
لكنه قال إن هناك نوادي ليلية في بغداد يمكن للأرامل أن ينصرفن في
صحبة الرجال مقابل سعر محدد.
ولا توجد أماكن كثيرة في بغداد يمكنها أن تقدم الدعم للأرامل، لكن
واحدا منها يعلمهن مهارات ربما تساعدهن في العثور على عمل مثل
تكنولوجيا المعلومات والتمريض، لكن ولأن معظمهن اميات وفرص العمل نادرة،
تظل تلك الجهود أشبه بنقطة في بحر المشكلة.
وقد وفرت الحكومة لمئة وعشرين أرملة أماكن مؤقتة للعيش في منازل
متنقلة باحد ضواحي بغداد. هيفاء رحيم واحدة منهن تقطن في ذلك المنزل
المصنوع من الألومنيوم، بداخله لا يوجد أي أثاث فقط عدة بسط فرشت على
الأرض.
تعيش هيفا في المكان مع أطفالها السبعة وأمها حيث تعتمد العائلة
بالكامل على ما يقدم لها من معونة غذائية. تقول " درجة الحرارة تكون
فظيعة خلال الصيف، لكنه يظل أفضل من لا شيء".
وتشكو هيفاء من القيود الاجتماعية "من الصعب للنساء والفتيات السير
بحرية في المنطقة بسبب تراثنا وثقافتنا".
ويتردد حديث في بغداد بين الفينة والأخرى عن اعتماد قوانين جديدة
وتخصيص اموال اضافية للعناية بمئات الآلاف من الأرامل، لكن المدافعين
عن حقوقهن يقولون إن ما يحتجنه أكثر من أي شيء آخر هو معاملتهن بمزيد
من الاحترام من جانب المجتمع العراقي.
أمهات يبعن بناتهن لامتهان الدعارة
كذلك لم تكن حادثة عطور البالغة من العمر15 عام فريدة من نوعها،
عندما نوت أمها وأخوها ان يبيعاها لأحد بيوت الدعارة كما باعا أختيها
التوأمين.بعد وفاة زوجها الذي يعمل شرطيا توفي بإحدى التفجيرات في
العراق.
لتنتفض "عطور" حينها وأبلغت قوى الأمن الذين أقتحموا بيت الدعارة
واعتقال أمها وأخوها، كما قضت هي عامين في السجن حتى انتهاء التحقيق في
القضية، وتقول إن السجن أفضل لها من أن تباع.
حادثة عطور لا تختلف كثيرا عن حادثة هندا، التي تم بيعها للعصابات
الاجرامية، وعملت فترة من الزمن في البغاء، ثم ما لبثت أن تخلصت من هذه
المهنة، بل وبدأت تكافح هذه الجريمة مستخدمة خبرتها ومعرفتها بعمل هذه
العصابات للتعاون مع الأمن أو حتى إنقاذ الفتيات ومحاولة إيوائهن، مما
جعلها تتعرض للمضايقات وصلت حد التهديد في بالقتل.
تقول هندا "أنا خائفة جداً من أن أقتل، لكن مخاوفي لن تمنعني من
الاستمرار في ما أنا عليه".
أما ظاهرة البغاء في المجتمع العراقي فهي تعد من المحرمات وتعتبر
ظاهرة منبوذة في كل المجتمعات ولكنها توضحت جليا بعد سقوط الحكم
الديكتاتوري عام 2003، جنبا إلى جنب مع بيع الأمهات لبناتهن لممارسة
الدعارة، بأسعار تتراوح بين 2000 و 30 ألف دولار، كما يتم بيع البنات
بأعمار تبدأ من 11 عاماً حتى تصل سن 20. وفق CNN.
وتقوم عصابات الاتجار بالنساء بتزويد السوق المحلية أو دول الجوار
كالأردن، وسوريا، ودول الخليج، ويتم إدخال الضحايا إلى الدول المجاورة
بطرق غير قانونية، وأحياناً تسافر الفتاة مع زوجها ثم يتم تطليقها
لتبدأ ممارسة عملها في ذلك البلد، وفق مجلة "التايم."
وينتشر الاتجار بالبشر وتجار الجنس عادة في مناطق الحروب لانعدام
الأمن، وغياب القوانين التي قد تردع مثل هؤلاء.
ولا يوجد هناك أرقام رسمية عن عدد النساء أو الأطفال الذين تم بيعهم
لعصابات الجنس، بسبب التعتيم الذي يصاحب هذه الأنواع من الأعمال، وتقدر
بعض الجمعيات العاملة في حماية الفتيات من هذه الظاهرة، عدد اللواتي
انخرطن في مهنة البغاء بعشرات الآلاف.
ووفق تقرير دائرة مكافحة الاتجار بالأشخاص في الخارجية الأمريكية
فإن الحكومة العراقية لا تقوم بأي جهد لمكافحة الظاهرة، ولا تقدم أي
حماية ودعم لضحايا الاتجار.
والشهر الماضي استقالت وزيرة شؤون المرأة في الحكومة العراقية
الدكتورة نوال السامرائي، بسبب ما وصفته غياب الموارد المالية للوزارة
التي تمكنها من القيام بالدور المطلوب منها.
وقالت السامرائي" "لماذا أذهب إلى مكتبي كل صباح إن لم يكن هناك
موارد أعمل من خلالها"، وأبدت اعتقادها بأن الاتجار بالجنس ليس قضية
كبرى، وأن أولئك الفتيات اللاتي يعملن بهذا المجال اخترن البغاء مهنة
لهن.
لكن هذا التصريح استفز أولئك العاملات في جمعيات مكافحة الاتجار
بالجنس، مما يدفع ينار محمد وهي إحداهن لتقول "سآخذ الدكتورة السامرائي
إن شاءت للنوادي الليلية في دمشق لترى آلاف الفتيات العراقيات اللواتي
تم بيعهن للعمل في الدعارة".
............................................................................................
- المركز الوثائقي والمعلوماتي في مؤسسة النبأ
للثقافة والاعلام يقدم الخدمات الوثائقية والمعلوماتية للاشتراك
والاتصال www.annabaa.org//arch_docu@yahoo.com |