بريطانيا في العراق: انسحاب عسكري وآمال بحضور اقتصادي وتنموي

هل خرجَت بريطانيا من العراق بخفّي حنين

اعداد: صباح جاسم

شبكة النبأ: بعد أن رأت ان مهمتها في العراق قد اكتلمت، اعلنت القوات البريطانية المؤلفة من 4100 فرد بأنها ستبدأ في الانسحاب من قاعدتها في مدينة البصرة النفطية الجنوبية في 31 آيار المقبل، وسيستكمل الانسحاب بحلول 31 تموز، على الرغم من ان 400 جندي احتياطي سيببقون على الارض للمساعدة في تدريب القوات البحرية العراقية.

وقال ضابط كبير في الجيش البريطاني ان القوات البريطانية ستغادر العراق هذا العام والديمقراطية "ترسخت بحزم" والقاعدة أُحبِطت الى حد كبير.

وابلغ اللفتنانت جنرال جون كوبر نائب القائد العام للقوات متعددة الجنسيات التي تقودها امريكا في العراق لصحيفة جارديان ان زيادة القوات الامريكية في عام 2007 والانتخابات المحلية التي اجريت هذا العام كانتا حاسمتين في تحسين الاوضاع.

واثار الانسحاب المزمع للقوات الغربية قلقا بشأن حدوث فراغ واحتمال العودة الى اعمال العنف بعد ست سنوات من قيادة القوات الامريكية لغزو لاسقاط حكومة صدام.

وقال كوبر"جعلنا الديمقراطية تترسخ هناك."هناك بوضوح طريق طويل يتعين قطعه لتطوير الامور. الانتخابات الاقليمية تثبت ان العراقيين لديهم الاستعداد لذلك. لقد كانت حرة ونزيهة وموثوقا بها وهذا يعكس رغبة في التغيير."

والانتخابات المحلية التي جرت في 31 يناير كانون الثاني كانت اهدأ انتخابات عرفها العراق منذ الغزو مما اثار آمالاً بان سنوات الصراع الطائفي والتمرد قد تكون وصلت الى نهايتها. بحسب رويترز.

وقال الجنرال البريطاني ان التأييد للقاعدة تراجع لان المسلحين استهدفوا الناس الذين زعموا انهم يمثلونهم. واضاف "لقد منيوا بهزائم كبيرة وقلت قدرتهم على العمل واستهداف المدنيين.وقلصت قدرتهم التنظيمية بشكل كبير."

وستبدأ القوات البريطانية المؤلفة من 4100 فرد في الانسحاب من قاعدتها في مدينة البصرة النفطية الجنوبية في 31 آيار المقبل، وسيستكمل الانسحاب بحلول 31 تموز على الرغم من ان 400 جندي احتياطي سيببقون على الارض للمساعدة في تدريب القوات البحرية العراقية.

واعلن الرئيس الامريكي باراك اوباما الاسبوع الماضي انه سيبدأ في انهاء العمليات القتالية الامريكية في العراق في غضون 18 شهرا ولكنه سيترك 50 الف جندي هناك لتوفير الاستقرار.

ماذا فعلنا بالعراق؟

وكتبَ ريتشارد بيسون محرر الشؤون الخارجية في صحيفة التايمز في صفحتها للرأي عن قرار وزير العدل البريطاني جاك سترو عدم نشر سجلات اجتماعات مجلس الوزراء البريطاني حول حرب العراق إبان رئاسة توني بلير للحكومة، قائلا أن النقاش الدائر حاليا حول شرعية خوض حرب العراق لا طائل من ورائه لأن الأهم هو بحث ما حدث منذ اندلاع الحرب وليس قبلها.

ويقول الصحافي البريطاني في مقاله: "بفضل شهادات عدد من الضباط والجنود البريطانيين السابقين، نعلم الآن أن التخطيط لما بعد غزو العراق كان منعدما وأن المال لم يكن متوفرا لإعادة البناء."

بل إن الحكومة البريطانية - يقول الكاتب- تعاملت مع تدهور الوضع الأمني بخفض عدد الجنود إلى درجة أن ما تبقى منهم لم يكن يكفي سوى لتوفير حمايتهم الشخصية.

ويقارن الكاتب بين هذا الموقف "المتخاذل" وبين الطريقة التي تعامل بها الأمريكيون مع الوضع ويخلص إلى أن الحكومة البريطانية أعطت الانطباع بأنها كانت تريد أن تتخلص من هذا الملف. ويعرض الكاتب في ختام مقاله لبعض الأسئلة التي ينبغي أن تطرح في هذا الصدد لإثراء النقاش.

ومن بين هذه الأسئلة سؤال عن مدى ما استفادته بريطانيا من "غزو العراق بعد أن أدت ثمنا باهضا في الأرواح والأموال".

وكتب الصحافي قائلا: "لقد تمكنت إيران -التي ساعدت الميلشيات ضد البريطانيين- من الحصول على صفقة عقارية في البصرة، وزار نيكولا ساركوزي رئيس فرنسا -التي اعترضت على غزو العراق- بغداد لأول مرة للحصول على صفقات نفطية."

وماذا تعلمنا منه؟

وبهذا السؤال تقريبا يفتتح باتريك كوكبورن مراسل الإندبندنت في الشرق الأوسط مقالا للرأي يعلّق فيه على قرار الرئيس الأمريكي المرتقب للإعلان عن خطة الانسحاب من العراق لتعزيز صفوف القوات الأمريكية في أفغانستان.

ويفهم من سياق المقال أن رد الكاتب على تساؤله هو النفي. فأول الدروس التي لم تستخلصها الولايات المتحدة -على حد اعتقاد الكاتب- من تاريخ تخلها العسكري الخارجي هو عدم التورط في شؤون بلد انهارت دولته، لأن انهيار الدولة لا يعني غياب المقاومة.

ويقول الكاتب إن الولايات المتحدة خاضت حرب العراق لاعتقادها أن العداء الطائفي بين السنة والشيعة كفيل بإضعاف الحس القومي.

ويرى الصحافي البريطاني في هذا السياق أن المصدر الكبير لمثل هذه الرؤية المغلوطة هو اعتقاد واشنطن الراسخ بأنها هي التي تصنع الأجواء السياسية في بلدان العالم.

ومثالا على ذلك يسوق الكاتب مسألة تراجع العنف في العراق. فالولايات المتحدة تعتقد أنه بفضل التعزيزات العسكرية التي قررتها وبفضل الخطة الجديدة الهجموية التي اعتمدتها.

"لكن السبب الحقيقي في تراجع أعمال العنف مرتبط بصفة رئيسية بانتصار الشيعة على السنّة بعد حرب أهلية من أفظع ما يكون، وبعدم التجاوب مع تنظيم القاعدة، وبالهدنة التي سنّها جيش المهدي."

ويعتبر الكاتب أن خطورة هذا الاعتقاد الخاطئ في قدرات الولايات المتحدة على رسم الخريطة السياسية للعالم، هو أن "مزاعم الانتصار الأمريكي في الحرب على العراق تغذي الآمال في تحقيق انتصار مماثل في أفغانستان."

ويخشى الصحافي البريطاني أن يقع الرئيس الأمريكي الحالي في نفس خطأ التقدير هذا. فعندما قضت الولايات المتحدة على عدوينن لدودين لإيران عامي 2001 و2003 بلغت الدهشة والاستغراب بالإيرانيين مبلغا جعل أحد رجالات الدين يعتقد أن" البلادة الأمريكية وحي من الله وعلامة على عودة الإمام الغائب."

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 5/آذار/2009 - 7/ربيع الاول/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م